بعد غياب دام أكثر من شهرين، عاد الرئيس الجزائرى عبد العزيز بوتفليقة إلى بلاده لينهى حالة الجدل السياسى غير المسبوق، والتى سارعت فيه تكتلات حزبية معارضة للمطالبة بتطبيق مادة دستورية تخص انتقال السلطة فى حال وجود «مانع صحى» أمام ممارسة الرئيس مهماته. ومن المتوقع أن تسفر عودته عن تداعيات سياسية تنهى حديث المعارضة عن الخلافة المبكرة لكن الأطباء نصحوه بالراحة التامة. وبات الأمر واضحا أن بوتفليقة (76 عاما) سيكمل ولايته بأى شكل من الأشكال، لكنه لن يترشح لولاية رابعة لأن صحته لم تعد تسمح له بالاستمرار فى الحكم بعد ربيع 2014. وفى هذا السياق تطلب المعارضة الجزائرية من الحكومة توضيح الحالة الصحية الحقيقية للرئيس وما إذا كانت تستوجب إعلان شغور منصب رئيس الجمهورية بسبب المرض، وبالتالى تنظيم انتخابات رئاسية مسبقة وفقا للمادة 88 من الدستور، لكن الحكومة رفضت هذا التوجه. وتنص المادة 88 من الدستور الجزائرى على أنه «إذا استحال على رئيس الجمهورية أن يمارس مهامه بسبب مرض خطير ومزمن، يجتمع المجلس الدستورى وجوبا. وبعد أن يتثبت من حقيقة هذا المانع بكل الوسائل الملائمة، يقترح بالإجماع على البرلمان التصريح بثبوت المانع». وفى حالة عجز الرئيس عن أداء مهامه سيشغل رئيس مجلس الأمة عبد القادر بن صالح (70 عاما) منصب الرئيس بالنيابة حتى تنظيم انتخابات فى إطار زمنى لا يتعدى 45 يوما. ولا يحق ل «بن صالح» فى هذه الحالة الترشح لهذا المنصب. وفى هذه الأثناء تحتفل الجزائر بمرور 51 عاما على ذكرى إعلان استقلالها عن فرنسا 5 يوليو 1962 إلا أن الكثير من المراقبين مازال يشير إلى استمرار اضطلاع باريس بدور كبير فى رسم ملامح السياسة الجزائرية لاسيما فى ظل استمرارية النظر إليها كمقاطعة فرنسية من ثم محاولات التدخل فى سياستها سواء كانت الداخلية أو الخارجية خاصة فى ظل حكم الرئيس بوتفليقة منذ 27 أبريل 1999 الأمر الذى بات يطرح العديد من علامات الاستفهام حول مرحلة ما بعد بوتفليقة. ورغم كثرة الأسماء المطروحة على الساحة الجزائرية لخلافة بوتفليقة سواء كان الهامل أو أحمد بن بيتور، رئيس الحكومة العام 1999 الذى أعلن عن ترشحه للانتخابات القادمة منذ ديسمبر الماضى كذلك عودة على بن فليس منافس بوتفليقة فى الانتخابات الرئاسية 2004 إلى الواجهة إلا أن الكثير من المراقبين يشير إلى ضرورة توخى الحذر الآن قبل طرح أى منهم نفسه فى هذا التوقيت أو التأكيد على تسمية شخصية بعينها من جانب الحزب الحاكم ذلك أن الوضع فى الجزائر بات أعقد بكثير مما يفرض صعوبة تحكم طرف بعينه سواء كان الرئيس أو غيره من الأطراف الأخرى فى اتخاذ القرار لاسيما فى ظل متغيرات ما بعد الربيع العربى التى ساهمت بشكل كبير إلى عودة الزخم السياسى للأحزاب ذات المرجعية الإسلامية خاصة فى ظل عودة صعود «الجبهة الإسلامية للإنقاذ» المحظورة منذ حلها فى 1992 إلى الظهور على السطح مجددا ذلك بعد الحديث عن إمكانية ترشيح «على بن حاج» أحد مؤسسى الجبهة مطلع سنة 1989 - نفسه إلى الانتخابات الرئاسية المقبلة.