إلى أى مدى يمكن أن تكون الشرطة القضائية طوقًا للنجاة أو حلاً لأزمة تأمين وحراسة المحاكم ودور العدالة ومقار النيابات؟... سؤال أجاب عنه ل «أكتوبر» نخبة من رجال القضاء بعضهم رفض فصل هذا الجهاز عن وزارة الداخلية وطالب بدمجه كإدارة فى جهاز الشرطة لعدم تكوين جهاز أمن مواز مما يعنى بداية تفكيك وزارة الداخلية التى مازالت تحاول ترميم كيانها، وآخرون شددوا على ضرورة وجود شرطة خاصة بالقضاء فى ظل المرحلة الراهنة التى تشهد انهياراً أمنياً غير مسبوق. وكان مجلس الوزراء قد أعلن مؤخراً عن دراسة مقترح بإنشاء جهاز للشرطة القضائية يختص بحماية المنشآت القضائية بالتنسيق بين وزارتى العدل والداخلية. بداية يؤكد المستشار عادل الشوربجى نائب رئيس محكمة النقض أنه ليس من المناسب الدعوة إلى إنشاء الشرطة القضائية حالياً حتى تسترد الشرطة عافيتها وتقوم بأداء المهام الموكلة إليها على أكمل وجه رغم أن وجود الشرطة القضائية ضرورة حتمية وكانت مطلباً ملحاً منذ وقت بعيد لرجال القضاء لأن تفرغ الشرطة القضائية لأعمال القضاء سيقضى على الكثير من الصعاب والمشاكل التى تواجه تنفيذ قرارات المحاكم والنيابات، مضيفاً أن الشرطة القضائية فى حقيقة الأمر يجب ألا تنفصل عن وزارة الداخلية وأن تكون شرطة متخصصة لأعمال القضاء فقط تنفذ قرارات وأحكام المحاكم والنيابات وتقوم بحراسة وتأمين المحاكم ودور العدالة ورجال القضاء والنيابة أثناء تأدية أعمالهم، مؤكدًا أن مزايدة الدعوة والمطالبة بالشرطة القضائية هى مزايدات من البعض فى وقت غير مناسب. بينما يتساءل اللواء أحمد سالم جاد مساعد أول وزير الداخلية لقطاع شرق الدلتا ماذا تعنى الشرطة القضائية؟ هى شرطة تجمع بين السلطتين التنفيذية والقضائية؟.. وكيف نجمع بين سلطتين بالمخالفة للدستور؟ لأنه لايجوز أن تكون خصما وحكماً فى وقت واحد.. فكيف تحقق وتحبس فى نفس الوقت، فالسلطة التنفيذية تنفذ القانون إنما السلطة القضائية تطبق القانون. ويضيف أن هذا المقترح إذا أخذ هذا المنحنى وهذا الاتجاه فإنه سيكون شرطة موازية، لذا أفضل أن تكون هذه الشرطة على شكل إدارة فى الداخلية تكون متخصصة فى تأمين المحاكم والقضاة وهذا لامانع منه مثل شرطة النقل والمواصلات وشرطة الكهرباء وهى تختص بمجال معين فيكون من اختصاصها تأمين المحاكم والنيابات والقضاة عموماً فى المحاكم أثناء مباشرة أعمالهم وإصدارهم الأحكام. وأوضح أن الهدف وهو تأمين المحاكم والنيابة لتكون إدارة عامة معروفة فى الداخلية يتبعها إدارات فرعية للمحاكم والنيابات يوكل إليها هذه المهمة لتكون مختصة بتأمين كل المحاكم والنيابات، كما أن هناك أيضاً حديثا عن الأمن الخاص للحراسة فقط مثل شركات الحراسة وهو لا يوجد فى المحاكم.. وهنا نتساءل من يؤمن المحاكم؟ مطلب قديم جديد ويرى المستشار علاء شوقى رئيس محكمة جنايات الجيزة أن الشرطة القضائية مطلب أصيل وقديم ومتجدد لكل رجل قضاء لأنها باختصار ستكون عريناً يحمى السلطة القضائية سواء ذلك فى الحراسة الخاصة بالمحاكم أو فى تنفيذ الأحكام التى يكد ويشقى فيها القاضى ثم تصدر على ورق وطبقاً للشرطة العادية التى كانت قائمة بالفعل فكانت الأحكام التى تنفذ هى التى تأتى على «الهوى»، أما الأحكام التى يأتى إليها وبخصوصها ضوء أحمر فتوضع فى الأدراج. فالشرطة القضائية فى جميع الأحوال كانت مطلباً عادلاً ويتواءم مع من يتشدقون بالسلطة القضائية واستقلالها غير أن ذلك كله مرهون بالاستقرار الأمنى فى البلاد عامة، فلا يجوز فى الوضع الأمنى الحالى الذى تحاول فيه الشرطة لملمة أركانها واستعادة الثقة والعودة بقوة فى الشارع المصرى أن نطالب بذلك فى هذا المناخ العام الملبد بالغيوم والذى ما من طلعة نهار إلا ونسمع عن مقتل ضابط من رجال الشرطة من فلذات أكبادنا أو أمين شرطة أو أحد أفراد هيئة الشرطة فلقد انفلت العيار لدى المواطن العادى بعد ثورة 25 يناير وأصبح من كان ضحية بالأمس هو جلاد اليوم ورأينا جميعاً ولازلنا نرى تجاوزات يندى لها الجبين فى تعامل المواطنين مع رجال الشرطة. ويضيف أننى فى النهاية أضم صوتى للمطالبين بإنشاء شرطة قضائية على أن يكون ذلك مشروطًا بعودة الهيبة للشرطة العادية حتى نطالب بشرطة قضائية بديلة لها فى المحاكم والقضاء وتكون مخصصة للقضاء وحده وإنا لمنتظرون ولكن قولاً واحدًا لا يصلح الأن ولكن نطالب بها حينما يكون الجو العام يسمح بذلك. إدارة متخصصة ويرى المستشار إسماعيل البسيونى رئيس محكمة الاستئناف ورئيس نادى قضاة الإسكندرية الأسبق أن الأفضل لهذا المقترح هو إنشاء إدارة شرطة متخصصة فى تأمين المحاكم ودور العدالة من الدخلية أى من رجال الشرطة وتكون مسئولة عن حماية وتأمين وحراسة المحاكم والنيابات ودور العدالة مثل إدارة شرطة مترو الأنفاق وإدارة شرطة السياحة والآثار وشرطة السكة الحديد وتؤتمر من الداخلية وتكون تحت إشراف مجلس القضاء الأعلى من الناحية الفنية الذى يوجهها فى العمل والتأمين والأمن والحراسات لدور العدالة والقضاء على أن تكون الداخلية مسئولة عن تسليحها وتنظيمها وتوزيعها بالتنسيق مع مجلس القضاء الأعلى، مشيراً إلى أن الوقت الحالى ليس مناسباً لتنفيذ توصيات مؤتمر العدالة الذى أوصى بإنشاء شرطة قضائية لأن المهم هو أن تقف أجهزة الشرطة على قدميها وتؤدى دورها على أكمل وجه فإذا قامت برسالتها ستشمل تأمين المحاكم ودور القضاء والعدالة وستؤدى ما يناط لها من مهام فى تأمين القضاة ودور العدالة والنيابة العامة بامكانياتها وخبراتها الأمنية والتأمينية والتنظيمية فى التأمين والحراسات والمطلوب هو دعم وتدعيم أجهزة الشرطة حالياً لكى تقوم بدورها الأمنى والتأمينى فى الشارع المصرى بصفة عامة وتأمين المحاكم ودور القضاء والعدالة والنيابة العامة. ويؤكد أنه يجب دعم أجهزة الأمن بالإمكانيات المادية من أسلحة وأجهزة حديثة وأجهزة اتصالات تكنولوجية لأداء رسالتهم على أكمل وجه وبكل كفاءة ودقة ومهنية. تدعيم جهاز الأمن ويؤكد المستشار ياسر رفاعى المحامى العام الأول للنيابات ورئيس الاستئناف بمحكمة استئناف القاهرة أننا نحتاج إلى شرطة قضائية متخصصة لتنفيذ القرارات والأحكام القضائية لتكون تحت سلطة القضاة