فى عام 2012 جميعنا يتذكر تلك المعارك التى اشتعلت بين المصريين قبل الذهاب إلى صناديق الاقتراع من أجل الاستفتاء على التعديلات الدستورية التى أعقبت ثورة 25 يناير المجيدة ولا أحد ينسى كيف كانت «نعم» هى الطريق إلى الجنة. وها هى الأيام تتكرر وتعود من جديد تلك المعارك ويظهر فى الشارع وفى وسائل الإعلام ورسائل التوجيه والشحن «نعم» يعنى نجاح ثورتى 25 يناير و30 يونيو ولا يعنى رفض الانقلاب وتأييد الشرعية.. وبين نعم هذه ولا تلك الدستور الجديد الذى تعده لجنة الخمسين ننتظر معارك طاحنة.. أكتوبر رصدت بعضا من تفاصيلها فى السطور التالية.. فى البداية يؤكد عبد الهادى القصبى عضو مجلس الشورى السابق وشيخ مشايخ الطرق الصوفية أن المرحلة الحالية فى تاريخ مصر مرحلة دقيقة، فمصر تحتاج الآن إلى شعبها إلى أبنائها حتى تسير العجلة التى تعطلت لسنوات، مشيرًا إلى أن الدستور الجديد الذى سيتم الاستفتاء عليه خلال أيام لن يكون الأخير أو بمعنى أدق ستتم إضافة تعديلات عليه فى المستقبل وهذا ما يحدث فى كل دول العالم، موضحًا أن عمليات تشويه الدستور أو الوقوف أمام بنود بعينها والدخول فى حالة من الجدل حول هذه البنود لن يجنى المصريون من تلك الحالة سوى الضرر فالوقت عامل مهم جدًا ويجب أن يدرك المصريون أن دستورهم هو الخطوة الأولى نحو الاستقرار بعيدًا عن دعوات التشويه التى يحاول أعداء مصر فى الخارج والداخل الإعلان عنها سواء باسم الدين أو باسم الحريات وتلك الدعوات باطلة لا أساس لها. ويضيف القصبى أن مصر دولة عظيمة بشعبها الواعى والمدرك للمخاطر التى تحيط بمصر وأدعو كافة المصريين للاستفتاء على الدستور الجديد حتى يرى العالم شعب بمصر وأتمنى أن أرى كل المصريين أمام اللجان لأن الكثافة المرتفعة فى عملية التصويت بداية نجاح خارطة الطريق. التعديلات مستمرة ويضيف الشيخ أحمد على عثمان من علماء الأزهر الشريف وأستاذ سيكولوجية الأديان بالجامعة الأمريكية أن الدستور الذى وضعه رسول الله صلى الله عليه وسلم فى المدينة والذى سمى وقتها «بوثيقة المدينة» نظم حياة اشترك فيها اليهود والنصارى إلى جانب المسلمين وعلى الرغم أن الرسول أسس لدولة الإسلام فى المدينة إلا أنه قدم لنا نموذجًا سياسيًا بمشاركة اليهود والنصارى فى الوثيقة، مشيرًا إلى أن دستور 2012 افتقد هذه الميزة حيث وضع الإسلاميون أنفسهم منفردين على غير المعتاد رغم أنه من البديهى مشاركة كل الأفكار والتيارات والفئات وهذا ما حدث بالفعل فى لجنة ال 50 الحالية هو ما يبشر بالخير. ويشير عثمان إلى أن الدساتير فى كل دول العالم يتم الاستفتاء عليها وتتم الموافقة عليها فى حالة وصول أحد المواطنين الموافقين عليه بنسبة 51% وليس معنى رفض ال 49% للدستور أنه سيئ أو لا يصلح ولكن هذه هى الديمقراطية التى وضع أساسها رسول الله ? ويجب أن نتعلمها جميعًا. ويؤكد أن الرأى القائل بضرورة رفض الدستور لمجرد الرفض اعتراضًا على الحكومة أو النظام، فهذا الرأى ليس من الإسلام فى شىء بل هو ضد الإسلام لأن فيه تعطيلا لمصالح المسلمين ولكن إذا كان الاعتراض على أساس عدم قبول مادة أو بعض المواد فى الدستور فهذا ممكن على الرغم من أن التعديلات على الدستور لن تنتهى ولا يوجد دستور لمدى الحياة وفى النهاية رأى الشعب يجب أن يحترمه الجميع والاستفتاء على الدستور من جانب المصريين هو الذى