لا تغيب عنى ذكراه لأنه من أهدى التوءم على ومصطفى أمين تصميم مبنى دار «أخبار اليوم» القديم وتولى إنشاءه، فكان بدورانه درة مبانى شارع الصحافة، كيف أنساه وكنت واحدًا من مريدى صالونه الثقافى الذى شكل جزءًا من ثقافتى ومعارفى؟. اقرأ أيضًا| a href="https://akhbarelyom.com/news/newdetails/4654994/1/%D8%B1%D9%8A%D8%B4%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%B9%D8%A7%D9%85%D8%A9-%D8%B3%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%B1%D9%85%D8%B2-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%82%D8%AF%D8%B3-%D9%81%D9%8A-%D8%AD%D8%B6%D8%A7%D8%B1%D8%A9-%D8%A7%D9%84" title=""ريشة النعامة".. سر الرمز المقدس في حضارة المصريين ""ريشة النعامة".. سر الرمز المقدس في حضارة المصريين كيف أنسى عمدة المعماريين د.سيد كريم أبو العمارة فى مصر والعالم العربى فى ذكرى غيابه العشرين التى تحل علينا غدًا ويحييها تلاميذه ومريدوه ومن يعرفون قدره، فهو الذى خطط مدينة نصر العملاقة بتكليف من الرئيس جمال عبد الناصر وميزها بأرض المعارض وأكبر استاد يسع 100 ألف متفرج ومازال شاهدًا على أفضاله، أتذكره كلما مررت من أمام مبنى جامعة الدول العربية وفندق النيل هيلتون وتطوير ميدان التحرير، وهو من صمم متحف الحضارة، ومبنى نقابة الصحفيين القديم، ومبنى وكالة أنباء الشرق الأوسط، ودار روزاليوسف الصحفية، ومطابع دار المصرى، والغرفة التجارية بميدان الفلكى، ومستشفى أسيوط الجامعى، وأتذكره عندما ارتاد سينما أوبرا، وسينما ريفولى، وسينما مترو، وسينما قصر النيل، وأتذكره عندما أمر من أمام برج الزمالك وبرج الصباح بالزمالك، وعمارة أوزوينان، وعمارة الإيموبيليا الضخمة، وشركة اسكندرية للتأمين بشارع قصر النيل، وعمارات شبرد والشمس بكورنيش النيل، وعمارات ميدان الفلكى، ولا أنسى أنه أول من أسس مجلة متخصصة فى العمارة والفنون وترأس تحريرها عام 1939 حتى رحيله. اقرأ أيضًا| قلاع مصر.. روايات خلف الحصون المنيعة طابية عرابى.. مركز الدفاع| ولا أنسى أيضًا أنه وضع فى برنامج تخطيط القاهرة الكبرى إقامة أماكن انتظار السيارات أسفل العمارات بالإضافة للجراجات المتعددة الطوابق بجانب أماكن انتظار السيارات أسفل الميادين الرئيسية، وهو من اقترح على الرئيس عبد الناصر مشروع مترو الأنفاق ومشروع «المونوريل» عام 1950 ولم ينفذ أيًا منهما وقتها، وهو من اقترح عليه أيضا فكرة قصور الثقافة الجماهيرية فى كافة المحافظات، وكلف الرئيس عبد الناصر وزير الإرشاد د. ثروت عكاشة بتدبير كل ما يطلبه د. سيد كريم الذى شيد أول قصر منها فى المنصورة، وهو من خطط مدينة الصحفيين بالعجوزة، ومدينة الأوقاف بالدقى، وخطط منطقة الميريلاند بمصر الجديدة، وهو صاحب مشروع مركز القاهرة السياحى والثقافى العالمى على النيل، ومشروع تخطيط مدينة الغردقة، وخطط مركز السويس السياحى وعيون موسى ووادى سد، ومشروع إصلاح القرية المصرية والوحدات القروية المجمعة مع د. توفيق عبد الجواد 1940، ويرجع له الفضل فى التخطيط الشامل لبورسعيد وإعادة تعميرها بعد حرب 1956. ولد د. سيد كريم فى قرية «ميت بره» بقويسنا المنوفية فى 16 فبراير 1911 ووالده هو المهندس الكبير د. فهمى كريم، تخرج نجله د.