«تتاح الفرصة فى السلطنة للعلماء للنهل من منابع الفكر والفقه والاجتهاد العمانى الذى يتميز منذ أقدم العصور بالحكمة والرشد والقدرة على التأليف بين عقول وقلوب أبناء الأمة الإسلامية على اختلاف توجهاتهم ومذاهبهم» تشهد سلطنة عُمان خلال الفترة من 6 إلى 9 أبريل مناقشات فقهية موسعة ومستفيضة وجلسات عمل حافلة بالفكر الواعى على مدار فعاليات ندوة “تطور العلوم الفقهية” فى نسختها الثالثة عشرة والتى تنظمها وزارة الأوقاف والشؤون الدينية بمشاركة نخبة من علماء الأمة الإسلامية من مختلف أنحاء العالم والذين يمثلون صفوة المفكرين فى مجال العلوم الفقهية حيث تتاح لهم فى السلطنة الفرصة للنهل من منابع الفكر والفقه والاجتهاد العُمانى الذى يتميز منذ أقدم العصور بالحكمة والرشد والقدرة على التأليف بين عقول وقلوب أبناء الأمة الإسلامية على اختلاف توجهاتهم ومذاهبهم. يتم عقد الندوة سنويا فى إطار التوجهات الاستراتيجية بعيدة المدى التى يدعو إليها السلطان قابوس بن سعيد سلطان عُمان، والتى تستهدف نشر الفكر الإسلامى المستنير، من أجل اجتهاد رصين يخدم الإنسانية، ويقارب أممها، ويجمع كلمتها، نحو السلام والحق والخير مع التعريف بسياسات السلطنة المتميزة فى هذا الصدد التى لا تعرف التعصب أو التطرف أو المذهبية وتعبر عن السماحة والوسطية والاعتدال. تعقد الندوة هذا العام تحت عنوان: «الفقه الإسلامى - المشترك الإنسانى والمصالح» تحت رعاية الدكتور يحيى بن محفوظ المنذرى رئيس مجلس الدولة، ويشارك فى أعمالها وفد مصرى رفيع المستوى يضم لفيفًا من علماء الأزهر الشريف تعبيرا عن العلاقات العمانية المصرية الوثيقة وتقدير السلطنة لدور الأزهر الشريف،وكانت قد عقدت فى العام الماضى فى نسختها الثانية عشرة تحت عنوان :“فقه رؤية العالم والعيش فيه – المذاهب الفقهية والتجارب المعاصرة». يشارك فى الندوة نخبة من العلماء ووزراء الأوقاف والشؤون الدينية وأصحاب السماحة مفتيّ بعض الدول العربية والإسلامية والمفكرين ومنهم وزير الأوقاف السودانى ووزير الأوقاف التونسى ووزير الشؤون الدينية والتقريب بين المذاهب الإسلامية بجمهورية باكستان، وأصحاب الفضيلة: مفتى مصر، و رئيس مجمع التقريب بين المذاهب الإسلامية فى إيران، ومفتى كل من سلوفينيا واستراليا وزنجبار، وروسيا، وكرواتيا ورئيس هيئة الإفتاء بنيجيريا. وقد عقدت لجنة الإعداد والتحضير للندوة اجتماعا تمهيدا لانطلاق فعالياتها حيث استعرضت فيه كافة الاستعدادات التى تضمن نجاحها فى ظل الإنجازات التى حققتها طوال السنوات المنصرمة فى ظل الإقبال الذى لقيته من داخل وخارج السلطنة لاستقطابها كبار العلماء والباحثين. استعرض الدكتور سالم بن هلال الخروصى مستشار الوعظ والإرشاد بمكتب وزير الأوقاف والشؤون الدينية فى سلطنة عُمان نائب رئيس اللجنة المنظمة للندوة أهدافها ومحاورها فقال فى مؤتمر صحفى: لقد فرضت المدنية على الإنسان منذ قديم الأزل أن يوجد لمجتمعه نظاما ينسجم فيه ويتكئ عليه ولذلك ظهرت فى المجتمعات القديمة قبل الإسلام صورا متشرذمة من ذلك النظام تقترب تارة من الفطرة والدين وتنحرف تارة عنهما، ولما جاء الإسلام أطر النظام الاجتماعى منذ تأسيس دولته الأولى فى المدينةالمنورة وتبع ذلك إرساء دعائم الدولة المدنية وفى مقدمتها «المساواة، الشورى، العدل، حقوق الإنسان». أركان المجتمع المدنى وأساس الحكم كما أشار د.