أكد علماء الفقه والشريعة والفلسفة والاجتماع أن الإلحاد ليس ظاهرة، وإنما دعوة أتت من بعض الأفراد والجهات المعادية بهدف زعزعة الجانب الإيمانى والفكرى لبعض الشباب واستغلال المشاكل الاجتماعية التى يمرون بها.. وأكد العلماء أنه يمكن التصدى لهذه الدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة وطالبوا الأزهر الشريف بالقيام بمهامه الدينية.. وطالبوا بالتصدى للتطرف الفكرى الذى يأتى من بعض المنابر وبعض الفضائيات. يرى د. عبد المقصود باشا رئيس قسم التاريخ والحضارة بجامعة الأزهر أنه على مدار التاريخ هناك مواجهة بين الإصلاح والفساد، والكفر مع الإيمان، والحسن مع القبيح.. ولا يكاد يمر عصر من العصور التاريخية المختلفة منذ أن خلق الله جل شأنه آدم إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها والخير والشر فى مواجهة دائمة. وقد جاءت الرسل للهداية وكان إبليس على الدوام للغواية، ونخرج بنتيجة أن شياطين الإنس والجن كثروا بسبب انعدام الفكر.. وحلت عرى الأديان عروة عروة، فرأينا اليهودية حلت عراها.. والمسيحية فى رأينا حلت عراها.. والإسلام حل فى كثير من عراه، وآخر عروة تحل فى الإسلام هى الصلاة.. ورأينا هذا ليس من فراغ، فبعض الفضائيات التى تكلف اصلاحها ملايين الدولارات وتجد من يمولها.. وعندما تفتح وسائل الإعلام فى بيتك تجد هذا يدعو إلى الشر، وتجد من يدعو إلى القتل وسفك الدماء تحت ستار الأديان.. وهكذا انحصر الفكر وانعدمت بعض الضمائر عند كثير من الناس.. لكننا لا نيأس من رحمة الله، ونقول للدولة أن تتحرك وتغلق أى فضائية تنحرف إلى الأقوال غير الصحيحة والأفكار الهدامة، لأن هذه الفضائيات ومواقع الإنترنت وغيرها من وسائل الإعلام تفسد شبابنا وأن هناك جهات تنظيمية تدفع الأفكار الضالة وتغذيها ماديًا ومعنويًأ.. وهنا تقع المسئولية على الحكام إن الشباب والمال والفراغ مفسدة.. ولا شك أن مسلسلاتنا التلفزيونية التى يعرض فى كثير منها موضوعات تافهة والتى لا تمجد العمل ولا تنمى من قيمة الفرد بربه وبنفسه تجعل هؤلاء فريسة سهلة.. وعلى الدولة ومؤسساتها أن تضرب بيد من حديد حتى تقمع هذه الفتنة قبل أن تستفحل. نفسية واجتماعية ويشير د. مصطفى العرجاوى عميد كلية الدراسات الإسلامية بجامعة الأزهر إلى أن فاقد الشىء لا يعطيه، ونفسك إن لم تشغلها بالحق شغلتك بالباطل كما يقول الإمام الشافعى رضى الله عنه.. فالفراغ وعدم وجود قضية أو مسألة مهمة فى حياة الفرد تدفعه إلى اختلاف أمور لينشغل بها ويلفت الانتباه إليها.. فالمسألة لا علاقة لها بإلحاد أو بغيره، وإنما لها علاقة بفراغ النفس والفكر.. وكذلك شعور بعض الأفراد بالضياع.. والإناء الفارغ يحدث قعقعة، أما الممتلىء فلا صوت له.. أما أمور العقيدة الراسخة فى النفوس والتى تولد مع الأفراد بصورة طبيعية، وتتأكد وتترسخ بالدراسة وبالمتابعة والفهم، فقد يحدث لها اهتزاز وترهل وضعف بسبب الفراغ ومشاغل الحياة، فمن المعلوم أن نسبة كبيرة من الشباب تحرص على العمل فى الحكومة أو القطاع العام، وتبحث عن وظيفة تحقق لهم الأمن والأمان ولا ترى ذلك فى الوظائف الحكومية.. وإذا حرم أحدهم من هذا الجانب فإنه يتطلع للعمل خارج البلاد.. فإذا لم يتمكن من ذلك فبدأت نفسه تميل إلى الرفض لكل ماحوله حتى يصل به الأمر إلى الإلحاد، ولكن لشعوره بالامتهان وبأنه لاقيمة له، وبأن الحياة كلها تخضع لهوى الأفراد، لأنه فى حالة وجود عقيدة سليمة فى نظره، قد تحقق له مايصبون. ويواصل د. مصطفى العرجاوى حديثه أن هذه المسألة مشكلة نفسية واجتماعية وليست دينية واضحة المعالم والتدليل عليها سهل ميسور عن عنده استعداد للسمع والاستجابة.. لكن صاحب النفس المريضة والفكر المشوش والمستقبل الغامض لايمكن على الإطلاق أن يعتقد اعتقادًا صحيحًا. خطة الإصلاح ويطرح د. مصطفى العرجاوى خطة الإصلاح التى تستلزم المعالجة الموضوعية من خلال مراعاة ظروف كل حالة على حدة،لأننا كما قلنا إن المشغول لايشغل.. ومثل هذا الشاب أو الفتاة يعانى من فراغ كبير.. وأصبح الشاغل لهذا الفراغ هو العمل والعمل الجاد .. ويجب على الجهات المعنية أن تتوجه لتلبية هذا الجانب بأقل ما تستطيع من إمكانيات حتى لا تتفشى هذه الدعوة الفاسدة بين بعض الشباب حتى لاتتحول إلى ظاهرة مقيتة، لأن فاقد العقيدة لا ولاء له.. ومن لا ولاء له يمكن أن يبيع وطنه، لأنه لايهتم حتى بنفسه ولابعقيدته. يكتمون جرمهم! ويؤكد د.