من عصر مينا.. إلي عصر حواس! المعارض الخارجية.. هي أهم أساليب تهريب آثارنا للخارج.. وفقا للمثل العربي القديم: لقد ذهب الحمار.. بأم عمرو فلا رجعت.. ولا رجع الحمار في يوم الجمعة 17 يونيو الجاري نشرت صحيفة «المصري اليوم» في صدر صفحتها الأولي صورتان واحدة للسيدة سوزان مبارك وبجانبها زاهي حواس وزير الدولة لشئون الآثار.. وسط خبر علي أربعة أعمدة يقول: التحقيق في اتهام سوزان مبارك وزاهي حواس بالاستيلاء علي أموال الآثار (!!) بلاغ يؤكد نقل 143 قطعة أثرية نادرة من المتحف المصري إلي واشنطن.. ولم تعد حتي اليوم (!!) وفي اليوم نفسه.. الجمعة 17 يونيو الجاري نشرت صحيفة «الأخبار» في صدر الصفحة الثانية.. صورتان.. واحدة للسيدة جيهان السادات.. وبجانبها زاهي حواس وزير الدولة لشئون الآثار.. علي رأس خبر يقول: حواس وجيهان السادات يروجان في «نيفادا» لعودة السياحة لمصر (!!) ويقول الخبر المثير: د. زاهي حواس وزير الدولة لشئون الآثار يختتم اليوم (الجمعة 17 يونيو الجاري) جولته بالولايات المتحدة حيث يلقي محاضرة عن الآثار المصرية.. وأحدث الاكتشافات الأثرية بمتحف «نيفادا» للفنون بمدينة «رينو» بولاية نيفادا.. ويقوم د. حواس وجيهان السادات بالمشاركة في احتفالية كبيرة عن مصر بحضور أربعة آلاف أمريكي (!!) من أجل عودة السياحة الأمريكية إلي مصر.. وسوف يعقدان «جيهان السادات وحواس مؤتمرا صحفيا بمقر جامعة «رينو» يتحدثان فيه عن الأوضاع في مصر (!!) وعن بدء عودة السائحين إلي المنتجعات السياحية والمناطق الأثرية.. وإطلاع جمهور الحاضرين علي أحداث المشروعات الجارية في مجال المتاحف الأثرية.. وتطوير (!!) وتأمين (!!) المواقع الأثرية التي تشهد إقبالا من السائحين. ويستطرد الخبر المنشور في صحيفة «الأخبار» يوم الجمعة 17 يونيو الجاري.. قائلا إن قناة «فوكس» الأمريكية سوف تستضيف في برنامجها الصباحي د. حواس في لقاء علي الهواء مباشرة للحديث عن أحدث المشروعات الأثرية.. ويختتم د. حواس جولة استمرت عشرة أيام زار خلالها خمس مدن أمريكية من أجل تنشيط وعودة السياحة الأمريكية إلي مصر عبر سلسلة من المحاضرات والمؤتمرات الصحفية.. إلخ. وواضح من الكلام أن زاهي حواس.. في أمريكا.. منذ عشرة أيام.. يتحرك بحرية كاملة بين عشر مدن أمريكية.. وليس ممنوعا من السفر.. ولا في قائمة المطلوبين للتحقيق.. بل هو ينعم بحرية السفر والتنقل.. وارتفاع قدره بين الناس في الداخل والخارج بحكم ما أنعم الله عليه من غني متسع.. ومال كثير ووفير حققه من اتساع تجارته والجلوس في «دكانه» حيث يلبي طلبات الزبائن.. بينما الدولارات تتساقط عليه من السحب التي تلقي عليه بالعملات الأجنبية بعد أن تستوثق من وجوده بالمحل.. وحده.. وهو يسأل الله الستر والتيسير. أما الخبر الذي نشرته صحيفة «المصري اليوم» فقد اختفت منه صورة جيهان السادات.. وظهرت محلها صورة سوزان مبارك. يقول الخبر الذي نشرته الصحيفة في اليوم نفسه أي الجمعة 17 يونيو الجاري: بدأت نيابة الأموال العامة أمس (الخميس 16 يونيو 2011) التحقيق في بلاغ قدمه نور عبدالصمد.. مدير عام إدارة المواقع الأثرية.. يتهم فيه سوزان مبارك والدكتور زاهي حواس وزير الدولة للآثار.. بإهدار المال العام والتسبب في سرقة الآثار المصرية. ويتهم البلاغ زاهي حواس بالتعاقد مع الجمعية الجغرافية الأمريكية لإقامة معارض لآثار مصر النادرة