سيحدد صلاحية هذا الدستور من عدمه وليس أى شىء آخر. مرحلة مفصلية ويوضح حسن ترك رئيس حزب الاتحاد الديمقراطى إن ثورة 30 يونيو أعادت مصر والشرق الأوسط إلى الطريق الصحيح فمصر قلب الوطن العربى و هى المحرك لكل التغيرات فى المنطقة، والتحرك نحو خارطة الطريق سيضع مصر فى موضعها الصحيح كدولة رائدة كما كانت دائمًا ويجب على كل مصرى أن يدرك المخاطر التى تمر بها البلاد، لذلك يجب على الجميع الالتفاف والتمسك بمكتسبات ثورة يونيو. مشيرًا إلى أن أهم المراحل المفصلية التى تمر بها البلاد هى إقرار الدستور وبعدها الانتخابات البرلمانية والرئاسية لذلك يجب على المصريين العمل لإتمام أركان الدولة بداية من الدستور. مؤكدًا على ضرورة عدم الالتفاف لبعض الكارهين لمصر ممن كنا نعتقد بأنهم ينتمون لهذا البلد والذين حاولوا ولازالوا تشويه صورة مصر فى الداخل والخارج وهم أيضًا أصحاب دعوات رفض الدستور حتى يتم تعطيل خارطة الطريق وتعود مصر إلى الوراء وهذا ما لن يحدث وسوف يتم إحباط خطة المحظورة فى تشويه مصر ودستورها. ويضيف ترك أن هناك بعض الدول التى يعتمد برلمانها على مجلسين ودول أخرى بمجلس واحد وما انتهت إليه اللجنة من إلغاء لمجلس الشورى أمر لا يمكن أن يحدث أزمة فالأمر يتعلق باحتياجات الدولة فى تلك المرحلة، مشيرًا إلى أنه من الممكن أن تكون اللجنة قد وجدت فى المجلس الواحد محاولة للانتهاء من المرحلة الانتقالية بصورة أسرع وصولًا إلى الانتخابات الرئاسية إلى جانب التوفير فى الوقت والجهد والمال وفى كل الأحوال هناك دول تعتمد على المجلس الواحد. ويؤكد أن هناك أزمات أكثر أهمية يمكن أن يصدرها الدستور الجديد وخاصة المادة 219 والتى لا يزال الخلاف بشأنها دائرًا بين الإسلاميين والتيارات الشبابية والشعبية والأقباط، إضافة إلى بعض البنود التى تخص قطاعات معينة فالقضاة ينتظرون صلاحياتهم فى الدستور الجديد والمحامون أيضًا ينتظرون، وهل سيحقق لهم الحصانة أم سيسلبها منهم ولكن فى النهاية كل تلك البنود محل الخلاف يمكن التوافق حولها أو إضافة تعديلات جديدة مستقبلًا. توافق كامل ومن جانبه يؤكد سمير فياض نائب رئيس حزب التجمع أنه من الصعب الوصول إلى توافق كامل على الدستور حتى فى أضيق الأمور فمثلًا عند الانتقال من لجنة العشرة إلى لجنة الخمسين حدث خلاف فماذا يحدث عند خروجه من لجنة الخمسين إلى الجماهير العريضة والإرادة الشعبية التى تتفق عليها كافة القوى السياسية والأحزاب المختلفة فسيكون الخلاف أكبر فمن الصعب التوافق. وأشار فياض إلى أن الأمر سيكون محاولة للوصول إلى أكبر قدر من التوافق فالمطلوب داخل لجنة الخمسين أن يكون التوافق منها على مواد الدستور فوق ال 70% على الأقل. وأوضح أنه على مستوى الاستفتاء القومى مطلوب أن يكون لدى الجماهير وعى وتكون نسبة الحضور كثيفة هذا هو المعمول به فى الدول الديمقراطية ويشير إلى أن الأحزاب السياسية المختلفة المدنية تشكل تكتلًا واحدا لنظام انتخابى واحد والصعوبة الأخرى ليست فى الدستور فقط إنما فى النظام الانتخابى أيضًا، نأمل أن الأحزاب السياسية جميعًا تتوافق دون خلاف. محاولات الإخوان ويقول د. عثمان محمد عثمان رئيس قسم الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة أكتوبر: إن مرحلة الاستفتاء على الدستور سوف تشهد معركة من التيارات السياسية المختلفة لأن