عدت من جولة شملت فيينا عاصمة النمسا، و مدينة فرانكفورت بألمانيا، و كانت هناك لقاءات عديدة مع المصريين المتواجدين بالنمساوالمانيا وهم يشعرون بألم شديد من متابعتهم لمجريات الأمور فى مصر. لكنهم يملكون طاقة إيجابية تدفعهم لتقديم كل إمكانياتهم من أجل تحقيق الاستقرار والتنمية فى مصر. أنهم رصيد مصر القوى وكنت قد علمت أن تحويلات المصريين بالخارج بلغت العام الماضى حوإلى 19 مليار دولار، و اعتقد أن هذا المبلغ يستدعى أن تهتم الحكومة بالتواصل مع المصريين بالخارج بشكل أكثر فاعلية فهم أيضًا قوة اقتصادية وعلمية ولديهم الكثير من المشاريع الطموحة يريدون تنفيذها فى مصر. سمعت هناك عدة اقتراحات إيجابية مثل إقامة المفوضية العليا للمصريين بالخارج، وإقامة المجلس الوطنى للتنمية لخلق مشاريع جديدة وتوفير فرص عمل لشباب مصر الذى اختنق من غياهب البطالة. فى نفس توقيت الزيارة أعلن مجلس الوزراء بالقاهرة عن تشكيل لجنة وزارية للعلاقات العامة تهدف إلى تحسين صورة مصر بالخارج، و الفكرة ممتازة و تحتاج إلى آليات و شخصيات منتقاة لكى تقوم بهذا الدور فى العالم الخارجى. و خلال وجودنا فى مدينة فرانكفرت كان العالم المصرى زاهى حواس يلقى محاضرة عن مصر فى إطار جولة تنشيطية تدعو الألمان لزيارة مصر، وأعلم جيدًا قدر زاهى حواس فى المانيا، وشاركت فى هذه الندوة لكى أتحدث أيضا عن الأوضاع السياسية و الأمنية فى مصر، و كان معى أيضا د.عصام رجب رئيس هيئة الاستثمار سابقًا وقدم صورة إيجابية عن فرص الاستثمار فى مصر. أذن نستطيع أن نقول إن أى جولات قادمة للتأكيد على صورة مصر يجب أن يتحدث فيها شخصيات سياسية واقتصادية وسياحية وممثل عن المصريين بالخارج. و هنا نضمن نقل صورة متكاملة عن حقيقة الأوضاع فى مصر والحديث عن مستقبل هذا الوطن الذى يملك امكانيات بشرية ومادية تستطيع أن تنقله إلى مستقبل أكثر إشراقًا من واقعنا الحالى الذى يحمل قتامة حالكة. عدت إلى القاهرة ووجدت أزمة قانون التظاهر، والغريب أن الصحافة الألمانية كانت تستفسر عن هذا الموضوع كثيرًا وعكست نوعا من القلق على حرية التجمع فى مصر كما اطلقوا عليها – واعتبروا ذلك تراجعا عن طريق الديمقراطية. و نحن فى مصر لا نخترع العجلة، العالم كله لديه قانون تنظيم التجمعات والمظاهرات ويجب أن لا يخرج القانون المصرى عن حدود المعروف لدى المجتمعات الديمقراطية. أما استغلال بعض القوى السياسية هذا الموضوع لإضعاف الدولة المصرية فهو أمر غير مقبول وغير مبرر أيضا. فنحن نعلم جميعًا إن أى حكومة أولى واجبتها فرض القانون والنظام، أما حرية التعبير فهى تدخل فى التظاهر المنظم، والبرلمان، والإعلام فهناك وسائل كثيرة للتعبير عن الرأى وإيصاله للدولة. اتمنى أن نتوقف بعض الوقت عن الحديث فى السياسة، و ننتقل إلى الحديث عن التنمية، لذا فأعود واتحدث عن المجلس الوطنى للتنمية، فلن يكون بديلا منافسًا للحكومة، بل مساعدًا ومكملًا لجهودها ويبعد السياسة عن التنمية، و يضع التنمية كأحد أسس الأمن القومى المصرى، ويخاطب مشاكلنا ونحاول علاجها. هذه الطاقات التى تصب فى خانة السياسة يجب أن تسخر لتصب فى خانة التنمية، ومن المؤكد أن كل الموضوعات متشابكة ومتصلة وأعنى السياسة والاقتصاد والتنمية والثقافة، ولكن الاقتصاد والتنمية هما عماد الرخاء والمستقبل الأفضل لشباب مصر. تحدثنا خارج مصر عن أهمية دعم ثورة 30 يونيو، ورفع الحظر عن السياحة لمصر والاهتمام بالمشروعات الخاصة بالطاقة وخاصة الطاقة المتجددة، والحفاظ على البيئة وتحلية مياه البحر، تحدثنا عن التحديات السياسية التى تواجهنا وضرورة وقوف المجتمع الدولى مع جهود التنمية فى مصر، استطيع أن أقول إن هناك آذانًا صاغية وجاليات مصرية مستعدة لتقديم الكثير لمصر. نريد إدارة رشيدة لهذا القطاع الحيوى قطاع المصريين بالخارج، لا تقل عن إدارة قطاع قناة السويس. أنهم مصدر قوتنا و مصدر علمى، و يجب أن نهتم بتشجيع أبناء الجيل الثانى والثالث على الحضور إلى مصر ووضع علمهم و خبرتهم لصالح هذا الوطن.