شباب اليوم يعشق موسيقى عمر خيرت فهى مصرية شجية رشيقة إيقاعية خفيفة. بينما هم لا يعرفون شيئًا تقريبا عن أبو بكر خيرت المهندس المبدع والموسيقار الرائد وأول عميد لمعهد الكونسيرفتوار. عمر صديقى، دعوته لينضم إلى لجنة التحكيم فى مسابقة مجلة أكتوبر للصوت المحظوظ، ولم يدعنى لحفل زفافه من الإذاعية نجلاء الغنام. ثم دعيت لحفل زفاف ابنه من زوجته الفنانة جالا فهمى. فى مدرسة الإبراهيمية الثانوية كان عمر يعزف على الدرامز إيقاعية غربية وانضم مع ابن خاله إلى فرقة «البلاك كوتس» التى كونها إسماعيل ابن الأديب الكبير توفيق الحكيم ولما انتقل إلى فرقة «البتى شاه» كان عازفا على الدرامز أيضًا، رغم أنه كان يدرس آلة البيانو مع أول دفعة من طلاب معهد الكونسيرفتوار الذى أنشأه عمه أبو بكر قبل أن يستكمل دراسته بالمراسلة مع أحد المعاهد الإنجليزية كانت «البلاك كوتس» و«البتى شاه» تقدمان عروضهما فى الفنادق الفاخرة فى القاهرة والإسكندرية عندما كانت الفرقة الإنجليزية العالمية «البيتلز» مكسرة الدنيا كلها. فى حفل عام كان عمر يعزف على البيانو، وكانت تحضره سيدة الشاشة العربية فاتن حمامة، وأعجبها العزف فطلبت أن يضع الموسيقى التصويرية للفيلم الذى كانت تصوره أيامها وهو «ليلة القبض على فاطمة» وتم التنفيذ، وحققت الموسيقى نجاحا غير مسبوق رغم أن السينما المصرية سبق أن قدمت أعمالا موسيقية رائعة لفؤاد الظاهرى وعلى إسماعيل وغيرهما. كانت فاطمة وش الخير وقدم السعد على عمر خيرت، فقد تسابق إليه منتجو الأفلام والمسلسلات ثم الباليهات والحفلات القومية.. ومنها ما تضمن ألحانا غنائية ناجحة. أما عمه أبو بكر خيرت ولا يصح أن ننسبه إلى ابن أخيه بل العكس فننسب عمر إلى عمه فالأخير من رواد التأليف الموسيقى فى مصر. وهو أول من استخدم الألحان الشعبية المصرية فى مؤلفات مصرية مثل معالجته الأوركستراليه لموشح «لما بدا يتثنى» وطقطوقه «إيه العبارة» لسيد درويش الذى صاغها لكورال والأوركسترا وألحانه لأشعار والده محمود خيرت «نسخة الصباح» ونظرة واحدة تسعدنى وغيرها وكان أبو بكر خيرت أول مؤلف موسيقى تسجل أعماله على أسطوانات فى مصر، وكان أول عميد للكونسير فتوار الذى صمم مبناه وكل مبانى أكاديمية الفنون المصرية بالهرم فهو مهندس معمارى حاصل على بكالوريوس الهندسة المعمارية 1930 وكان الأول بامتياز فأرسلته الدولة فى بعثة إلى باريس لدراسة الهندسة المعمارية وتخطيط المدن بمدرسة الفنون الجميلة العليا هناك وحصل منها على دبلوم الدولة فى الهندسة المعمارية وكان هو المصرى الوحيد الذى فاز بالجائزة الأولى لأفضل مشروع دبلوم فى فرنسا وحصل على الميدالية الفضية الكبرى عن مشروع دار أوبرا جديدة بالقاهرة، كما حصل على دبلوم مدرسة الرابطة المعمارية بلندن. ظهرت الموهبة الموسيقية عند أبو بكر خيرت قبل ظهور قدراته الإبداعية فى المعمار بكثير فتعلم الصولفيج ونظريات الموسيقى فى سن الخامسة وتعلم العزف على آلة «الكمان» لمدة 5 سنوات. وفى العاشرة من عمره بدأ دراسة آلة البيانو لمدة طويلة على يد الخواجة كوستاكى وفى نفس السن (العاشرة) كتب مصنف (1) للبيانو بعنوان «أغنية مصرية» ونجح فكتب أعمالًا أخرى للبيانو ولآلات أخرى فهو من الأطفال الذين أطربوا العالم مثل موتسارت وبتهوفن وفيردى وهايدن وشوبرت وغيرهم. بلغ عدد أعمال أبو بكر خيرت 40 عملا من قوالب موسيقية منوعة وتم عزف ثلاثة من أعماله فى الاتحاد السوفيتى بدعوة من وزارة ثقافتها ومثلت سيمفونيته الثانية المعروفة بالشعبية الجمهورية العربية المتحدة فى مهرجان الموسيقى العالمى فى بوخاريست 1958. حصل أبو بكر خيرت على جائزة الدولة التشجيعية فى التأليف الموسيقى 1959 وتخليدا لذكراه تم عمل لوحة من الحفر البارز من النحاس له ووضعت فى مدخل دار الأوبرا المصرية.. لكنها حرقت فى حريق الأوبرا عام 1971؟ عندما يجلس عمر إلى البيانو ويلتف حوله أعضاء أوركسترا القاهرة السيمفونى يعزفون أحد أعماله أتذكر نفس المشهد عندما جلس أبو بكر إلى نفس الآلة وحوله الأوركسترا يعرضون أعمالا له هو الكونشرتو الثانى للبيانو والأوركسترا وذلك عام 1963 على مسرح دار الأوبرا المحترقة.. عمر مواليد 1948 وأبو بكر مواليد 1910 وهذا الشبل من ذلك الأسد.. أبو بكر وعمر.. خيرت.