تمثل صناعة الحديد والصلب إحدى أهم ركائز الصناعة المصرية التى بنى عليها الاقتصاد، اشتهرت الصناعات المصرية فى هذا المجال بالقوة والمتانة قبل أن تصاب بفيروس الإهمال الذى أصاب عددًا كبيرًا من القطاعات الاقتصادية المهمة.. وبحسب خبراء فإن زيارة الرئيس محمد مرسى الأخيرة إلى روسيا تمثل دفعة كبيرة لقطاع الحديد والصلب حيث تم الاتفاق مع الجانب الروسى على تمويل وتطوير مشاريع الحديد والصلب وتنمية مهارة العامل المصرى الذى يحتفل هذه الأيام بعيده مترقبًا طفرة فى مجاله لحصد الخير فى مصر الثورة.وعن أهم مشاكل صناعة الحديد والصلب إحدى ركائز الصناعة والاقتصاد المصرى يؤكد سيد حنفى مدير غرفة الصناعات المعدنية أن مشاكل شركة الحديد والصلب معروفة وتم عرضها ومناقشتها عدة مرات ولم يتم التوصل لحلول، مشيرًَا إلى أن الأزمة الحقيقية التى تواجه الشركة تتمثل فى تكلفة الإنتاج المرتفعة سواء بالنسبة لمعدلات استهلاك الفحم ومستلزمات الإنتاج أو بالنسبة لتكلفة نصيب الطن فيما يخص الأجور فتكلفة الإنتاج تعد عالية مقارنة بالأسعار النهائية فى الأسواق وتحتاج الشركة إلى ضخ تمويل إضافى إلى الإمكانات المالية والعلمية التى تحتاجها الشركة بهدف التطوير ويضيف حنفى أن كافة الاستثمارات والتمويلات طالب أصحابها بضرورة وضع دراسة لشرح وضع الشركة بصورة دقيقة ويجب أن يتم تكليف مكتب عالمى لوضع تلك الدراسة الدقيقة حتى يتم الاستعانة بها لوضع احتياجات الشركة الحقيقية بهدف تطويرها وحل العقبات التى تقف فى طريق نهضة هذه الشركة وهذا القطاع المهم. ويشير مدير غرفة الصناعات المعدنية إلى أن الغرفة يجب أن يكون لها دور فى هذه المرحلة بالتنسيق مع بيت الخبرة العالمى الذى سيتم الاتفاق عليه فمشكلة الشركة تخص الغرفة بصورة مباشرة. ويقول ممدوح مراد خبير اقتصادى إن مصر فى حاجة إلى شركات الصناعات الثقيلة لتكون بمثابة الشركات الرائدة فى السوق وما يطلق عليه صانع السوق ويجب أن يتم تطويرها من خلال الإدارة المحترفة عن طريق انفصال الإدارة عن الملكية ويصبح من يقوم على إدارة الشركات فريق إدارى على مستوى عال من الحرفية والعلم والمهارة. وفى هذا الصدد فإننا نجزم بأن المؤهلات والخبرات المطلوبة على المستوى المحلى والعالمى متوافرة بالسوق المصرى. كما يجب تصويب الهيكل المالى حيث تعانى أغلب الشركات من تآكل رأس المال بسبب الخسائر المتراكمة والتى تعود بالدرجة الأولى إلى الحجم الكبير من الفوائد المدفوعة التى تتحملها تلك الشركات نتيجة القروض المتضخمة من سنوات، بالإضافة إلى عوامل أخرى أسهمت فى تلك الخسائر وأن كان يمكن التغلب عليها طالما أن الأصول المتمثلة فى العنصر البشرى بخبراته الطويلة موجودة وطالما هناك إدارة وعزيمة تنافسية ورغبة فى النجاح ممثلة فى الجمعية العمومية وأجهزة الرقابة والتعامل بمنطق السوق حيث إن مشكلة القروض المعثرة بأعبائها المالية والتى حدثت فى ظروف غير ملائمة قد تم تسويتها مع البنوك فإن زيادة رأس المال من خلال الطرح فى البورصة ومع تواجد إدارة محترفة لها خططها ومشاريعها أمر من شأنه أن يعيد تصويب الهيكل المالى بدون أى أعباء على الحكومة. ويقول الدكتور محمد فخرى مكى مستشار بشركة الحديد والصلب إن تطوير شركات الحديد والصلب من خلال إعادة الهيكلة وتقتصر عملية الإصلاح فى هذه الحالة على إعادة