تظل سيناء هى الحل الأمثل لتعظيم الموارد والثروات فى مصر، رغم التجاهل السياسى والإعلامى لإعادة تنمية سيناء وتنشيط السياحة الدينية والثقافية بتلك المناطق التى تتميز بأهمية اقتصادية وتنموية هائلة.. ولهذه الأسباب نظم المجلس الأعلى للثقافة ندوة تحت عنوان.. سيناء أثريًا وسياحيَّا.. الواقع والمأمول وتناولت الندوة مميزات موقع سيناء على الخريطة السياحية والاقتصادية. فتحدث د محمد عبد الحليم نور الدين مقرر لجنة الآثار عن سيناء سياحيَّا قائلاً جميعنا يعرف أن سيناء لم تحصل على الاهتمام المطلوب حتى فى وسائل الإعلام فهى لا تظهر إلا فى المناسبات الوطنية فسيناء أو أرض الليل أو أرض الفيروز لها قدسية كبيرة فى العصور القديمة ويكفى أن نعلم أن إسرائيل أثناء احتلالها لسيناء وضعتها على خريطتها السياحية متخذة من موقع سيناء فى القارة الآسيوية سببا فى عزلها عن مصر. وأضاف أن الأمر يحتاج إلى إعادة نظر لسيناء من قبل الحكومات المصرية فسيناء ليست فقط أرضا خصبة للسياحة، وإنما هى محمية طبيعية، بالإضافة إلى مناجمها ومحاجرها الطبيعية، فضلا عن رحلات سفارى وتسلق الجبال والمواقع الدينية والطرق التاريخية وشدد نور الدين على ضرورة إعادة النظر فى إمكانية استثمار سيناء بشكل جاد. وعلى صعيد السياحة الدينية يقول نور الدين يكفى سيناء السياحة الدينية فهى تشمل الأديان السماوية الثلاثة ففى سيناء كلم الله موسى، كما استقبلت رحلة العائلة المقدسة وبها طريق حورس الحربى الذى دخلت عن طريقه الجيوش الإسلامية إلى مصر. واقترح نور الدين أن يتم زيادة النشاط فى تأليف الكتب إلى توضيح أهمية سيناء كبوابة لمصر من جهة الشرق، وكذلك السعى إلى استثمارها سياحيا وثقافيا فهى تحتوى على عدد هائل من الكنائس والأديرة والمساجد والمحاجر والمناجم ونوه إلى التدمير المتعمد الذى قامت به إسرائيل أثناء احتلالها لسيناء والذى أسفر عن تدمير بعض المناطق الأثرية المهمة، وقد حاولت الحكومة المصرية رفع قضايا تعويضات فى المحافل الدولية دون جدوى. ونصح نور الدين أن يتم تهيئة تل الفرما لضمه إلى الخريطة السياحية فى سيناء نظرًا لما يحتويه من مجموعة أثرية متنوعة. ثروة أرض الفيروز وتناول د. علاء شاهين عميد كلية الآثار الأسبق وعميد المعهد العالى للسياحة والفنادق الإطار التاريخى والأثرى لشبه جزيرة سيناء وتناول بالتفصيل أهمية الطرق المؤدية إلى سيناء وهى الطرق البرية الثلاثة والطرق الملاحية عبر وادى الطميلات والطرق الرئيسية عبر شبه جزيرة سيناء وتشمل طريق حورس وطريق الحج وطرق خروج اليهود من مصر. وأضاف أن قوات الاحتلال الإسرائيلى كشفت عن عدد من الآثار النبطية إلا أنها تعرضت للنهب أما عن قيمة المكان كمنتج، فالنحاس والفيروز هما أشهر المعادن فى سيناء وكان يتم إرسال الحفارين والأطباء وكل ما يحتاج إليه المحجر لاستخراج الفيروز ومن أهم المحاجر وادى المغارة سرابيط الخادم ووادى أبو تمام، كما توضح النقوش على المعابد أن الفراعنة لم يجدوا غضاضة فى الاستعانة بخبرات غير المصريين فى البحث والتنقيب عن الفيروز أو غيره من المعادن. وأشار شاهين إلى أن معبد بيت الحجر وهو كان قد تعرض لهزة أرضية يحتاج إلى تكاليف زهيدة لترميمه. ويقول د. جمال هرمينا المتخصص فى العمارة والفنون القبطية فى بداية كلمته أن الكنيسة المصرية احتفلت منذ فترة بسيطة بدخول السيد المسيح أرض مصر وهو ما يجعلنا نتساءل ألا تحتاج مثل تلك المناسبات إلى احتفالات تلقى الضوء بشكل مفصل وجديد على تاريخ سيناء وتطرق هرمينا إلى الحديث عن أهم مخطوطة نهبت من سيناء وهى مخطوطة الكتاب المقدس السينائية والتى استطاع عالم ألمانى سنة 1844 الحصول عليها من الرهبان بدير سانت كاترين لصالح قيصر روسيا الذى ما لبث أن باعه إلى المتحف البريطانى. وأشار إلى مجموعة من القديسين الذين لهم آثار تعد من أهم الآثار القبطية فى مصر والعالم كالقديس أبو نفر السايح والقديس يوحنا الدرجى والقديس نيوس السينائى ونبه إلى ضرورة إدخال سمنود ومنطقة آثار شمال سيناء خاصة منطقة الفرما إلى الخريطة السياحية. السياحة الريفية وفى الجلسة الثانية أخذ المتخصصون الحضور فى جولة إلى آثار سيناء فتناول د.