في عدة مدن أمريكية واستراليا بالمخالفة للمادة العاشرة من قانون حماية الآثار.. وقال نور في بلاغه إنه تم عرض مجموعة من الآثار الخاصة بتوت عنخ آمون.. ولم يتم حصرها في أحد المعارض بمدينة مينيسوتا الأمريكية حتي 15 أبريل 2012.. ونقل مجموعة نادرة من الآثار وعددها 143 قطعة من المتحف المصري بالقاهرة إلي واشنطن في الفترة من 30 يوليو 2002 وحتي 14 أكتوبر من العام نفسه.. وهذه القطع لم تعد إلي مصر مرة أخري (!!). ومعني الكلام أن القطع الأثرية تخرج من مصر.. ولا تعود وفقا لما نشرته «الأهالي» منذ تولي حواس وزارة الآثار تحت عنوان «الآثار.. ومفتاح الكرار». وهذه المعلومة بالمناسبة ليست سرا.. وتجري علي ألسنة كبار المسئولين عن الآثار في مصر.. التي تؤكد أن المعارض الخارجية.. هي أهم أساليب تهريب آثارنا للخارج أسوة بالمثل العربي القديم الذي يقول: لقد ذهب الحمار بأم عمرو فلا رجعت.. ولا رجع الحمار. نعود لما نشرته «المصري اليوم» يوم الجمعة 17 يونيو الحالي.. وهو أن حواس كان يقيم هذه المعارض بالتعاقد مع الجمعية الجغرافية الأمريكية لتنظيم هذه المعارض من أجل جمع تبرعات لصالح جمعية مصر الجديدة التي ترأسها سوزان مبارك.. وأن حصيلتها بلغت 17 مليون دولار.. وأن حواس كان يقدم هذه التبرعات لجمعية مصر الجديدة.. وهي ليست جهة حكومية.. وإنما هي جمعية خاصة تديرها حرم الرئيس المتخلي ويشرف علي أعمالها الدكتور زكريا عزمي صاحب الكلمة المأثورة «الفساد في المحليات وصل للركب» واتضح بعد ذلك أنه كان الراعي الأول للفساد في مصر.. وكان زعيم أكبر عصابة في أرجاء البلد.. ولا يوجد فص واحد من الفصوص العتيقة النادرة المثال التي سرقت من أذن ورقبة إحدي ملكات الفراعنة أو أسرة محمد علي.. إلا وهو وراء السرقة.. ومدبر الخطة.. وهو الذي يقف في مجلس الشعب مطالبا الحكومة بالبحث عن الفص وتزويد كل عضو في لجنة التقصي عن الحقائق بغربال.. لغربلة رمال الصحاري المصرية في ضاحية المطرية للبحث عن الفص الثمين. والحقيقة أن ما نشرته صحيفة «الأخبار» وصحيفة «المصري اليوم» عن حواس في يوم واحد.. (الجمعة 17 يونيو الجاري) هي صورة بالكربون لأحوال البلد منذ اندلاع الحالة الثورية في 25 يناير الماضي.. فنحن نعيش في زمن تتضارب فيه الأقوال وتتناقض التفسيرات والتحليلات.. وتختلط فيه الحقائق.. بما ينطق به أرباب اللحي الذين دخلوا معترك السياسة ولا يقولون إلا كذبا. حالة زاهي حواس.. ليست من قبيل الأسرار.. وهي معروفة لكل من هب ودب.. وتبرعاته للسيدة سوزان مبارك من أجل الحصول علي مقعد وزاري يسمح له بالإشراف علي المعارض الخارجية.. ونقل الآثار إلي الخارج علي نفقة الدولة.. ليست سرا.. ومع ذلك فما كادت الحالة الثورية.. تفرض نفسها علي الواقع السياسي.. حتي رأينا زاهي حواس.. واقفا أمام المشير طنطاوي يؤدي اليمين الدستورية كوزير للدولة لشئون الآثار.. في مشهد سوف يقف التاريخ أمامه طويلا.. طويلا.. طويلا! وقف أمام المشير طنطاوي علي نمط الخبر المنشور في صحيفة «الأخبار».. بينما الواقع كان يفرض أن يقف أمامه علي نمط الخبر المنشور في «المصري اليوم».. لسبب بسيط أن تاريخ الرجل وسعيه للانفراد بآثار مصر.. بالتعاون مع تيري جارسيا نائب الرئيس التنفيذي للجمعية الجغرافية الأمريكية.. وجون نورمان رئيس لجنة المعارض الدولية وتوماس ميزرا اندينو نائب الرئيس التنفيذي