أثار الحكم الذى أصدرته مؤخرًا محكمة جنايات المنيا بإعدام أكثر من 500 شخص من المتورطين فى أحداث عنف وقتل، المخاوف من أن يتسبب الحكم فى تأليب الرأى العام العالمى ضد مصر، خاصة بعد الانتقادات من الأممالمتحدة ووزراء الخارجية الأوروبيين بأن الحكم سياسى على معارضين.. الأمر الذى يطرح تساؤلات حول أحقية تلك الدول فى التعليق على مثل تلك الأحكام!!.. وماهى الضمانات التى كفلها القانون للمتهم؟!.. وكيف أقر المشرع تلك العقوبة على جريمة القتل؟! «أكتوبر» طرحت التساؤلات على خبراء القانون، الذين أجابوا فى السطور التالية: بداية رأى المستشار رفعت السيد رئيس محكمة جنايات القاهرة ورئيس نادى قضاة أسيوط السابق أن قانون الاجراءات الجنائية المصرى ينفذ منذ عام 1937 وينص على أن عقوبة جريمة القتل هى الإعدام، وقد طبقت هذه العقوبة بالنسبة لمن ثبتت أدانته فى هذه الجريمة وهناك العديد من دول العالم تطبق ذات العقوبة على مرتكب نفس الجريمة، ومن المستقر عليه وقضاء ونصوصًا قانونية أن من يشارك فى جريمة القتل سواء كان بالتحريض أو الاتفاق أو المساعدة تطبق عليه ذات العقوبة التى تطبق على الفاعل الأصلى وبالتالى فإن القاضى عندما يحكم بعقوبة الإعدام فى جريمة جنائية يحرر أسبابًا لحكمه ويكون لمفتى الديار المصرية رأى فى الحكم المزمع إصداره بالإعدام من الناحية الشرعية وإن كان هذا الرأى غير ملزم من الناحية القانونية للمحكمة باعتبار أن رأى المفتى هو رأى استشارى للمحكمة أن تأخذ به أو تلتفت عنه إلا أنه من الناحية الأدبية والمواءمة يكون محل تقدير من المحكمة يتعين عليها أن تناقشه فى مداولاتها ويكون تحت بصرها وبصيرتها قبل أن تصدر حكمها فى الدعوى بالإضافة إلى حق المتهمين فى الطعن على الحكم خلال 60 يومًا أمام محكمة النقض. وأضاف: أن القانون يوجب على النيابة العامة باعتبارها الأمينة على الدعوى العمومية وممثلة المجتمع أن تطعن على الحكم الصادر بالإعدام أمام محكمة النقض لصالح المتهمين ولو لم يطعنوا على الحكم وارتضوه وتقوم محكمة النقض بمحاكمة الحكم الصادر بالإعدام والتيقن من أنه خلا تمامًا من العوار سواء من الناحية القانونية أو الموضوعية من حيث الإلمام بواقعات الدعوى عن بصر وبصيرة وبعد صدور حكم محكمة النقض بتأييد حكم الإعدام يحرر وزير العدل من خلال مكتبه الفنى مذكرة بواقعة الدعوى وأدلتها والحكم الصادر فيها للعرض على رئيس الجمهورية الذى يتولى مكتبه القانونى فى رئاسة الجمهورية دراسة القضية ومذكرة وزير الدل ويعرض الأمر كله على رئيس الجمهورية للتصديق على الحكم ولا يجوز تنفيذ الحكم إلا بعد تصديق رئيس الجمهورية والذى من حقه أن يخفض العقوبة إلى عقوبة أقل أو حتى العفو التام عن المتهم المحكوم عليه. نسبة الخطأ معدومة وأكد المستشار السيد أن هذه كلها ضمانات تؤكد أن نسبة الخطأ فى هذه الأحكام بالذات تقارب العدم وبالتالى فلا يستطيع كائنًا من كان ممن يشتغل بالقانون ولديه دراية بالاحكام القضائية أن يشكل أو ينال من أحكام الإعدام التى تصدر فى حق مرتكبى الجرائم الجنائية وأما حديث فى هذا الشأن هو حديث غرض وهوى لا علاقة له بالقضاء أو بالأحكام القضائية. وأضاف: أما كثرة عدد من طلبت المحكمة أخذ رأى المفتى الشرعى فى شأن ارتكابهم جرائم قتل استهدفت أفرادًا محدودين فالقضاء يحكم من خلال أوراق الدعوى وأدلتها وما تم فيها من تحقيقات بمعرفة النيابة العامة وأمام المحكمة وما استمعت إليه المحكمة من مرافعات النيابة العامة والدفاع