رفض علماء الأزهر دعوات الامتناع عن دفع فواتير الكهرباء بسبب تكرار انقطاع التيار حيث وصفها البعض بما ورد فى حديث السفينة الذى قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم، فى حين وصفها آخرون وشبهوها بعام الجدب مطالبين الجميع بأن يسلك، ما سلكه المسلمون فى هذا العام... وألا ينساقوا وراء هذا الدعوات التخريبية - حسب وضعهم- لأن فيها مخالفة لصحيح الدين الإسلامى. فى البداية يقول د. محمود مهنا الأستاذ بجامعة الأزهر وعضو هيئة كبار العلماء إن من يمتنع عن دفع فواتير الكهرباء آثم شرعا.. وآكل للحرام ومعطل لموارد الدولة.. وآكل لحقوق العباد بغير فهم.. وينطبق عليه حديث النبى صلى الله عليه وسلم فى الأرض حين قال «من أخذ قدر شبر من الأرض ظلما طوق به يوم القيامة من سبع أراضين». وأضاف: قال الرسول أيضا «أد الأمانة لمن أتنمنك ولا تخن من خانك». وقال تعالى ( ولا تأكلوا أمولكم بينكم بالبطل ) موضحا أن أمر الكهرباء أمر عام ينقطع تارة ويأتى تارة، ولا يترتب عليه ألا يدفع المواطن فاتورة الكهرباء.. لأن هذه محنة يجب أن نتحملها جميعا لأنها لا تخص فردا دون آخر، لكنها تخص المجتمع كله. وتابع: أطالب الشعب بأن يكون مثل جيل أكتوبر 73 الذى تحمل محنة الحرب وشارك فيها الشعب المصرى كله ولم يتوان فى تقديم كل ما يملك لمصر وجيشها، وهو تكرار لما حدث فى عام الرمادة يوم أن جاء المسلمون الطاعون وأميرهم عمر بن الخطاب رضى الله عنه، كما اشتركت الأمة كلها فى عام الجدب «القحط».. مشبها محنة انقطاع الكهرباء بمحنة الجدب متمنيا أن نسلك نفس ما سكله المسلمون الأوائل فى التعامل مع هذه المحنة، كما طالب الشعب المصرى بأن يتحمل انقطاع الكهرباء ساعة أو ساعتين أوحتى يوما أو يومين كما تحمل من قبل ما لا يتحمله بشر من أجل مصر. وقال إن سبب الأزمة يرجع إلينا وليس على الحاكم.. واصفا المصريين بأنهم أصبحوا مستهترين ومضيعين للمرافق.. وكأنهم ما تعلموا وما عرفوا قصة البرازيل التى كانت أفقر دول العالم، ولكنها أصبحت بسواعد ابنائها أحد أغنى 6 دول فى العالم وإلى شعب اليابان الذى يهدم الزلزال مصانعه ويبينها فى اليوم الثانى. ومن جانبه يرى د. محمد عشماوى الباحث فى وزارة الأوقاف أن دعوات الامتناع عن دفع فواتير الكهرباء بسب تكرار انقطاعها تدخل فى إطار أكل المال بالباطل.. واستحلال الحرام.. لأن هذه خدمات قدمت بالفعل واستفاد منها هذه المواطن، كما أن هذا مال عام وليس مالا خاصا وهذه الفواتير دين مستحق لصالح الشعب. وتابع: أن هذه الدعوات من شأنها أن تشل حركة العمل وتداول المال واستمرار تقديم الخدمة نفسها، حيث قرأت والكلام على لسان د. عشماوى إنه من الممكن أن يتسبب ذلك فى إفلاس شركات توزيع الكهرباء. وأضاف أن الإسلام يقف فى وجه هذه الدعوات موقفا حاسما، والعدوان على الملكيات العامة، ولا ينبغى للوزارة أن تتهاون فى جمع هذه الفواتير، لأنها مستأمنة على استمرار الخدمة وتحصيل القيمة الذى من شأنه أن يضح المال فى مسارات العمل ويجعل الخدمة تستمر. وقال إن هذه الدعوات تدخل فى إطار التعاون على الاثم والعدوان وقال وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وهنا قدم المولى عز وجل البر على التقوى لأن البر يدخل فى إطار المعاملات أما التقوى فهى بين العبد وربه، مطالبا بألا يتم الاستجابة لمثل هذه الدعوات لأنها أشبه بحديث السفينة الذى يبين فيه النبى صلى الله عليه وسلم صورة مشابهة لهذا حيث يقول «مثل القائم على حدود الله والواقع فيها كمثل قوم استهموا قرعة على سفينة فأصاب بعضهم أعلاها وبعضهم أسفلها، فكان الذين اسفلها إذا أرادوا أن يستقوا الماء مروا على من فوقهم فقالوا: لو أنا خرقنا فى نصيبنا جزءا لم نؤذ به من فوقنا.. فلو أنهم تركوهم هلكوا وهلكوا جميعا، ولو أنهم أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعا». وأوضح أن هذا الحديث يكاد يلامس هذه الصورة والتى تعد نوعا من أنواع التمرد على السلطة التنفيذية وتعطيل مصالح البلاد.. وهذا يحتاج حسما وحزما من القائمين على السلطة ولعل هذا ما يبينه الحديث الشريف فى قوله «ولو أنهم أخذوا على أيديهم لنجوا جميعا». فى حين رفض الشيخ فؤاد عبدالعظيم وكيل وزارة الأوقاف السابق هذه الدعوات وأدانها بشدة، ووصفها بأنها لا تتماشى مع عرف وأخلاقيات الدين الإسلامى، كما فيها من ضرر وتخريب وانهيار للدولة التى لا تتحمل مثل هذه الدعوات. وتابع: نهيب بالشعب المصرى ألا يستجيب أو يتفاعل مع هذه الدعوات.. وأن يطالب بحقه بطريقة قانونية مؤكدا أن هناك أكثر من طريقة يمكن من خلالها أن يحصل كل مواطن على حقه، كما نهيب فى نفس الوقت.. والكلام على لسان الشيخ فؤاد بالمسئولين بأن يناقشوا هذه السلبيات ويضعوا حلولا لها، لأن النبى صلى الله عليه وسلم يقول: «كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته».