أرجع خبراء أسواق المال، خسائر البورصة المصرية خلال الفترة الماضية، إلى تأثرها بالأداء السلبى للأسواق الخارجية، على خلفية إيقاف برنامج التحفيز الكمى بنهاية الشهر الحالى، بالإضافة إلى المخاوف التى صدرها محضر الفيدرالى الأمريكى الأخير بشأن إبقائه على أسعار الفائدة قرب الصفر لفترة من الزمن دون تحديد تلك الفترة، ما أشاع حالة من القلق حول تعافى الاقتصاد الأمريكى جراء الأزمة المالية العالمية، فضلا عن تراجع أسواق الخليج، مواكبا لذلك تراجع حاد فى أسعار النفط سواء الخام الأوروبى «برنت» أو الخام الأمريكى «نايمكس». تراجعات أسواق المال أثارت مخاوف المواطن البسيط، من انهيار الاقتصاد المحلى، وتعرض أسواق السلع لمزيد من الارتفاعات، بعد الارتفاعات السابقة التى أعقبت الزيادة فى أسعار المحروقات قبل شهرين تقريبا، الأمر الذى نفاه المحللون ضمن التقرير التالي قال محمد النجار، خبير أسواق المال، إن الانخفاضات التى تشهدها أسواق المال بصفة عامة، ترجع إلى عاملين رئيسيين، الأول نتيجة متغيرات داخلية، والثانى، نتيجة متغيرات خارجية، نتيجة ترابط الأسواق العالمية بعضها ببعض، مؤكد أن التراجعات التى شهدتها سوق المال المصرية خلال الفترة الماضية، ترجع إلى العامل الثانى لأسباب التراجع وهو المتعيرات العالمية . وأشار محلل أسواق المال، إلى محدودية تأثير تراجعات البورصات على اقتصاد سوق السلع، طالما لم تؤثر التراجعات على الاقتصاد الكلى للدولة، إلا أنه أكد أن المشكلة قد تظهر فى حال استمرار التراجعات لفترة طويلة متصلة تتجاوز الثلاثة أشهر، ويظهر هذا التأثير على المواطن البسيط من خلال الشركات المقيدة التى تواجه مشكلات كبرى نتيجة تراجع قيم أسهمها ما يضطرها لاتخاذ إجراءات استثنائية كالاستغناء عن جزء من عمالتها الأمر الذى يرفع معدلات البطالة، وأيضا توقف مشروعاتها وبالتالى تعطل حركة النمو الاقتصادى . وقال النجار، أنه من بين التأثيرات السلبية على المواطن فى حال استمرار تراجعات الأسواق المالية، هو تراجع معدلات الفائدة، وتباظؤ النمو كما شهدت أزمة الأسواق العالمية فى عام 2008. وتوقع النجار أن تعاود السوق المصرية الارتفاع خلال الأيام القليلة القادمة على خلفية ارتفاعات العديد من الأسواق العالمية. من جانبه قال محسن عادل المحلل المالى، المشكلة الأساسية الملاحظة من خلال المتداولين، هى ظهور تحليلات مفرطة بالتشاؤم تستخدم مصطلحات بعيدة عن معناها المهنى مثل انهيار السوق وتبنيها على مستوى المجموعات الأمر الذى يخلق رد فعل سلبى مبالغ فيهن داعيا إلى عدم تناقل التحليلات غير المنطقية والتحليلات المبالغ فيها، غير المبنية على أسس اقتصادية أو مالية صحيحة، لأنها بكل تأكيد لا تنسجم مع المعطيات الأساسية للأسواق والاقتصاد. وقال عادل إن بعض التحليلات تتوقع تراجع الأسعار لمستويات أقل بكثير لبعض الأسهم من دون أى مبرر اقتصادى حقيقى، مؤكدا أن ما حصل هو درس للأفراد لإعادة هيكلة محافظهم والتمسك بالأسهم ذات الأساسيات القوية، والتى فى حال انخفاضها يكون انخفاضها محدوداً وتصلح للاستثمار طويل الأمد. وأضاف: الثقافة الاستثمارية، خاصة لدى الأفراد المتعاملين فى أسواق المال، محدودة ويجب أن يكون هناك إدراك أساسى بأن الاستثمار فى الأسهم يجب أن يكون استثماراً طويل الأمد، وليس من أجل المضاربة أو المقامرة، وإذا كانت هناك مضاربة فيجب أن تكون محدودة. وأوضح، أن هناك عدم توازن بين الإدخار والاستثمار وعدم توازن فى المحافظ الاستثمارية، من ناحية المخاطر، من حيث عدد الأسهم ومن حيث انتقاء الأسهم، ومن حيث القطاعات وغيرها، مضيفا: المسئولية تقع على جميع الأطراف من المستثمرين والبورصة والهيئة والبنوك وشركات الوساطة، لرفع مستوى الثقافة الاستثمارية لحماية الاقتصاد من أى ضرر ناتج عن الجهل أو محدودية الثقافة الاستثمارية، خاصة بعد أن أصبحت البورصة مدرجة على مؤشرات عالمية وجاذبة لمحافظ استثمارية أجنبية، وهى محافظ لها حساباتها ولها مصالحها وهى مهنية كذلك. وأكد عادل، أن ما حدث فى السوق خوف غير منطقى، لكن التصحيح كان متوقعاً، بعد أن أصبحنا جزءاً من الأسواق العالمية ونتأثر بالمستثمرين الأجانب. وتابع: أسواق المال المحلية يكتنفها ضعف رغم التطورات والقوانين، فهى ما زالت ضعيفة من ناحية العمق الاستثمارى، نحتاج إلى نضج استثمارى، ولا توجد أدوات استثمارية كافية فى أسواق المال للتخفيف من وطأة عمليات البيع غير المبررة وتحمى توازن السوق، وتساعد على أن تكون حركة السوق تدريجية. وأضاف: المشكلة أن بعض المحافظ الاستثمارية المحلية تقوم بالمضاربة، وليس الاستثمار طويل الأجل، وهذه نقطة سلبية، لدى هذه المحافظ التى يجب أن يكون استثماراها طويل الأجل، فالبعض يعتقد أن الارتفاع كان كبيراً ويتجاوز النمو الحقيقى للشركات، ضمن ظروف عالمية سلبية. وأوضح المحلل المالى، أن البورصة المصرية كانت ترتفع فى حين أن الاقتصاد العالمى ما زال يعانى من المشاكل،خاصة فى أسعار الأسهم، تبعته أسواق الخليج، ولما بدأت عمليات التصحيح فى الولاياتالمتحدة وتبعتها أوروبا وآسيا كان لابد من عمليات تصحيح فى أسواق المنطقة، لكن الانخفاض الكبير فى السوق الأميركية خلق ذعرا فى السوق المحلية، وفى كل الأحول تعتبر عمليات التصحيح مسألة صحية، للأسواق، وهذا يدفع المستثمرين لإعادة النظر فى أسهمهم. وقال بشكل عام التصحيح السعرى للأسهم، يؤسس لمرحلة جديدة وإعادة بناء مركز استثمارية للمتعاملين ولكن بحذر، وبعد التصحيح يبدأ المستثمرون التفكير جدياً فى شراء الأسهم الجيدة والصلبة وعمليات بناء المراكز الاستثمارية الجديدة ترتكز إلى معايير مستويات العوائد وليس على معيار الأسهم المطلوبة للمضاربة.