عن المتهمين الشفهية والمكتوبة وبالتالى فلا يستطيع أحد أن يتعرض لمثل هذه الأحكام إلا بالطرق القانونية المنصوص عليها فى القانون وليس من خلال المظاهرات أو التطاول عبر وسائل الإعلام أجنبية أو محلية لتحقيق أهداف سياسية لا علاقة للقضاء بها من قريب أو بعيد والعالم كله يعرف من خلال النخب القانونية به ما يثار من خزعبلات أضيرت لمثل هذه الاحكام الرادعة أن ما ينشده هؤلاء هو حرث فى البحر لن يجنوا من وراء شيئًا على الأطلاق. ونادى القضاة يدافع عن مصالح القضاة وليس فى القضايا أو الأحكام ولا يتدخل فى الأحكام ولا يخاطب جماهير الناس وليس له أى علاقة بالأحكام أو القضايا. ورد المستشار رفعت السيد على أمر أن هذه الأحكام بالإعدام لم يحدث فى التاريخ ولم يصدر حكم بهذا الشكل ولكننا نرد بان هذه الجرائم لم تحدث فى التاريخ ولم نشاهدها على مر التاريخ الحديث أو منذ عشرات السنين وهذه الممارسات لم تحدث على مدار التاريخ أيضا. القضاء الطبيعى من جانبه أشاد الفقيه الدستورى والقانونى الدكتور شوقى السيد المحامى بالنقض واستاذ القانون الدستورى، بأن المحاكمات جرت أمام القضاء العادى وأن الدولة المصرية لم تلجأ إلى المحاكمات الخاصة أو الاستثنائية، كما لم تلجأ إلى قانون الطوارئ ولكنها لجأت إلى سلطة القضاء الطبيعى وهى سلطة القانون والدستور ومن قبل النيابة العامة التى تحقق وهى شعبة من شعب القضاء تتمتع بالاستقلال والحيادية والبعد عن العمل السياسى وهذه السلطات هى التى تحقق وتحيل وتحاكم ولا أحد يملك التدخل فى شئون العدالة والمحكمة وهى وضميرها والقانون. وأوضح الفقيه الدستورى أنه ليس من حق أى جهة أن تعقب أو تتدخل لإنتقاد الحكم، وإنما يمكن نقضه فى ساحة المحاكم أو فى الكتب العلمية وفى غير ذلك تعتبر جريمة يحاكم مرتكبها بتهمة أمتهان العدالة والتعدى على سلطة القضاء. تدخل مرفوض وأوضح السيد، أن التدخل فى شئون العدالة وشئون القضاء هو تدخل فى الشئون الداخلية للدولة المصرية وهى جرائم تشكل إخلالًا بالمواثيق الدولية التعدى على استقلال الدولة المصرية وفى ذات الوقت فإن التدخل فى شئون العدالة مرفوض ويشكل جريمة دولية لا يقبلها أحد ونحن نرفض أى تدخل شئون القضاء سواء من الداخل والخارج وهو شىء مرفوض تمامًا. ورأى المستشار عادل الشوربجى نائب رئيس محكمة النقض أن القضاء المصرى مستقل ونزيه ومحايد، يعتمد على الأسباب حينما يتم إصدار أى حكم يكون مبنيَّا على أساليب وأدلة ثبوت مستمدة من الأوراق والوقائع الثابتة ويحكم القضاة فى الأدلة النظرية تساند الأدلة الموجودة فى الأوراق وهى الأدلة الثلاثة الأساسية القولية والمادية والفنية وموجودة فى الأوراق وقوية ومتساندة وحينما يقضى القاضى بالبراءة يقضى تأسيسًا على انعدام الأدلة أو قصورها أو تناقضها وتهاترها فنحن مقيدون بالثابت فى الأوراق من وقائع وأدلة ولاسلطان للقاضى إلا ضميره، فهو يحكم من خلال الأوراق ويقدر العقوبة طبقًا للنصوص التجريمية وطبقا لظروف كل واقعة والأصل العام يقيد القضاة وهو لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص وهو مبدأ شرعة الجرائم والعقوبات وهذا هو الأصل العام. تختلف من دولة لأخرى وأضاف: القوانين تختلف من حيث التجريم والعقاب فقد تجد واقعة فى قوانين بلد ما تشكل جنحة وفى قوانين بلد آخر يشكل ذات الفعل جناية وفى قانون بلد ثالث نجد أن التجريم لا يتضمنها وبالتالى فهى فعل غير مجرم. وكذلك العقوبات فهناك من الدول من تأخذ بعقوبة الإعدام ويطبقها