بين الحب والاتباع والبدعة.. ما حكم الاحتفال بالمولد النبوي الشريف 2025؟

مع اقتراب موعد المولد النبوي الشريف لعام 2025، يتجدد الجدل الديني والشعبي حول حكم الاحتفال بالمولد النبوي، وهل هو من السنن المشروعة أم من البدع المحدثة؟.
فيما يبحث الآلاف يوميًا عبر محرك البحث «جوجل»، عن رأي العلماء في حكم الاحتفال بالمولد النبوي الشريف 2025، خاصة مع تباين المواقف بين مؤيدين يرونه مظهرًا من مظاهر حب النبي صلى الله عليه وسلم، ومعارضين يعدّونه بدعة لا أصل لها في الشرع.
وخلال السطور التالية نستعرض آراء المؤسسات الدينية الكبرى كالأزهر ودار الإفتاء، إلى جانب أبرز ما جاء في كتب الفقهاء والمحدثين قديمًا وحديثًا، مع توضيح الفرق بين الاحتفال المشروع والاحتفال المذموم.
أولًا: ما هو المولد النبوي ومتى يُحتفل به في 2025؟
المولد النبوي الشريف هو اليوم الذي وُلد فيه سيد الخلق محمد صلى الله عليه وسلم، والذي يوافق 12 من شهر ربيع الأول في التقويم الهجري. ووفقًا للحسابات الفلكية، يصادف المولد النبوي 2025 يوم الإثنين 6 أكتوبر.
ويُقام خلال هذا اليوم في كثير من الدول الإسلامية مظاهر احتفالية متنوعة، من إنشاد المدائح النبوية وتوزيع الحلوى وتنظيم الندوات الدينية.
دار الإفتاء المصرية تؤكد: الاحتفال بالمولد «مستحب»
دار الإفتاء المصرية أوضحت مرارًا، أن الاحتفال بالمولد النبوي الشريف جائز شرعًا ومحبوب عند الله تعالى، إذا خلا من المخالفات الشرعية، لأنه يدل على تعظيم النبي وحبه.
نص الفتوى الرسمي:
الاحتفال بالمولد النبوي الشريف من أفضل الأعمال وأحبها إلى الله؛ لأنه تعبير عن الفرح بمولده صلى الله عليه وسلم، وقد أمرنا الله بذلك في قوله تعالى: {قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خيرٌ مما يجمعون} [يونس: 58].
وأشارت الدار إلى أن سيدنا النبي نفسه كان يصوم يوم الاثنين ويقول: «ذلك يوم وُلدتُ فيه»، وهذا دليل على مشروعية التذكير بيوم المولد، والتقرب فيه بأنواع الطاعات.
رأي الأزهر الشريف
يؤكد علماء الأزهر الشريف أن الاحتفال بالمولد من الأمور المستحبة التي تدل على المحبة والاقتداء، وليس من البدع المنهي عنها، بشرط أن يكون الاحتفال خاليًا من الإسراف أو المنكرات.
وقال فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر: «إن الاحتفال بالمولد النبوي لا يُعد بدعةً، بل هو تعبير حضاري عن حب النبي صلى الله عليه وسلم، وكل ما يُقرب من محبته والاقتداء بسنته فهو داخل في دائرة الاستحباب».
من يرى أن الاحتفال بدعة؟
يرى بعض العلماء، خاصة من المدارس السلفية، أن الاحتفال بالمولد النبوي لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن صحابته، وبالتالي فهو «بدعة محدثة»، مستدلين بقول النبي: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد».
لكن غالبية العلماء يردّون على ذلك بأن البدعة المنهي عنها هي ما خالف أصول الدين وثوابته، أما ما وافق الشرع من حيث المقصد ولم يخالف نصًّا، فلا يدخل في نطاق البدع المحرّمة.
أنواع الاحتفال بالمولد.. ما الجائز وما الممنوع؟
الجائز شرعًا:
- قراءة السيرة النبوية والتذكير بأخلاق النبي صلى الله عليه وسلم.
- إقامة دروس علمية ومدائح دينية.
- توزيع الطعام على الفقراء.
- الصلاة والسلام عليه وعلى آله بكثرة في هذا اليوم.
الممنوع شرعًا:
- إقامة طقوس خرافية أو ممارسات في ظاهرها شرك.
- الإسراف والتبذير.
- الاختلاط غير المنضبط أو ارتكاب المحرمات بدعوى الفرح.
الاحتفال بالمولد في الدول الإسلامية
تحتفل أغلب الدول العربية والإسلامية بذكرى المولد النبوي الشريف، مثل: مصر – المغرب – الجزائر – تونس – السودان – باكستان – إندونيسيا – تركيا، وتُعد المناسبة إجازة رسمية في معظم هذه الدول.
وتتنوع المظاهر بين إقامة المسيرات، والمدائح، وصناعة حلوى المولد، وتزيين المساجد، ما يعكس الطابع الشعبي والديني للحدث.
يبقى الاحتفال بالمولد النبوي الشريف 2025 مناسبة عظيمة تعكس محبة المسلمين لنبيهم وارتباطهم بسيرته، وفي الوقت نفسه، يجب أن يكون الاحتفال منضبطًا بالشرع، خاليًا من المبالغات والمخالفات.
وبين من يراه سنة حسنة، ومن يعتبره بدعة، تبقى محبة النبي صلى الله عليه وسلم هي المحكّ الحقيقي، والاقتداء به في أخلاقه وسننه هو أعظم احتفال.