للمعارض الخارجية. وهي المجموعة من الرجال الذين قدموا للسيدة سوزان مبارك شيكا بمبلغ خمسمائة ألف دولار باسم جمعية مصر الجديدة «انظر المستند المرفق»، وقدم الشيك زاهي حواس علي أمل من زكريا عزمي أن يتذكره في التشكيل الوزاري القادم «قبل الحالة الثورية طبعا». والطريف في الموضوع.. أن أحدا.. لم يسأل زاهي حواس عن المصدر الذي حصل منه علي نصف المليون دولار كي يتبرع بها كمقدمة وعربون لحصوله علي المنصب الوزاري.. فيفتح أبواب الرزق.. أمام الشركاء الذين وقعوا معه علي الوثيقة التي تنفرد «الأهالي» بنشرها مع هذه السطور. ومعني الكلام أن عائدات المعارض الخارجية.. لا تذهب للعديد من المشروعات الأثرية التي تقوم بها وزارة الآثار في القطاعات المختلفة.. وإنما تذهب للسيدة الأولي السابقة.. كي يهتدي بها.. وسط الظلام الحالك.. لطريق التشكيل الوزاري الذي يضعه فوق مفاتيح ثروتنا الأثرية.. يتصرف فيها وهو يثب ويحجل باعتباره كاتم أسرارها.. وصاحب الأمر والنهي في خروجها من مقابر قدماء المصريين وعدم عودتها قبل يوم الحشر. ويبدو من الطبيعي أن يتساءل البسطاء من أمثالنا.. عن العلاقة بين زاهي حواس.. وكان يشغل منصب الأمين العام للمجلس الأعلي للآثار.. وبين جمعية مصر الجديدة.. ولماذا يتبرع زاهي حواس بنصف مليون دولار.. لهذه الجمعية؟ هل جاء التبرع لشراء مقطورات جديدة لمترو مصر الجديدة.. أم جاء التبرع لترميم قصر البارون امبان، أم أنه جاء من باب فعل الخير.. للتقرب إلي الله وملائكته.. إلخ؟ الواقع يقول إن التبرع جاء للتقرب من السيدة الأولي السابقة سوزان ثابت! إنه رشوة! رشوة من أجل ابتداع وزارة.. تسمح له بحيازة مفاتيح آثارنا.. من عصر مينا.. وحتي عصر زاهي حواس، واتخاذ سبوبة استعادة آثارنا من المتاحف العالمية وإغلاق أقسام المصريات بهذه المتاحف لحساب جهة لا نعلمها.. للسفر إلي الخارج من قاعة كبار الزوار.. لمتابعة لقاءاته مع رفاق الأنشطة المشتركة.. والحكومة تودعه بأغنية.. يا مسافر وحدك! وتثار هنا سلسلة طويلة من الأسئلة يتعين طرحها وأولها.. ما هي مسئولية زاهي حواس تجاه إقامة احتفالية في أمريكا يحضرها أربعة آلاف شخص أمريكي من أجل عودة السياحة إلي مصر؟.. ولماذا أمريكا.. ونحن نعلم أن أمريكا ليست المصدر الأكبر للسياحة في مصر؟ لماذا لم يسافر حواس إلي إيطاليا والمجر وأوكرانيا.. إلخ.. لإعادة السياحة إلي مصر؟ اشمعني أمريكا؟ هل يعود السبب إلي العلاقة الشخصية الوطيدة مع تيري جارسيا وجون نورمان وتوماس ميزراندينو؟! ومن الذي يمول جولات حواس الأمريكية؟!.. هل تمولها حكومة عصام شرف ويحيي الجمل؟! أم يمولها حواس من وزارة الدولة للآثار.. وهي وزارة غنية بالآثار.. وبالعملات الأجنبية ومن بينها الدولار؟ والسخيف في الموضوع.. أن تأتي جولة حواس الأمريكية في الوقت الذي اختفت فيه كنوز أسرة محمد علي.. من لوحات نادرة إلي نياشين وأوسمة من جميع القصور الملكية.. بحكم تبعيتها للدكتور زكريا عزمي أمين عام رئاسة الجمهورية الذي ظل يمارس عمله.. متنقلا بين مكاتبه في مصر الجديدة وقصر عابدين.. رغم تخلي حسني مبارك عن السلطة.. وانتقاله إلي شرم الشيخ.. حيث العناية الطبية المركزة.. ولقاء الأحفاد الذين تقول الصحف إنهم يخففون من حالات الاكتئاب التي يتعرض لها.. كلما تعرض صديقه حسين سالم لغلاسة الإسبان تارة.. أو غلاسة الإنتربول تارة أخري.