توظيف الموارد المتاحة فيما بين جهات الفائض والعجز وبالحد الأدنى من الاستثمارات الجديدة وتكون نتائج هذا المستوى من الإصلاح بطبيعة الحال محدودة تجاه طموحات التغيير وإعادة التأهيل وتنطوى على عملية إصلاح جزئى لأوجه الكسور والتعثر بعد تحرى حصرها وتصنيفها تمهيدا لتشخيصها وتوابعها ثم تطويقها ومحاولة علاجها. بينما تعنى إعادة الهندسة بأنها عملية إعادة تغيير شاملة بمؤشر ( إعادة التفكير والبناء من جديد) ويستند هذا المستوى من الإصلاح إلى برمجيات الحلول الشاملة التى تعكس التكنولوجيا القائدة للمعرفة الفنية فى النشاط موضع الدراسة ولا يكون استخدام الأوضاع القائمة ملزما فى هذه الحالة ولكن يمكن الاستفادة منها دون أن تقيد عملية التغيير. إضافة إلى إعداد دراسات جدوى لدعم الصناعات الثقيلة بمشروعات للروابط الخلفية من منظور التكامل الرأسى وهى التى تنتج مستلزمات الصناعة ومن أمثلتها إنشاء مصنعى للحديد الأسفنجى باستخدام التكنولوجيا المستحدثة فى هذا المجال بجوار المناجم المحلية فى أسوان والواحات وذلك لتفادى تكلفة النقل العالمية للخامات المحلية والتى تخسر ما يصل إلى 70% من وزنها فى العملية الإنتاجية. شروط تمويلية ويؤكد الدكتور حمدى عبد العظيم رئيس أكاديمية السادات للعلوم الإدارية السابق والخبير الاقتصادى أن مصر تمتلك القدرة على القيام بعمليات التطوير من خلال الخبرات التى تمتلكها فى كافة القطاعات والمجالات تلك الكفاءات يتم الاستعانة بها فى كافة دول الوطن العربى وأفريقيا وفى دول متقدمة أيضًا مثل كندا واليابان والولايات المتحدةالأمريكية، مشيرًا إلى أن الخبراء المصريين قادرون على تحقيق نهضة صناعية وإزالة العراقيل والعقبات التى تواجه الصناعة المصرية بصفة عامة وصناعة الحديد والصلب بصفة خاصة. ويضيف عبد العظيم أن مشاكل وأزمات شركة الحديد والصلب ليست معضلة على الخبراء المصريين، موضحًا أن الجهات الأجنبية المانحة هى التى تشترط التعامل مع مكاتب الخبرة الأجنبية كشرط من شروط التمويل للتأكد من استخدام التمويل فى مكانه المحدد من ناحية وإعادة الأموال المقدمة كقروض أو منح لتلك الدول من ناحية أخرى. ويوضح عبد العظيم أن إعادة هيكلة قطاع الصناعات أمر ضرورى إلى جانب تحرير إداراتها من الروتين الحكومى وأن يتم التعاقد مع إدارات خاصة بعقود مؤقتة ويجب أن يتم تنفيذ برامج تدريب للعمال ووضع برنامج تدريب تحويل للعمالة غير المفعلة وتحويلهم لقطاعات يمكن أن تستوعبهم وتستفيد بطاقاتهم، مشيرًا إلى أن التسويق عنصر هام جدًا ويجب الاهتمام به سواء بدول أفريقيا أو الدول العربية. رئيس الوزراء ويؤكد محمد جنيدى نقيب المستثمرين الصناعيين أن النقابة من جانبها قدمت مذكرة لرئيس تتضمن بحثًا تفصيليًا لكيفية النهوض بالصناعة المصرية من كافة الأوجة والبحث فى حل شامل وجذرى لكافة المعوقات التى تعرقل النهضة الصناعية مشيرًا إلى ضرورة تشغيل المصانع المتوقفة بشكل فورى من خلال تمويل رأس المال، على أن يقدم كل رئيس بنك خطة تشغيل المصانع المتوقفه خلال أسبوع وتشكيل لجان مشتركة تضم فى عضويتها ممثلًا عن هيئة الاستثمار والبنك المركزى والنقابة العامة للمستثمرين الصناعيين أو إحدى منظمات الأعمال الأخرى التى تضم فى عضويتها المستثمر المتعثر إضافة إلى مستشار بالاستئناف أو النقض. مضيفًا يجب أن يتم تيسير