لا يجوز التسامح مع مثل هذه الأفعال .. يجب توجيه رسالة واضحة وقوية إلى المجتمع .. بهذه الكلمات الموجزة لخصت القاضية الهندية شالينى فانسلكار الأسباب الذى دفعتها للحكم بعقوبة الإعدام شنقا على المدانين الثلاثة بتهمة الاغتصاب الجماعى بحق مصورة صحفية فى مدينة مومباى الهندية فى شهر أغسطس الماضى. وهذه هى المرة الأولى التى يحكم فيها بالإعدام فى حادث اغتصاب لم يؤد إلى مقتل الضحية وذلك إثر تشديد القوانين الخاصة بالجرائم الجنسية فى الهند، حيث أقرت البلاد مؤخرا قانونا جديدا يقضى بإنزال عقوبة الإعدام بحق الأشخاص المدانين بارتكاب هجمات جنسية متعددة، بعد تصاعد الاحتجاجات منذ العام الماضى إثر وفاة طالبة فى ديسمبر 2012 بعد تعرضها لاغتصاب جماعى على متن حافلة فى نيودلهى. والأشخاص الثلاثة المحكوم عليهم بالإعدام هم ضمن خمسة أشخاص تتراوح أعمارهم بين 18 و27 عاما اتهموا بالتورط فى عملتى اغتصاب جماعى عام 2013 فى طاحونة مهجورة إحداهما لمصورة صحفية (22عاما) والأخرى لعاملة تليفون (18 عاما)، و حكم عليهم جميعا من قبل بالسجن مدى الحياة. وكانت المصورة الصحفية تزاول عملها مع زميل لها عند الطاحونة المهجورة فى أغسطس الماضى عندما قام خمسة رجال بتقييد الشاب واغتصاب زميلته. وبعد أن تصدر الحادث عناوين الصحف تقدمت عاملة التليفون لتكشف عن اغتصابها هى الأخرى فى نفس المكان قبل شهر من وقوع حادث المصورة الصحفية. وتعرفت عاملة التليفون على ثلاثة من المتورطين فى قضية المصورة الصحفية حيث كانوا من بين الأربعة الذين اغتصبوها. وطلب ممثل الادعاء فى قضية المصورة الصحفية من المحكمة بتنفيذ القانون الجديد على المذنبين باعتبارهم معتادى الإجرام، بينما حكم على الرجلين الآخرين المتهمين فى واحدة فقط من القضيتين بالسجن مدى الحياة، وتجرى أيضا محاكمة قاصرين متهمين بالتورط فى هذه القضية على حدة، وذلك أمام محكمة معنية بمحاكمة القصر. وتقول صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية إنه من النادر أن يصدر حكم بالإعدام فى الهند، والأكثر من ذلك أنه نادرا ما يتم تنفيذه إذا ما صدر، بل إن بعض المدافعين عن حقوق المرأة أعربوا عن عدم ارتياحهم بشأن الحكم. وترى رينوكا سينج، أخصائية علم الاجتماع بجامعة جواهرلال نهرو، أن «هناك حاجة إلى إعادة النظر فى هذه الأحكام لأن الغرض هو إصلاح هؤلاء الأشخاص، وليس القضاء عليهم». ومن جانبه ، قال المدعى العام «أوجوال نيكام» للصحفيين خارج المحكمة: «لا توجد أى فرصة لإصلاح هؤلاء الرجال وهذا يبعث بمؤشر قوى للمجتمع». وكان نيكام قال فى المرافعات الختامية للمحاكمة: «هذه الجريمة تترك ندبة دائمة ليس فقط على جسد الضحية ولكن أيضا على عقلها وشرفها وعفتها، علينا أن نرسل الرسالة الصحيحة إلى المجتمع. من الضرورى أن تنتهى حياة المتهمين. يجب أن يموتوا .. إننى أسعى لتحقيق العدالة للضحية وأقاربها والمجتمع بشكل عام». وجاء فى حكم القاضية فانسلكار أن فقر المتهمين وصغر سنهم لا يمكن أن يبررا خطورة جرائمهم. وتشهد الهند تزايدا مطردا فى جرائم الاغتصاب الجماعى والعنف ضد النساء، حيث تعرضت ما يقرب من 85 ألف طفلة للاغتصاب خلال الفترة من عام 2001 وحتى 2011 بحسب إحصائية المركز الآسيوى لحقوق الإنسان، إلا أن حادث الطالبة الهندية فى ديسمبر 2012 ، وما تلاه من احتجاجات شعبية واسعة فى جميع أنحاء البلاد، أثار اهتماما عالميا واسعا وسلط الضوء على جرائم الاغتصاب المتلاحقة فى شبه القارة الهندية، والتى مازالت تتصدر عناوين الصحف الهندية، وتشير إحصائيات المكتب الوطنى لتسجيل الجريمة بالهند إلى أن عدد جرائم الاغتصاب فى تزايد، حيث يتم تسجيل حالة اغتصاب كل 22 دقيقة. وإضافة إلى تشديد القوانين الخاصة بالجرائم الجنسية، اتخذت الحكومة المركزية الهندية خطوات أخرى لمحاولة تحسين الوضع بالنسبة للمرأة، حيث خصصت المزيد من أفراد الشرطة للتحقيق فى الجرائم ضد المرأة، ونشرت المزيد من قوات الشرطة فى الشوارع، وأنشأت خطا ساخنا للنساء للإبلاغ عند الشعور بالخطر. وذكرت «بى بى سى» أن الهند أطلقت مسدسا جديدا صمم خصيصا للنساء للدفاع عن أنفسهن، وقال عبد الحميد المدير العام لمصنع الذخيرة الهندى الذى تملكه الدولة إن المسدس صغير بحيث يمكن وضعه فى الحقائب النسائية، كما أن وزنه لا يزيد على 500 جرام. كما اقترح حزب بهاراتيا جاناتا تفعيل برامج للدفاع عن النفس فى المدارس، ووضع إضاءة فى جميع الحافلات العامة، وإنشاء «قوة أمن للنساء».