سيد كريم من كلية الهندسة بجامعة القاهرة عام 1933 وكان ترتيبه الأول على قسم العمارة، وأرسل فى بعثة دراسية إلى جامعة «زيورخ» بسويسرا التى حصل منها على دبلوم العمارة والماجيستير وكان أول مصرى يحصل على درجة الدكتوراة فى تخطيط المدن، عمل مدرسا بجامعة زيورخ، ثم أستاذًا مساعدًا، وعند عودته لمصر عمل مدرس مساعد ثم أستاذ مساعد بكلية الهندسة، وأنشأ أول مكتب استشارى للعمارة والتخطيط فى مصر، عين مديرًا لمكتب العمارة والتخطيط 1939، واختير مستشارًا وخبيرًا فى هيئة المساعدات الفنية وعضوً ا فى لجنة الخبراء التابعة للأمم المتحدة عام 1954، وكان أول مصرى يتم تعيينه فى الأممالمتحدة كمستشار لتخطيط المدن فى الخمسينيات، ويرجع إليه الفضل فى تصميم عدد من العواصم والمدن العربية الشهيرة التى حملت اسمه فقام بتخطيط وتعمير مدينة بغداد الجديدة، وتخطيط دمشق الجديدة، وتخطيط وتعمير مدينة جدة، ومدينة الرياض، ومكة والمدينة المنورة بالمملكة السعودية، ومدينة عمان، والتخطيط الشامل لبورسعيد وإعادة تعميرها بعد حرب 1956، تخطيط مدينة العقبة، ومدينة نابلس، وجزيرة آمون للسياحة بأسوان، وصاحب مشروع التخطيط السياحى بالجزائر، وخطط مدينة الخالدية بأبو ظبى ، والمركز السياحى بالدار البيضاء، ومشروع التخطيط السياحى لمدينة أغادير وطنجة، التخطيط السياحى للشاطئ الشمالى «ريفيرا البحرالأبيض»، وصمم بمدينة الرياض السعودية وزارة المعارف، ومؤسسة النقد، ووزارة المالية، ووزارة الصحة، ومجموعة سعود السكنية، وفندق زهرة الشرق، عمارة عبد الله الفيصل بمكة، وعمارة الشربتلى بجدة، وفندق المدينة، ومستشفى الرياض، والمدرسة المباركية والمستشفى العام وعدد من دور السينما والمسرح بالكويت، ودار سينما مدينة نابلس بفلسطين. اقرأ أيضًا| وزير الشباب: مستمرون في ترسيخ القيم الإنسانية.. والفنون شريك أصيل في بناء وعي النشء وقدم الدكتور سيد كريم أبحاثاً جادة فى مجال التاريخ والآثار، وكشف العديد من ألغاز الحضارة الفرعونية، ووصل من خلال دراساته المتعمقة إلى تمكن المصريين القدماء من إلغاء الجاذبية الأرضية عند رفع الأحجار التى استخدمت فى بناء الأهرامات وتحريكها لمسافات طويلة عن طريق توجيه ذبذبات صوتية خاصة وشحنات كهروستاتيكية لتسهيل عملية رفعها، وترك للمكتبة العربية مجموعة من المؤلفات الثرية جدا ومنها «اشتراكية الفيلا - المرأة المصرية فى عهد الفراعنة - موسوعة لغز الحضارة المصرية 30 جزءًا - أخناتون - الكاتب المصرى ، القاهرة عمرها 50 ألف عام - لغز الهرم الأكبر-، الحكم