بعد يوم شاق من العمل بافتتاح أربعة قصور ثقافة بمدينة الأقصر وهى قصر ثقافة بهاء طاهر، وقصر ثقافة الأقصر وقصر ثقافة الطارف، وفرع اتحاد الكتاب بصحبة وزير الثقافة د. صابر عرب جاءتنا أخبار غير سارة تفيد قيام طلاب الإخوان بتدمير منشآت جامعة الأزهر، وحرق أشجار المدينة الجامعية وسيارات الموظفين داخل حرم الجامعة، وحرق مدرعات الشرطة خارجها، والتعدى بالضرب على د.مهجة غالب عميد كلية الدراسات الإسلامية بنات، وحرق إحدى عربات المترو.. بغرض تعطيل خريطة الطريق، وضرب السياحة والثقافة وتصوير مصر على أنها سوريا أو العراق أو حتى فلسطين. وسط هذا الجو المشحون يظهر لنا صوت قادم من بعيد، صوت ممزوج بعبق التاريخ والحضارة.. إنه صوت الملكة حتشبسوت، يقطع الصمت الذى لف الجميع بداية من الوزير والمحافظ وحتى أصغر عامل فى الفندق ليقول لنا: لا تحزنوا على مصر.. قولوا لأعداء الوطن: مصر لن تموت، وما يحدث اليوم لا يساوى ذرة مما كان يحدث فى عهدى، وهذه هى وصاياى لكم.. (1) مصر لن تموت قالت حتشبسوت أوجه كلامى لمسئول الثقافة الأول فى مصر د.صابر عرب: أوصيك خيرًا بمصر وشعب مصر، وأؤكد أن مصر لن تموت، وقل لأعداء الوطن: كم بغت دولة علىّ وجارت.. فالهكسوس جاءوا إلى مصر ودحرهم شعب مصر، ومن بعدهم جاء الرومان والانجليز والفرنسيون والإسرائيليون.. فكل من يعادى أهل مصر لن يكون له مكان هنا.. هذه حقيقة سجلها التاريخ والواقع. (2) مصر لن تكون كافرة وفى رسالة موجهة لأعداء الوطن قالت الملكة حتشبسوت إن مصر هى رمز التوحيد فى العالم، وأن مملكة طيبة هى التى خرج منها التأييد الشعبى الكاسح لنبى الله يوسف فى دعوته إلى ربه، وأن إله التوحيد إختاتون ترعرع على أرض طيبة، وأن كهنة آمون أدانوا له بالولاء واتبعوه بعد أن تأكد لهم صدق رسالته، وأن أعداء الحضارة الذين يريدون تكسير تماثيل إخوانى الفراعنة يتاجرون بالدين من أجل الدنيا. (3) تعلموا يا أحفاد رمسيس وسط حالة الخوف على مصر من جرائم الإخوان فى جامعة الأزهر وسيناء والقاهرة قالت الملكة حتشبسوت: تعلموا يا أحفاد رمسيس من أمنحتب الأول ولا يتأسوا ففى عصر الاضمحلال الأول مرت مصر القديمة بظروف أكثر مما تمر بها الآن، فقد تكالب الاستعمار على مصر ونجح فعلًا فى تقسيمها وتفتيتها، وتقاتلت الممالك لدرجة أن أحدهم استعان بالهكسوس ضد أبناء شعبه، فظهر لهم الملك الشاب تحتمس، ومن بعد 5 أحمس، فأذاقوا العدو شر هزيمة، وانتفض جيش مصر ودافع عن حدود الدولة، وظل جيش مصر إلى الآن، أما الخونة فأصبحوا فى مزبلة التاريخ، ومن بعد 5 سنوات عديدة جاء أمنحتب فوحد طيبة وجعلها عاصمة لمصر للدولة المصرية. (4) مؤامرة الفرس وفى رسالة موصية أخرى قالت حتشبسوت: الذى يتجاهل وجود مؤامرة على مصر لا يقرأ التاريخ.. هل تعلمون يا أحفادى المصريين أن الملك الفارس قرر ضرب الفراعنة فى مصر، وعبر الحدود الشرقية من سيناء إلى طيبة وقضى على فراعنة الأسرة 25 و27، وتحالف الفرس مع البطالة للقضاء على فراعين مصر، لأنهم يعلمون أن تقدم مصر يعنى شطبهم من صفحة التاريخ وإذا لم تصدقونى فاذهبوا إلى معبد «براوسخت» فى الوادى الجديد ستجدون