يقول الحق تبارك وتعالي في كتابه العزيز وهو أصدق القائلين: "لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا". من فضل الله علينا أن بعث فينا نبيه وحبيبه سيدنا محمدا صلي الله عليه وسلم لينهض بأمانة الدين. وإمامة الدنيا. وكان خير ما أعانه علي القيام بهذه المهمة. إعداد الله له. وتربيته إياه علي نحو توافرت فيه مقومات القيادة. ومؤهلات الزعامة بحيث تجمع له ما تفرق لغيره من البشر من أخلاق. وشمائل. ومن هنا كانت تزكية ربه له في كثير من آيات الذكر الحكيم. فقد ذكي لسانه عن الكذب فقال سبحانه "وما ينطق عن الهوي إن هو إلا وحي يوحي" وذكي عقله عن الجنون فقال "نون. والقلم وما يسطرون. ما أنت بنعمة ربك بمجنون" وذكي قلبه عن الضلال فقال "ما كذب الفؤاد ما رأي" وذكي بصره عن الزيغ فقال "ما زاغ البصر وما طغي" وذكاه كله برفع ذكره ومكانته علي الأخلاق جميعها فقال "وإنك لعلي خلق عظيم" .. كل هذه المؤهلات جعلته صلي الله عليه وسلم قدوة حسنة ورحمة للبشرية جمعاء وليس للمسلمين خاصة فهو القائل سبحانه وتعالي "وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين" فكان صلي الله عليه وسلم قدوة حسنة في أمور الدين والدنيا معا. فها نحن نراه يحث أمته علي طلب العلم بقوله : " من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له طريقا الي الجنة" ونراه صلي الله عليه وسلم يعلمنا الاقتصاد في كل شيء حتي في الطعام والشراب يقول: "ما ملأ ابن آدم وعاء شرا من بطنه فإن كان لابد فاعلا فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنفسه" .. ويبين لنا صلي الله عليه وسلم أن الرحمة لابد وأن تعم الخلائق أجمعين سواء كانت لإنسان أو حيوان او نبات. ففي حق الانسان يقول أنس بن مالك رضي الله عنه : "خدمت النبي صلي الله عليه وسلم عشر سنين فما قال لي : أف قط . ولا لشيء صنعته لم صنعته؟ ولا لشيء تركته لم تركته؟" ولم يدع صلي الله عليه وسلم علي قومه الذين آذوه بل قال داعيا لهم: "اللهم اهد قومي فإنهم لا يعلمون" إن أعظم انتصار لرسول الله صلي الله عليه وسلم أن نسير علي خطاه وأن نعود الي رشدنا وان نجتمع علي قلب رجل واحد. ولا نختلف فإن من كان قبلنا اختلفوا فهلكوا ولم يفلحوا. علينا ان نتعاون علي البر والتقوي لاعلي الإثم والعدوان مطيعين قول ربنا: " وتعاونوا علي البر والتقوي ولا تعاونوا علي الإثم والعدوان واتقوا الله إن الله شديد العقاب".