حالة من الإرهاق النفسى والبدنى أصابت المواطن المصرى حتى أصبح يصرخ هاتفًا “أحنا تعبنا خلاص”.. ولم يعد يحتمل مزيدًا من الضغوط سواء الاقتصادية أو الاجتماعية أو حتى السياسية. “أكتوبر” تجولت فى ربوع مصر ورصدت صرخات الارهاق.. قبل الألم.. والتى يطلقها المواطنون مهما كانت وظائفهم أو مستوياتهم الثقافية والمادية والاجتماعية؛ كما استطلعت “أكتوبر” فى هذا الملف آراء الخبراء فى السياسة والاقتصاد وعلم النفس حول أسباب تلك الحالة من الإحباط.الجميع يبحث عن السعاد، ويهرب من التعاسة، وكل دول العالم تسخر جهودها وإمكانياتها لإسعاد مواطنيها مما دفع الأمم المتحد إلى تخصيص يوم عالمى للسعادة فى العشرين من مارس من كل عام؛ وذلك بعد مطالبات ناشطين ومبادرة لدولة لايعرفها الكثيرون تسمى «مملكة بوتان» تقع فى جنوب آسيا بين الهند والصين الشعبية. هذه الدولة ابتكرت مصطلحًا جديدًا للناتج القومى، وأطلقت عليه إجمالى السعادة القومية، وكان ذلك فى عام1971 فى عهد ملكها الرابع جيجمى وانجشتوك، والذى عمل جاهدًا لوضع خطط خمسية لتوفير كل ما يجعل المواطن سعيدًا، واعتمد لتطبيق هذه الفلسفة التنموية سبعة مؤشرات لقياس تحقيق الأهداف، وهى: الرفاهية الاقتصادية، والبيئية، والصحية، والنفسية، والاجتماعية، والسياسية، وبيئة العمل. أما عن أبرز الدراسات الدولية التى أجريت حول السعادة كانت فى عام2012، وجاء تقيمها على أساس عشر نقاط حيث يمثل الصفر الأكثر تعاسة، وال10 الأكثر سعادة، لتكشف الدراسة أن 1.7% من البشر تعساء تمامًا، وأن النسبة الأكبر من البشر فى حالة معلقة بدون سعادة أو تعاسة وتبلغ 26.2% بينما الذين يشعرون بالسعادة القصوى 3.3% من البشر على وجه الكرة الأرضية.. أما فيما يخص مصر والدول العربية فى ترتيب الدول الأكثر سعادة جاء أعلى ترتيب لمصر فى العام 2009 حيث احتلت المركز ال36 ثم تلتها السعودية ثم سوريا، وذلك وفقًا لإحصائية السعادة التى أجرتها منظمة الاقتصاد الجديد، وشملت 143 دولة على مستوى العالم. أما فى عام 2010 فجاء ترتيب مصر أعلى مما سبق، ولكنه الأغرب من وجهة نظر تحليل علماء النفس والاجتماع، حيث احتلت مصر المركز الثالث بعد أستراليا والولايات المتحدةالأمريكية، أما تحليل علماء النفس لذلك هو أن الإحباط الشديد الذى يملأ الشعب المصرى؛ هو من يدفع الشعب المصرى ذاته إلى الضحك على ذاته، وفقًا لمقولة: شر البلية ما يضحك، وهذا يتسق مع طبيعة الشخصية المصرية الساخرة، واعتبر علماء النفس والاجتماع أن هذا كان من أكثر الأسباب التى دفعت لحدوث ثورة 25 يناير من العام التالى للإحصائية، وهو عام2011، والذى لم تحتل فيه مصر مكانًا على خريطة السعادة العالمية، بينما احتلت فى عام2012 مركزًا متأخرًا، ليس على المستوى العالمى أو العربى فحسب بل بين دول الربيع العربى بالأخص؛ فجاءت فى الترتيب ال115 عالميًا، وفقًا لمؤسسة جالوب العالمية فى إحصائية شملت 155 دولة، تلتها سوريا، ثم المغرب. وأكدت هذه الإحصائية دراسة أخرى لمعهد ليجاتوم الدولى المتخصص فى دراسات الازدهار الاقتصادى والتنمية المجتمعية بلندن، والتى شملت 142 دولة على مستوى العالم، حيث جاءت الإمارات الأولى عربيًا فى المركز ال 17 على مستوى العالم، ثم السعودية فى المركز ال 26 ثم الكويت ثم قطر فالأردن والبحرين والجزائر وليبيا وتونس ولبنان وجيبوتى والعراق، ثم مصر، وتلتها المغرب وسوريا، وموريتانيا، وفلسطين، واليمن، وأخيرًا السودان. منذر جاهين