من أجل دستور للشعب المصرى كله.. دستور يتحدى الاستقطاب.. دستور يدعو للمصالحة دون أى صورة من صور الإقصاء وتحت مظلة إسلامية مستنيرة تليق بمصر بلد الأزهر الشريف، بدأت «لجنة العشرة» - المكلفة من رئيس الجمهورية المؤقت حسب الإعلان الدستورى الأخير - فى إجراء التعديلات الدستورية المطلوبة على دستور 2012، وذلك بما يحقق مطالب ثورة 30 يونيه التى خرج فيها جموع الشعب المصرى تجدد مطالب ثورة يناير. منذ اليوم الأول لعملها وقبل ذلك بكثير تثار استفهامات كثيرة حول اختصاصات هذه اللجنة وكيفية تشكيلها وطبيعة المهمة التى ستقوم بها هل تعديل وترقيع أم دستور جديد؟، وهل مهلة الثلاثين يومًا كافية لأن تنجز اللجنة عملها وخبراء؟ القانون يجيبون عن هذه الاستفهامات فى السطور التالية.. بداية، يرى المستشار رفعت السيد رئيس محكمة جنايات القاهرة ورئيس نادى قضاة أسيوط السابق أن الحركة أمام اللجنة واسعة للغاية سواء فى إلغاء بعض النصوص الواردة فى الدستور وتعديل البعض الآخر واستبداله بنصوص مغايرة وحذف المواد التى ترى اللجنة أنها ليست من الشأن الدستورى وإنما من الشأن القانونى الذى ينظم بالقانون. ويضيف أنه ترتيبًا على ذلك فإن من حق اللجنة أن تضع مشروع دستور جديد ربما يكون مختلفًا عن الدستور المعطل بنسبة قد تزيد على ال 80%، وبالتالى يكون مشروع الدستور هو فى حقيقته دستور جديد يلبى مطالب الشعب المصرى الذى قام بثورة 30 يونيو مناديًا بضرورة التخلص من هذا الدستور المشوه القديم الذى وضع فى غفلة وعجالة وجاء بنصوصًا لم تعرفها الدساتير فى العالم كله من قبل، أما الفترة الزمنية التى منحت لأعضاء اللجنة فأعتقد أنها كافية وتزيد لأن الحق واضح والخطأ أوضح وكل المطلوب إزالة الخطأ أو تصويبه والحفاظ على المواد محل الاتفاق لدى الشعب المصرى بكافة طوائفه. الدرس القديم ويضيف: أعتقد أنه بعد أن رأى أعضاء اللجنة ما حدث فى الدستور الذى يجرى تعديله ومن الهجوم على من شاركوا فى وضعه أن هذا درس لكل من يفتئت على حق الشعب أو يعمل لغير صالح الشعب كله وبالتالى فأنا واثق من أن ما سيجرى من تعديلات على هذا الدستور من هذه القامات التى تم اختيارها بحكم وظائفهم وليس أشخاصهم سوف تنال بإذن الله موافقة ومساندة الغالبية العظمى من شعب مصر الذى يأمل فى أن يوضع له دستور يحقق الاستقرار والأمن والأمان وعدم تغول سلطة من سلطات الدولة على باقى السلطات وألا تكون به مواد من شأنها تأليه الحاكم أو خلق ديكتاتورية يرفضها العالم المتحضر لأن عهد الديكتاتوريات ولى وحق الديمقراطية هو الواجب الآن. المضابط القديمة ويؤكد المستشار إسماعيل البسيونى رئيس نادى قضاة الإسكندرية السابق ورئيس محكمة استئناف قنا السابق أنه ينبغى على لجنة «العشرة الدستورية» أن تطلع على جميع مضابط لجنة إعداد دستور 2012 وجميع المناقشات التى تمنت على كل مادة وأن تستدعى أعضاء اللجنة السابقة الذين انسحبوا قبل الموافقة على هذا الدستور لمعرفة سبب انسحابهم وما هى اعتراضاتهم على المواد التى وافقت عليها الأغلبية فيما بعد حتى يستطيعوا أن يعدلوا مواد الدستور المختلف عليها، كذلك ينبغى ألا يكتفوا بهذه التعديلات حتى لا يكون هناك ترقيع للدستور بل ينبغى