الخروصى الى أن هذه الدعائم تعتبر قوام الدولة وأساس الحكم وهى التى تنظم العلاقة بين أركان المجتمع المدنى، وفى الدراسات التخصصية المعاصرة اختلف العلماء فى تسميتها فتارة يدخلها بعضهم فى الجانب العقدى تحت مسمى «أخلاق السياسة الإسلامية» والبعض يضمها إلى الجانب الفقهى ويسميها «السياسة الشرعية» والبعض الآخر يفضل تسميتها «الفكر السياسى الإسلامى»، إلا أن المجتمع يشترك فى الاعتراف بأنها ضمن المبادئ التى جاء بها الدين الحنيف، وعلى كل حال فإنه نظم هذه الدعائم وأوجد لها قواعد وضوابط وأحكامًا فصلها العلماء عبر الأربعة عشر قرنا ونيفا من الزمان وكل ذلك تستجليه الندوة الثالثة عشرة تحت مسماها الدقيق: «المشترك الإنسانى والمصالح»، والمقصود بالمشترك الإنسانى أن «المساواة والشورى والعدل وحقوق الإنسان» هى حاجيات الإنسانية كلها، إذ لا يوجد مجتمع مدنى إلا وتغدو هذه الدعائم ركنا أصيلا فى نظامه، ولذلك تستعرض الندوة القواسم الأربعة من خلال الشريعة الإسلامية والقوانين الدولية ومنظمات حقوق الإنسان. عصارة فكر المسلمين وأوضح د.الخروصى أن من الأسباب التى دعت وزارة الأوقاف والشؤون الدينية إلى طرق هذا الموضوع فى ندوتها «تطور العلوم الفقهية» هذا العام ما يبديه الناس اليوم من تساؤل حول حظ الشعوب من تلك المبادئ والاختلاف فى تفسير تطبيقاتها فى واقع المجتمع، والنظرة السطحية لها وعدم الإلمام بضوابطها، والتباين فى تطبيقاتها بين مجتمعاتنا الإسلامية والمجتمعات الغربية وفهمها لدى منظمات حقوق الإنسان، والتعريف بأسبقية هذا الدين الحنيف فى إيجاد النظام الدقيق لهذه المبادئ وتطبيقاتها فى واقع المجتمع المسلم عبر تاريخه الحافل، وكثرة الدراسات الشرعية المؤطرة بفكر جامد على أساس السرد التاريخى والحوادث الفردية دون التحليل العلمى أو النظرة النقدية للمفاهيم المختلفة وبالطبع يتجه العامة نحو التأويل الفردى وفقا لهذه الدراسات، وستسهم الندوة فى تقديم نماذج من من عصارة فكر المسلمين من خلال كتاباتهم واجتهاداتهم فى هذا المضمار، ومحاولة التقريب بين وجهات النظر فى المفاهيم والأفكار من خلال الآراء المطروحة فى أوراق البحوث والمناقشات وصولا إلى التوصيات التى تجمع الرؤى فى رأى واحد يسهل على عامة المجتمع تصور هذه المبادئ وفهم تطبيقاتها فى واقعهم درءا للتفسيرات الفردية. نتيجة لكل هذه الأسباب ارتأت الوزارة أن يكون العنوان الدقيق هذا العام يحمل الحديث عن هذه المبادئ حيث جاءت محاور الندوة شاملة لها وتناولت أيضا المصطلحات والمفاهيم والمساواة فى الجانبين الأصولى والفقهى، وفقه العدل فى المواثيق الدولية، و المشترك الإنسانى عند فقهاء الإسلام، والسياسة الشرعية ومقارنة بين الفقه والتراث العالمى. ارتفع عدد أوراق العمل التى تقرر طرحها للمناقشة الى ثمانية وستين ورقة تتناول تلك المحاور وفى مقدمتها: القيم القرآنية فى مجال الفقه وأصوله، والعدل والرحمة والآثار الفقهية، والمساواة فى المواثيق الدولية، ومؤسسات العدل فى الإسلام ، وحقوق المحاربين فى الفقه، وحقوق الطفل فى القرآن الكريم، ومقاصد الشريعة، والرؤية الفقهية حول إعلان الاستقلال الأمريكى والإعلان الفرنسى والإعلان العالمى، وحقوق الإنسان بين الإعلانيين العالميين الصادرين فى عام 1984وفى سنة1990، والمشترك الإنسانى عند ابن بركة، والفارابى والعز بن عبدالسلام، والنائينى، والإمام نور الدين السالمى، والشيخ على يحيى معمر، والشيخ أحمد الخليلى. يشارك فى الندوة نخبة من العلماء ووزراء الأوقاف والشؤون الدينية وأصحاب السماحة مفتى بعض الدول العربية والإسلامية والمفكرين ومنهم وزير الأوقاف السودانى و وزير الأوقاف التونسى ووزير الشؤون الدينية والتقريب بين المذاهب الإسلامية بجمهورية باكستان، وأصحاب الفضيلة: مفتى مصر، ورئيس مجمع التقريب بين المذاهب الإسلامية فى إيران، ومفتى كل من سلوفينيا واستراليا وزنجبار، وروسيا، وكرواتيا ورئيس هيئة الإفتاء بنيجيريا.