كيف تعدل المركز الانتخابي قبل بدء التصويت في انتخابات مجلس النواب؟ الوطنية للانتخابات تجيب    فيضانات مدمّرة تجتاح ألاسكا وحاكمها يطالب ترامب بإعلان حالة كوارث كبرى (صور)    ياسين منصور: سيد عبد الحفيظ رجل المرحلة وابتعدت أيام حسن حمدي لأنهم اعتبروني "شوال فلوس"    فالنسيا يتعادل مع ألافيس سلبيا في الدوري الإسباني    ديربي لندن، وست هام يسقط بثنائة أمام برينتفرود في صراع البقاء بالدوري الإنجليزي    قرار عاجل ضد المتورطين في قضية شيكات المطربة بوسي    أول تحرك من أوقاف الإسكندرية في محاولة سرقة مكتب بريد عبر حفر نفق من داخل مسجد    هل تفكر هنا الزاهد في تكرار تجربة الزواج مرة أخرى؟ الفنانة ترد    أهلي جدة يحقق فوزًا مهمًا على الغرافة في دوري أبطال آسيا    قائمة بيراميدز في مواجهة فاركو بالدوري    متى وكيف تقيس سكر الدم للحصول على نتائج دقيقة؟    النواب البحريني: نتطلع لتهيئة مسار سلام يعيد الحقوق المشروعة لشعب فلسطين    زيلينسكي: نسعى لعقد طويل الأمد مع أمريكا لشراء 25 منظومة باتريوت    مصطفى الشهدى حكما لمباراة الأهلى والاتحاد.. ووفا للمصرى وسموحة    الأخبار العربية والعالمية حتى منتصف الليل.. حماس: ملتزمون بوقف إطلاق النار والاحتلال لديه ثوابت لاختراق الاتفاق.. ترامب يهدد بفرض رسوم على الصين تصل ل175%.. جهود لإنقاذ ناقلة نفط تشتعل بها النيران في خليج عدن    أخبار 24 ساعة.. صدور قرارات جمهورية بتعيين قيادات جامعية جديدة    إرسال عينات الدم المعثور عليها فى مسرح جريمة تلميذ الإسماعيلية للطب الشرعى    على طريقة فيلم لصوص لكن ظرفاء.. حفروا نفقا داخل مسجد لسرقة مكتب بريد "فيديو"    وزارة العمل: قرارات زيادة الأجور لا تصدر بشكل عشوائي بل بعد دراسات دقيقة    بسمة داوود تكشف لتليفزيون اليوم السابع سبب توترها على الريدكاربت بالجونة    الموت يفجع الفنان حمدي الوزير.. اعرف التفاصيل    بالصور.. وزير الثقافة يقدم واجب العزاء في والدة أمير عيد    متحدث الحكومة: نهدف لتيسير الخدمات الحكومية من أجل المواطن والمستثمر    شوربة الشوفان بالدجاج والخضار، وجبة مغذية ومناسبة للأيام الباردة    تحالف مصرفي يمنح تمويل إسلامي بقيمة 5.2 مليار جنيه لشركة إنرشيا    توم براك يحذر لبنان من احتمال مهاجمة إسرائيل إذا لم ينزع سلاح حزب الله    أشرف عبد الباقي عن دوره في «السادة الافاضل»: ليس عادياً ومكتوب بشياكة    ترامب: الولايات المتحدة تمتلك أسلحة متطورة لا يعلم الآخرون بوجودها    فى عيدها ال 58.. اللواء بحرى أ.ح. محمود عادل فوزى قائد القوات البحرية :العقيدة القتالية المصرية.. سر تفوق مقاتلينا    هل يشترط وجود النية في الطلاق؟.. أمين الفتوى يجيب    هل يجب القنوت في صلاة الوتر؟.. أمين الفتوى يجيب    هل تجوز الأضحية عن المتوفى؟.. أمين الفتوى يجيب    جامعة قناة السويس تعلن نتائج بطولة السباحة لكلياتها وسط أجواء تنافسية    الخطيب يهنئ «رجال يد الأهلي» ببطولة إفريقيا    أول وحدة لعلاج كهرباء القلب بالفيوم    هيئة السكة الحديد تعلن مواعيد قطارات المنيا – القاهرة اليوم    بريطانيا تتراجع 5 مراتب في تصنيف التنافسية الضريبية العالمي بعد زيادة الضرائب    حقيقة مفاوضات حسام عبد المجيد مع بيراميدز    نقابة الأشراف تعليقا على جدل مولد السيد البدوي: الاحتفال تعبير عن محبة المصريين لآل البيت    منتدى أسوان للسلام منصة إفريقية خالصة تعبّر عن أولويات شعوب القارة    وكيل تعليم الفيوم يشيد بتفعيل "منصة Quero" لدى طلاب الصف الأول الثانوي العام.. صور    متحدث الحكومة: سنبحث تعميم الإجازة يوم افتتاح المتحف الكبير    أمينة الفتوى: الزكاة ليست مجرد عبادة مالية بل مقياس لعلاقة الإنسان بربه    محمد الحمصانى: طرحنا أفكارا لإحياء وتطوير مسار العائلة المقدسة    على الطريقة الأجنبية.. جددي من طريقة عمل شوربة العدس (مكون إضافي سيغير الطعم)    نتنياهو: مصرون على تحقيق جميع أهداف الحرب في غزة ونزع سلاح حماس    هشام جمال يكشف تفاصيل لأول مرة عن زواجه من ليلى زاهر    مركزان ثقافيان وجامعة.. اتفاق مصري - كوري على تعزيز التعاون في التعليم العالي    قرار وزارى بإعادة تنظيم التقويم التربوى لمرحلة الشهادة الإعدادية    الذكاء الاصطناعي أم الضمير.. من يحكم العالم؟    مجلس إدارة راية لخدمات مراكز الاتصالات يرفض عرض استحواذ راية القابضة لتدني قيمته    ضربه من الخلف وقطّعه 7 ساعات.. اعترافات المتهم بقتل زميله وتقطيعه بمنشار في الإسماعيلية    «العمل»: التفتيش على 1730 منشأة بالمحافظات خلال 19 يومًا    لعظام أقوى.. تعرف على أهم الأطعمة والمشروبات التي تقيك من هشاشة العظام    الرئيس السيسي يوجه بمواصلة جهود تحسين أحوال الأئمة والخطباء والدعاة    علي هامش مهرجان الجونة .. إلهام شاهين تحتفل بمرور 50 عامًا على مشوار يسرا الفني .. صور    طالب يطعن زميله باله حادة فى أسيوط والمباحث تلقى القبض عليه    التنظيم والإدارة يعلن عن مسابقة لشغل 330 وظيفة مهندس بوزارة الموارد المائية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تعلمت من الشيخ الذهبى
نشر في أكتوبر يوم 14 - 07 - 2013

بحكم عملى كمندوب للأهرام فى عدة وزارات توثقت علاقاتى مع الوزراء ووكلاء الوزارات وكبار القيادات فى وزارة العدل والهيئات القضائية وكذلك فى وزارة الأوقاف، وتحولت زيارات العمل بحثا عن الأخبار والتصريحات والآراء إلى زيارات مع أصدقاء تتحول الجلسات فيها فى بعض الأحيان إلى ندوات تكون فيها آراء حرة ليست للنشر، وكنت حريصا جدا على احترام إرادة كل مصدر فيما ينشر أو لا ينشر ولم أخل بوعدى أبدا وكان هذا هو مفتاح المعايشة من الداخل مع صفوة من الشخصيات النادرة.. ومع وزراء الأوقاف كانت الصداقة تمتد إلى لقاءات فى البيت وإلى استعارة كتب وتبادل الحديث فى قضايا دينية وفكرية أشهد بأنى مدين لها فى تكوينى، كان من هؤلاء الدكتور عبد العزيز كامل والدكتور عبد المنعم النمر والشيخ الشعراوى والدكتور محمد حسين الذهبى، والدكتور الأحمدى أبو النور.. وغيرهم.
ومع الشيخ الذهبى كنا نلتقى كل يوم تقريبا فى الساعة الرابعة تقريبا بعد أن يكون قد فرغ من عمل الوزارة وأجلس إليه فترة قد تمتد إلى السادسة وتعلمت الكثير من هذه الجلسات، كنت كالمريد مع شيخه، وكان الرجل يفيض بعلمه الواسع وكانت تذهلنى ذاكرته القوية حتى إنه كان يسترجع صفحات من بعض الكتب يختزنها فى ذاكرته، وكان منهجه فى الحديث وفى التفكير هو الالتزام بالقرآن والحديث الصحيح، وكل فكره يؤيدها بآية أو حديث، ومن عجبى أنه كان يحفظ أسماء سلسلة الرواة لكل حديث.
عن «الهجرة» التى كان يدعو إليها البعض بدأ بالحديث «المسلم من سلم المسلمون من لسانه أو بيده، والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه»، فإذا رأيت من يؤذى أحدا بلسانه، أو ينال من عرضه،أو يغتابه، فقد انحرف عن الطريق الذى رسمه الرسول للمسلمين أما إذا رأيت من يؤذى مسلما بيده أو يقتله أو يسبب له الضرر، أو يغتصب ماله، أو يسىء إلى سمعته أو يحط من كرامته فهذا الشخص قد اعتدى على حرمة الإنسان، وليس المقصود حماية المسلم من إيذاء أخيه المسلم فإن ذلك واجب أيضا لغير المسلم لأن الإيذاء محرم على المسلم أصلا.
أما مفهوم «الهجرة» فى حديث الرسول فهى هجرة محارم الله، ولعل الرسول صلى الله عليه وسلم أراد بهذا الحديث أن يحذر المهاجرين من الاتكال على هجرتهم وأن مجرد الانتقال من دار الكفر إلى دار الإيمان لا قيمة له إذا لم يمتثلوا لأمر الله ويجتنبوا المعاصى، ولعله أيضا أراد تطييب نفوس الذين لم يدركوا الهجرة بأن ما فاتهم من فضل الهجرة يمكن إدراكه بهجرة ما نهى الله عنه.