ومن الدول من لا يأخذ بهذه العقوبة بل أنه ألغاها. وأوضح أنه بالنسبة لعقوبة الإعدام فى القضاء المصرى فقد أحاطها المشرع بضمانات عديدة ضمانة للمتهم بداية من ضرورة ووجوب الزام عرض الواقعة التى سيحكم بإعدام المتهم فيها على فضيلة مفتى الجمهورية قبل توقيعها لاستطلاع رأيه الشرعى ومدى اتفاق تلك العقوبة مع الشريعة الإسلامية وأن المشروع المصرى ألزم المحكمة بعرض الأوراق على المفتى قبل النطق بالحكم لاستطلاع رأيه ورتب البطلان حال عدم الأوراق على فضيلة المفتى كما أوجب القانون أن يصدر حكم الإعدام من المحكمة بإجماع قضائها. ويؤكد المستشار علاء شوقى رئيس محكمة جنايات شمال الجيزة أن الإعدام عقوبة تحددها بعض الدول دون الأخرى فإن كان القانون المصرى قد أقر تطبيقها فلا شأن للمجتمع الدولى وكفانا وضع اعتبار لردود الفعل الدولية على حساب قضايانا الوطنية والقومية والمصرية. مشيرًا إلى أنه فى المقابل لا تستطيع مصر أن تعترض على عقوبة الإعدام فى بلجيكا أوفى المكسيك أو فى غيرها على سبيل المثال لأن أقل رد يمكن أن تتلقاه مصر أنذاك هو أنه لا شأن لها أو لأى دولة أخرى التدخل فى أمور تخص السيادة التى تقررها الدول لرعاياها مواطنيها ثم أن هذا الرعب المصرى يتنافى تمامًا مع الدولة التى نريد أن ننشأها بعد ثورتى 25 يناير و30 يونيو فلا شأن للمجتمع الدولى بأمورنا المحلية لأنه من حق كل دولة أن تطبق ما تراه من قوانين على رعاياها من المواطنين وعلى كل من يقيم على أرضها من الأجانب وقد رأينا جميعًا ديفيد كاميرون رئيس وزراء بريطانيا عندما صح بأنه لا أحد يحدثه عن حقوق الإنسان مهما كانت أهميتها عندنا تتصادم مع الأمن القومى لبلاده متسائلًا هل اعترض أحد فى المجتمع الدولى «المزعوم» فلماذا مايحدث هو الكيل بمكيالين فمصر دولة عريقة يجب أن تتمسك بسيادتها. الخونة والقتلة ويرى الفقيه القانونى المستشار أحمد يسرى النجار المحامى بالنقض أنه من المستقر فقهًا وقضاءً وشرعًا أنه إذا وقعت جريمة القتل أو الشروع فيها حقت ووجبت العقوبة على فاعلها وعلى كل المشاركين فيها إن وجدوا ولا يؤثر فى استحقاق العقاب ندم الجانى بعد ارتكاب جريمته أو محاولته إصلاح الأضرار الناجمة عنها فالإنسان مسئول عن ذنبه الجنائى منذ بدء الخليقة فضلًا عن الخطيئة الدينية كما فى الشرائع «الإسلامية والمسيحية واليهودية» بل وفى المجتمعات التى لا تدين بدين سماوى ومن المعروف أن الدين الإسلامى أباح القصاص فمن قتل يقتل حتى لا ينتقم أهل الدم لأنفسهم من القاتل ومن ثم تشيع الفوضى فى المجتمع وتتلاشى هيبة الدولة فى حالة عدم تطبيق القصاص على القتلة المجرمين والذين ساعدوا ودبروا، ولعل جميع المجتمعات بلا استثناء مارست تطبيق عقوبة الإعدام على القتلة والخونة سواء شنقًا أو بالمقصلة أو بالكرسى الكهربائى أو رميًا بالرصاص. ويضيف أن الذى لا يعلمه الجميع أن عقوبة الإعدام فى مصر على القاتل تتطلب ضمانات كثيرة أهمها التثبت من الدليل وإجماع القضاة الثلاثة على توقيع العقوبة فإن وافق اثنان ورفض الثالث فلا يمكن الحكم بالإعدام والتثبت من الدليل لواقعة القتل بمفهوم واسع وهو ارتكاب جريمة القتل ومن ساعد أو حرض أو اتفق عليها وفى هذه الحالة قد لا يستطيع القاضى النوم لفترة طويلة رغم ثبوت التهمة وقد يصاب بالقلق أيضًا لأن توقيع تلك العقوبة تتطلب تفاصيل كثيرة فى القضية يتعين أن يرتاح لها القضاة الثلاثة قبل النطق بحكم الإعدام. ويضيف المستشار يسرى: أهيب بنادى قضاة مصر أن