والأمثال فى الأدب المصرى القديم - السحر والسحرة عند قدماء المصريين - تصنيع التخطيط فى تعمير الدول النامية - بناء المدينة - بناء الانسان - دراسة العمارة والعمران فى القرن 21 بمصر»، ونال عدة جوائز منها «جائزة الدولة من الحكومة البلجيكية مع درجة فارس - الميدالية الذهبية للعمارة من الحكومة البلجيكية بمعرض بروكسل 1958-، ووسام السيف الذهبى من الملك فيصل لتخطيط الرياض وتحويلها لعاصمة للمملكة - وسام العراق لتخطيط حى المنصور وبغداد الجديدة - وعدة أوسمة من المغرب والجزائر تقديراً لمجهوده فى مشروعات التخطيط والتعمير، ولقب بأمنحتب القرن العشرين لغزارة علمه وثقافته الموسوعية، وإسهاماته الكثيرة فى مجال التخطيط والعمارة والصحافة واهتمامه الشديد بتاريخ المصريين القدماء، وتخطيطه للمدن والعواصم والصروح العمرانية التى تقف شاهدة على عبقريته المعمارية، رحم الله ابن مصر البار الذى غادرنا فى 18 يوليو 2005 عن عمر يناهز 94 عامًا قدم خلالها لمصر والوطن العربى الكثير من إبدعاته فى مجال التخطيط والتصميم والإنشاء والتنفيذ، ربنا يسكنه فسيح جناته. يوسف وهبى يفضل زينب صدقى على فاطمة رشدى حملت الفنانة زينب صدقى الصارخة الجمال على لقب «شكسبيرة الزمالك» لعدة أسباب سنعرفها فى هذا التقرير الفنى، فقبل أن تأتى زينب صدقى لعالم المسرح، كانت الممثلات فى ذلك الوقت من أصحاب الوزن الثقيل، إذا تمخطرت واحدة منهن على المسرح اهتزت خشبته ومالت قوائمه، وجاءت زينب صدقى صاحبة الجمال الصارخ والقوام الممشوق لتحرر المسرح من ظاهرة الأوزان الثقيلة التى ولى زمانها بالرشاقة وفتنة القد المياس، لم يعد الجمهور يتقبل الممثلة التى فى حجم عمارة الإيموبيليا، يريد أن تكون نجمته الفاتنة فى رقة غصن البان مثل زينب التى أعتقد الكثيرون أنها شقيقة السياسى القديم إسماعيل صدقى باشا ! غزت زينب صدقى عالم المسرح بتقاليع تغرى المعجبين وتجعلهم يتهافتون عليها ويحيطون بها، فأحاطت نفسها بعدد من السكرتيرات، ولم يكن من اليسير أن يلتقى بها الصحفيون، أو المعجبون إلا بموعد سابق، وسايرت زينب صدقى كل الموديلات الحديثة التى تصل للقاهرة قبل أن يتم عرضها فى باريس، كانت تتمتع بالشياكة ونجحت فى اجتذاب الأنظار لتميز موهبتها، احتلت صورها أغلفة المجلات المصرية والأجنبية، وكان الشباب يحتفظ بصورها فى حافظة نقوده وكتبه، وانتشرت صورها فى كل مكان، كانت أول ممثلة تتلقى خطابات المعجبين، فعينت سكرتيرة للرد على خطاباتهم . كانوا يطلبون صورتها الموقعة منها، وكانت ترد على بعض الخطابات التى تحمل أبياتاً من الغزل المنقول من كبار الشعراء ! كانت المنافسة بين زينب صدقى وزميلاتها فى فرقة يوسف وهبى على أشدها، عانت من المقالب التى كانت تدبر ضدها، ونشبت بينها وبين زميلتها فاطمة رشدى معركة حامية شهدت كل وسائل القتال النسوى، من صراخ لجذب شعر وتمزيق ملابس، وسبب تلك المعركة اتهام