ومن مبادئ الإسلام ما أكده الرسول صلى الله عليه وسلم فى الحديث:«لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه».. يحب له التوفيق والمال الحلال والعلم النافع والزوجة الوفية والولد الصالح والمكانة وما إلى ذلك مما يحبه الإنسان لنفسه، ويكره له ما يكرهه لنفسه، يكره له المهانة، والفقر، والحاجة، وكل الأمور التى يكرهها لنفسه، وحب الإنسان لأخيه الإنسان ليس حبا فطريا وغريزيا مثل حب الوالدين للابن مثلا، وإنما هو حب ينشأ من الإيمان وإدراك للرباط الإنسانى الذى يجعل الفرد يشعر بالسعادة لسعادة الآخرين ويشعر بالحزن لآلامهم وفى هذا اكتمال الإيمان.
وعن اكتمال الإيمان قال إن الحديث الصحيح:«الإيمان بضع وسبعون شعبة أفضلها قول لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان» فكان الإيمان مثل شجرة لها شعب وأغصان، أعلاها الإقرار بالتوحيد وهو الأصل لكل ما يتفرع عنه من قول وعمل، وأدناها إزالة ما يكون فى الطريق مما يؤذى أو يعوق الناس، وبين هذين الحياء لعلم الإنسان بأن الله يعلم خائنة الأعين وما تخفى الصدور، والحياء يدفع إلى فعل الطاعات، ويمنع عن فعل المعصية، ومن سُلب من الحياء لم يبق له ما يمنعه من ارتكاب السيئات لأن من لا حياء له فيه جرأة على المعصية، والحياء من الناس درجة من الإيمان، أما الحياء من الله فهو الدرجة العليا، وإذا ظن إنسان أن الحياء يمنعه من مواجهة غيره بالحق، أو يدفعه إلى الإخلال بالحقوق فهذا ليس حياء وإنما هو ضعف.
واكتمال الإيمان أن يتقى المسلم النار بعمل الخيرات والبعد عن المحرمات وقد ذكر الرسول صلى الله عليه وسلم أن الصدقة وقاية من النار ومهما كانت صغيرة فيقول فى آخر حديث رواه البخارى ومسلم «فاتقوا النار ولو بشق تمرة» وهو بهذا يريد من المسلم ألا يستصغر شيئا من أعمال الخير، والصدقة مهما قلّت تكون يوم القيامة وقاية لصاحبها من نار جهنم ما دامت الصدقة من كسب حلال لأن الله طيب لا يقبل إلا طيبا، وفى كتاب الله آيات كثيرة عن الصدقة والزكاة مثل: خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (103) [ التوبة 103] قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (1) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ (2) وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ (3) وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ (4) [ المؤمنون 1- 4] فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى (5) وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى (6) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى (7) وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى (8) وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى (9) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى (10) وَمَا يُغْنِي عَنْهُ مَالُهُ إِذَا تَرَدَّى (11) [الليل 5-11] و) مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ (42) قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ (43) وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ (44) [المدثر 42-44] وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمْ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْراً لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ [آل عمران 180] وفى الحديث:«عن أنس بن مالك قال: أتى رجل من تميم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إنى ذو مال كثير فأخبرنى كيف أصنع وكيف أنفق؛ فقال الرسول: تخرج الزكاة من مالك فهى طهرة تطهرك، وتصل أقرباءك، وتعرف حق المسكين والجار والسائل».. يقول الله تعالى فى كتابه ) مَثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ [البقرة 261] وفى وصف المنافقين يقول تعالى: الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمْ الْفَاسِقُونَ [التوبة 67] وروى الترمذى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«خصلتان لا يجتمعان فى مؤمن: البخل وسوء الخلق»، وفى الآية: الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لا يُتْبِعُونَ مَا أَنفَقُوا مَنّاً وَلا أَذًى لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ [البقرة 262].
وكان الشيخ الذهبى يكرر أن المسلم لا يكتمل اسلامه إلا بالزكاة والصدقة مهما بالغ فى أداء بقية الأركان.
هذا بعض ما تعلمته من العالم المؤمن الصادق الزاهد الذى نذر نفسه لكلمة الحق، ولم يصيبه منصب الوزير بالكيد والغرور كغيره بل بالعكس زاده تواضعا، وعندما دخلت بيته أدركت كيف يعيش رجال الله أصحاب الأيادى النظيفة، فلا تحف ولا ديكورات ولا أثاث فاخر ولا خدم.. كان مثالا لنظافة اليد والقلب واللسان.. كان عالما يفيض بعلمه على من يعرف ومن لا يعرف، ولا يرد سائلا يطرق بابه.. لأن بابه وهو وزير لم يكن يقف عليه من يمنع الناس، وبيته وهو وزير لم يكن عليه حراس.. يرحمه الله مع الشهداء والصديقين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.