الأخوة في الله رباط إلهي، وهي الحبل الذي يجمع القلوب ويعصم الأنفس، والنور الذي يربط بين أرواح المؤمنين. لذا نحاول أن نلقي الضوء على مفهوم الأخوة في اللهكما جاء في القرآن والسنة، ونبين فضائلها في الله، والحقوق والواجبات التي تترتب عليها. في حلقات متصلة عسى أن نجد أخًا في الله يعينناعلى الطاعة ويرشدنا إلى الطريق المستقيم في زمن أصبت المصلحة الدنيوية هي الشغل الشاغل لمعظم المسلمين فكان هذا التحقيق:- توجهنا إلى أحمد طيبة المعيد بكلية التربية جامعة الأزهر ليبين لنا مفهوم الأخوة في الله فقال:- الأخوة في الله هي امتداد لمحبة الله وتوحيده فقد ثبتت رابطة الاخوة بين المؤمنين بقوله تعالى ذكره {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ}، فمحبة المؤمنين هي محبة الله، فمن أحب الله لابدّ أن يحب من يحبه الله سبحانه من الرسل والصديقين والمؤمنين. فالله سبحانه وتعالى يقول:- {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ}، وما يميز الأخوة في الله كذلك أنها تجمع الموحدين على مهام عظيمة، وأعمال كبيرة، تجعل المسلم يقوم بمهمته في عمارة الأرض بالخير، ونشر العدل في الأرض. وقد آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الصحابة الكرام من مهاجرين وأنصار في رباط أخوة إيمانية، كانتبداية لدولة حضارية عمّرت الأرض بمنهج الله تعالى. الأخوة في اللهفوق كل العصبيات فشبهها النبي صلى الله عليه وسلم بالجسد الواحد: «مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى» (رواه مسلم)، فهي فوق أخوة النسب، وهي فوق أخوة القبيلة، وهي فوق أخوة الوطن…فوق كل الأخوات الأرضية… تسمو عليها وترتقي لتلتقي على نفحة الوحي السماوية. وبين طيبة أن الأخوة في الله نعمة من الله وفضل فقد قال تعالى: {وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا} (آل عمران: 103). فبها تُمحى الأحقاد الجاهلية وتزال العداوة والبغضاء فتتوحد القلوب، وتتآلف النفوس على المنهج الواحد، والعقيدة والواحدة. وهي محبة الله تعالى وغاية قلوب الموحدين، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم «أَنَّ رَجُلًا زَارَ أَخًا لَهُ فِي قَرْيَةٍ أُخْرَى فَأَرْصَدَ اللَّهُ لَهُ عَلَى مَدْرَجَتِهِ مَلَكًا فَلَمَّا أَتَى عَلَيْهِ قَالَ أَيْنَ تُرِيدُ قَالَ أُرِيدُ أَخًا لِي فِي هَذِهِ الْقَرْيَةِ قَالَ هَلْ لَكَ عَلَيْهِ مِنْ نِعْمَةٍ تَرُبُّهَا قَالَ لَا غَيْرَ أَنِّي أَحْبَبْتُهُ فِي اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ فَإِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكَ بِأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَبَّكَ كَمَا أَحْبَبْتَهُ فِيهِ» (رواه مسلم). والمتآخون في الله في ظل الله تعالى فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَيْنَ الْمُتَحَابُّونَ بِجَلَالِي الْيَوْمَ؟ أُظِلُّهُمْ فِي ظِلِّي يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلِّي»