رغم البلاغات المتعددة التى تمتلئ بها أقسام الشرطة ومكتب النائب العام فيما يتعلق بعمليات النصب والاحتيال فى التسويق العقارى لدرجة أنها أصبحت ظاهرة بسبب أن «شباك» النصابين والمحتالين اقتحمت سوق العقارات بعدما أدركوا أنه يدر ذهبا وأصبحت مقولة «سمسار عقارات» مهنة من لا مهنة له وامتلأت شوارع القاهرة والجيزة على وجه التحديد ب «يافطات» تعلن وجود سمسار فى هذا المكان وآخر هناك لكن يبدو أن تلك المهنة التى لا يوجد لها أب شرعى تتطور بتطور الزمن حيث تم استحداث نوع جديد من السماسرة يشبه خدمة الدليفرى والتوصيل للمنازل، فكل ما على الزبون الاتصال بالرقم الموجود أسفل الإعلان ليجد أمامه سمسارًا بالملابس الرسمية ومعه الكتالوج الخاص بالعروض المتاحة لديه لاختيار ما يناسبه، إلا أن تلك الخدمة بفاتورة غير المبلغ الذى ستتم به عملية البيع والشراء وهى أشبه على حد وصف احد السماسرة بالفيزيتا أو الكشف المنزلى.. «أكتوبر» بحثت فى أوراق السماسرة لكشف عمليات النصب والاحتيال التى يتعرض لها المواطنون بشكل مستمر. انتشرت فى الفترة الأخيرة وتحديدا عقب ثورة 25 يناير مجموعة ممن يطلقون على أنفسهم سماسرة عقارات وهم من البلطجية هدفهم الاستيلاء على أراضى الدولة استغلالا لحالة الفراغ الأمنى التى اعقبت الثورة وبدأوا ينتشرون فى أماكن عدة لاسيما الأماكن الواقعة على أطراف المدن مثل السادس من أكتوبر وبدر والعبور والشروق والتجمعات وغيرها من الأماكن التى تكاد تكون هادئة نظرا لبعد المسافة حسب وجهة نظر البعض، حتى إن الأسعار المطروحة قليلة للغاية فتارة يكون سعر المتر 300 أو 150ووصل إلى 70جنيها للمتر بجوار الطريق الدائرى. الغريب أن هؤلاء البلطجية مستمرون فى مسلسل تحدى الدولة حيث قاموا بالاستيلاء على أراض تابعة لجمعيات وهيئات ووزارات وهى فى الأصل أراض مملوكة للدولة ولكن بقوة الأعمال الإجرامية نجحوا فى تنفيذ جزء كبير من مخططهم. بل ازداد الأمر تعقيدا بعدما غير هؤلاء وجهتهم من الأماكن البعيدة عن الازدحام السكانى واتجهوا للمناطق الشعبية لمواصلة أعمال النصب والاحتيال مثل مناطق فى فيصل وعين شمس وجسر السويس وأرض اللواء وبعض الأماكن فى حدائق الأهرام، حيث يقوم السمسار بجلب الزبون وإقناعه بأهمية الوحدة السكنية التى رأها ويعدد مزاياها وهى بالأساس لايوجد بها أية مرافق اوخدمات نظرا كونها مخالفة لاشتراطات البناء والتراخيص. وهناك نوع من السماسرة يقومون بالاتفاق مع بعض الأشخاص لعمل مصيدة للزبائن او راغبى شراء الوحدات السكنية للاستيلاء على أموالهم بأن يقوموا ببيع الوحدة عدة مرات. عمليات النصب فى الشقق العقارية أو الأراضى تكاد تكون مرت على كل أسرة مصرية فى السنوات الأخيرة أما ان يتعرض الشخص نفسه للنصب أو أحد أقاربه وأصدقائه أو جيرانه ففى الفترة الأخيرة قدرت تقريبا حجم البلاغات المتعلقة بالنصب والاحتيال فيما يخص التسويق العقارى قرابة 200 ألف بلاغ، والمفاجأة أنه لم تحل مشكلة عن طريق أقسام الشرطة رغم كمية تلك البلاغات بل تجاهلت الشرطة استغاثات المواطنين أعمالا بالمقولة الشائعة القانون لايحمى المغفلين،لدرجة أن عددا كبيرا من رجال الشرطة فى أقسامهم ينصحون أصحاب البلاغات بالذهاب لتلك الوحدات العقارية واقتحامها ووضع أبواب حديدية ليكونوا موجودين بداخلها أثناء تواجد الشرطة وتحركها إذا تحركت بالأساس لكى