أفزعنى جيشان العمياء بعد منتصف الليل .. أصداء صراخها فى البدروم تملأ الشارع .. اشتعلت رائحة المجارى.. تدفقت المياه من ماسورة صدئة إلى السلالم .. وأغرقت مدخل البيت وأرضية القبو والمرتبة.. امرأة مهجورة لا سبيل إلى ضعفها .. جبروت عاهتها.. شجارها مع الجيران وابتساماتهم الساخرة .. شعرها الأشيب الهائج دوما.. سعالها فى الصحو والنوم المتقطع .. سبابها لأشباح.. بقايا أيام لزوج فر هاربا إلى مقبرة وأبناء لا يكترثون بالحقيقة.. أن أمهم على قيد الحياة.. امرأة يؤانسها الفئران والسحالى والأبراص.. يشاركونها الطعام والفراش .. تصرعها كوابيس الموت والظلمة .. شفقة الجيران.. وتظل رهينة محبسها .. تشطح برأسها بحثاً عن الضوء.. تتحسس الجدران المتآكلة، وتصرخ: