فى حياتنا أناس يحبون العاجلة ويذرون الآجلة وأناس يهملون الآخرة فلا هم لهم إلا الدنيا.. وأناس يهملون الدنيا ويعيشون عالة على الناس.. وأ ناس يوازنون بين الدنيا والآخرة عملا بالحكمة اعمل لدنياك كأنك تعيش أبدًا واعمل لآخرتك كأنك تموت غدا وكان سلفنا الصالح يستخدمون الدنيا مطيه للآخرة فاصلحوا دنياهم بالعلم والعمل وكانوا خير أمة بعلمهم وعبادتهم ولكى نصبح مثلهم فلابد أن نوازن بين الدنيا والآخرة. يقول الشيخ أحمد عتمان إمام وخطيب مسجد الرياض بالمقطم. فى سورة القصص آية لو عملنا بها وطبقناها لوازينا بين دارى الدنيا والآخرة فقد قال تعالى: " وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الآخِرَةَ وَلا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنْ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ (77)وقال عبد الله بن عمرو: اعمل لدنياك كأنك تعيش أبدًا واعمل لآخرتك كأنك تموت غدًا وقال على بن أبى طالب: كن فى الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل والإسلام يحثنا على الاعتدال والتوسط فالمسلم الحق هو الذى يوازى ويوازن بين الدنيا والآخرة ولا يفرط فى إحداهما على حساب الأخرى. وخير مثال على ذلك صحابة النبى ( صلى الله عليه وسلم ) فكانوا عبادًا بالليل ورهبانًا وبالنهار فرسانًا يبلغون دعوة الله إلى الناس ولا ينسون أنفسهم فى كسب عيشهم، وقد اشتكى الناس سيدنا عمر بن الخطاب إلى أحد أبنائه أنه خليفة المسلمين فكيف لا يحمينا أحد بالليل فسأل أباه عن ذلك فقال: إنى جعلت الليل لربى، وجعلت لهم النهار. وفى إعمار الأرض وعدم التواكل أى التوازن والوسطية والاعتدال فى الحياة وعدم الإفراط أو التفريط قال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ): إذا قامت الساعة وفى يد أحدكم فسيلة من استطاع أن يغرسها فليغرسها. ووجد أحد الحكماء كبير السن يغرس نخلة فسألوه هل يمتد بك العمر حتى تأكل منها، قالوا زرعوا فأكلنا ونزرع ليأكلوا، وهذا دليل على أن الإسلام يمتاز بالاعتدال والوسطية ومبنى على تقديم النفع للنفس وللآخرين. وهذه هى الرسالة التى نود أن نرسلها للعالم أجمع أنه ليس آخرة فحسب إنما هو دنيا ودين غير أنه فى الآونة الأخيرة بعض المنتسبين للعلم وأنصاف المتعلمين قصروا الدين على الآخرة ونأوا بالدين عن الحياة لعجزه عن مسايرة الحياة وتطويع الدنيا للدين، ويبين ذلك قلة اجتهادهم فيما استحدث من مسائل دنيوية عجزت عقولهم عن إدراك مغزاها ومن اجتهد اتهم الخروج عن الدين والزندقة مع أن الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) قال: من اجتهد فأصاب فله أجران ومن أصاب فأخطأ فله أجر. وسلفنا الصالح علموا العالم كيف يسخِّرون الدنيا لخدمة دينهم فبرعوا فى علوم الدنيا والدين من أمثالهم ابن سينا والرازى وابن رشد والحسن بن الهيثم فكانوا موسوعة فى الطب والكيمياء والغرب تتلمذوا على أيدى هؤلاء الجهابذة يوم كانت أوروبا فى ظلام الجهل فأرسلوا طلابهم لينهلوا من العلوم الحديثة فى وقتهم عن طريق الأندلس، فإذا وازنا بين الدين والدنيا أصبحنا مثل سلفنا الصالح خير أمة أخرجت للناس. وقال خلف عبد العال الباحث الإسلامى: إن الله خلق الإنسان وجعله خليفة فى الأرض لإعمارها وخلق سائر المخلوقات فى الأرض وسخر بعضها من أجل خدمة الإنسان وسعادته. الإنسان هو أفضل المخلوقات فى الأرض كرَّمه الله سبحانه وتعالى. "ولقد كرمنا بنى آدم عن سائر المخلوقات بالعقل الذى يقود الإنسان إلى الطريق المستقيم وجعل العمل هو المعيار فى الدنيا والآخرة قال تعالى) لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ (4) ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ (5) إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ (6) إذن فخلق الإنسان يدل على عظمة الله وقدرته. وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون. فالعبادة هنا المراد بها ذكر الله كعبادة وعمل فى الدنيا والآخرة لأن الدنيا الحياة ما هى إلا مزرعة للآخرة الحياة هى مرحلة قصيرة للإنسان والآخرة هى الحياة الأبدية التى ينعم بها الإنسان والمقصود بالحياة الأبدية هى جنات النعيم والفردوس فى سورة آل عمران (وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ "سابقوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها كعرض السماء والأرض أعدت للذين آمنوا بالله ورسله ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم". بالإيمان والعمل معًا تكون سعادة الإنسان فى الدنيا والآخرة. قال تعالى (وَبَشِّرْ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقاً قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهاً وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (25) ونرى الآيات القرآنية تدعوا إلى الإيمان والعمل. (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْكَبِيرُ) وقال تعالى (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ (7) جَزَاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ (8)فالإسلام جوهرة الإيمان والعمل معًا ورسالة الإسلام العظيمة هى الدعوة إلى الجهاد والكفاح والتفانى فى العمل وإتقانه من أجل أن تعيش البشرية فى أمان كما بين رسول الله عليه أفضل الصلاة والسلام "إن قامت على أحدكم القيامة وفى يده فسيلة فليغرسها. وقال عليه الصلاة والسلام "ما مسلم يزرع زرعا أو يغرس غرسًا. فليأكل منه إنسان أو طير أو بهيمة. إلا كان له به صدقة ونردد قول عبد الله بن عمرو بن العاص إعمل لدنياك كأنك تعيش أبدا واعمل لآخرتك كأنك تموت غدا أى ربط العمل والإيمان معًا. فجميع الرسائل السماوية منذ خلق سبحانه وتعالى سيدنا آدم عليه لسلام إلى سيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين عليه الصلاه والسلام تدعوا إلى العبادة والعمل معًا من أجل سعادة الإنسان فى الدنيا والآخرة.