أن تناقش جميع مواد دستور 2012 مادة مادة، وفى رأيى أنه كان بالإمكان إعادة العمل بدستور 1971 المعدل ذلك أن المجلس العسكرى بعد أن عدلت لجنة المستشار طارق البشرى المواد التى كانت تجعل انتخاب رئيس الجمهورية منحصرًا فقط فى المخلوع ونجله وكانت مانعة لمن يطمحون فى الترشح فإن قانون 1971 بهذه التعديلات يكون صالحًا للعمل بأحكامه وذلك حتى تستكمل المؤسسات الدستورية وينتخب مجلس النواب الجديد وينتخب أيضًا رئيس للجمهورية ذلك أن هناك مطاعن كثيرة على كيفية اختيار لجنة العشرة وكون أن خبراء دستوريين كبار تستعين بهم الدول العربية فى إعداد دساتيرها قد خلت هذه اللجنة من أسمائهم مثل الدكتور إبراهيم درويش على سبيل المثال وليس الحصر كذلك قد تثار اعتراضات على تشكيل لجنة الخمسين إذ أنها لا تشمل كل فصائل المجتمع ممن قد يجعل من هذا الدستور مجالًا للطعن فى تشكيل لجنته وفى مشروعية اللجنة التى أصدرته، ذلك أننا الآن فى ظل شرعية ثورية وينبغى أن يكون الدستور معدا فى ظل الشرعية الدستورية ولأن الدستور وهو القانون الأسمى الذى يتصدر جميع القوانين والذى من المفروض ألا يتعرض للتغيير والتبديل إلا بعد فترات طويلة ومستقرة.. لذا نرجو أن يكون هذا الدستور مستوفيًا وملبيًا لجميع آمال جميع أطياف الشعب المصرى. ويضيف قائلًا: أرى أنه من الأفضل أن نعمل بدستور 1971 بعد تعديله عام 2011 حتى نعود إلى الشرعية الدستورية وتنشأ المؤسسات النيابية ويتم انتخاب مجلس النواب ورئيس الجمهورية ويتم العمل بدستور 1971 وتكون لدينا مؤسسات منتخبة ويتم العودة للاستقرار ثم يتم تعديل الدستور بعد عدة سنوات بلجنة دستورية قانونية محترفة. لا للترقيع أما المستشار محسن هيكل رئيس المحكمة بمحكمة استئناف الإسكندرية فيؤكد أن اللجنة الفنية القانونية المكلفة بوضع التعديلات الدستورية لا سقف لها فى أداء عملها الدستورى فهى تتلقى المقترحات من كافة قوى الشعب ومختلف أطيافه ثم تقوم بدراسة هذه المقترحات وتقوم بتعديل المواد التى ترى أنه من الواجب تعديلها حتى تحقق طموحات الشعب وتكون على مستوى الحدث وتخاطب كافة طوائفه. وألا تقتصر فى أداء عملها بتعديل نصوص معينة أو محددة فإذا ما رأت أن غالبية دستور 2012 واجبة التعديل إما بالحذف أو بالإضافة فلها ذلك وهذا ما صرح به أحد أعضاء اللجنة من أنه ليس مهمة اللجنة ترقيع الدستور بل مهمتها الأساسية طرح دستور يحوز على ثقة الشعب بمختلف طوائفه ويحقق طموحاته ويكون على مستوى الحدث العظيم الذى تعيشه مصر فى الفترة الحالية بل إنه قد أضاف أنهم يؤدون عملا يوثقه التاريخ من أجل أن تظل مصر قادرة وصامدة وإنما ما سوف تقوم به اللجنة من أعمال ليس مجرد تعديلات بحذف لكنه طرح دستور يساوى فى عظمته عظمة مصر وثورة مصر وشعب مصر. ويضيف المستشار هيكل أنه يجب على كافة القوى ومختلف الطوائف أن تمد اللجنة بمقترحاتها وتصوراتها حتى يصدر فى النهاية دستور للشعب المصرى وتتباهى به الأمم وليس دستورا يحقق تفوقا لفئة على فئة أو يعطى الحق لأى حاكم فى أن يفرط فى تراب مصر أو سيادتها أو يصبغ مصر بصبغة لا تتلاءم مع كونها دولة مدنية متحضرة متقدمة لها تاريخ دستورى مجيد، وفى المقام الأول لابد أن يكون ذلك فى