عزت قادوس مدير مركز الدراسات القبطية بآداب الإسكندرية الحديث عن الأديرة القبطية ومنها دير الأنبا أنطونيوس بالبحر الأحمر وهو يعد أقدم الأديرة على الإطلاق، وقد بدأ مغارة ثم سكن للقديس أنطونيوس ويقع على سفح جبل الجلالة وهو يضم سبع كنائس وكانت مساحته الأصلية 18 فدانا ثم أصبحت 850 فدانا تم تشجير حوالى 150 فدانا وهو يعد الأول فى الفكر اللاهوتى وبه أشهر الأيقونات والمنحوتات ولعل أشهرها أيقونة السيد المسيح خلف المذبح و تتميز تلك الكنائس بأن بها الصليب اليونانى ذا الأضلاع المتساوية، كما يحتوى الدير على ثلاثة أسوار من عصور مختلفة أما دير الأنبا بولا فكان فى البداية غير معروف للناس وقد نسب إلى بولا الفقير الذى قام بعيدًا عن المدنية فى الصحراء وأول من اهتم بإنشائه فى القرن الرابع الميلادى الإمبراطور جستنيان ويقال إن هذه البقعة هى التى مر بها العبرانيون مع سيدنا موسى أثناء خروجهم من مصر وهى أيضًا تحتوى على عدد من الأيقونات وقد زاد عدد الرهبان فى الدير فى عهد البابا شنودة والذى أنشا لهذا الدير مبنى فى شارع كلود بك. أما دير سانت كاترين فهو الأشهر وقد تحول اسم المكان إلى اسم القديسة كاترينا التى كانت من الأشراف وتحولت إلى الدين المسيحى فحاول الإمبراطور إرسال سبعين عالما لكى يثنوها عن الدين الجديد إلا أنها كانت تستطيع جعلهم يعتنقون الدين المسيحى وتعد أيقونة القديس بطرس هى الأشهر، وكذلك أيقونة صعود السيد المسيح إلى السماء وأيقونة صلبه، وكذلك صور لسيدنا موسى وهو يكلم ربه وآخر وهو يخلع نعليه. أما المهندس ماجد وديع الراهب فتحدث عن الطرق التاريخية فى سيناء ولعل أشهرها طريق حورس وطريق العائلة المقدسة ويقع طريق حورس فى مدينة نارو وهى ضمن منطقة أثرية كبيرة اسمها حيوة وهى تقع فى منطقة تل الفرما ويتكون من أحد عشر حصنا و يعتبر المكان مهما وحيويا وأكبر منظومة دفاعية فى مصر فى ذلك الوقت، أما المسار الثانى فهو مسار العائلة المقدسة وتوجد بها منطقة تل الكنائس وهى مدينة قبطية كبيرة بها أديرة وحمامات ومساكن ويوجد بها نموذج نادر من الكنائس الدائرية أما الطريق الأخير وهو طريق المحمل فكان يقام له احتفال رسمى وشعبى تنقل فيه كسوة الكعبة من مصر إلى السعودية، ومن الطريف أنه فى سنة 1799 رفضت السلطات الفرنسية إرسال كسوة الكعبة إلى مكة لأسباب سياسية فقام المصريون بالاحتفال بشكل شعبى. وأوصى بأن يتم الاحتفال يوم 24 بشنس بذكرى العائلة المقدسة فى الفرما وكذلك يقام يوم 16مارس وهو يوم المحمل وفى 6 أكتوبر لترسيخ الانتصارات التاريخية لمصر على أن يقام مهرجان دولى وشعبى بهذه المناسبات تتم دعوة شركات السياحة لتنشيط السياحة والترويج لتاريخ وآثار مصر على مستوى العالم. أما د عبد الرحيم ريحان الخبير فى الآثار الإسلامية والقبطية فعرض لأهم المناطق الأثرية وعلى رأسها دير سانت كاترين وكنيسة القيامة وكنيسة العذراء وكنيسة التجلى وما بهم من تجليات وأيقونات ليست موجودة على مستوى العالم، كما أشار إلى شجرة العليقة التى تتمتع طول شهور السنة بالازدهار، كما قام ريحان بوصف المسجد الموجود بجوار الكنيسة والذى أنشأه الحاكم بأمر الله الفاطمى وهذا يعد دليلا على التسامح الدينى كما أن جبل موسى يضم منشآت إسلامية، بالإضافه إلى كنيسة الروح المقدسة على قمة جبل موسى، كما أن جبل عباس المنسوب إلى الخديو عباس حلمى الثانى والذى سجل كأثر، بالإضافة إلى مقام النبى صالح من أكثر الأماكن روعة وهناك الكثير من المحبين لزيارتهم، أما عن أجمل الأديرة فهو دير الوادى الموجود بطور سيناء ويرجع سبب جماله إلى أنه يحتوى على كل الأشكال والعناصر المعمارية، وكذلك دير وادى الأعوج الذى يعد أول من أنشأ الرهبنة فى سيناء ومن اللافت أن قديما عند إنشاء دير أو مسجد فى سيناء كان يتم بناؤه بعيدًا عن طرق السيول، مما حافظ على تلك الآثار حتى الآن وهو ما أنصح به المسئولين الآن عند بناء أى طريق أو مبنى أن يتم استشارة أهل المكان لكى لا تحدث تلفيات وخسائر وأضاف أن سيناء بآثارها وبكنوزها قادرة على إطعام مصر بالكامل إذ ما تم استثمارها بالشكل الصحيح.