يبقى الوضع على ما هو عليه. سليمان عبد الحميد المحامى بالنقض كشف عن أن عمليات النصب فى التسويق العقارى والمشاكل التى تنتج عنها لاتحل قانونيا كما يتصور البعض إنما يكون الحل عن طريق المفاوضات أو الضغط. بأعمال بعيدة عن القانون، مشيرا إلى أن البلاغ يأخذ وقتا طويلا بدرجاته المختلفة سواء فى الشرطة أو النيابة أو المحكمة وفى النهاية لايكون الحكم مضمونا لصالح المجنى عليه. نماذج عديدة وقعت فريسة للسماسرة وملاك الأراضى بسبب إما ضعف قيمة الوحدة السكنية أو قطعة الأرض فينتهزها المشترى فرصة للحصول عليها دون تأن مما يعرضه للنصب سريعا ويكتشف ضياع «تحويشة العمر»، أو عدم وجود مستندات قانونية تثبت ملكية البائع سواء فى الشقق أو الأراضى ويكون عن طريق أوراق مضروبة للحصول على أكبر قدر من المال ويفر بعدها هاربا. عبدالرحمن حسن أحد الضحايا بمنطقة الهرم وقع فريسة لأحد السماسرة الذى أوهمه بشراء وحدة سكنية بمبلغ زهيد فى منطقة حيوية يتهافت عليها كثيرون للحصول ولو على غرفة واحدة. حسن تقابل مع أحد السماسرة الذى نجح فى نصب شباكة، وإقناعه بكلام معسول لإغرائه بشراء تلك الشقة بمقابل 100 ألف جنيه على شارع الهرم الرئيسى فى حين أن سعر الوحدة فى هذه المنطقة يتجاوز ال 500 ألف جنيه، الأمر الذى دعا حسن لسرعة سداد المبلغ ليكتشف بعدها أن هناك اتفاقا بين أحد المقاولين والسمسار للنصب عليه ولا تزال الأزمة معلقة لعدم وجود حل سريع يحصل به على حقه المادى الذى دفعه من قبل. أما على إبراهيم محام فتعرض لموقف مشابه بمنطقة أرض اللواء بعدما اكتشف أن الشقة مباعة لشخص آخر قام بإغلاقها ووضع سياج حديدى لمنعه من الدخول ومع التهديدات للسمسار والمقاول أعطاه أخرى ولكن أيضا وجد شخصًا آخر يقوم بغلق أبوابها بدعوى أنها ملكه. محمود إسماعيل قام بدفع 140 ألف جنيه لإحدى الشقق بجوار حديقة بدر بجسر السويس ورغم مرور 3 سنوات لم يستطع الحصول عليها إلى الآن بسبب المماطلة من السمسار والمالك ورغم التوجه لقسم الشرطة إلا أنهم أخبروه من الأفضل أن يتفاوض معهم. فى المقابل يستغيث البعض من جراء التعسف الذى يواجهونه بسبب ضياع حلمهم وثروتهم فى شراء شقة تكون المأوى لهم مطالبين بأن يكون هناك قانون صارم لمواجهة هؤلاء المتحايلين على القانون. زكريا الجوهرى رئيس مجلس إدارة الجمعية المصرية لخبراء التقييم العقارى طالب بإيجاد ورقة عمل تكون بمثابة مظلة تندرج تحتها الشركات العامة والخاصة لكى تستطيع الدولة محاسبة المتجاوزين، مشيرا إلى أن العمل فى السمسرة وبيع وشراء الأراضى انتشر بصورة كثيفة لكن ليس وراءها نتائج إيجابية بل خلفت نتائج عكسية ومن الأفضل إنشاء هيئة تكون مهمتها الضامن للبائع والمشترى. وأضاف أن ارتفاع الأسعار دون ضوابط سهل من عملية النصب كونها أصبحت عملية جزافية يقدرها البائع سواء بمكسب كبير أو قليل. ويرى محمد راشد خبير عقارى أن انتشار أعمال البناء فى الفترة الأخيرة بسبب وجود رادع قانونى خاصة من المحليات ومسئولى الأحياء الذين منحوا بعض المقاولين فرصة البناء بارتفاعات شاهقة فى ظل عدم وجود حماية من قبل قوات الشرطة، مطالبا الدولة بوضع اشتراطات ميسرة فى متناول الجميع وقانون ينفذ بحذافيره دون مواربة ومساعدة القطاع الخاص والعام على حد سواء فى بعض النواحى الفنية والإدارية للقضاء على ظاهرة النصب والتسهيل على المواطن.