أكد خبراء اقتصاديون أن جذب الاستثمار المحلى والأجنبى يتطلب فى المرحلة الحالية إصدار حزمة من القوانين والتشريعات التى توفر البيئة الملائمة للمستثمرين، وفى مقدمتها قوانين الاستثمار الموحد وحرية تداول المعلومات والقيمة المضافة والضريبة العامة على الدخل والتأمينات الاجتماعية والمناجم والمحاجر وكذلك قانون التأمين الصحى.. وطالب الخبراء بإزالة البيروقراطية التى تعد من أكبر معوقات الاستثمار، وإنشاء محاكم اقتصادية ذات دراية، وإصدار قانون للإفلاس والخروج الآمن من السوق بالإضافة إلى اهتمام الدولة بتدريب الشباب وتأهيلهم طبقًا لاحتياجات سوق العمل.وعن كيفية جذب المستثمرين لمصر، تقول السفيرة مشيرة خطاب وزيرة الإسكان السابقة: قبل أن نفكر فى وجود آليات للاستثمار وإصدار قوانين لابد أن نحقق العدالة فى الاستثمار والتى تتطلب أن تكون الدولة لديها خطة وتشجع الاستثمار فى المجالات التى تحقق العدالة الاجتماعية، كما أن العدالة أيضًا تتطلب أن تكون الاستثمارات موزعة بشكل متساو على جميع المستثمرين، ولا يمكن إعطاء مستثمر حوافز لمستثمر ما للتوسع فى مجالات بعينها دون غيره من المستثمرين فى مجالات أخرى. وأشارت إلى أن أهم المشاكل التى تواجه المستثمر وسوق العمل هى التعليم فنتائج العملية التعليمية لا تساوى شيئًا، والمهم منح الخبرات للطلاب فى الصناعات المختلفة، حتى نتغلب على مشكلة البطالة، إلى جانب الاهتمام بصحة المواطن لأن المستثمر يطلب بشكل دائم عاملا لديه خبرة وصحة جيدة، وبهذا العمل ستحقق الدولة الفائدة من التعليم والاهتمام بصحة المواطن، إذا ما التحق بأحد الأعمال والوظائف، سواء فى القطاع الحكومى أو الخاص بدلاً من أن يكون عالة وينتظر أموالا ومرتبات يتعايش بها، لافتة إلى ضرورة توفير التمويل اللازم لإصدار القوانين العاجلة. الإطار القانونى ويقول الدكتور شريف الديوانى الخبير الاقتصادى إنه من الضرورى أن تنظر الدولة لتعميم البرامج وليس تحديدها حتى تتحمل ما تهدف إليه من خطط موضوعة وتساعد فى تحقيق العدالة الاجتماعية وخلق فرص عمل، لافتاً إلى أنه لأول مرة جهاز الإحصاء يخرج لنا ببيانات تفصيلية عن حال الاقتصاد منذ عدة سنوات ويوضح لنا بصورة تفصيلية بالأرقام عن الوضع الاقتصادى، مشيرًا إلى أنه هناك علاقة بين كفاءة رأس المال ونسبة التشغيل لذلك فالقطاع غير الرسمى لديه كفاءة فى رأس المال وله أيضًا القدرة على خلق وظائف، ولابد فى هذا الإطار أن يخلق إطارا قانونيا بين الدولة والقطاع الخاص يتيح تشجيع الاستثمار وتوفير فرص العمل المناسبة، والمبادرة بضرورة تطوير التعليم الفنى وربط المصانع ووحدات الإنتاج بتأهيل المتعلمين، بهدف توفير الوظائف المطلوبة بالسوق، كما أن قانون الاستثمار يتطلب صدور قوانين للإفلاس، والخروج الآمن من السوق. ومن جانبها تشير رندة الزغبى مدير عام مؤسسة «سايب» مركز المشروعات الدولية الخاصة، إلى توفير المناخ الملائم للاستثمار وبيئة الأعمال، وإجراء حوار بين الدولة والقطاع الخاص، والإصلاح التشريعى الكامل للقوانين المسيئة للاستثمار، وإصدار قانون للاستثمار الموحد وقانون للخروج الآمن من السوق، وتشجيع ريادة الأعمال ومحاربة الفساد، مشيرة إلى أنه إذا لم نتفق على النظام الاقتصادى الذى نريده، فكيف سنقوم بالتشريع اللازم لبناء المؤسسات التى تخدم هذا النظام؟ موضحة عندما ادعت مصر أنها تحولت إلى نظام اقتصاد السوق، كان هناك خلط كبير فى المفاهيم، فقد تصور الكثيرون أن مجرد تحرير التجارة أو تنشيط القطاع الخاص هو اقتصاد سوق، وهذا فى حد ذاته لا يعنى أبدا اقتصاد سوق. كما تصور الكثيرون أن على الدولة أن تمتنع نهائيًا عن التدخل فى الشأن الاقتصادى، وبالطبع هذا خطأ آخر فالدولة يجب أن تضع التشريعات اللازمة وتعمل على تنفيذها، والأمر الثالث أن القطاع الخاص يعتبر كتلة واحدة متجانسة لها مصالح واحدة وسهل أن تتوافق على سياسات اقتصادية واحدة. الاقتصاد غير الرسمى وحول ظاهرة الاقتصاد غير الرسمى تطالب الزغبى بأن نميز بين النشاط غير الرسمى والنشاط الإجرامى، فالنشاط غير الرسمى هو نشاط غير قانونى ولكنه نشاط بناء يساهم فى النمو وإنما يفتقد الأختام الرسمية للدولة، أما النشاط الإجرامى فهو غير قانونى ويدينه المجتمع مثل السرقة وبيع المخدرات وغسيل الأموال، مضيفة على الرغم من وجود الفساد فى أى نظام اقتصادي، فإن الاقتصادات التى تسيطر عليها القلة الحاكمة تعانى من الفساد معاناة أشد حتى مما تعانيه الرأسمالية الموجهة من الدولة. والحكومات التى تجعل من حصول المواطنين على التراخيص والموافقات اللازمة عملية صعبة (وهى الصعوبات التى أدت إلى انتشار النشاط غير الرسمي) فإنها تخلق بذلك فرصًا أمام صغار المسئولين للحصول على الرشاوى. ومن جانبها تشير الدكتورة عبلة عبد اللطيف مستشار وزير التجارة والصناعة إلى أن الوزارة بدأت بالاهتمام بأكبر قطاع اقتصادى فى مصر وهم أصحاب المشروعات الصغيرة والمتوسطة، والمتناهية الصغر، وستعمل على إنصافه بداية من تحديد التعريف المناسب له، كما أن الحكومة ستعطى القطاع غير الرسمى فرصة 3 سنوات لتوفيق أوضاعه، بالحصول على مكان للعمل فى بيئة نظيفة وأسعار مناسبة، وتوفر له جميع الخدمات فى المناطق الصناعية، وبدأت الحكومة باستغلال منطقة مرغم الصناعية فى الإسكندرية بعد إهمالها لسنوات، تم تجهيزها لتكون منطقة صناعية لصناعة البلاستيك تتيح المئات من فرص العمل للشباب، كما تقوم الوزارة بتبنى هذا القطاع الهام ورعايته من ناحية التمويل، والتدريب والتأهيل وتصدير منتجه وتسويقه بالتعاقد مع شركات، ومنح القروض، والفرص الاستثمارية المناسبة، فالأصل لهذه المشروعات أن تحصل على خدمات، لا أن تدفع ضرائب. ومن جانبه يوضح المهندس عبد المعطى لطفى الأمين العام للاتحاد العام للجمعيات الاقتصادية، وعضو مجلس إدارة جمعية مستثمرى 6 أكتوبر ردًاً على سؤال بأن القطاع الخاص يمنع إقامة وإنشاء نقابات عمالية، مشيرًا إلى إن الدولة ترى من الضرورى إحكام السيطرة الأمنية وتوفير البيئة المناسبة للاستثمار، وفى هذا الإطار فإن جمعيات رجال العمال والمستثمرين، لا تحد من إقامة نقابات عمالية بل على العكس تساعد على إنشائها، مضيفًا بأن يكون للدولة دور فى البيئة التشريعية تعمل على تسهيل بيئة ومناخ الأعمال الأعمال، فبالتأكيد المشروعات الخاصة أنشئت من أجل الربح، وفى المقابل توفر فرص العمل وتزيد من الإنتاج فالمصلحة مشتركة. غياب الرؤية! وفى سياق متصل، يقول المهندس عمرو فريخة عضو مجلس إدارة جمعية شباب الأعمال إن الدولة ليس لديها رؤية تجاه الاستثمار بدليل أن ما يتم هو تطبيق السياسات الحمائية، وليس هناك سياسة دعم أو خلق بيئة صالحة للاستثمار، بل إنها تساعد على الاحتكار، وأصبح القانون السائد هو الاحتكار، كما أن الدولة لا تساوى فى توزيع الاحتياجات مما يخلق المشاكل، مشيرًا إلى أن جمعية شباب الأعمال قامت بالمساهمة فى توفير فرص العمل بالمصانع الخاصة المنتجة وكثيفة العمالة، وللأسف لم يتقدم أحد لشغل الوظائف. ومن جانبه يقول المهندس فؤاد ثابت رئيس اتحاد الجمعيات الاقتصادية إن القرار الاقتصادى يواجه مشاكل عديدة فى جميع الأنظمة السياسية، إلا أن النظام الديمقراطى يأخذ منا وقتا وجهدًا، بجانب أن