من الفنانة فاطمة رشدى لزميلتها زينب صدقى بأنها سخرت من تمثيلها وهى على المسرح، وطلبت فاطمة من يوسف بك طرد زينب صدقى من الفرقة، لكن يوسف وهبى رفض طلبها عندما هددته بأنها سوف تترك الفرقة إذ لم ينفذ طلبها، وخرجت فاطمة رشدى من الفرقة ومعها عزيز عيد لتؤلف فرقة مسرحية باسمها وتدور بينها وبين فرقة يوسف وهبى منافسة طاحنة ! أقامت مجلة أجنبية عام 1930 مسابقة لاختيار ملكة للجمال بالإسكندرية، وكانت زينب صدقى تتابع المسابقة التى لم تشترك بها، ومع ذلك أصر الجمهورعلى اختيارها للفوز بالمسابقة كأفضل ملكة جمال، ورفضت اللجنة اختيارها لأنها لم تشترك فى المسابقة أصلًا، فقام الجمهور بالاعتداء على أعضاء اللجنة بالضرب المبرح ! وكان لزينب صدقى صالون ثقافى يرتاده كبار وشباب الأدباء والنقاد والفنانين، وكانت زينب صدقى تتصدر وتناقش فى صالونها كل أعمال الشاعر الخالد وليم شكسبير، ولهذا أطلق عليها النقاد لقب « شكسبيرة الزمالك» لأنها كانت تقيم بمسكن فاخر فى حى الزمالك الأرستقراطى، وكان الملك فاروق من المعجبين بعقليتها، وكان يدعوها للكثير من المناسبات التى يحضرها. «الكواكب» 10 يوليو 1956 مصر بخير ■ أبراج كتيرة مالية السما كأنها أمن وحرس ■ برج بيرتل أذان الفجر وبرج بيضرب جرس ■ تسابيح فى الفضا من غير فارس ولا فرس ■ لو جه مشاغب عشان يشوشر ع الصلوات ■ تنزل عليه لعنات السما وفى الحال ينخرس بيكار ميخائيل نعيمة: الكون مدرسة الإنسان ومعلمه إنما الكون بكل ما فيه مدرسة الإنسان، وكلّ ما فى الكون معلم للإنسان، والعمر من أوله إلى آخره دراسة متواصلة، والجوع هو الحافز الأبدى للدرس والاستطلاع، فماذا عسى الناس يبتغون من مدرستهم ومعلّميهم ؟ أيبتغون شهادات تخوّلهم تبذير خيرات الأرض كما يشاءون، بينما جارهم ينام على الطوى ويفترش التراب ويلتحف الأسمال ؟ أم يبتغون أن يكون لهم القصور والخدم والرتب الرفيعة والألقاب الطنّانة ! وأن يسجد لهم أذلّاء النفوس ! ويمجدهم صغار القلوب ! ويستعطفهم سخفاء العقول ! وأن يبقوا، مع ذلك، نهباً لأخس أصناف الجوع والعطش ؟ إنهم لا شك خاسرون، ولو أنهم أحسنوا الدراسة لفقهوا أنها وإن ابتدأت بالجوع إلى الخبز، والعطش إلى الماء، ثم تدرجت بهم إلى كلّ أصناف الجوع والعطش، فغايتها الوصول بهم إلى الطعام الذى إن شبعوا منه مرة لبثوا شباعاً إلى الأبد، وإلى الشراب الذى إن ارتووا منه مرّة ما عطشوا من بعدها إلى الأبد . الكون هو المدرسة، وما الأعمار نطويها بين المهد واللحد غير صفوف فيها، أمّا الحافز الأكبر للدرس فالجوع، وأمّا الغاية من الدرس فأن نتعلّم كيف نضيف ونضاف، وكيف نعلّم ونتعلّم، وكيف نخلص من الجوع الذى لا يشبع إلى الشبع الذى لا يجوع، فنحن إذ نكون ضيوفاً على الكون علينا أن نتقيّد بحشمة الضيف، فلا نتناول ممّا على المائدة فوق حاجتنا، ولا نتلف شيئاً منه، ولا نسرق، ولا نخبئ فى جيوبنا، ولا نسابق غيرنا من