«تعالى معى إلى الكونسير»..عنوان كتاب لا يزيد على 50 صفحة من القطع الصغير جداً حاول فيه صاحب القنديل المفكر الراحل يحيى حقى أن يبسط الموسيقى لعشاقها..ولم يكن يدرى أن غذاء الروح سيجد يوماً من يقدمه للناس بعمق الموسيقار الدارس ورشاقة أسلوب الكاتب الصحفى المتميز وعذوبة الملحن المبدع..لأنه من القلائل فى كل الفنون الذين يجمعون بين عظمة الإبداع وجماليات النقد البناء. وأقصد الموسيقار والكاتب الصحفى الكبير محمد قابيل..وكتابه صغير الحجم عظيم القيمة «هل الموسيقى حرام»؟..وهو يجيب ببساطة عن السؤال المحير فيقول:«لقد اختلف علماء المسلمين فى مسألة الاستماع إلى الغناء والموسيقى والاشتغال بهما والعمل على نهضتهما ونشرهما، ورد عليهم علماء حاجوهم فيما ذهبوا إليه، مستعينين بكتاب الله وأحاديث الرسول «صلى الله عليه وسلم» والسيرة النبوية الشريفة، والحق أن معظم الآراء القائلة بالتحريم ظهرت فى عصور، انتصر فيها الجمود على العقل، وفازت الجهالة على العلم وانسحب الجمود على العلوم الطبيعية والفلسفة الرياضية وفنونها، فقد صنفوا هذه العلوم بأنها علوم كفر مع أن فوائدها كانت عظيمة وآثارها كبيرة فى تقدم الجنس البشرى ورقى العالم». ويضيف فى فصل بعنوان «شىء أباحه الرسول..هل نحرمه؟»، قائلاً: لقد استقبل أهل يثرب رسول الله صلى الله عليه وسلم بالإنشاد الجميل، واوصى الرسول بالغناء فى عرس جاريه، وأنشد الصحابة اثناء حفر الخندق ولم يعترض عمر بن الخطاب على الصنف الذى يعفو عنه الله من الغناء، وقال على بن ابى طالب: «روحوا عن القلوب ساعة»، وكان عمر بن عبدالعزيز الخليفة الورع محباً للسماع ..وكانت السيدة سكينة بنت الحسين ترتاح لصوت يغنى وينشد مراثى أهل البيت». ويؤكد قابيل أن الموسيقى مثل اى نشاط إنسانى حلالها حلال وحرامها حرام، ولم يمنعنا القرآن الكريم من الاستمتاع بالحياة، وأباحها رسولنا الكريم..فمن الذى ينادى بتحريم شىء أباحه الرسول سيد المرسلين وأجمل خلق الله. ويقول فى مقطع آخر من الكتاب إن النبى الكريم كان يتقبل الموسيقى والغناء ويدعو إليهما فى مناسباته، وأنه أذن لبلال بن رباح بالأذان بصوته الجميل وبالقطع فإن الأذان موسيقى. والحقيقة أن الكتاب الممتع لا يقتصر على موضوع هل الموسيقى حلال أم حرام..لكنه يتطرق بمشرط الجراح لقضايا أخرى شديدة الأهمية مثل الدراما الدينية والأغنية الدينية زمان والآن..ويتناولها بنفس الأسلوب السلس البسيط الذى يمتاز به فنان الصحافة المصرية محمد قابيل.