العجب العجاب ستجدون الملك الفارسى يطمس الآثار الفرعونية، ويبنى فوقها حضارة فارسية ويشاء القدر أن يندثر ما بناه الفرس الغزاة، ويظل إلى الآن ما شيده الفراعنة. (5) عتاب رقيق وتتابع الملكة حتشبسوت قائلة: أعلم يا وزير الثقافة أنك قمت بزيارتى أكثر من مرة وزرت إخوانى الفراعنة فى وادى الملوك.. وأعلم أيضًا أنك تحب الخير لمصر كملايين المصريين الشرفاء، وأعلم كذلك أنك افتتحت قصر ثقافة بهاء طاهر، وفرع لاتحاد الكتاب وقصر ثقافة الأقصر، وقصر ثقافة الطارف ولكن لى عتاب رقيق، وهو مع أنك قلت المشكلة فى البشر وليس فى الحجر، وأن الجهاد الأكبر فى بناء العقول وليس فى بناء الطوب والأسمنت، ومع ذلك فإنك واقف الآن أمام تشريعات القوانين التى أخرت البلاد آلاف السنين أرجوك أكسر هذه القوانين ما دمت تعمل لصالح مصر، دعك من حكاية الأقدمية التى تقف عقبة فى طريقك، وضع الرجل المناسب فى المكان المناسب حتى ولو كان شابًا لم يتجاوز الثلاثين من عمره. (6) الفكر بالفكر أعلم عزيزى وزير الثقافة - والكلام على لسان الملكة حتشبسوت - أن شعب مصر يتعرض لعملية تشويش فكرى لم يسبق لها مثيل، لم يكن على أيامنا فضائيات تزور الحقائق، وتلبس الحق بالباطل، لذلك نجحنا وبنينا حضارة مازالت شامخة حتى أيامكم تلك، وبينما أنا أكلمك الآن يوجد معبد الكرنك، ومعبد الأقصر، ومتحف التحنيط، والذى مازال لغزًا لم تفك طلاسمه بعد ووادى الملوك، ووادى الملكات، ومعبدى الذى شيدته لأحكم منه الدنيا بعد بعثى.. أقول الفكر لا يواجه إلا بالفكر، وأنتم تمتلكون الآن فرق شعبية وموسيقية، وعندكم أوبرت عظيم عن القوات المسلحة المصرية أنتجته فرقة الأقصر للفن الشعبى، لماذا لا يتم دعم هذه الفرق وسفرها إلى كل قرى ومدن مصر؟، لماذا لا يتم عرض هذا الفن الراقى فى المدارس وقصور الشباب والثقافة، وحتى فى الموالد والمناسبات لابد أن تغرس روح الوطنية فى نفوس النشء الصغير بدلًا من الأفكار المسمومة التى يبثها فى عقولهم أعداء الوطن. (7) لا.. للحرب الأهلية إن أعداء مصر يراهنون الآن على نشوب حرب أهلية بين أبناء الشعب الواحد بين المسلمين والأقباط.. وأقول لك عزيزى الوزير إن هذا لن يحدث، فهنا فى طيبة القديمة حيث أنا قريرة العين تتعانق المساجد والكنائس، فبجوار مسجد الشيخ الحنفى وضريح أبى الحجاج الأقصرى توجد كنيسة السيدة العذراء، ومع وجود مسجد العتيق والشيخ أبوالوفا توجد كنيسة الملاك ميخائيل، ومع مسجد الإمام مالك ومسجد خالد بن الوليد توجد كنيسة القديس مارجرجس والقديس أنطونيوس. (8) واحة العلماء وفى نهاية الرسائل تعترف حتشبسوت قائلة: الصعيد هى بلاد الفراعنة، والأولياء والعلماء والأدباء من الصعيد ظهر عباس العقاد، وعبد الناصر والأبنودى وبهاء طاهر وعبد الباسط عبدالصمد والشيخ الطيب شيخ الجامع الأزهر.. أهل الصعيد هم الذين دافعوا عن آثارى بعد موتى، فكريم من أكرمهم.. ولئيم من أهانهم، وأنا أعلم أن شعب مصر أهل كرم.. لا تبخلوا عليهم بشىء.. انظروا إليهم الآن فإنهم أقرب الناس إلى معرفة الحق.. فعندنا اكتشفوا حقيقة الكذب والخيانة والتجارة بالدين عادوا إلى رشدهم لصالح البلاد والعباد.