الضيوف إلى الطعام الأشهى والشراب الأمرأ، ولا نتنازع على هذا الصنف أو ذاك، وإذ نكون مضيفين علينا أن نحسن الضيافة، فنبذل لضيوفنا بسخاء من أجود ما عندنا، ولا نتبجّح، ولا نمنّ، ولا ندس السمّ فى الدسم، ولا نقدّم للواحد أفضل ممّا نقدّم للآخر أو أقل منه . ونحن إذ نكون تلاميذ لا يليق بنا أن نستخفّ بمعلّمينا، سواء أكان معلمنا رتيلاء أم كوكباً من الفضاء، وإذ نكون معلمين يجدر بنا أن نصرف من عنايتنا ومحبتنا للتلميذ الفقير والبليد نظير ما نصرفه للغنى والنبيه، سواء أكان تلميذنا حمّالاً فى السوق أو عظيماً من عظماء الدولة، ذلك هو العدل الذى نبتغيه من الغير، والذى يبتغيه الغير منّا، ثم ذلك هو الطريق المؤدّى بنا من المجاعات التى لا نهاية لها إلى الجوع الأعظم والأخير. الجوع المقدس إلى خبز المعرفة الكاملة، معرفة الله . ميخائيل نعيمة من كتاب «صوت العالم» حسونة فى مرآة عبد الخالق حسونة بالأمس القريب تفضل «المصور» فنشر لى - وأنا وزير للشئون الاجتماعية - ميدالية تذكارية خصنى فيها بما شاء له فضله من صفات ومناقل، أرجو أن تكون حقيقية فى شخصى. واليوم يشاء «المصور» أن يزيد من فضله فينشر لى صورة كاريكاتورية، وكان بودى لو قصر هذه الصور على رجال الحكم والسياسة، ليتسع المجال لقلم فنانه الماهر الذى هو كمشرط الجراح، يقطع ولا يرحم، ويكشف كل مستور ليظهر الناس على حقيقتهم. ولكن ما حيلتى، وقد غلبنى الفن وأخرجنى فى هذه الصورة التى أراها تجمع بين الجد والأمل، وهما شعارى فى حياتى الخاصة والعامة. فبالجد تطيب الحياة فى البيت وفى المكتب، فنعمل وننتج، وبالأمل نغالب الصعاب، فننحيها ونتقدم، وبهما معا يزداد كل مواطن ثقة فى نفسه وإيمانا بربه. عبد الخالق حسونة نقلًا عن «المصور» ■ كنوز: محمد عبد الخالق حسونة حفيد شيخ الأزهر حسونة النواوى، من مواليد 28 أكتوبر 1898 بمحافظة أسيوط، نال الماجستير فى الاقتصاد والعلوم السياسية من جامعة كامبردج 1925، عُيِّن محافظًا للإسكندرية، ثم وزيرًا للشئون الاجتماعية، ثم وزيرًا للتربية والتعليم، ثم وزيرًا للخارجية، انتخب أمينًا عامًّا لجامعة الدول العربية عام 1952، واستمرَّ فى منصبه حتى عام 1972، ورحل فى 20 يناير 1992 عن عمر يناهز 94 عامًا. الصادقُ يُهزم فى معركة الكلمات لأنّه أسيرُ الحقيقة، بينما المحتالُ يستطيع أن يختلقَ ألف قصة. دوستويفسكى المرأة والبيت بقلم: توفيق الحكيم سألَتنى إحدى المجلات عن رأيى فى الفتاة المصرية الحديثة، وفهمها لرسالتها نحو البيت، فأبديت خوفًا شديدًا من أن يؤدى تيار الحياة العصرية إلى جرفها بعيدًا عن واجبها الأسمى، فالفتاة اليوم أمام هيكلَين يؤثران فى عقليتها الناشئة : دُور السينما، ودُور الجامعات، وأخشى أن أقول إنَّ الفتاة إذا فقدت الاتزان، واندفعت بكل روحها إلى أحد هذَين الهيكلين، فلا مناص لها من أن تكون إحدى اثنتين: الأولى: تلك التى تخرَّجت بنجاح فى دور