رغم ضآلة مساحته التى لا تتجاوز ال 7 كيلو مترات، اشتعلت أزمة جديدة بين إسبانيا وبريطانيا بسبب جبل طارق، وذلك بعد اعتراض إسبانيا على بناء حاجز أقامته حكومة جبل طارق بدعوى أنه عرقل مسار سفن الصيد الإسبانية وحرم الصيادين الإسبان من أحد أفضل احتياطيات الأسماك فى المنطقه بعد إلقاء بريطانيا لكتل خراسانية فى مياه جبل طارق مما أدى إلى توقف أعمالهم بالصيد وخسارة وصلت إلى 1.5 مليون يورو، وهو ما جعل 80 قارب صيد محملة بعشرات الإسبان يتوجهون إلى جبل طارق للإعراب عن استيائهم من الكتل الخرسانية التى اعتبروا أن الهدف منها منعهم من دخول المنطقة، فيما دافعت السلطات فى جبل طارق عن نفسها بالقول إن الكتل الخرسانية التى وضعتها الهدف منها زيادة مخزونات الأسماك وإنها ترفض رفضا قاطعا أن تسحبها كما يطالب بذلك الصيادون الذين أغلقت شرطة جبل طارق الطريق أمام قواربهم ومنعتهم من الدخول إلى المياه المتنازع عليها. وفى المقابل شددت إسبانيا من عمليات المراقبة والتفتيش فى المضيق كرد فعل على بناء بريطانيا للحاجز، كما كشفت عن فرض رسم قدره 50 يورو للدخول إلى الأراضى البريطانية أو الخروج منها. وردا على الإجراءات التى اتخذتها إسبانيا أكدت بريطانيا عزمها اتخاذ إجراءات قانونية لمنع إسبانيا من مواصلة سياسة التضييق التى تمارسها فى مضيق جبل طارق حسب ما أفاد به المتحدث باسم رئيس الوزراء البريطانى ديفيد كاميرون. وأوضح أن الاتفاقيات القديمة الموقعة بين البلدين تشير إلى أن المضيق من الأراضى التابعة لبريطانيا وأن إسبانيا بالخطة التى تنتهجها سببت أعطالا فى حركة الملاحة عند المضيق. ومن جانبها، أكدت وزارة الخارجية الإسبانية أن مدريد لن تتخلى عن عمليات المراقبة على حدود جبل طارق، وذلك بعد إعلان لندن أنها تفكر فى القيام بعمل قانونى ضد إسبانيا حيث أعلن الناطق باسم الخارجية الإسبانية أن عمليات المراقبة التى تقوم بها إسبانيا قانونية. وفى تطور قد يزعج بريطانيا، تفكر إسبانيا فى تشكيل جبهة موحدة مع الأرجنتين التى يدور بينها وبين بريطانيا خلاف حلو جزر الفوكلاند، وأكد المتحدث باسم الخارجية الإسبانية أن هناك عوامل مشتركة فى مسألة الفوكلاند وجبل طارق. ومن جهة أخرى، يرى محللون أن تصاعد الخلاف بين لندنومدريد إلى هذا الحد رغم أن جبل طارق لا تتجاوز مساحته السبع كيلومترات وسبق أن تنازلت إسبانيا عنه فى السابق، يعود إلى أن منطقة جبل طارق التى تقع على مشارف أفريقيا غير المستقرة سياسيا وعلى طريق الشرق الأوسط تعد قاعدة استراتيجية مجهزة بمنشآت عسكرية واستخباراتية أساسية بالنسبة للبريطانيين . وأوضح اليخاندرو ديل فاييه، الأستاذ فى القانون الدولى فى جامعة قادش، قائلا: لا تنسى أن قسما كبيرا من جبل طارق قاعدة عسكرية جوية وبحرية أساسية يجرى فيها إعادة صيانة الغواصات النووية، وأضاف أن هذه المنطقة الصغيرة تشكل بوابة الخروج والدخول الوحيدة المطلة على البحر المتوسط والساحة التى أصبحت أكثر من أى وقت مضى منطقة استراتيجية بالنسبة للغرب نظرا لتنامى التيار الإسلامى فى دول الساحل وإنعدام الاستقرار فى الشرق الأوسط. أما لويس روميرو، الخبير فى السياسة والأمن، فقال: إن مسؤلا فى الجيش البريطانى فى جبل طارق قال قبل سنوات «إن لم يكن جبل طارق موجودا لكان ضروريا اختراعه لأننا هنا على ألف ميل أقرب من مصدر الخطر».. وهو ما يجعل المنطقة مهمة جدا بالنسبة للبريطانيين الذين يستغلونها لأنفسهم ولأقرب حلفائهم مثل الولاياتالمتحدهالأمريكية، ويقول روميرو إن إسبانيا ترى فى التواجد البريطانى بجبل طارق انتهاكا لقوتها الاستراتيجية لأنه فى المجال الاستراتيجى من المهم جدا أن تتمكن من التحرك بحرية فى حين لا يتمكن الطرف الآخر من ذلك.