الفقر قد يصنع مجرمًا، أما الفقر و الجهل فيصنعان مجرمًا أشد خطورة لكن فى ظل وجود هذين العاملين مع توافر انفلات أمنى وسياسى فإنك بذلك تصنع «إرهابيًا» من الدرجة الأولى وهذا هو الحال الآن فى مصر، لدينا إرهابيون من الدرجة الأولى تربوا للأسف على هذه الأرض الطاهرة وآخرون جاءوا إليها من الخارج برعاية حصرية من النظام السابق تكونت «البؤر الإرهابية» فى سيناء ومصر وغيرها من ثم امتدت إلى بعض المحافظات الأخرى تضرب بشرورها يمينًا ويسارًا تلك رؤية الخبير الاستراتيجى الدكتور سعد الزنط والتى طرح تفاصيلها فى حواره مع أكتوبر خلال السطور التالية محللا الظاهرة ومشيرا إلى كيفية مواجهتها. * ما هى أسباب ظهور البؤر الإرهابية التى تعانى منها مصر منذ ثورة 30 يونيو؟ ** هذه البؤر ظهرت أثناء فترة حكم الإخوان المسلمين وبعدها ومن المعروف أن مقومات أى بؤرة «مجموعة إرهابيين» بالإضافة إلى الأسلحة التى تم إدخالها إلى البلاد أثناء فترة تولى الرئيس محمد مرسى، الذى أصدر قرارات بالعفو عن القيادات الإرهابية المتطرفة وبالتالى تم إيجاد البيئة الملائمة لظهور مثل هذه البؤر، فالرئيس لم يراع الاشتراطات الأمنية للإفراج عن هؤلاء. وأيضا السماح بدخول عدة مئات من العائدين من أفغانستان سواء كانوا مصريين أو عربا أو أجانب. بالإضافة إلى منح الجنسية لعشرات الآلاف من حماس باعتقاد أنهم ظهير عسكرى يمكن استخدامه لتحقيق أهداف محددة خاصة أنه كان فى حالة شك فى القوات المسلحة والشرطة، وزاد من توفير البيئة الملائمة لظهور مثل هذه البؤر استهداف الداخلية بعد 25 يناير وما عرف بالتطهير والتى طالت معظم قيادات الوزارة والقضاء على جهاز أمن الدولة. * كيف تفسر التحولات فى خريطة الإرهاب من مصر وظهور بؤر جديدة فى أماكن أخرى مثل كرداسة ودلجا والقليوبية وغيرها؟ ** ما أخطط له فى سيناء ليس إنشاء بؤر إرهابية وإنما كان مخططا لإنشاء جيش حر فى سيناء فى حالة استمرار حكم الإخوان يكون دائما لهم وفى حالة سقوطه يحاولون من خلاله استعادة ما فقدوه من سلطة أما البؤر الأخرى مثل رابعة العدوية وغيرها، فكانت نواة لإنشاء إمارة إسلامية بها رئيس ومرشد ودستور وهذه تعد بؤرًا إرهابية سياسية الغرض منها سياسى. أما البؤر الإرهابية الجنائية فى كرداسة ودلجا وناهيا وما إلى ذلك فهذه كانت بؤرا إجرامية جنائية الغرض منها السيطرة على جميع أنحاء البلاد من خلال زرع مجرمين يستطيعون استخدامهم فى الأنشطة التى يقومون بها فى الانتخابات البرلمانية والمحلية وغيرها، كما كان يفعل النظام السابق فى وقت يستطيعون السيطرة عليهم من خلال أفراد منتمين لهم مثل الجماعة الإسلامية وقياداتها أمثال طارق الزمر وعاصم عبد الماجد كبديل للشرطة التى كان يستخدمها النظام فى السيطرة على هؤلاء المجرمين. * ما هو دور التنظيم الدولى للجماعة فى ظهور مثل تلك البؤر؟ ** له دور كبير ودعوة التنظيم الدولى للإخوان بالتوجه إلى الصعيد وقروا إنشاء مركز للتنظيم الدولى فى السودان سنجد أن التوجه الجديد بالنسبة للتنظيم الدولى بما فيه الإخوان فى الداخل هو عمل امتداد إرهابى من الصعيد حتى شمال السودان وهذا يعود إلى أنهم فقدوا سيناء بعد العمليات العسكرية التى يقوم بها الجيش فى سيناء من خلال المداهمات اليومية لبؤر وأوكار الارهابيين والقبض على قياداتهم وبالتالى فقدوا الدعم الذى كان يصلهم بالإضافة إلى قيام الفريق أول عبد الفتاح السيسى وزير الدفاع بزيارة شيوخ قبائل سيدى برانى ومطروح وسيناء والسلوم والعمل على تهدئتهم والتوصل إلى وقف العنف واحتواء غضب هذه القبائل وأيضا رفع الكفاءة القتالية والفنية للجيش بالمنطقة الغربية فأصبح لم يعد أمامهم إلا الصعيد والسودان. * هل معنى كلامك أن المرحلة القادمة ستشهد ظهور بؤر إرهابية جديدة فى الصعيد؟ ** أعتقد أنها سشهد أعمالا إجرامية وإرهابية ولكن لن تصل إلى حد تكوين بؤر إرهابية مثل الموجودة فى سيناء خاصة أن القوات المسلحة والشرطة قاربتا على الانتهاء من العملية الكبرى فى سيناء. ** وبالتالى لن تسمح بخروج مثل هذه البؤر هذا بالإضافة إلى أن القوات المسلحة أصبح منوطا بها حماية الأمن الداخلى بجوار وزارة الداخلية بموجب القانون رقم (1) السنة 2013 مع العلم أن هذا القانون صدر فى عهد الرئيس المعزول محمد مرسى فلم يكن يسمح للقوات المسلحة بمشاركة وزارة الداخلية فى الحفاظ على الأمن الداخلى. * يوجد العديد من البؤر الإجرامية التى يختلط فيها الإرهابيون بالمجرمين من تجار السلاح والمخدرات؟ كيف حدث ذلك؟ هناك لدى الإخوان ما يسمى بمبدأ الاستعانة بالشيعة فى «التقى السياسية» وهذا المبدأ يقابل مبدأ الغاية تبرر الوسيلة فى التعاون مع من يشاورون فى سبيل المصلحة وتحقيق أهدافهم وهذا حدث بالفعل فى اتفاقهم مع أمريكا على إقامة الدوله اليهودية فى حال إعلانها من جانب إسرائيل ، فالإخوان ليس لديهم مانع على الاطلاق فى التعاون مع تجار السلاح والمخدرات طالما هذا يحقق المصلحة. * هل الأوضاع الاقتصادية لها دور فى ظهور مثل هذه البؤر؟ ** نعم بالإضافة إلى الفقر والظروف الاجتماعية والجهل أيضًا ساعد بشكل كبير ولابد من توفير بيئة تعليمية جيدة لتعليم الأطفال بشكل صحيح يحميهم من الأفكار المتطرفة، والأسرة لابد أن لها دورًا فى ضبط هؤلاء الأطفال والحفاظ عليهم من الانحراف؟ * هل ترى أن هناك تقصيرًا فى جانب مؤسسات الدولة فى مواجهة هذه الظاهرة ؟ ** نعم الدولة هى المتهم الرئيسى فى ظهور مثل تلك البؤر لأن استقطاب هذه العناصر وتحويلها إلى مجرمين وإرهابيين يأتى نتيجة لغياب دور الدولة. فالفقر والجهل يجعل صاحبه إما مجرمًا أو إرهابيًا لأن هذه الجماعات تستقطب هؤلاء الأشخاص الذين لا يجدون ملجأ يتوجهون إليه. * ما هى مصادر تمويل هذه المجموعات الإرهابية ؟ ** مصادر تمويل معروفة للجميع فهناك أمريكا وقطر ويوجد خطاب أرسلته السفيرة الأمريكية فى بداية عام 2012 إلى قناه النيل للأخبار لترد على التسريبات التى أظهرت ارسال أمريكا 16 مليار دولار إلى مصر وتحديدًا إلى جماعة الإخوان المسلمين وقالت إن هذه الأموال يتم صرفها على استعادة الأمن فى مصر وهذا غير حقيقى بالمرة وأن هذه الأموال قامت أمريكا بانفاقها على الإخوان المسلمين فى مصر من أجل الحفاظ على أمن إسرائيل. * كيف يمكن منع تكون مثل تلك البؤر الإجرامية والإرهابية مجددًا؟ ** من خلال استكمال خارطة الطريق أقرار الدستور واجراء انتخابات رئاسية ويتواجد رئيس جمهورية ومؤسسات الدولة تستطيع من خلالها اتخاذ القرارات اللازمة للقضاء على الإرهاب وحكومة قوية تستطيع تنفيذ هذه القرارات .