من ملف فساد النظام السابق واهداره موارده الدولة, يأتي اصدار قانون1 لسنة1998 لتسهيل الاستيلاء علي المليارات من شركات التوكيلات الملاحية الحكومية لمصلحة القطاع الخاص وبعض رجال الأعمال. يعتبرها البعض مؤامرة علي القطاع العام في حين يراها اخرون اتجاه لتحرير الاقتصاد المصري ومابين مؤيدي نظرية المؤامرة أو من يرفضونها تقف تقارير الاجهزة الرقابية والبلاغات المقدمة واستجوابات مجلس الشعب لتكشف الكثير من الحقائق. الوكيل الملاحي هو سمسار بين الخطوط الملاحية العالمية يقوم بتقديم كل الخدمات واحتياجات الطاقم البحري عند دخول السفن إلي الميناء وسداد الرسوم المستحقة. يتحدث فؤاد الملا رئيس شركة القناة للتوكيلات الملاحية موضحا أن القانون رقم12 لسنة1964 صدر بتأسيس شركتي الاسكندرية والقناة للتوكيلات الملاحية لتقوما بأعمال الوكالة الملاحية عن البواخر الأجنبية في جميع الحمولات دون حد أقصي في حين سمح للقطاع الخاص المحلي بالعمل في الوكالة عن البواخر حتي حمولة400 طن فقط حمولة كلية. وأن المشرع قصد من ذلك أن تكون اعمال النقل البحري خاصة الوكالة الملاحية تحت سيطرة الدولة ممثلة في شركات التوكيلات التابعة لقطاع الاعمال العام بالاسكندرية وبورسعيد إذ أنها تعتبر وسيطا في تحصيل الرسوم السيادية ومستحقات الدولة والجهات الاخري طرف ملاك السفن الأجنبية مثل أتعاب الوكالة التي تحصل لحساب وزارة المالية, ورسوم المواني والمنائر التي تحصل لحساب مصلحة المواني المنائر ورسوم عبور قناة السويس التي تحصل لحساب هيئة قناة السويس. صالح حافظ رئيس قطاع السياحة باحدي شركات التوكيلات التابعة للقطاع العام يؤكد أنه بعد أن ظلت شركة القناة للتوكيلات الملاحية تمارس هذه الأنشطة علي مدي أكثر من40 عاما دون منافسة من أحد بدأ مسلسل إضعاف شركات القطاع العام بقيام الحكومة في سنة1995 بتقسيم شركة إسكندرية إلي ثلاث شركات آمون ممفيس أبوسمبل وطيبة برأس مال خمسة ملايين جنيه لكل شركة بعد أن كان رأس مال الشركة الأم شركة إسكندرية211 مليون جنيه. وفي أوائل سنة1996 تم تعيين مفوضين علي الشركات الثلاث بعد تصفية الشركة الأم لإضعافها. كما قامت الحكومة بسحب الاستثمارات البالغ قدرها147389338 مليون جنيه كانت تحقق عائدا سنويا يزيد علي17.2 مليون جنيه, وكذلك قامت الحكومة بسحب الاحتياطات البالغ قدرها293 مليون جنيه كانت تدر عائدا من إيداعها بالبنوك. وقد دفع هذا الإجراء محمد مرزوق عضو مجلس الشعب آنذاك إلي التقدم باستجواب محذرا من تصفية الشركة التي تدر علي خزانة الدولة مليارات الجنيهات والدولارات. خيوط المؤامرة ويرصد طارق بريقي المحاسب بشركة ممفيس للتوكيلات الملاحية بعض دلائل المؤامرة وشواهد تعمد إضعاف الشركات الحكومية لمصلحة أصحاب النفوذ في القطاع الخاص والشركاء الأجانب حيث تم تقسيم شركة الإسكندرية إلي ثلاث شركات وتوزيع وتخفيض رأسمالها وسحب احتياطاتها وإنشاء اتحادات مساهمين وهمية وبيع الأسهم بعشرة أضعاف قيمتها الاسمية وتحويل تبعية الشركات للقانون159 لسنة وتضمين ضوابط القرارين30 و31 ما يسهل علي القطاع الخاص جعل رسوم ترخيص التوكيل الملاحي250 ألف جنيه فقط في حين أنها تقدر بالملايين في مجالات النقل البحري الأخري. بالإضافة الي تعنت هيئة ميناء الاسكندرية في استمرار حصول الشركة علي الساحات المؤجرة لها منذ عدة سنوات وتأجيرها للقطاع الخاص, وكذلك تعنت الوزارة في حصول الشركة علي ترخيص التخزين بتعديل