رغم كل التحذيرات التى أطلقها خبراء القانون والتشريع بأن مناقشة مجلس الشورى لمشروعى الموازنة العامة للدولة وخطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية للعام المالى 2013 - 2014 مخالف للدستور وأنها حق أصيل لمجلس النواب طبقا لنص المادة 115 من الدستور الجديد.. إلا أن الأغلبية صممت على الاستمرار فى المناقشة وأشاروا إلى أن الشورى بيده سلطة التشريع وأن الموازنة هى مشروع قانون وتحتاج إلى إقرار.وبعد هذا الجدل القانونى والبرلمانى استمرت الحكومة فى استعراض المشروعين.. ولم يكن فى القاعة من الوزراء سوى وزير المالية د. المرسى حجازى ووزير التخطيط والتعاون الدولى د. أشرف العربى انتظارا للتغيير الوزارى. عموما.. كشف وزير المالية فى مشروع الموازنة للسنة المالية 2013- 2014 أن عجز الموازنة الكلى سيبلغ 197.5 مليار جنيه.. ورغم ذلك فإن الحكومة فى إطار البرنامج الإصلاحى الذى تتباه لمعالجة الاختلالات المالية التى تواجه الاقتصاد المصرى ستسعى إلى إعادة ترتيب أولويات الإنفاق العام لتحقيق العدالة الاجتماعية وخفض معدلات الموازنة، والدين العام كنسبة إلى الناتج المحلى تدريجيا لتصل إلى معدلات منخفضة تساهم فى إعادة الثقة فى الاستدامة المالية للاقتصاد المصرى، وخفض الاحتياجات التمويلية لأجهزة الموازنة العامة بما يسمح بتوفير قدر أكبر من الموارد المالية للقطاعات غير الحكومية المنتجة.. وإعادة تكوين وفورات وحيز مالى يمكن أن يستخدم من قبل الحكومة لتمويل أولوياتها وبرامجها الاجتماعية والاقتصادية. وأشار وزير المالية إلى أن أهم عناصر هذا البرنامج الإصلاحى يتضمن ترشيد دعم الطاقة لمختلف القطاعات والاستخدامات من خلال الكروت الذكية لتوزيع السولار والبنزين.. واستكمال منظومة الضريبة على المبيعات، ومكافحة التهرب الضريبى، وتفعيل الضريبة العقارية، وتعديل قانون استغلال المحاجر والثروات المعدنية والذى لم يعدل لعقود طويلة، والتعجيل بطرح رخص الخدمة الشاملة والانترنت فائق السرعة فى قطاع الاتصالات، وإصلاح نظام التأمين الصحى الشامل وإعادة إصلاح وهيكلة نظام الأجور والتوسع فى برامج الشراكة بين القطاع العام والخاص لتمويل المشروعات. *** أما وزير التخطيط والتعاون الدولى د. أشرف العربى فقد كان صريحا عندما أعلن أن اضطراب الأوضاع الأمنية يمثل التحدى الرئيسى الذى تواجهه خطة التنمية.. ثم تعرض لقضية البطالة، وأشار إلى التصاعد المطرد فى معدلات البطالة وقد بلغ 13% بنهاية ديسمبر 2012 مقابل 9% منذ سنوات قليلة مع زيادة عدد المتعطين إلى ما يقارب 3.5 مليون متعطل.. وأن هذه المشكلة قد وصلت إلى مرحلة من الخطورة تستدعى تضافر كافة الجهود للتصدى لها.. وكان معه حق.. ولكن ما باليد حيلة! كما أشار إلى تنامى معدلات الفقر فى مصر.. وتصل ذروتها فى ريف الصعيد إلى 51% من جملة سكانه.. وأوضح أن نمط توزيع الدخول بلغ أن أفقر 20% من السكان يحصلون على 9.5% فقط من الدخل، فى حين يحظى أغنى 20% من السكان بنحو 39.3% من الدخل وأن هناك خطأ جسيما فى سياسات النمو الاقتصادى يتعين تداركه من منظور العدالة الاجتماعية ومراجعة الهيكل الحالى لتوزيع الدخول، وتصحيح الاختلالات القائمة من خلال آليات مناسبة تتحقق لها الفاعلية المنشودة.. كما تحدث عن زيادة معدلات التضخم وعجز الموازنة. *** كانت هذه ملامح عامة عن مشروعى الموازنة العامة للدولة وخطة التنمية الاقتصادية والتى نتمنى أن تتحقق كل الوعود التى أعلنتها الحكومة تحت القبة بعد التعديل الوزارى الجزئى الذى سيتم خلال الأيام القادمة. وأن تعود عجلة الإنتاج إلى الدوران حتى يمكن إنقاذ الاقتصاد المصرى الذى أصبح على شفا الإفلاس!