زادت حالات الانفصال فى المجتمع المصرى وخصوصًا للمتزوجين حديثًا وهى ظاهرة غريبة على مجتمع عُرف عنه نزوعه للتماسك وحبه للجو الأسرى الدافئ.. وبحسب خبراء علم النفس والاجتماع فإن أكثر ما يهدد العلاقة الزوجية بين جيل الشباب هو «الفتور العاطفى» بسبب الصدمة بين الأحلام الوردية التى يعيشها العروسان قبل الزواج وظروف الحياة وتعقيداتها عقب الزفاف.. «أكتوبر» التقت نخبة من الخبراء لرصدأبعاد هذه الظاهرة. فى البداية يقول الدكتور محمد البسيونى أستاذ علم النفس بجامعة عين شمس إن مفهوم الزواج الآن تغير حيث كان الزواج فى السابق يقوم على «الحلوة والمُرة» معًا حتى آخر العمر ولكن زاد الانفصال بسبب ظروف الحياة وضغوطها، لذلك يصيب «الفتور» قلبى الزوجين مبكرًا، مشيرًا إلى أن الوعود والأمانى النابعة من القلوب لا يمكنها وحدها أن تقيم رابطة دائمة بين الزوجين وهذا هو السبب فى أن ملايين الأزواج حديثًا يشعرون بأن زواجهم فاشل وأنهم كانوا يعيشون فى وهم قبل الزواج اسمه «الحب»، ويحدث بشكل سريع فقدان الاهتمام بين الزوجين يرجع سببها إلى أن مشاكل الزواج تترك بدون حل. وأضاف: قبل الزواج يحب الإنسان من يجذبه. ولكن بعد الزواج يجب أن يظل منجذبًا إلى شريك حياته لأنه يحبه ويرتاح إليه، ولكن هناك عواصف تهب على هذا الحب وتضعفه كلما مر الوقت. وهذه العواصف تتمثل فى وقوع مضايقات من أحد الزوجين إلى الآخر أو وجود سوء فهم مزمن بينهما لا حل له، وأيضًا وجود مناسبات أو ظروف تؤدى إلى غضب كل من الزوجين من الآخر. هذه العوامل هى التى تؤثر سلبًا على الحب المتبادل بين الزوجين، وأوضح د.بسيونى أن الحياة لا تستقيم إلا برجل وامرأة يجمعهما الحب والرحمة والأمان فى دار واحدة، ولقد شرّع الله الزواج ليكون هو دار الأمان للرجل وللمرأة والأولاد. وقد تصبح هذه الدار الزوجية دار نعيم وقد تنقلب إلى حفرة من نار، مشتعلة بالأنانية وحب الذات وقد تنتهى بانهيار الدار على رؤوس من فيها. وقدم د. بسيونى روشتة لحياة زوجية سعيدة مفادها أن السعادة الزوجية والهناء العائلى فى يد المرأة بمعنى أن فى يدها مفاتيح الجنة والنار «الأسرى» فتستطيع إن أرادت أن تصعد بالرجل إلى أعلى درجات الرقى والنجاح وفى الوقت نفسه تستطيع أن تخسف به إلى حفرة من حفر جهنم، وأشار إلى ضرورة التضحية من الجانبين وليس من طرف واحد لكى تستقيم الحياة الزوجية ويبعد عنها الملل والفتور العاطفى المبكر، وأكد على ضرورة إلغاء كلمة الانفصال أو الطلاق من قاموس الحياة الزوجية لأن مجرد ذكرها أو تكرارها يجعل حدوثها أمرًا متوقعًا ومقبولًا، وأضاف أنه على الرجل والمرأة أن يتذكرا أن الحياة الزوجية هى عبارة عن خيط طويل مربوط فيه عقود من المودة والرحمة وأن أى خلاف فى الدنيا يمكن التغلب عليه. ويقول د. أحمد يحيى أستاذ علم الاجتماع إنه لابد أن يتقبل كل من الطرفين الآخر على ما هو عليه فى الواقع دون خيالات أو أوهام من التى تملأ عقول الناس فيما يتعلق بالحب والزواج التى تؤدى إلى خيبة أمل، وأشار إلى أنه بعد الزواج بقليل يبدأ الواقع فى فرض سيطرته على الأحلام وتبدأ فترة النواقص والأخطاء فى الحياة اليومية تظهر واضحة ثم تحل الواقعية محل الرومانسية وتبدأ الحرب بين الطرفين، ولحل تلك المشكلة يقول د. يحيى إن أول حل هو الصراحة بمعنى أنه فى كل زواج هناك عقدان غير مكتوبين.. العقد الأول هو مجموعة من القواعد التقليدية مثل سؤل: كم عدد الأطفال الذين سوف ننجبهم، أما العقد الثانى فهو سرى وغامض وكل طرف يناقشه فى عقله هو فقط ماذا يتوقع من الطرف الآخر فى سلوكه وتصرفاته، وكل طرف يتصور أنه على صواب، وبنود العقد الثانى لا تناقش بصراحة ويظل الطرفان فى شكوى بلا نهاية ولا نسأل هل كانت توقعاتنا معقولة وعادلة. أما الحل الثانى فهو الصبر وهو سلاح يجب استخدامه فى الزواج والصبر هنا بمعنى التضحية المتبادلة بين الزوجين لكيلا يهرب عصفور السعادة من البيت وبهذا نبعد قدر الإمكان عن الفتور العاطفى، وأوضح د. يحيى أنه على الزوجين ضبط انفعالاتهما حتى لا تفلت فى ساعة غضب وحتى لو انفجر طرف من الأطراف غاضبًا فى عصبية شديدة فى وجه الآخر وعادة يكون هذا الطرف هو الزوج، فإن تمسك الزوجة بهدوئها وصبرها يدفع الزوج إلى الإحساس بالندم ومحاولة تعويض زوجته ولو بكلمة اعتذار رقيقة، وبهذا تستقيم الحياة الزوجية ويتم عبور جسور المشكلات والسقطات. وشدد على أنه يجب على كل طرف أن يتذكر أنه ليس وحده تحت سقف البيت وأن تجاب طلباته أولًا ثم يأتى الآخرون بعد ذلك، فالحياة الزوجية شركة بين اثنين وعندما يأتى الأولاد تتحول هذه الشركة الصغيرة إلى شركة كبيرة وبقدر حرص الجميع على هذه الشركة ستظل السعادة الزوجية ويبتعد شبح جيل الجليد وشبح الأزمات. وأشار إلى نقطة مهمة تحدث كثيرًا بين المتزوجين حديثًا ألا وهى تمسك كل منهما بموقفه ويختفى خلف ساتر وكأنهما فى معركة حربية منتظرين أى خطأ أو سقطة لانتقال الأزمات والمشاكل. موضحًا أن التضحية والصراحة والتفاهم هى مفاتيح السعادة للأبد.