فى إطار حملة التطهير العرقى ضدهم، قررت السلطات فى مينمار منع أقلية الروهينجا المسلمة فى ولاية راخين (أراكان سابقا) غرب البلاد، من الزواج بأكثر من امرأة أو إنجاب أكثر من طفلين، بحجة تخفيف حدة التوتر مع جيرانهم البوذيين، لتصبح ميانمار الدولة الوحيدة فى العالم التى تفرض تحديدا للنسل على أساس طائفى أو عرقى. وجعلت سلطات ميانمار تحديد النسل لمسلمى الروهينجا شرطا أساسيا للبقاء فى المخيمات التى يتجمعون فيها بعد أن أحرقت العصابات البوذية بيوتهم فى أحداث العنف والاضطهاد التى تشهدها مناطق عديدة بولاية أراكان منذ العام الماضى. وذكر المتحدث باسم الولاية «وين ميانج» أن القرار الجديد الذى دخل بالفعل حيز التنفيذ يهدف إلى كبح الزيادة السريعة فى أعداد المسلمين حيث حددت اللجنة التى عينتها الحكومة هذه الزيادة كأحد أسباب التوتر الطائفى فى المنطقة. وبالطبع فإن الإجراء الجديد لا يشمل الطائفة البوذية. وجاء هذا الإجراء بعد أيام قليلة من زيارة تاريخية هى الأولى من نوعها منذ 47 عاما قام بها رئيس ميانمار ثين سين للولايات المتحدة، والتى اكتفى خلالها الرئيس الأمريكى باراك أوباما بالإعراب لضيفه عن قلقه العميق حيال أعمال العنف الطائفية التى تستهدف المسلمين فى ميانمار ومطالبته بوقف نزوح السكان والعنف الموجه ضدهم، غير أنه اعترف ب «الجهود الفعلية» التى بذلها «ثين» فى هذا الصدد، كما أشاد أوباما بالإصلاحات السياسية والاقتصادية التى قام بها ثين وتقدمه الكبير فى إحلال الديمقراطية فى ميانمار. وفى تأكيد لمنح السلطة العسكرية الحاكمة المزيد من المساندة والتأييد وتوسيع العلاقات معها، أعلن البيت الأبيض أنه بدأ يستخدم اسم ميانمار بشكل أكثر فى الإشارة إلى ذلك البلد، وحرص أوباما للمرة الأولى على استخدام اسم ميانمار وليس بورما فى تعليقاته للصحفيين. وكانت الإدارات الأمريكية المتعاقبة ترفض استخدام الاسم الجديد الذى استحدثه العسكر بعد وصولهم للحكم بانقلاب عسكرى فى أواخر ثمانينيات القرن الماضى وذلك للتعبير عن عدم اعترافها بشرعية الحكومات العسكرية. وهذا بالرغم من أن تقرير حديث لمنظمة هيومن رايتس ووتش اتهم سلطات ميانمار ب «القيام بحملة تطهير عرقى» ضد مسلمى الروهينجا، إضافة إلى أن التقرير السنوى للجنة الأمريكية بشأن الحرية الدينية الدولية لعام 2013 والذى نشر أوائل مايو الماضى، صنف بورما كأسوأ دولة عالميا من حيث انتهاك الحرية الدينية. وذكر التقرير أن ولاية أراكان ذات التمركز الإسلامى تشهد منذ يونيو 2012 عنفا طائفيا ضد عرقية الروهينجا المسلمة حيث أغلقت جميع المساجد والمدارس الإسلامية. وأشار إلى اعتقال عدد كبير من المسلمين وتعريضهم للتعذيب الجماعى. كما أكد التقرير أنه على مدار السنة الماضية أحرقت العديد من قرى المسلمين وقتل أكثر من ألف شخص، فيما نزح عن ديارهم ما يزيد على مائة ألف شخص يعيشون فى ظروف قاسية بمخيمات للاجئين، حيث يمنع عنهم الغذاء والمساعدات الطبية. وكانت الجماعات المدافعة عن حقوق الإنسان قد انتقدت زيارة الرئيس البورمى لواشنطن واتهمت الرئيس أوباما بالتسرع فى السعى لإعادة تأهيل بورما، مشيرين إلى تفاقم أعمال العنف العرقية أو الطائفية ولاسيما ضد المسلمين بولاية راخين منذ بدأت واشنطن فى تخفيف العقوبات على ميانمار. ومن جانبها، قالت جنيفر كويجلى من مجموعة «الحملة الأمريكية من أجل بورما» إن «الرئيس أوباما يبعث برسالة تقول إن إدارته تغض الطرف عن الجرائم ضد الإنسانية التى تقترفها الدولة بحق الأقليات الإثنية والدينية فى بورما». جدير بالذكر أن الاتحاد الأوروبى رفع فى ابريل الماضى العقوبات غير العسكرية عن ميانمار مما أثار وقتها أيضا الانتقادات من قبل منظمات حقوق الإنسان بسبب غضه الطرف عن مأساة مسلمى الروهينجا، وكأن الإبادة التى ترتكب ضدهم لا تستحق استمرار العقوبات التى ظل الغرب يفرضها على ميانمار لسنوات طويلة لسجلها السيئ فى مجال الديمقراطية وحقوق الإنسان!