المتغيرات من حولنا كثيرة، فلابد من تعاون الحكومة مع القطاع الخاص، والمجتمع المدنى، مع ضرورة جذب الاستثمارات الأجنبية من خلال تحسين قدرة القطاع الخاص المحلى أولاً ليكون قادرًا على جذب شراء أجانب. وأشار ثابت إلى أن الجهاز التنفيذى فى مصر لاعب أساسى ومهم، فى اتخاذ القرار، وبالتالى فإن تدخله فى صنع القرار أمر لابد منه، ولكن ترهل هذا الجهاز ووجود 7 ملايين موظف يمثلون عبئًا على الموازنة العامة للدولة، كما أن الجهاز التنفيذى للدولة قبل ثورة 25 يناير هو نفسه بعد الثورة، المحافظات بلا مجالس محلية، والدولة بلا مجلس الشعب، متسائلاً أين مشروعات قوانين «حرية تداول المعلومات، قانون الاستثمار الموحد، قانون الضريبة العامة على الدخل، قانون التأمينات الاجتماعية، قانون القيمة المضافة، قانون المناجم والمحاجر؟ فكل ذلك هام وضرورة لمزيد من جذب الاستثمار خلال هذه الفترة؟ وأوضح المهندس أحمد كوجك رئيس قطاع السياسات المالية بوزراة المالية سابقًا أن المشكلة التى تؤرق الدولة والمستثمر أيضًا عدم إتاحة فرص التعليم والتدريب للعمالة الضخمة التى تزداد نسبتها إلى حوالى 17% من حجم السكان فى مصر، لافتًا إن نسبة القطاع غير الرسمى فى السوق تقارب ال 50% أى تساوى القطاع الرسمى، إلا إن هذا القطاع يعمل بدون التزام للقوانين، كما أن القطاع الرسمى به نسبة 25% - 30% بطالة مقنعة، مطالبًا بالتركيز على التدريب والتأهيل لخريجى المدارس الفنية فى جميع المحافظات، بالرغم من أن هناك العديد من المصانع والشركات تحتاج لفرص عمل فنية، وللأسف لا تجدها، مع ضرورة مساعدة قطاع الخاص والمجتمع المدنى الدولة فى اتخاذ قرارات اقتصادية سريعة. مصانع بير السلم ومن جانبه يضيف الدكتور محيى حافظ رئيس شعبة الدواء باتحاد الصناعات المصرية أننا أمام كارثة مدوية إذا لم نتخذ لها حلولا عاجلة، مشيرًا إلى أن قطاع الدواء به حجم من الأموال تقدر ب تريليونى جنيه نصفهم من السوق غير رسمى بمصانع تعمل تحت بير السلم، فيوجد لدينا 170 مصنعا للأدوية فى القطاع الرسمى يقابله 170 مصنعًا تحت بير السلم ، مطالبًا بأن تقوم الدولة بإصلاحات تشريعية، وضرائبية، بالإضافة إلى الدور الرقابى، مع تعظيم دورها فى المشروعات القومية الكبرى، تاركة المشروعات المتوسطة والصغيرة للأفراد والشركات من القطاع الخاص، مضيفًا لابد من إعادة تأهيل الخريجين من المدارس الفنية بما يتوافق وسوق العمل. أما المهندس إبراهيم الميرغنى عضو مجلس إدارة نقابة المستثمرين الصناعيين، واتحاد الجمعيات الاقتصادية فيرى أنه من الضرورى أن تلتزم الدولة بالعقد العربى للتشغيل خلال فترة 2010 – 2020 بتوفير فرص العمل لنسبة 25% من إجمالى نسبة البطالة، فى هذه الدول ومصر من ضمن هذه الدول، مطالبًا بتحقيق العدالة من جانب القطاع الخاص للعمال، وتوفير الأجر، والتأمين، الخدمات والرعاية مثله مثل أى عامل فى أى دولة تحترم قوانينها. أما محمد سليمان مدير اتحاد الجمعيات الاقتصادية، فيؤكد أن الدولة مسئولة عن السوق غير الرسمى ويجب تحديد الآليات اللازمة التى تساعده، مشيرًا إلى أنه من الضرورى إعادة الثقة للقطاع غير الرسمى والذى يشعر دائمًا بأن الدولة تريد أن تدخله «المصيدة» وتجلب منه الضرائب والرسوم، وتفرض عليه الغرامات، والإتاوات، مشيرا أن هذه الفرصة التى ستعطيها الدولة لهذا القطاع، عليها أن تراقب السلع المعروضة صحيًا، وصناعة، مع مراقبة أسعارها، وأن توفر الدولة لهذا القطاع التأمين الصحى، ثم تدريجًا يتم إدراجه فى السوق الرسمى، وأن تكون جميع المطالب لها بنود فى قانون الاستثمار الجديد «الموحد».