رأس مال الشركة الي10 ملايين جنيه. كما تم تجاهل جميع المخاطبات والمراسلات والاستغاثات لجميع الجهات المعنية بالدولة بداية من رئيس اتحاد عمال مصر الي الوزراء الي رئيس الوزراء الي رئيس الجمهورية, وكذلك تجاهل الدولة لتقارير الجهاز المركزي للمحاسبات التي أوضحت ضياع مليارات الجنيهات ومليارات الدولارات علي الدولة نتيجة تقسيم تلك الشركات وإصدار القانون رقم1 لسنة.1998 ثم كانت الطامة الكبري حسب وصف هشام العيسوي عضو مجلس ادارة منتخب شركة القناة للتوكيلات الملاحية بصدور القانون رقم(1) لسنة1998 والقرارين الوزاريين رقمي30 و31 لسنة1998 الذي سمح بدخول القطاع الخاص لممارسة هذه الأنشطة,ولم يكتف بذلك بل سمح بدخول الأجانب أيضا وهذه هي ذروة الكارثة. ويشير العيسوي إلي بعض التداعيات الخطيرة والآثار الكارثية التي ترتبت علي هذا القانون طبقا لما ورد بتقارير الأجهزة الرقابية والجهات المعنية ومنها حرمان الدولة من مورد أساسي للعملة الصعبة يدخل خزانة الدولة يبلغ حوالي3 مليارات دولار و3 مليارات جنيه سنويا وحرق الأسعار وذلك من خلال تقديم هؤلاء الوكلاء لتخفيضات لا تعقل في اسعار التعامل بين الوكيل والخط الملاحي والتي وصلت في بعض الاحيان الي الصفر مما ادي الي نحر اصحاب البضائع( المستلمين) باضافة رسوم باهظة علي كاهل بضاعتهم مما يعود علي السلعة بارتفاع قيمتها وإحداث آثار تضخمية وتحميل التكلفة علي المستهلك المصري بالاضافة لعدم قيام التوكيلات الأجنبية بسداد مستحقات الدولة والرسوم السيادية مثل الضرائب ورسوم الوكالة بالدولار. وأيضا عدم قيام التوكيلات الخاصة والأجنبية بالتعامل في النقد الأجنبي من خلال البنوك الوطنية المعتمدة مما اثر علي استخدامات البنك المركزي للنقد الأجنبي.. كما قامت بعض شركات التوكيلات الخاصة باستغلال ترخيص الوكالة الملاحية برأسمال250 ألف جنيه بالعمل في أنشطة أخري مثل الشحن والتفريغ بدون استخراج ترخيص بذلك. ويقول محمد علي عصفور نائب رئيس اتحاد العاملين المساهمين بشركة ممفيس: لسنا ضد وجود شركات القطاع الخاص. كما أننا لسنا دعاة مطالب شخصية أو فئوية. وإنما نسعي للحفاظ علي كيان المال العام المصري في السوق الملاحية. لكنه آن الأوان بعد ثورتنا المجيدة لايقاف نزيف المليارات التي ضاعت علي الاقتصاد الوطني. ويري عصفور أن الإنقاذ يتطلب اتخاذ عدة خطوات عاجلة وتشريعية, وتتمثل الإجراءات العاجلة في: اعادة الشركات التي تم تحويلها إلي القانون951 لسنة1981 فورا إلي القانون302 بسنة1991 قانون قطاع الاعمال العام كما كانت من قبل عام1994 لتكون نسبة مشاركة الدولة فيها أكثر من39% كما كانت من قبل. وحصول الشركات الحكومية علي وكالة السفن الخاصة بهيئة السلع التموينية والاستراتيجية وتسهيلات القوات المسلحة التي تحمل بضائع تمس الامن القومي, وكذلك التنسيق بين شركات التوكيلات الملاحية الحكومية وشركات قطاع الاعمال العام التي تعمل في المجالات المختلفة والتي تقوم بعمليات الاستيراد والتصدير خاصة الشركات المستوردة للمواد الخام الداخلة في عمليات التصنيع سواء في حالة البضاعة العامة أو الحاويات. أما الإجراءات التي تحتاج إلي تشريع كما يؤكد عصفور فهي ضرورة إلغاء القانون رقم(1) لسنة1998 ووضع ضوابط عادلة تنظم العمل بين الشركات الحكومية والخاصة وكذا القرارات الوزارية المصاحبة لهذا القانون الذي ألحق بنا وبالاقتصاد الوطني اشد الضرر علي مدي ثلاثة عشر عاما منذ العمل