السينما والملاهى، وحذَقت تقليد ممثلات هوليوود، ولا تعرف من شئون الدنيا والآخرة غير الكلام فى الجاذبية وقلة الجاذبية التى عند الرجال، ولا تدرك أن عليها لزوجها واجبات، فهى ليست مسئولة عن بيتٍ ولا مطبخٍ ولا أولاد؛ لأن هذا من عمل الخدَم والمربيات، أما هى فوظيفتها فى الصباح الطواف بحوانيت الزينة والثياب والذهاب إلى الخياطات، وفى الظهر استقبال زوجها بالطلبات، وفى العصر التعلُّق برقبته ليخرج بها إلى النزهة، أو يدعها تذهب إلى «زوزو» و«شوشو» و«موشو» للعب «البريدج» ! أظن مثل هذه المرأة توافقنى على أن الرجل المحترم المسئول هو آخر مَن يفكر فى قبول مثل هذه المرأة شريكًا يسير إلى جانبه فى طريق حياةٍ جديةٍ قد تكون عظيمة الأثر فى تاريخ بلاده! أما النوع الثانى من المرأة: فهو نوعٌ تخرَّج بنجاح فى المدارس والجامعات، فحذَق تقليد الرجل فى جهله بشئون البيت، ومعرفته بآراء أفلاطون وأبى العلاء، نوع من حائزات البكالوريات أو الدبلومات اللاتى قد يَصلحن للتدريس أو التوظيف، لكنهن لا يصلحن زوجات! نساءٌ يعرفن أفلاطون ولا يعرفن كيف تُقلَى بيضة، فإذا مَرِض الطباخ أو خرج تغذَّى الزوج المحترم بزبدة أفكار فلاطون! أما خريجات المدارس الإنجليزية ممن تعلَّمن قشور اللغة الأجنبية فإنهن عرائس جوفاء صُنعت فى حوانيت «المير دى ديو» أو «المدام دى سيمون»، لتوضع مع جهاز العُرس فى بيت زوجٍ مسكين، كُتب عليه أن يُنكَب بحمل هذه الدُّمية المتحركة الناطقة «بمون شير» و«ماشيري» من حيث أراد مُعِينًا يُعينه على حمل متاعب الحياة! وكلتا المرأتانِ لم تفهم مما تعلمته فى هذه المدارس المختلفة غير شيءٍ واحدٍ: حقها المطلق فى السيطرة على الرجل وإخضاعه وعدم طاعته، وجعله خادمًا لمطالبها، نازلًا على إرادتها، واعتبار أى حقٍّ له قبلها تأخرًا، يُقابل منها بالاحتجاج والازدراء، هذا حادثٌ فى مصر بالفعل الآن ! أما فى أوروبا، حيث عرفت المرأة كيف تصل إلى الاتزان المطلوب، فهاكُم ما تقوله زوجةٌ فاضلةٌ فى إحدى القصص الفرنسية: «منذ الأيام الأولى لزواجى، رسمتُ لنفسى خطَّ سيرٍ محددًا، أن أسمع وأعمل كل ما يريده زوجى، وجدت نفسى بذلك على خير حال؛ وذلك جعل زوجى يسمع ويعمل كل ما أريد، وهنا سِرُّ سعادتى»، فلتفعل الزوجة ما يُعجِب زوجها، ويفعل هو ما يُعجِبها! وأعتقد أن الزوجة الصالحة تستطيع مشاركة زوجها فى طريق الحياة، تُعينه وتُخفف عنه أعباء الحياة اليومية! أثَّرت فى نفسى صورةٌ للمستر «تشرشل» يمشى بجوار زوجته فى أحد الطرق بما يدل على أن هذَين الزوجَين قطعَا معًا طريق الحياة بما فيه من هناءٍ وشقاء، وأثَّرت فى نفسى كلمة إهداء صدَّر بها أحد رجال السياسة فى فرنسا كتابًا له: «إلى زوجتى التى تشاركنى أيامى البيض وأيامى السُّود!» فإلى أن تَكثُر مثل هذه الشريكة، لن نجد بكثرة رجالًا عظامًا، يحتملون السير فى طريق الجهاد والمجد حتى النهاية. من كتاب «تحت شمس الفكر»