قبل 1998 ساهمت التوكيلات الملاحية فى إنشاء الخط الأول لمترو الأنفاق، حيث كانت تحقق أرباحا سنوية تصل إلى 400 مليون جنيه، وبعد صدور القانون رقم (1) لعام 1998 تحولت التوكيلات الملاحية إلى الخسارة وأصبحت حاليا لا تجد مرتبات لموظفيها بعد دخول القطاع الخاص ومنافسته فى عمل التوكيلات الملاحية التابعة للدولة. وحاليا تسعى بعض الأيادى الشريرة إلى النيل من شركات الحاويات المصرية الحكومية والتى يطلق عليها الدجاجة التى تبيض ذهبا، حيث توفر لخزانة الدولة نحو 700 مليون جنيه سنويا من العملات الصعبة. والحكومة الحالية بدلا من أن تأخذ بيد هذه الشركات الناجحة التى تنفق على الشركات المتعثرة فى التوكيلات الملاحية التى جار عليها الزمن عن طريق المحفظة المالية للشركة القابضة للنقل البحرى - تضع أمامها العراقيل - وتتعامل معها بأسلوب غير ملائم من حيث المزايا التنافسية أمام الشركات الاستثمارية الأجنبية إذ لا يعقل أن تأتى شركة حاويات أجنبية لتنفذ مشروعا فى ميناء دمياط وهناك شركة حكومية تعمل فى نفس النشاط، والأدهى من ذلك أن تحصل الشركة الأجنبية على قروض من البنوك المصرية بضمان هيئة ميناء دمياط التى تعمل فى نطاقها الجغرافى!! وهل من المنطق أن يستثمر غير المصريين فى موانئ مصرية بقروض بنوك مصرية؟ والمثل القديم كان يقول «جحا أولى بلحم توره» وعلى نفس السياق يمكن أن نقول «أن كل واحد أولى بميته» على اعتبار أن الموضوع يرتبط بمياه الموانئ المصرية. إن المأساة تتكرر فى ميناء الإسكندرية حيث يتم طرح الرصيف رقم 100 كمحطة حاويات ثالثة أمام الاستثمار فى هذا النشاط الرائج اقتصاديا، وهناك شركة حكومية تعمل فيه بنجاح. وهذا الرصيف يقع بالقرب من نطاق عملها الجغرافى دون أن يتم تقديم أى ميزة تنافسية لها عن غيرها من المستثمرين الأجانب. وقد يتكرر نفس مسلسل ميناء دمياط فى ميناء الإسكندرية أليس من مصلحة اقتصادنا الوطنى أن ندعم هذه الشركة الحكومية التى توفر لخزانة الدولة نحو 400 مليون جنيه سنويا؟! ولعل هذا العائد يتضاعف حيث إنها تستقبل حاويات من الجيل المتوسط لأن رصيفها بعمق 13 مترا فقط. وفى حالة استثمارها للرصيف 100 وتعميقه ل 18 مترا مما يجعلها تستقبل الحاويات الكبيرة الحجم وبالتالى تزيد عائداتها عن المليار جنيه سنويا، وإذا كان هذا المشروع تصل نفقاته إلى نحو أربعة مليارات جنيه فيمكن أن تقترض من أحد البنوك المصرية على غرار ما فعلت الشركة الأجنبية فى دمياط. ومع الفارق أنها شركة مصرية تدر عائدا هائلا لميزانية الدولة وتوفر فرص عمالة بضمانات كافية للشباب من التأمينات والحقوق العمالية.