به وحتي الآن, وتتمثل الضوابط المقترحة في ضرورة تحديد الحمولات التي تخدمها الشركات الحكومية والشركات الخاصة والأجنبية كما كانت من قبل إصدار هذا القانون المشبوه. هجوم عنيف شنه النائب حسنين الشورة وكيل لجنة النقل والمواصلات بمجلس الشعب ضد هيمنة شركات القطاع الخاص والشريك الأجنبي علي أنشطة النقل البحري وخصوصا التوكيلات الملاحية مما تسبب في خسارة خزانة الدولة مليارات الجنيهات والدولارات لتصب في جيوب حفنة من رجال الأعمال الذين جنوا هذه المليارات فاغتنوا بعد فقر دون ضخ أي أموال للاستثمار مطالبا في طلب الإحاطة الذي تقدم به بضرورة تعديل القانون رقم(1) لسنة89 الذي تسبب في هذه الكارثة بما يحفظ للشعب أمواله متوعدا بتقديم استجواب قريبا حول هذه المأساة. من جانبه شدد المهندس صبري عامر رئيس لجنة النقل والمواصلات بمجلس الشعب علي الحق الأصيل للمجلس بعد الثورة في تعديل القوانين وسد الثغرات التي تتسرب منها أموال الشعب. إلا أنه بعث برسائل طمأنة لجميع الأطراف بأن ذلك لن يكون علي حساب أي من المصريين داعيا إلي توافق القطاعين العام والخاص علي حل يرضي الجميع ويحفظ للدولة مواردها. شركات وطنية الدكتور محمد الصياد الرئيس الشرفي لغرفة ملاحة بورسعيد يعترض علي كل الاتهامات السابقة, موضحا أن شركات التوكيلات الملاحية من القطاع الخاص المصري هي شركات وطنية منشأة وفقا للقانون المصري. لها مراكز قانونية مستقرة وتعتبر جزءا لايتجزأ من نسيج الوطن المصري ولايجوز المزايدة علي وطنيتها أو الإيماء بإمكانية أن تضر بمصالح هذا الوطن. كما تعد ركيزة من ركائز الاقتصاد القومي. ويؤكد الصياد أن المساس بالقانون1 لسنة1998 سوف تكون له آثار سلبيةعلي الاقتصاد المصري وسمعة مصر في المحافل الدولية حيث إن اتباع مصر لسياسة الاقتصاد الحر من خلال توقيعها خطاب النوايا للمؤسسات الدولية المالية يمثل التزاما علي مصر بأن تطلق المنافسة الشريفة في قطاع الخدمات وغيرها من القطاعات الاقتصادية. من جانبه يعتبر عادل اللمعي رئيس غرفة ملاحة بورسعيد أن الرجوع إلي السياسات الاحتكارية أو تحديد حمولة معينة للسفن التي تخدمها شركات قطاع الأعمال المصرية ماهو إلا ردة اقتصادية وعودة إلي سياسة الاحتكار واجبار ملاك السفن علي العودة إلي توكيلات القطاع العام مما سيدفعهم للجوء إلي موانئ أخري بديلة عن الموانئ المصرية, كما سيؤدي إلي إعادة حسابات المؤسسات الدولية المالية التي تتعامل مع مصر في الخطط الاقتصادية المستقبلية بشأن الاستمرار في التعاون المشترك بينهما في ظل عدم الاستقرار التشريعي في مصر. ويرفض عبد العظيم الريدي رئيس غرفة ملاحة دمياط اتهام القطاع الخاص بالتهرب الضريبي وتهريب العملة مؤكدا أن القطاع الخاص المصري ملتزم بالقوانين المصرية حيث لايتم إصدار أو تجديد ترخيص الوكيل الملاحي المصري بالقطاع الخاص إلا إذا قدم بطاقته الضريبية التي تفيد أنه قدم إقراره الضريبي مع شهادة من هيئات الموانئ المصرية وهيئة قناة السويس تفيد عدد وأسماء السفن التي خدمها الوكيل وكذلك استصدار شهادة من أحد البنوك المصرية تفيد بأن هذه السفن تم تمويلها من الخارج في حساب جار التزاما بتعليمات البنك المركزي المصري إلي البنوك المصرية بألا يتم سداد أية رسوم سيادية أو مصروفات ملاحية أخري الا من تحويلات واردة من الخارج لتغذية حساب الوكيل الملاحي طرفهم. إضافة للاقتصاد القومي وردا علي الاتهام بعدم الإضافة للاقتصاد الوطني يوضح عبد المجيد مطر رئيس غرفة ملاحة السويس والبحر الأحمر أن بعض الخطوط الملاحية العالمية مثل( ميرسك.