شكت لى زميلة صحفية تنوى ترشيح نفسها للانتخابات البرلمانية المقبلة من أنها تحتاج إلى نصف مليون جنيه على الأقل كميزانية دعاية متواضعة لحملتها الانتخابية، حتى تستطيع توصيل صوتها وبرنامجها الانتخابى لأبناء دائرتها بالجيزة. وقالت لى إن الأموال الضخمة التى تحتاجها الدعاية الانتخابية وتوزيع الملصقات والصور والمنشورات وإقامة السرادقات هى التى قصرت الفوز بمقاعد البرلمان على الإسلاميين المدعمين من الداخل والخارج ورجال الأعمال الذين يستطيعون شراء أصوات «الغلابة» بأموالهم. ولو لم نتدخل بسرعة لحل تلك المعضلة، فسوف نفاجأ بخليط من الفئتين فى الانتخابات البرلمانية المقبلة والتى إما أن تأتى بمجلس نواب يقف مع الرئيس ويؤازره فى خططه الإصلاحية أو يعرقل مساعيه هو والحكومة للخروج ببلدنا من النفق المظلم المحشورة فيه منذ سنوات. والإعلام عليه دور كبير فى تعويض نقص الإمكانات المالية للمرشحين الواعدين من الشباب والنساء المثقفات وكل من يحمل رؤية حقيقية يريد التعبير عنها تحت قبة البرلمان، ويسعى لخدمة الوطن ولا يجرى وراء شهرة أو حصانة. وهؤلاء يجب أن يخصص لهم التليفزيون الرسمى بقنواته المتعددة، والقنوات الفضائية الخاصة المساحة الكافية فى برامج «التوك شو» الشهيرة، بل يخصص لهم برامج خاصة لتقديم أنفسهم للشعب بدلاً من إضاعة أموال لا يملكونها من الأساس على وسائل الدعاية التقليدية والتى تشوه الحوائط والميادين دون جدوى. وليس هناك وقت نضيعه بعد انتهاء «مولد» الدراما والبرامج الرمضانية لمحاولة تغيير التركيبة السياسية والاجتماعية لأعضاء مجلس النواب القادم، وتوعية الناس بضرورة التدقيق فى الاختيار بعيداً عن العصبيات القبلية والرشاوى الانتخابية ومعادلات الزيت والسكر والانخداع بالمظاهر الكاذبة والتجارة بالدين واستسهال اختيار أصحاب اللحى حين تغيب المعايير الموضوعية للاختيار. وإذا كنا نريد بالفعل تحقيق أهداف ثورتى 25 يناير و30 يونيو من عيش وحرية وعدالة اجتماعية، فلابد من استكمال المنظومة الجديدة بانتخاب سلطة تشريعية قادرة على تفهم ومواجهة تحديات المستقبل، بعيداً عن الانتهازية السياسية والدينية وتجّار الشعارات، وكل هذا لن يتحقق بدون إتاحة فرص كبيرة فى الإعلام الحكومى والخاص للكوادر السياسية الواعية ودعمهم فى معركتهم الانتخابية غير المتكافئة مع «حيتان» البرلمان القدامى، ورموز الأحزاب الدينية الذين يحاولون تقديم أنفسهم كبديل عن الإخوان والاستفادة من انسحاب الجماعة المتوقع من الانتخابات المقبلة للفوز بمقاعدها وفرض رؤاهم الرجعية من خلال سلطة التشريع، كما حاولوا أن يفعلوا من قبل فى لجنة صياغة الدستور.