يسرى جعفر أستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر أن الملحدين فى مصر يكتمون إلحادهم لعلمهم مايترتب عليهم من ضرر أدبى ونفسى فى المجتمع.. وعدد الملحدين ليس بقليل.. وبالرغم من ذلك لابد أن تكون لهم حماية طبقًا لقول تعالى: چ? ? ? ?? ? ? ? چ چ چچ.. وقوله تعالى: چ? ? ? ?? ? ? ? ? ? چ صدق الله العظيم.. وعلى العلماء أن يظهروا محاسن الدين الإسلامى وقيمة قوته من خلال قوة العقل والحجة القوية. والإلحاد لايتوقف على قضية إنكار وجود الله تعالى كما يتوقع البعض، ولكن يرتبط بقضايا الدين ارتباطًا وثيقًا فهناك شبهات وأفكار عند الملحدين.. لهذا يجب التعامل مع الإلحاد بطريقة لائقة وجديدة، وهى ألا يجوز تهديد الملحدين بالتهم القانونية، أو بما يسمى (ازدراء الأديان).. أو بتقديم بلاغات ضدهم للنائب العام.. ويجب ألا يتدخل القانون فى هذه المسألة، لأن الإلحاد وفى مصر عارض نتيجة مواقف اجتماعية ونفسية وسياسية جاءت نتيجة من بعض من يتحدثون باسم الدين من العلماء وغيرهم.. وبذلك لابد من معاملة الملحدين معاملة تليق بإنسانيتهم والمحافظة عليهم كأفراد فنحن أبناء وطن واحد حتى نستطيع محاورتهم وأن يستمعوا إلينا. حماية الملحدين والحماية تتمثل فى أمرين من الناحية القانونية أن يكون هناك قانون عام يحمى صاحب كل فكر فلا يجوز اضطهاد صاحب هذا الفكر لأننا نعيش فى مجتمع متطور.. ويبشرنا سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم: (أن الله يبعث كل مائة عام من يجدد للأمة دينها).. فاذا كان القصور من جانبنا فعلينا تجديد الخطاب الدينى. الدعوة الحسنة ويواصل .يسرى جعفر حديثه أن الحماية الإنسانية للملحدين هى طريق الدعوة الحسنة حيث يقول الله تعالى: چ ہ ہ ہ ہ ه ه هه ے ے ? ?چ.. فالدعاة والعلماء يجب أن يتحلوا بالحكمة فى الدعوة، ومثال ذلك عندما ذهب رجل إلى النبى محمد صلى الله عليه وسلم يطلب منه إباحة الزنا له لم يبادره سيدنا محمد باللعن والسباب.. لكن قال له أترضاه لأمك. أترضاه لأختك.. فقال الرجل إنه خرج من عند رسول الله محمد وكأن الزنا أبغض شىء إلى نفسه.. والزج بالقانون فى هذه القضية بتهمة ازدراء الأديان غير إيجابى، لأن القانون يحمى الناس ويهددهم. أما بعض الملحدين الذين يستهزئون بآيات الله والأحاديث النبوية الشريفة يجب عدم مقابلتهم بالانفعال بل يجب بالحكمة. فالرسول محمد صلى الله عليه وسلم قالوا عنه إنه كذاب وساحر .. وفى صلح الحديبية عندما كتبت المعاهدة مع المشركين قالوا لوكنا نعلم أنك رسول الله ماكنا قاتلناك، فاكتب أنك محمد بن عبد الله، ووافقهم النبى على هذا الأمر. وعدم الإيمان بوجود خالق هى فكرة موجودة منذ قديم الأزل.. وفى المقابل فهناك من يؤمنون بوجود الخالق جل شأنه. وينهى د.يسرى جعفر حديثه محذرًا من بعض مواقع التواصل الاجتماعى (الإنترنت) على عامة الناس وعلى الشباب خاصة التى تدعو للإلحاد، مؤكدًا أن الدولة ومؤسساتها لا تستطيع فى هذا الوقت منع الشباب من التواصل مع المواقع المشبوهة..لكنها تستطيع عرض آراء المختصين من العلماء فى هذه القضايا على نفس هذه المواقع لإقناعهم بالحجة والعقل والمنطق، وتعليم عامة الناس فالشيخ متولى الشعراوى رحمه الله قام بتعليم الناس ثقافة الدين بأسلوب بسيط.. فالشعب المصرى يحب العلم شريطة أن تبسط له القضايا مع إيضاح المتغيرات المستجدة فى المجتمع المصرى وعدم تركه على ماهو عليه.. ومؤسسة الأزهر الشريف عليها الاهتمام بالخطاب الدينى الذى يبثه البعض من الزوايا والتى تعمل كما تعمل (مصانع بئر السلم).. والتى لا تقع تحت رعاية الأزهر ووزارة الأوقاف.. المهم هو الوصول إلى النجوع والكفور والأحياء لتوصيل المفاهيم الصحيحة.. وعرض الأمور المختلف عليها وتوضيحها بما يؤدى إلى نصرة الدين.