يذود عن عرينه كما ثار حينما حاول نظام الإخوان الإرهابى أن يخترق القضاء وأن يقوم بتعديل قانون سن التقاعد إلى 60 عامًا وهو ما كان سيؤدى إلى خروج أكثر من 3500 قاض من قضاة مصر الشوامخ ذوى الخبرة والحنكة القانونية ولكن وجدنا نادى قضاة مصر ورئيسه المستشار الجليل أحمد الزند وقف يدافع عن كيانه وكشف تلك المؤامرة حتى نجح فى إخمادها فى مهدها ونجد الآن البعض يوجه سهامه المسمومة للقضاء بدعوى أنه يهاجم حكم الإعدام ويستدر عطف الدول التى تقف لمصر بالمرصاد وهذا الأمر لا يقل عن المؤامرة التى كان الإخوان يشهدونها كما سبق وهل تناست تلك الدول التى تتآمر على مصر ما قامت به فى ثوراتها. ففى فرنسا قتل الملايين أبان الثورة الفرنسية وما بعدها وفى أمريكا فى حربى الشمال والجنوب قتل الملايين أيضًا فضلًا عن حرب الإبادة التى مارسها الأمريكيون ضد أصحاب البلاد الحقيقيين وهم الهنود الحمر وكذا باقى الدول الأخرى التى تسير فى الركاب مؤكدًا أنه عندما تتصادم المصالح مع هذا الفكر نجد أن الدول المعارضة تنحاز لمصالحها فرئيس وزراء بريطانيا ديفيد كاميرون يطالب حاليًا بمحاكمة قيادات الإخوان المقيمين فى بريطانيا خشية أن يهددوا أمن بلاده واتهم «الجماعة» بتفجير حافلة أدت إلى مصرع 4 بريطانيين، بعد أن كان كاميرون يدافع عن هذه الجماعة ويناصرها ويستقبل قادتهم ويحميهم وهو ما يجعلنا لا نهتم كثيرًا بالخارج بل نهتم فقط بمصر وأمنها القومى ومصلحتها العليا وقد بدأنا فعلًا فى تحرير القرار المصرى من سيطرة الولاياتالمتحدةالأمريكية أو غيرها ولا ينقصنا سوى ضرب كل مصلحة للغير تتعارض مع مصلحتنا. ضمانات الأحكام ويؤكد المستشار صدقى خلوصى رئيس هيئة قضايا الدولة السابق أنه لم تصدر أحكام بالإعدام فى قضية المنيا حتى الآن ولكنه قرار بالإحالة إلى فضيلة المفتى لأخذ رأيه فى الحكم فطلب الرأى هنا مؤشر لاتجاه المحكمة ولكنه ليس هو الاتجاه النهائى ويمكن للمحكمة أن تتوجه بحكمها توجهًا آخرًا ولا تقضى بالإعدام، فالقول بأنه صدر حكم بإعدام 528 هو قول غير نهائى حاليًا. أما إذا صدر هذا الحكم بإعدامهم فعلى النيابة العامة وجوبيًا أن تطعن على الحكم لمصلحة المتهم باعتبارها ممثلة للمجتمع حتى نتجنب أى شائبة خطأ فى الحكم باعتبار محكمة النقض هى محكمة قانون ويأخذ الحكم كل فرصة من الناحية القانونية ونكون قد استنفذنا كل وسائل الطعن. حتى أن طعن النيابة مقبول حتى بعد الميعاد القانونى وهو 60 يومًا لأنه لا يملك أحد أن يهدر هذه الضمانات فى حق المحكوم عليه بالإعدام. ويضيف أن هناك توجها عالميا بالعدول عن حكم الإعدام ولكننا فى مصر اخترنا تطبيق الشريعة الإسلامية فى القصاص M? ? ? ? ? ? ? ?L ومع ذلك لا نطبق كل عقوبات الشريعة لذا فإنه لا يجوز المطالبة بالعدول عن تطبيق حكم الإعدام لأنه لا يوجد مجلس تشريعى منتخب يمثل الأمة تمثيلًا صحيحًا ويصدر قانون بذلك. ويضيف المستشار خلوصى أن هناك ضمانات لأحكام الإعدام مثل اجماع قضاة المحكمة والطعن عليه وغير ذلك لذا فإن اعتراضات بعض الدول والهجوم على الحكم ونقده هو نقد مغرض ليس دفاعًا عن الإنسانية ولكنه دفاعًا عن نظام ساقط لا يرتضيه الشعب المصرى. ويضيف أن السياسة الدولية قائمة على المصالح الخاصة للدول خصوصًا بعد سقوط الحلم الغربى الأمريكى وتنفيذ المخطط الصهيوأمريكى ولذلك نجد تغيرًا فى موقف كاميرون رئيس وزراء بريطانيا تجاه أنشطة الإخوان الإرهابية فى بلاده بعد أن اتخذت هذه الأنشطة منحنى ضد أمن بريطانيا.