وأعضاء النيابة العامة وكنا ننادى بها منذ عشرات السنين ولكن ليس وقتها الآن فى ظل الظروف الحالية التى نفتقد فيها الاستقرار ووجود الدولة والمؤسسات وسيادة القانون مضيفاً أن المطلوب حالياً هو تدعيم جهاز الأمن ووزارة الداخلية لكى يقوما بدورهما المنوط بهما حالياً فى حراسة وتأمين المحاكم وتعزيز دور العدالة برجال شرطة مدربين على التأمين والحراسة وتكثيف الحراسات على دور المحاكم والنيابات. الوقت غير مناسب وتساءل المستشار محسن هيكل رئيس المحكمة بمحكمة استئناف الإسكندرية هل يوجد شرطة حالياً تمارس عملها؟ مشيراً إلى أنها موجودة شكلاً فقط لكن فعلاً غائبة ونراها فقط من خلال الأمن المركزى وهذه هى المأساة التى نعانى منها حالياً ونعيشها فى هذه الأيام، مشددًا على أن الدعوة إلى إنشاء شرطة قضائية حالياً غير ملائمة لأسباب عدة أهمها حينما نستعين بشرطة قضائية يجب أن يكون رجالها مؤهلين نفسياً وذهنياً وفنياً لأداء أدوارهم وهذا يستلزم أن يتعافى رجال الشرطة وأن يجتازوا الحاجز النفس الذى يؤثر على أدائهم وعلى آليات عملهم وكفانا أن نأخذ من الأمور ظاهرها دون أن نهتم بالتفاصيل أو الموضوع، إذ يجب على من ينتسب إلى مؤسسة الشرطة أن يكون مؤهلاً لممارسة مهام وظيفته والتى تتطلب منه أن يكون على علم ودراية بالواجبات المكلف بأدائها وأن يكون مؤهلاً نفسياً لمباشرة هذه المهام وأن يكون من الناحية الفنية على علم بتفاصيل الأداء وكيفيته وكفانا أن نستتر بشخوص لمجرد كونها تحمل الصفة الرسمية دون أن تكون معدة لأداء واجبات وظيفتها. ويضيف أنه يجب أن نعمل جاهدين على إعادة الثقة بين المواطن وجهاز الشرطة حتى يقابل ما يقوم به رجل الشرطة من أعمال بتقدير واحترام وفى نفس الوقت يجب أن نصبغ على عمله قدرًا من الهيبة بما لايتجاوز أحكام القانون وكل هذه الأمور سوف تستغرق فترة من الزمن حتى تعود المؤسسات إلى أدائها وفقاً لصحيح القانون فإذا ما تحقق ذلك فإن مطلب إنشاء إدارة للشرطة القضائية يكون ضرورياً وملحا لأن الأعمال التى سوف تكلف بها أعمال تتعلق ليس بحماية دور المحاكم والنيابات فقط ولكن بتنفيذ الأحكام القضائية أوامر الضبط والاحضار وما يترتب على ذلك من آثار ايجابية تنعكس بدورها على إرساء قواعد الأمن والاستقرار المجتمعى. ويؤكد أن الوقت حالياً لا يسمح بذلك ولأنها مطلب ملح للقضاء والقضاة فحينما تسمح الظروف المؤسسية والمجتمعية وحينما تعود أجهزة الشرطة إلى كامل قوتها يتطلب ذلك النظر فى الكيف وليس الكم فقط وحينئذ يكون من المتيسر أن نطالب بإنشائها فى تلك الظروف المهياة لذلك. الشرطة موجودة ويؤكد المستشار الدكتور محمد حامد رئيس محكمة جنايات شمال القاهرة عدم وجود ضرورة حالياً إلى إنشاء شرطة قضائية فى هذه الظروف التى تمر بها البلاد، لأن وزارة الداخلية موجودة وتقوم بدورها الأمنى والمطلوب تدعيمها لتقف وتؤدى دورها وتساءل: من يقوم بتأمين المحاكم والنيابات حالياً أليس وزارة الداخلية التى تتولى التأمين والحراسة؟ ويضيف أن الدعوة حالياً لإنشاء شرطة قضائية هى نوع من الإفلاس، مشيراً إلى أن المطلوب فقط هو دعم أجهزة الشرطة لكى تقوم بدورها فى حماية المواطنين والمنشآت وتأمين وحراسة جميع منشآت الدولة ومنها دور العدالة والقضاء والنيابة العامة، مطالباً بتقوية أداء الداخلية لأن القضاء منذ إنشائه كان يعتمد على وزارة الداخلية فى حماية منشآته كلها بالإضافة إلى حراسة دور العدالة والنيابة والمشاركة فى حراسة وتأمين رجال القضاء أثناء تأدية وظائفهم وأعمالهم ولذا يتعين دعم جهاز الشرطة حتى يقوم بأداء تلك المهمة المنوط بها على الوجه الاكمل لأنه إذا تم التمسك بعمل الشرطة القضائية فإنها ستكون فرعا من إدارات وزارة الداخلية كإدارة شرطة السياحة والآثار والجوازات وخلافه ولكن الأفضل هو تقوية جهاز الشرطة الأصلى والاستعانة بالأصل دون الفرع وهو الشرطة القضائية حتى نستطيع تحديد المسئولية عن تلك الحراسات أما تفتيت العمل بشرطة قضائية وعادية فإن ذلك لن يجدى من حيث تحديد المسئولية ومنذ سنوات طويلة والداخلية هى المسئولة عن حماية دور القضاء والعدالة وأبنيته ورجال القضاء أثناء تأدية أعمالهم. ويضيف أنه عندما يطالب وزير العدل بمثل هذا الاقتراح بإنشاء شرطة قضائية فإنه يجب عليه أخذ رأى الجمعيات العمومية لكافة المحاكم الابتدائية والاستئنافية والنقض قبل أن يقرر ذلك بمفرده وفى الاغلب الأعم لن تكون هناك موافقة على إنشاء شرطة قضائية مستقلة. مطلب ضرورى فى المقابل يشدد المستشار محمد إبراهيم خليل نائب رئيس محكمة النقض السابق والفقيه القانونى على أنه باتت هناك ضرورة ملحة لإنشاء الشرطة القضائية وهى مطلب قديم شدد عليه رجال القضاء والمحامون والجمهور، مشيراً إلى أن مهمة الشرطة القضائية ليس حراسة دور المحاكم والنيابات أو القضاة ووكلاء النيابة ولكن مهمتها أكبر من ذلك بتنظيم الأمن داخل المحاكم والنيابات وستكون متدرجة يشرف عليها لواء شرطة مثلاً تتولى إعلان الخصوم بالقضايا والاحكام وتنفيذ الاحكام مدنياً وجنائياً والإشراف على نقل المتهمين من محبسهم إلى النيابة أو المحكمة وإعادتهم بعد انتهاء الغرض من إحضارهم وتنفيذ الافراج عنهم بعد التأكد من استيفاء الافراج، هذه الأعمال كلها يمكن أن تضاف إليها أعمال أخرى تتعلق بالعملية القضائية خارج المحكمة. ويضيف أن الشرطة القضائية المقترحة تتكون من رجال أمن مثقفين ومدربين تدريباً جيداً متمتعين بصحة جيدة ومظهر طيب وزى يضيف عليهم الاحترام والوقار ويكونون على درجات معينة ولهم قائد ولا مانع من اختيار بعضهم من رجال الشرطة الحاليين الذين تتوافر فيهم هذه الشروط والاتفاق مع المعاهد والكليات الشرطية للتدريب والاعداد لمن سينضمون مستقبلاً إلى هذا الجهاز. ويضيف أن الشرطة القضائية يجب أن تخضع لوزارة العدل ككل أو المحاكم التى سيتم توزيعهم عليها والنيابات العامة ودور العدالة الأخرى ليكون لهم قادة وأقسام ويؤكد خليل أن مسألة التوقيت الحالى هى مسألة تقديرية للظروف الحالية التى تمر بها البلاد حالياً على أن تكون ميزانيتهم من ميزانية وزارة العدل فهى المسئول عن دور العدالة وأبنية القضاء والنيابة العامة.