إطار إسلامية مصر المتحضرة المستنيرة التى ترقى بالأمة لا تعيدها إلى الوراء عشرات السنين، ويجب أن تتكاتف قوى الشعب جميعًا لإخراج مثل هذا الدستور من أجل أن يدافع عن حقوقه ومكتسباته فى إطار الاعتزاز بسماحة إسلامه واستيعاب كافة الطوائف الدينية بمختلف انتماءاتها والتى تعيش على تراب مصر وأنا يحقق المواطنة فى أعظم صورها لأن هكذا علمنا ديننا الحنيف وأن كلى ثقة فى أن اللجنة المكلفة بمراجعة مواد الدستور سوف تراعى كل ذلك من أجل مصلحة مصر وشعب مصر حتى تكون دولتنا هى المنارة التى تهتدى بها الأمم. تراث دستورى يرى الدكتور محمود كبيش أستاذ القانون الجنائى وعميد كلية حقوق القاهرة أن الواقع الذى ورد فى الإعلان الدستورى تحديدًا هو أن تجرى اللجنة التعديلات المطلوبة على الدستور المعطل لكن الواقع أن هذه اللجنة من الناحية الفعلية سوف تعيد النظر فى كل مواد الدستور وإذا وجدت أن هناك نصا صالح من الناحية الدستورية فستأخذه وفى اعتقادى ستقوم اللجنة بإعادة النظر فى كل مواد ونصوص الدستور حتى المواد المقبولة من الناحية الموضوعية وستعيد النظر فى صياغتها لأنها لم تتم بدقة وسوق تلغى المواد التى كانت محل انتقاد شديد كما أنه تم تفصيل مواد من أجل أشخاص بعينهم، كما سيتم إعادة النظر فى إلغاء العزل السياسى والتفاصيل التى وردت بشأن الشريعة وسيتم إعطاء اختصاص المحكمة الدستورية العليا التى تعرضت لافتئات من جانب هذا الدستور الذى وضع عام 2012. ويضيف كبيش أن هذه النصوص التى سيتم تعديلها والتى أغفلها دستور 2012 سيتم وضع تمثيل نسبى للمرأة وهذا فى ذهن اللجنة وأمور أخرى بسلطات رئيس الجمهورية أيضًا الأجهزة الرقابية وسلطة رئيس الجمهورية وحرية الإعلام التى لابد أن توضع بصورة أكثر وضوحًا. وأتوقع أن تضع اللجنة دستورًا جديدًا بصياغة دقيقة وهى مسألة منطقية لأن هذه اللجنة محايدة وليس لها انتماء سياسى أو لأعضائها أى توجه سياسى وهذا ما كنا نطلبه ممثلًا فى الكفاءة والحياد. وشدد على أن اللجنة ستبذل جهدًا مضاعفًا من أجل إنجاز مهمة الدستور خلال هذا الشهر والذى لابد أن تنتهى فيه من عملها ومقترحاتها ثم يعرض على اللجنة الثانية والتى يستغرق عملها شهر آخر ثم يعرض الأمر على رئيس الجمهورية وبذلك يكون الدستور جاهزًا. ويضيف كبيش: نتمنى أن تنتهى اللجنة من عملها وتضع دستورًا لمصر دون محاباة لأحد وأن يشتمل على نص واضح بألا يقام أى حزب سياسى على أساس دينى لأن الدين موجود فى قلوب الناس وعقولهم دون الحاجة إلى إنشاء أحزاب على أسس دينية فهذا مرفوض تمامًا، فيجب ألا أن يرتبط الدين بالسياسة. ويمكن للجنة أن تأخذ من التراث الدستورى مثل دستور 23 ودستور 1954 ودستور 1971 وليس هناك ما يمنع الأخذ من أى منها أى نصوص أو مواد تراها مناسبة للدستور. مشيراً إلى أن مواد الدستور التى سيتم تعديل نصوصها جاءت مشوهة ولابد أن تعيد اللجنة النظر فى كل مواد الدستور ونصوصه وأنا أثق تمامًا فى أن تصل اللجنة إلى وضع دستور يليق بمصر ولكن المهم هو أن من يطبق نصوص هذا الدستور وأعتقد أن هذه اللجنة الدستورية القانونية ستلتزم بخريطة الطريق وتنتج لنا دستورًا يتلافى كل العيوب الدستورية والنصوص التى تضمنها الدستور