كل القوى السياسية والأحزاب سوف تأخذ موقفًا معين من الدستور دون قراءة الدستور ودون أسباب موضوعية ولكنها ضمن مخططها، كما أن الجماعة تحاول بث بعض الأشياء الخاطئة لمحاولة إقناع الشعب بعدم الموافقة على الدستور. وأكد أنه فى مقابل هذا أن القوى السياسية الأخرى والجماهير الواعية التى تسعى نحو الاستقرار سوف تخرج لتأييد الدستور وسوف تحسم القوى السياسية الأمر من خلال تأييدها للدستور أو رفضه، وأشار عثمان إلى أن الخلافات داخل لجنة صياغة الدستور على بعض المواد ظاهرة صحية وديمقراطية ويتم التصويت من أعضاء اللجنة على كل مادة على حده والتصويت يحسم الأمر، وأضاف عثمان أن مرحلة الاستفتاء سوف تشهد معركة من كل القوى السياسية وعلى رأسه الجماعة المحظورة لجذب الجماهير إلى التأييد أو لرفض الدستور. فهى ستكون معركة ديمقراطية جماهيرية وتدعم الدستور والتأكيد على خارطة المستقبل وسير الخارطة فلابد أن لخارطة المستقبل، التى أقرها الشعب أن تتم دون تعطيل متعمد من بعض القوى. وأوضح عثمان أن كل القوى السياسية والأحزاب باستثناء الجماعة المحظورة سوف تنتهى لجنة الخمسين من إقرار الدستور والصياغة النهائية وستكون كل القوى السياسية والأحزاب بجانب الدولة وسوف تراعى سير خارطة المستقبل، كما أن فى المرحلة القادمة سيكون للإعلام دور مهم فى توعية الجمهور بأهمية إقرار الدستور.. كما أن الأحزاب والقوى السياسية سوف يكون لها دور أيضًا فى توعية الجماهير ودعم الدستور لأننا فى تحد فإذا كان دستور 2012 حصل على 60% من الأصوات فلابد أن الدستور الجديد يتخطى هذه النسبة. تناقض واضح ويضيف عبد الله حسن نائب رئيس حزب المؤتمر وعضو اللجنة البرلمانية والتشريعية بمجلس الشورى السابق أنه فى هذه الفترة انتشرت الشائعات الكثيرة حول الخلافات داخل لجنة الخمسين من القوى السياسية المختلفة لمحاولة حصول كل منها على أكبر قدر من الصلاحيات والتحصينات وهناك اختلافات فى وجهات النظر، وأكد حسن أنه لا شك أن إلغاء مجلس الشورى أحدث لدى قطاع كبير من التيار المدنى عدم موافقة على هذا القرار لأن الأغلبية العظمى منهم كانوا أعضاء مجلس شورى. ويشير إلى أن هناك تناقضا كبيرا وواضح افى تصريحات اللجنة كما أن الشعب غير مطمئن لأن كل هيئة وجهة تريد صلاحيات خاصة لها دون أن تضع مبدأ أنها موجودة من أجل مصر، كما يجب ألا يكون هناك تحصين ويكون الجميع سواسية أمام القانون. وأضاف أنه من الخطأ تمييز فئة عن أخرى ووضع قانون الكوتة فالقانون يسمح لكل فرد بأن يترشح مادام تنطبق عليه الشروط ومادام معتمد على قاعدة شعبية، وأطالب أن نستشعر أن الدستور توافقى وشعبى وليس دستورا فئويا. وأشار إلى أن هناك تناقضا واختلافا فى الآراء لتسود الشارع المصرى فيجب تسويق مسودة الدستور فور الانتهاء منها بشكل صحيح لكى تقرأها الجماهير وتدرك المميزات التى يتضمنها الدستور الجديد وإلا ستؤثر الشائعات الموجودة الآن على الاستفتاء الجماهيرى للدستور، ويؤكد أن الغالبية العظمى من التيارات الإسلامية ضد هذا الدستور دون القراءة إلا إذا قاموا بقراءته من المحتمل أن تغير رأيها وكما كانت نعم لدستور 2012 هو الطريق إلى الجنة كما قيل وقتها، فإن لا لدستور 2013 هو الطريق للجنة! وهذا هو الغريب ويجب على المصريين إدراك هذه الأساليب التى تحاول الجماعات الديكتاتورية نشرها فى مصر.