وصف الأدباء صوت نجاة بأنه صوت ضوء القمر،وقال متعهدو الحفلات إنه صوت الحب، لكنه الحب اللى كان بالهمس واللمس والنظرات واللفتات والصمت الرهيب وليس حب هذا الزمن حب الخبط والرقع والتهديد والوعيد ونجاة التى كانت «صغيرة»، أيام المطربة نجاة على ظلت كذلك حتى بعد أن كبرت وأصبحت مطربة عملاقة تتربع على عرش قلوب كثيرة بصوتها الذى يحاكى صوت آلة الفلوت الهامس الشجى. لم تتخرج نجاة فى جامعة لكن بحبها وإتقانها للغتنا الجميلة علّمت الخريجين أصول النطق السليم والفهم الصحيح وهى أكثر المطربات عشقًا للقصيدة الغنائية بعد أم كلثوم وقد تفتحت موهبتها على قصائدها الصعبة وكانت تؤديها فى الحفلات ولم يزد طولها كطفلة على شبر ونص. ولما كبرت اهتدت إلى أن محمد عبد الوهاب يجب أن يكون البوصلة الغنائية من حيث نطقه للمفردات عامية أو فصحى والأهم فى إحساسه. كان محمد عبد الوهاب قد مرصوته بمراحل مختلفة الأولى تعتمد على الغناء الكلاسيكى واستعراض عضلات الصوت «ورأيت خياله فى المنام» و «الله يا محمد» والحاجات دى. لكنه مع تقدم السن وتأثر العضلات سلبيًا وتقلص المساحة الصوتية من أوكتافين إلى أوكتاف ونص، ثم إلى أوكتاف واحد، وفى كل مرحلة كان يعوض نقص القدرات والعضلات بقوة الإحساس. هكذا ظهر عبد الحليم حافظ ليغنى بآخر ما وصل إليه محمد عبد الوهاب من أساليب الغناء، وكذلك فعلت نجاة. ولم تنفصل نجاة عن بداياتها الفنية الكلاسيكية مع قصائد وأغانى أم كلثوم فمع تمسكها بالأسلوب «الوهابى» فى الأداء والتلحين، فبعد كمال الطويل ومحمد الموجى وبليغ حمدى وعز الدين حسنى، كانت بين الوقف والآخر ترجع لهذه الكلاسيكية مع رياض السنباطى الذى غنت من ألحانه 4 أغنيات عاطفية هى «حد قالك» تأليف عبد الوهاب محمد و «ياهاجر بحبك» و «يا سلام على قلبك» وهما من تأليف عبد المنعم السباعىو «يا قلبك» تأليف حسين السيد، كما غنت للسنباطى أغنيتين دينيتين هما «إلهى ما أعظمك» تأليف حسين السيد و«يارب» لحسين حلمى المانسترلى. ورباعيات الخيام ترجمة أحمد رامى ومطلعها «طوت يد الفجر ستار الظلام» و3 أغنيات وطنية «باسم وادى النيل، وعشنا وشفنا كتير، والوحدة». غنت نجاة 24 أغنية من ألحان محمد عبد الوهاب منها 5 قصائد هى «أيظن» «ماذا أقول له» «أسالك الرحيل» «متى ستعرف» « لا تكذبى» وكلها من أشعار نزار قبانى فيما عدا الأخيرة وقد كتبها كامل الشناوى، وقدمت الأخيرتين فى فيلمى «جفت الدموع» و«الشموع السوداء» وقد شجع صوتها عبد الوهاب ليخصها بلحن ترتيلى الطابع هو «أيظن» وآخر درامى هو «ساكن قصادى» كذلك لحن لها من الفلكلور «ع اليادى» وكذلك الأغنية الهامسة «آه لو تعرف». وكما نجحت ألحان كمال الطويل بصوت عبد الحليم حافظ نجحت بصوت نجاة، فمنذ البدايات الأولى غنت «طول عمرى بحبك» «ليه خلتنى أحبك» «بان عليه حبه» «شوف يا قلبى» «استنانى» وغيرها من الأغانى الشهيرة التى انتهت بقصيدة مظلومة لم تأخذ حقها فى الاهتمام والإذاعة لخلاف دب بينهما، هى قصيدة «لا تنتقد خجلى الشديد» شعر سعاد الصباح. وكانت البداية أيضًا من ألحان محمود الشريف فى «اوصفولى الحب» «عطشان يا أسمرانى محبة» و«وطنى وصبايا وأحلامى» وغيرها وغنت من ألحان بليغ حمدى كثيرا وأحيانا من كلماته لكنها لم تفقد تمسكها بإحساسها الرومانسى فى الأداء مهما كانت الألحان تتسم بالشعبية إلا أنها ظلت فى أدائها المطربة العاطفية الحساسة والنموذج أغنيتها «أنا بستناك» تأليف مرسى جميل عزيز و «هتسافر» تأليف عبد الرحمن الأبنودى، ولم يخرج الطابع الرومانسى عند نجاة حتى لما غنت كلمات مرحة من ألحان محمد الموجى «عيد ميلادك يا منى» و «أما براوة» و «حبيبى لولا السهر» والأغنية الرومانسية «عيون القلب» وأخرجت نجاة من الملحن المحدث هانى شنودة لحنا رقيقا جدًا هو «أنا بعشق البحر» ومن الملحن صلاح الشرنوبى «اطمن» ومن الملحن سامى الحفناوى «إلا فراق الأحباب» ومن قبلهم جميعا من شقيقها عز الدين حسن «حقك عليه وسامح» ومن الموسيقار حلمى بكر«ما أطفش يا حبيبى» و «غطى طرف جناحك يا حمام» ومن الموسيقار أحمد صدقى «طاير يا حمام»، نجاة صوت الحب فى زمن الرومانسية الجميل.