مصر التى كانت وستظل ناشرة الخير والعلم على جيرانها على مر التاريخ، وفضلها على الكثير لا تستحق أن تلعب أصابع المؤامرات على أرضها، وإعلامها بدلًا من أن ينور المجتمع يفوره، ويدل بث الوئام يشيع الخصام مما أوقع المجتمع المصرى فيما نراه ولا خروج مما نحن فيه إلا بالعودة إلى السلوك الإسلامى وكانت هذه الآراء للخروج من الأزمة. وحدد الشيخ محمد عيد كيلانى وكيل وزارة الأوقاف لشئون المساجد الأهلية سبل الخروج من الأزمة التى تمر بها مصر حاليًا فى البعد عن التناحر بين أطياف وفئات الأمة، وتغليب المصلحة العامة للوطن وننحى الأمور الشخصية جانبًا. ودلل وكيل وزارة الأوقاف على كلامه بموقف الرسول (صلى الله عليه وسلم ) فى صلح الحديبية وكان علىّ (رضى الله عنه) هو كاتب الوثيقة فقال له النبى أكتب يا علىّ بسم الله الرحمن الرحيم... فقال سهيل بن عمرو: لا تكتب يا علىّ.. بل اكتب بسمك اللهم.. فنزل النبى عن رأيه إلى ماطلبه سهيل، تغليبا للمصلحة العامة وحفظا لإنهاء الوثيقة.. ولم ينته الموقف والكلام على لسان الشيخ كيلانى بل تجدد الأمر حينما طلب الرسول (صلى الله عليه وسلم ) من علىّ بن أبى طالب أن يكتب «هذا ما تصالح عليه محمد رسول الله (صلى الله عليه وسلم ) فقال سهيل: مهلاً يا علىّ لا تكتب محمد رسول الله..والله لو علمنا انك لرسول الله ما صددناك»،. وأضاف كيلانى: كان بوسع رسول الله أن يغضب لنفسه وينتقم لكرامته لكنه تنازل عن كل ذلك للتصالح وأنه كان يريد إنقاذ الوثيقة التى رأى فيها مصلحة الأمة الإسلامية، مطالبًا بأن نأخذ العبرة من رسول الله وأن نغلّب المصلحة العامة وأن ننحى الخلافات الشخصية جانبًا. وتابع: وفى تغليب المصلحة العامة يتضح لنا موقف الامام الحسين (رضى الله عنه)، عندما تولى خلافة المسلمين، لمدة 6 أشهر.. وحدث أن نازعه عليها معاوية بن أبى سفيان، وانقسم المسلمون إلى فريقين أحدهما يؤيد الحسين. والآخر يؤيد معاوية فما كان من الحسين إلا أن تنازل عن الخلافة.. فلما سأله أنصاره لم تنازلت عن الخلافة وأنت الأحق بها؟ قال: «الخلاف شر وجمع الأمة خير وأنا أبغى رضا الله". وشدد على ضرورة الابتعاد عن الصراعات الحزبية وأن نؤثر المصلحة العامة لافتًا إلى أن الصحابة، رضوان الله عليهم، كانوا يختلفون، لكنهم فى النهاية كانوا يغلبون صالح الدعوة والأمة الإسلامية، موضحًا أنه من الصعب أن يجتمع الناس على كلمة واحدة، لكن أضعف الإيمان أن نجتمع ونسعى إلى تحقيق أدنى صور التوافق. واختتم الشيخ كيلانى كلامة مُستندًا إلى موقف الإمام مالك، عالم المدينةالمنورة، حينما دانت له المدينة كلها بالعلم، وكان صاحب أول كتاب دون فى حديث رسول الله (صلى الله عليه وسلم )،. وهو مبوب على أبواب الفقة «الموطأ» الذى استشار فيه 70 عالما من علماء عصره. فجاء الخليفة العباس حينما علم بأمر الكتاب، أراد أن يجمع كل الناس على هذا الكتاب وتعميمه.. فلما علم الامام مالك.. قال له لا تفعل يا أمير فقد سبق إلى الناس ما سمعوه من حديث لرسول الله، فلا تفعل حتى لا يختلفوا... فلم يطلب - كما يقول كيلانى - شهرة لنفسه وإن كان كذلك لفرح بما أمر به الخليفة من تعميم لمؤلفه، ناصحًا بالعمل بهذه النماذج والاقتداء بها فى تغليب مصلحة الأمة والوطن على المصلحة الخاصة. أما الدكتور محمد مهنا الاستاذ بجامعة الأزهر، وعضو هيئة كبار العلماء، فقال إن الإسلام لا يحب الأيادى المرتعشة، وطالب القادة بأن يكونوا قساة رحماء، انطلاقًا من قول الشاعر: «فقسى ليزدجروا ومن يكن حازما فليقس أحيانا على من يرحم»، موضحًا أن القانون الدولى ينفذ القانون حرفيا ولو على الحاكم. وتابع: ولنا فى رسول الله (صلى الله عليه وسلم ) الأسوة الحسنة، حين قال « والله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطع محمد يدها»، ومن ثم فإن الواجب يحتم علينا أن نعامل المنحرفين عن الدين والوطن معاملة تليق بمقامهم فلا رحمة ولا تعاون وبشكل أكبر مع قطاع الطرق. وقال: لنبدأ من جامعة الأزهر، وما يجرى بها وما نراه من سعى لفصيل بعينه يريد هدم الأزهر ولا يريده قائما، موضحا: «جلست مع هؤلاء الطلاب المخربين فوجدتهم عقولًا غائبة وضمائر ميته، لا يحترمون صغيرًا ولا كبيرًا، ولكنهم يريدون نشر الفوضى ولا يهمهم الأزهر ولا أساتذته، ولولا الأزهر لأصبحنا مثل الجزائر عندما تأثرت بالاحتلال الفرنسى وطمست هويتنا. وأضاف الأستاذ بجامعة الأزهر أن الوضع الراهن يحتاج إلى احترام للأديان وأصحاب العقائد وجميع الطوائف، وشدد على أهمية دور الحاكم، وأنه مسئول أمام الله عن شعبه، وعن هؤلاء الذين يحصلون على الملايين من أموال الدولة وغيرهم يحصل على الملاليم، لافتًا إلى أن أزمة الحد الأدنى والحد الأقصى الذى أرهق المسئولين حلها رب العزة سبحانه وتعالى فى قوله « خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها»، فكان عثمان بن عفان (رضى الله عنه) يجيش الجيوش من ماله الخاص وكذلك أبوبكر وعمر الذى تصدق بنصف ماله للجيش.. والنبى عندما أرسل الرسل إلى اليمن قال لهم « خذوا الصدقات من أغنيائهم وضعوها فى فقرائهم» حتى أن عمر بن عبد العزيز خامس الخلفاء الراشدين، جمع أموال الزكاة من المسلمين ولما لم يجد محتاجًا زوج شباب المسلمين، لافتا إلى أن الحاكم مطالب بتحقيق كل هذا. واختتم أنه من حق الحاكم على الشعب ومن واجب الشعب تجاه حاكمه أن ينصحه ويقول له انظر إلى الأمة كلها وحدد الحد الأدنى بما يليق مع البشر، لأن الحد الأقصى يدمر البلد.