المعطل والمشوه فى نصوصه وحتى فى صياغة مواده. دستور توافقى ويشدد الدكتور نبيل حلمى أستاذ القانون الدولى وعميد كلية الحقوق جامعة الزقازيق السابق على ضرورة إعداد دستور توافقى بطريقة محترفة يعبر عن توافق المجتمع، وأضاف: أتصور أن المؤشر الأساسى لهذه اللجنة فى عملها هو أن يكون دستور 1971 بدون تعديلاته التى تمت عام 1981 وبتعديلاته 2011 كمؤشر لعملها حيث إن دستور 2012 كان معالجة وقتية للظروف التى مرت بها وأتصور أن هذه اللجنة منتقاه من أساتذة وقضاة قانون دستورى وهى خطوة صحيحة وسليمة فهم محترفون ومحايدين وليس لهم انتماءات سياسية أو حزبية وأتمنى استدعاء عدد من أساتذة القانون الدستورى أو متخصصين أكثر فى القانون الدستورى مثل د. يحيى الجمل ود.شوقى السيد ود. إبراهيم درويش للاستفادة منهم فى كتابة الدستور فهم خبرة لابد أن نقف أمامها باحترام وتقدير كبيرين. مضيفًا أن فترة الشهر كافية لعمل اللجنة لإنتاج دستور يليق بمصر لأن مصر بلد دستورية ولديها قاعدة دستورية ومن أوائل الدول التى قامت بوضع دساتير فى العالم. ويؤكد المستشار صدقى خلوصى الفقيه القانونى ورئيس هيئة قضايا الدولة السابق أن لجنة التعديلات الدستورية تعنى بالتعديلات وتصحيح الأوضاع والحذف والإضافة والإنشاء ويجب ألا نتوقف كثيرًا عند المعانى لأن من وضع الإعلان الدستورى بشر ونحن نريد من اللجنة أن تقوم بمهمتها وإنجاز هذه المهمة ونقوم بمساعدتها على ذلك أن نكف عن المناقشات التى لا تفيد. ويضف أن هناك ملاحظة شكلية وهى ظهور مقرر اللجنة فى هذه الصورة وهل المقرر هو رئيس اللجنة وهل سيشترك فى هذه المداولات نريد ألا نتوقف كثيرًا أمام ذلك.. المهم أن تنجز هذه اللجنة مهمتها فى الوقت المحدد لها. وأوضح أن الإنشاء أفضل كثيرًا من أن تقوم بتعديل شىء كان مرفوضًا، فالإنشاء الجديد أفضل كثيرًا، نحن نريد أن تتم الأمور بشكل سلس، وأناشد رجال القانون بأن يكفوا عن بث آرائهم التى لا تقدم ولا تؤخر وقد تعطل من تحقيق الهدف الذى قامت من أجله ثورة 30 يونيه، ويضيف أن دستور 1971 وبعد التعديلات التى أدخلت عليه يكون من الأصلح الأخذ لأنه سيحقق كل الأغراض لأن الوقت حاكم أصيل فى عمل اللجنة ولأن الدساتير فى معظمها عبارة عن نتاج فكر إنسانى عالمى تستعين به الدول فى وضع دساتيرها، فلا مانع من أن نستعين بدستور قيل عنه إنه من أفضل الدساتير فى العالم وهو دستور عام 1971 بعد التعديلات وإذا كنا نستعين بأفكار الدول الأخرى وجب أن نستعين بأفكارنا ودستور 1971 لم يتجاهل الدساتير السابقة التى صدرت قبل ذلك مثل 23 و1954، والمهم مسألة الوقت التى يجب أن ينجز فيها تعديل الدستور أو إنشاء الدستور بعد أن صرح القائمون على اللجنة بأن هذه اللجنة لها كافة الحرية فى تعديل أو وضع دستور جديد متوقعًا أن توفق هذه اللجنة فى عملها وتخرج لنا عملا يرضى عنه الناس وإن صلحت النوايا فسنجد النتائج مناشدًا القانونيين بأن يكفوا عن إبداء آرائهم الهدامة التى تؤخر ولا تقدم لأننا نريد أن ننجز دستورًا يليق بمصر فى القرن الواحد والعشرين ولا يعيدها إلى القرون الماضية.. نريد أن نتقدم خطوات إلى الأمام وننجز دستورًا فى خلال المدة المحددة طبقًا للإعلان الدستورى.