الإجراءات الحكومية خاصة للمستثمرين الجادين بحيث يتم نقل إصدار رخص التشغيل إلى هيئة التنمية الصناعية وإصدار رخصة تشغيل مؤقته بمجرد الإخطار على أن تكون مدتها 5 سنوات مع مراجعة الإجراءات خلال المدة ذاتها وعدم تكرار الإجراءات والمستندات المطلوبة بين أكثر من وجهة ووزارة إلى جانب إلغاء خطاب الضمان على أن يكون معيار الجدية فى البناء والتشغيل هو الأساس، مشيرًا إلى ضرورة فرض رسوم جمركية على السلع الكمالية لتصل إلى 100% وبالمثل مع السلع التى لها مثيل محلى بذات الجودة ويشترط أن يغطى الإنتاج المحلى حجم الطلب إضافة إلى تقسيط أصل مبالغ المديونيات المستحقة للجهات الحكومية سواء ضرائب أو تأمينات، وتقديم ميزة نسبية للمستثمرين فى حال شراء المصانع المتوقفة وإعادة تشغيلها وعلى سبيل المثال الإعفاء الضريبى لمدى خمس سنوات. الدعم التكنولوجى ويؤكد الدكتور إبراهيم فوزى رئيس الهيئة العامة للاستثمار الأسبق ضرورة تقديم الدعم الفنى والتكنولوجى مثل تحديث التكنولوجيا المستخدمة فى الصناعة للتواكب مع التطورات العالمية فى مجال الصناعات الثقيلة وتطبيق نظم الجودة الشاملة فى الصناعة المصرية لإعطاء ثقة للمستهلك المحلى والأجنبى فى المنتج المصرى. وتدريب العمالة المصرية ورفع كفاءتها وبصفة خاصة فى مجالات استخدام التكنولوجيا الحديثة لتقليل الفاقد فى الصناعة المصرية طبقا للمستويات العالمية. ومراعاة الاشتراطات البيئية المعمول بها دوليا حتى يمكن دخول الصناعة المصرية إلى الأسواق الدولية دون أى معوقات أو تحفظات وتوفير التمويل اللازم للصناعات المصرية الثقيلة بدون فوائد أو فى حالة الضرورة تكون فوائد قليلة، وإعفاء عدد من المشروعات الصناعية المتعثرة من فوائد الديون وإعادة جدولة هذه الديون وتحصيلها على فترات زمنية طويلة. وتوفير الأراضى اللازمة للمشروعات الصناعية بشرط أن تكون هذه الأراضى مزودة بالمرافق وبأسعار منخفضة وتكون هذه الأراضى مرتبطة ارتباطا وثيقًا بمشروعات البنية الأساسية من كهرباء وطرق ومطارات وموانى للتصدير وتفعيل دور الرقابة الصناعية، وذلك لضبط إيقاع المجتمع الصناعى المصرى واستبعاد صناعة «بير السلم» التى تسىء للصناعة المصرية محليا ودوليا وتوجية الصناعة المصرية لتخفيض التكلفة والتصدير للأسواق الخارجية. ومساعدة الصناعة المصرية على النفاذ للأسواق الخارجية عن طريقة قيام الحكومة بعقد المزيد من الاتفاقيات مع المجموعات الاقتصادية مثل الاتحاد الأوروبى «والكوميسا» ودول شرق آسيا حتى يمكن للصناعة المصرية النفاذ لأسواق هذه المجموعات دون قيود أو عوائق. من جانبه يقول رفيق الضو رئيس شركة السويس للحديد والصلب: التكنولوجيا المعمول بها فى شركات الحديد والصلب هى تكنولوجيا روسيا ولتحديثها لابد من الاستعانة بخبرة أجنبية تتوفر لديهم تكنولوجيا حديثة بإمكانها المساعدة فى التطوير، مؤكدًا أن اقتراح رئيس الوزراء بالاستعانة ببيت خبرة عالمى صائب ولكن يكون خبراؤه مستشارون، بينما لابد أن تكون الايدى العاملة مصرية إضافة إلى مشاركة الخبرات المصرية. وأشار إلى أن مشاكل تطوير الصناعات فى مصر تكمن فى ضعف التكنولوجيا لذا يجب أن تتفاعل الخبرات المصرية مع بيوت الخبرة العالمية التى يتم الاستعانة بها لتطوير قطاع صناعة الحديد والصلب بهدف نقل المهارات المصرية وإضافة تكنولوجيا جديدة.