سي.إم.إيه) قامت بالاستثمار في مصر عن طريق شراء سفن ورفعت عليها العلم المصري مما يزيد من أسطول النقل البحري المصري وأن جميع الشركات العاملة ذات كفاءة ادارية ومهنية عالية وتضاهي مثيلتها في الدول المتقدمة بدليل التزام جميع الشركات العاملة بهذا المجال بالحصول علي شهادات الجودةISO كشرط لمزاولة النشاط وتجديد الترخيص, كما أن وجود وكالات ملاحية عديدة ساهم بشكل كبير في انخفاض النوالين نتيجة لذلك التنافس مما يصب في مصلحة المستهلك النهائي للسلع وكذلك تنافسية المنتجات المصرية لاختراق الأسواق الخارجية. ويشير الدكتور أحمد سعد رجب رئيس لجنة النقل بجمعية رجال الأعمال المصريين إلي أن القطاع الخاص قد ضخ في الاقتصاد القومي المصري مبلغ32.5 مليار دولار في خمس سنوات بزيادة عما ضخه القطاع العام23 مليار دولار وبنسبة تصل إلي244% وأن صدور القانون(1) لسنة1998 قد أوجد مجتمعا ملاحيا متكاملا يعمل به أكثر من55 ألف عامل وأفسح مجال المنافسة بين القطاع الخاص المصري وقطاع الأعمال. ويضيف رجب انه كان من المفترض أن تؤدي المنافسة إلي تطوير آداء شركات القطاع العام ولكن إدارة بعض شركات القطاع العام لم تطور استراتيجياتها. احصائيات مضللة ويسارع عبد الونيس بريك عضو مجلس إدارة شركة آمون بالتشكيك في الاحصائيات والأرقام السابقة مؤكدا أن هذا غير حقيقي فكل هذه المبالغ ماهي إلا نتاج رسوم سيادية لابد من دفعها لتلك الجهات المذكورة فالقطاع الخاص والقطاع العام فيها سواء, لكن الحقيقة التي يحاولون إخفاءها أن صافي الأرباح كله يصب في جيوب أصحاب الشركات الخاصة افتئاتا علي أموال الشعب, كما ان ارتفاع الحصيلة لايرجع إلي مهارتهم وإنما إلي تضاعف حجم الواردات والصادرات ست مرات في السنوات العشر الأخيرة. اما عن تشريد آلاف العمال حال تعديل القانون فيؤكد بريك أنها محاولة لاستعطاف الرأي العام لأن الحقيقة أن هذه الشركات لاتعمل في مجال الوكالة الملاحية فقط وإنما لديها أنشطة متعددة حتي بافتراض صحة ادعائهم, فهل المفترض أن ننظر إلي عدد لايتجاوز بضع مئات أو آلاف من العاملين كما يدعون أم ننظر إلي مصلحة85 مليون مصري؟ متحديا هذه الشركات أن تأتي بالمستندات الرسمية من السجلات التجارية والتأمينات التي تثبت صحة وجود هذه الأعداد الضخمة من العمالة في التوكيلات الملاحية. فزاعة التحكيم الدولي أما بالنسبة لما يدعيه البعض من تضرر الشركاء والكيانات الأجنبية في حالة إلغاء القانون رقم1 لسنة98 أو تعديل الضوابط الخاصة به والتجائهم إلي التحكيم الدولي الذي سيحكم حتما لصالحهم, فيرد عليه علي محمد علي مدير إدارة القضايا بشركة آمون للتوكيلات الملاحية بانه لابد لكي يلجأ الكيان الأجنبي للتحكيم الدولي ان يكون هناك اتفاق أو تعاقد بين الشخص الأجنبي والحكومة وان يلتزم هذا الكيان بشروط العقد مع عدم الاخلال بها, كما يلتزم بداهة بقوانين الدولة ولن يضار أي شخص من جراء التعديلات, ومن المقرر قانونا أن من حق الدولة بما لها من سيادة علي أراضيها ووفقا لما ترتئيه للصالح العام أن تعدل أو تلغي القوانين أو تنزع الملكية في حدود المصلحة العامة, كما أن تعديل القانون أو إلغاءه يتم عن طريق السلطة التشريعية وأن هذا تطبيق محض لمبدأ السيادة فالشريك الأجنبي غير مرتبط بعملية تجارية بينه وبين الدولة حتي يلجأ للتحكيم الدولي.