دار المعارف ومجلة أكتوبر هى بيتى.. والعاملون فيها هم أهلى.. وخرجت منها بعد 11 سنة بثروة كبيرة جدا هى حب الناس.. بهذه الكلمات بدأ الأستاذ رجب البنا رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير الأسبق حواره الذى تحدث فيه عن الفترة التى تولى فيها رئاسة مؤسسة دار المعارف ومجلة أكتوبر من يناير 1994 وحتى يونيه 2005 ليكون رئيسها رقم 3. وقال إنه لم يحقق ثروة رغم أنه عمل فترة تجاوزت 50 سنة بالصحافة حيث إنه لايزال يسكن فى شقة بالايجار فى حى شبرا، مؤكدا أن هناك شيئا من اثنين إما أن يعمل من أجل المال وهذا هدف رخيص، وإما أن يعمل لإرضاء ذاته وضميره وهذا كان الهدف الذى عمل من أجله. وأوضح فى حواره بمناسبة العيد الأربعين لمجلة أكتوبر أنه كان حريصًا أن تكون المجلة خلال توليه رئاسة تحريرها مجلة معلومات وليست مجلة خطب وإنشاء.... وأنه كثيرا ما انتقد القيادة السياسية - وقتها - فى كتاباته وإلى نص الحوار. * كيف استقبلت قرار تكليفك بتولى رئاسة دار المعارف وتحرير مجلة أكتوبر؟ ** بصراحة.. اعتذرت فى البداية لأنه كان من الصعب أن أترك عملى فى جريدة الأهرام وقتها حيث كنت بأعمل نائبا لرئيس التحرير وكنت مشرفا على صفحات الرأى وعلى باب «مع القانون» كل يوم جمعة وكان له الكثير من القراء. ولكن القيادة السياسية رفضت اعتذارى فقبلت المنصب الذى رفضته لأننى شعرت أنها نقلة من جريدة يومية إلى مجلة أسبوعية ودار نشر كبيرة لها اسم كبير وهى دار المعارف، حيث شعرت أنها مسئولية كبيرة لا أقدر على تحملها، ولكنى رضخت للأمر وذهبت لتولى مسئولية دار المعارف ذات الاسم والتاريخ الكبير. والحقيقة عندما تسلمت دار المعارف فى 4 يناير 1994 وجدت بها مشاكل كثيرة جدا لكن عوضنى عن هذا كله إخلاص العاملين، حيث وجدت أن بينهم كفاءات نادرة فى الطباعة، وربما هم أكفأ عمال الطباعة فى مصر، ووجدت أننى سعيد بعد رحلة شاقة. * ما هى أهم ذكرياتك فى دار المعارف ومجلة أكتوبر خلال الفترة التى توليت فيها رئاستهما؟ ** كان جميع الوزراء يتبادلون زيارة جناح دار المعارف فى معرض الكتاب لدرجة أن المسئولين عن الأمن بالمعرض قالوا لى أنتم «تعبتونا» نتيجة للإجراءات الأمنية لاستقبال هؤلاء الوزراء. وكان جناح دار المعارف - وقتها - هو أكبر جناح فى المعرض. وقد سعيت خلال فترة منصبى لاستكمال ما هو ناقص من ثروة دار المعارف من الكتب الأساسية التى أعرف قيمتها لأننى كنت أتابع منذ أن كنت طالبا إصداراتها وتعلمت منها حتى دراستى بالجامعة، فأول كتاب درسته عن دار المعارف كان عن «تاريخ الفكر فى الإسلام» للدكتور على النشار وكذلك كتاب «الشعر الجاهلى» وأيضا كتب د. طه حسين الأساسية وسلسلة كتاب اقرأ التى أنشأها د. طه حسين ونشر فيها عن العقاد وتوفيق الحكيم ود. محمد حسين هيكل، فكبار الكتاب فى مصر نشروا كتبهم فى دار المعارف. * ما أهم عناوين الكتب التى طبعتها دار المعارف أثناء وجودك بالمؤسسة؟ ** أعدت طبع جميع الكتب القيمة مثل كتب د. شوقى ضيف التى تدرس فى جميع الجامعات العربية.. وكنا نقوم بطبعها سنويا وكان يتم بيعها جميعا ووصل عدد النسخ إلى 10 آلاف نسخة بعدما كان المعتاد هو طبع 3 آلاف نسخة، وهذه أرقام قياسية. مجلة معلومات * وبالنسبة لمجلة أكتوبر.. ما هى أهم الخبطات أو الموضوعات الصحفية التى آثارتها المجلة خلال رئاستك تحريرها؟ ** كنت حريصا عند التخطيط لمجلة أكتوبر أن تكون متوازنة بمعنى أنها تحتوى على كل الألوان التى ترضى القارئ فى السياسة والأدب والفن والرياضة وأبواب اجتماعية والقضايا الأساسية التى تشغل المجتمع. وكان اعتقادى أن مجلة أكتوبر لها دور ريادى قيادى بمعنى أن تسبق المجتمع وليست تسير وراءه.. وكنت لا أهتم بنشر الفضائح لأن المجتمع لن يستفيد من نشرها أو من الأخبار فهى عديم القيمة والتى تسمى بأخبار «النميمة» مثل «فلان تزوج من فلانة» و «فلانة سهرت مع فلان» لأن المجلة المحترمة لاتهتم بنشر مثل هذه النوعية من الأخبار. وكان حرصى أن تكون مجلة أكتوبر مجلة معلومات وليست مجلة للخطب والإنشاء وأن يكون بها المعلومات بحيث يستطيع القارئ عندما يقرأ موضوعا فيها أن يتعلم شيئًا جديدًا ويجد فى كل موضوع تنشره المجلة قيمة معرفية ليخرج بشىء مفيد. * وما أبرز الكتاب المؤثرين بمجلة أكتوبر وقتها؟ ** كان لدينا د. عبد العظيم رمضان الذى كان يثير معارك بها خصوبة وكذلك المستشار عبد الحميد يونس والذى كانت له معارك هو الآخر وكنت سعيدًا بهذه المعارك لأنها معارك أدبية محترمة فضلَا عن ثروت أباظة.. وغيرهم. * مجلة أكتوبر كانت بها كل التنوع وجميع ألوان «الطيف السياسى والاجتماعى والثقافى»..كيف صنعت هذه الخلطة؟ ** بالرغم من أن المجلة مملوكة لمؤسسة قومية إلا أنك تجد بها الكثير من الموضوعات التى تنتقد النظام والقوانين، حيث كانت حركة النقد بها موضوعية لأننى لم أكن من أنصار البذاءات وطول اللسان والتطاول على الناس، فقد كنت حريصًا جدًا على تأكيد قيمة التسامح والوحدة الوطنية لذلك حرصت على أن يزور البابا شنودة مجلة أكتوبر أكثر من 15 مرة ويعقد بها الندوات ويتكلم مع العاملين فى المؤسسة.. وكانت أول مرة يزور البابا شنوة مؤسسة صحفية كانت دار المعارف حيث كانت تربطنى به صداقة كبيرة وعندما تم تعيينى لرئاسة دار المعارف ومجلة أكتوبر جاء البابا شنودة لزيارتى فى اليوم الثانى لتهنئتى. * ما رؤيتكم لمستقبل مجلة أكتوبر؟ ** مجلة أكتوبر بها تاريخ ومستقبل..وأعتقد أن بها مجموعة من المحررين الأكفاء الذين من الممكن أن ينهضوا بها، كما أنها مازالت مقدمة المجلات العربية. وأتوقع تطورها مع الوقت رغم قلة الإمكانيات المادية، وأدرك أن الإمكانيات المالية قيد كبير ولهذا لايمكن أن تتقدم المجلات عمومًا إلا إذا وقفت الدولة وراء الصحافة المصرية خصوصًا أن سوق الإعلانات محدود وتحتكره مؤسسات كبيرة.