فى البداية أكد الدكتور محمد عشماوى الباحث فى وزارة الأوقاف إنه عندما ننطلق فى حديثنا سيتقبله المسلم حاجًا كان أو غير حاج من الأيام بعد انقضاء هذه الأيام المباركات..نتحدث عن علاقة سورة «الحج» بسورة «المؤمنون».. تلك السورن التى تلت سورة «الحج». وأوضح أنه فى خواتيم سورة «الحج» وبعد أن استعرضت السورة طرفا من مناسك شعائر الحج يقول الله تعالى فى خواتيهما «وجاهدوا فى الله حق جهاد هو اجتباكم وما جعل عليكم فى الدين من حرج مله أبيكم إبراهيم هو سماكم المسلمين من قبل» 78 سورة «الحج».. وكأن هذه الأيه ختام موجز تستهدف تلخيص قصة الحاج فى نظر الإسلام بأنها مراحل متصلة من الجهاد الدائم أى جهاد النفس ومكافحة البلايا فالعبد مطالب بأن يجاهد فى الله.. أى يجاهد نفسه فى الله حق الجهاد لافتا إلى أن هذه المجاهدة فى الحياة هى امتداد لحياة أبى البشر إبراهيم عليه السلام، الذى كانت حياته سلسلة متصلة من الابتلاءات العظيمة والاختبارات الصعبة. وتابع الباحث فى وزارة الأوقاف رغم لا تكاد سورة الحج تختتم آياتها بهذا النداء الإلهى الكبير حتى تستفتح السورة التى تليها «المؤمنون» بقوله عز وجل «قد أفلح المؤمنون الذين هم فى صلاتهم خاشعون والذين هم عن اللهو معرضون والذين هم للزكاة فاعلون والذين هم لفروجهم حافظون» «5:1» «المؤمنون» إلى أخر الآيات، مضيفًا أن فاتحة سورة المؤمنون بهذا شكلت ورسمت طريق الفلاح للمؤمنين بأنه أوامر وفرائض متكاملة ونواة متراكبة يتوافق عليها مع بعض ويثمن بعضها بعضا. فالمسلمون بعد الحج عليهم أن يكونوا أكثر استيعابا لحقيقة الصلاة وما فيها من صلة لله عز وجل فيصير بهذا الاستيعاب أكثر خشوعًا حتى لاتخرج صلاتهم فى صورة شكل فارغ بلا مضمون أو تكون خاوية وبلا روح، ثم هم بعد ذلك مطالبون بأن يبتعدوا عن لغو الحديث والكلام الذى لا فائدة من ورائه.. فلوا طابقت أحاديث الناس أفعالهم ما استحكم النزاع.. وما استغرق الشقاق والصراع بين الناس ودنياهم، ولو صان كل مسلم لسانه عن الوقوع فى مآثم تغضب الله ولا تصلح الدنيا. وشدد على أنهم بعد ذلك مطالبون بأن يكونوا للزكاه فاعلين - أى عاملين - موضحًا أنه ليس المعنى أبدا مخرجين أو مؤدين لها، فلو كان فردًا لكتب إحدى الكلمتين، لكن الله سبحانه وتعالى يريد أن يقول للمسلمين اشتغلوا واعملوا وأقدموا واربحوا وادخروا واجمعوا المال مع المال تكون الزكاة مستحقة فيه، وتنال شرف إخراج الزكاة وأجرها وفضلها. ثم هم ذلك مستنفرون لحفظ الفروج والأعراض، ليس أعراضهم فحسب بل أعراض المسلمين أجمعين لأن ذمتهم واحدة وعرضهم واحد، كما أنهم نفس واحدة تتكافأ حقوقهم وأبناؤهم وأعراضهم، ثم هم بعد ذلك مأمورون بحفظ الأمانات ورعاية العهود حتى تسلم الحقوق من الضياع، ويغدون على الله عز وجل فى الآخرة وقد خلت صحائفهم من حقوق العباد، ويكون على رجاء بغفران الله فى حقه فإن الله عز وجل قد يغفر ويعفو فى حقوقه ولكنه لا يعفو فى حقوق العباد واختتم أنه عود على بدء يختتم الله صفات المؤمنين بقوله تعالى «والذين هم على صلواتهم يحافظون أولئك هم الوارثون» «10:9» «المؤمنون» فما سلفت من أوامر ونواه وقعت بين أمرين بالصلاه أولهما الخشوع فيها وثانيهما المحافظة عليها، وليعرف المسلم مرامى هذا التكاليف وليحفظ دينه ودنياه.