نظام حكم سليم وقوى لا بد أن يقابله معارضة قوية لديها برامج واستعداد دائم للمنافسة من أجل الوصول للحكم وتشكيل الحكومة هل انتقلت المعارضة إلى الفضائيات والشوارع ونسيت دورها الحقيقى بالوصول إلى المواطن من خلال سياسات بديلة لسياسات الحكم التى تعترض عليها بالأساس؟! تجربة أحزاب ما قبل ثورة 25 يناير الكرتونية التى أفسدت الحياة السياسية وتركت الساحة لحزب واحد وحاكم أوحد أشبه بالنظام الشمولى واكتفت بالحصول على الدعم المادى وإيجار رخص الجرائد لن تتكرر الآن، ولا فى المستقبل القريب.. درس التاريخ والوعى السياسى للمصريين بعد الثورة لن يسمح بذلك.. لكن يبقى السؤال تتردد أصداؤه: أين المعارضة المصرية السياسية التى تمارس دورها ليس على أساس أيديولوجى فقط، ولكن على كل الأسس التى تسمح بها السياسية وتسعى إليها المعارضة فى الديمقراطيات الرشيدة. نبيل زكى القيادى بحزب التجمع يقول إن المعارضة لها دور على أرض الواقع، وهى ترفض السياسات الخاطئة للنظام الحاكم، ويتساءل: كيف تكون هناك برامج فى ظل هذه الظروف التى لا تسر عدوا أو حبيبا؟ وكيف يكون هناك اقتصاد وطنى فى ظل الاحتقان السياسى علمًا بأن الاستقرار السياسى يؤدى إلى نمو الاقتصاد، لكن أصحاب القرار ينظرون إلى الأمور السائدة دون اكتراث ويصمون آذانهم عن أنين الشعب. مؤكدًا أن المعارضة بمختلف أطيافها لها برامج تقدمت بها بعد نجاح ثورة يناير لكن الموجودين فى السلطة لم يأخذوا بها.. وعلى سبيل المثال فقد طالبت المعارضة بتعديل بعض مواد الدستور وإلغاء الإعلان الدستورى، وعدم الاستفتاء على الدستور حتى يكون توافقيا وتشكيل حكومة محايدة ذات كفاءات وخبرات، وإصدار قانون جديد للانتخابات يعمق النزاهة والشفافية وإجراء انتخابات نزيهة حرة لا يشوبها التزوير، كما حدث من قبل وعدم تقسيم الدوائر الانتخابية بطريقة ما لكى يستفيد بها فصيل معين، وأن تكون هناك عدالة اجتماعية، وأن تكون الضريبة تصاعدية، وتحقيق حد أدنى وأقصى للأجور، وإحداث إجراءات لتخفيف العبء عن الفلاحين، وهذه مجرد نماذج من برامج المعارضة، ولكن الحكومة لم تأخذ بها وكانت النتيجة زيادة الاحتقان فى الشارع المصرى، حيث أصبح المواطن يشعر بالإحباط بسبب سياسة الاستحواذ واحتكار السلطة فى يد فصيل معين ليس له خبرة، كما أن فاتورة الخسائر وانهيار الاقتصاد يدفعها المواطن، ويطالب زكى الحزب الحاكم بتحقيق الاستقرار فى البلاد والدفع بخطة اقتصادية تنهض لحل المشاكل وإعداد خطط وبرامج اقتصادية تعالج المشاكل الملحة، إضافة إلى تشجيع الاستثمار وإقامة مشروعات عملاقة تحقق عائدا للبلاد. ويوضح محمد سامى رئيس حزب الكرامة أن أحزاب المعارضة لها دور حيوى فى الشارع حسب ظروفها وإمكاناتها لأنها لا تملك أدوات مثل التى يمتلكها حزب الحرية والعدالة والذى تدعمه الحكومة لإجهاض أحزاب المعارضة، مشيرًا إلى أن صاحب القرار لا يقف مع أحزاب المعارضة، ولكن يقف مع الحزب الذى أتى به إلى السلطة، فالكل يرى أن حزب الحرية والعدالة يسيطر على وزارة التموين ويأخذ منها كوبونات التموين والغاز والخبز لكى يقوم بتوزيعها على المواطنين، فهل هذا دوره؟! ويحظر ذلك الدور على أحزاب المعارضة لأن وزارة التموين ترفض التعامل مع أحزاب المعارضة. مؤكدًا أن أحزاب المعارضة تقدمت ببرنامج لحل مشكلة العشوائيات، والحد الأدنى والأقصى للأجور، ولكن لم تتعاون معها الحكومة ولم تسمع لها، ويأسف أن الأحزاب تقوم بعرض برامجها فى الفضائيات فقط، وليس لها إمكانيات غير ذلك، وبذلك يكون دور بعض أحزاب المعارضة مجرد ديكور، وهى غير مؤثرة فى الساحة السياسية، لأنها لا تملك إلا البيانات فقط. ولحل هذه المعضلة يقترح محمد سامى تحقيق الوفاق الوطنى والذهاب إلى حوار جاد وبناء، وتشكيل حكومة وطنية ذات شخصيات قوية تتمتع بالخبرة والكفاءة والبعد عن المحسوبية وأهل الثقة عند تشكيل الحكومة. جزء من النظام د. عبد الله الأشعل عضو مجلس الشورى يؤكد على إن المعارضة جزء أصيل فى النظام السياسى، ولا بد أن يكون لديها بدائل لبرامج الحكومة، وتقدم الإسهامات الوطنية، فعليها أن تقدم برامج تجتاز بها الانتخابات، مطالبًا المعارضة بالتعاون مع الحكومة، منتقدًا بعض رموز المعارضة وأشار إلى أنهم مجرد مجموعة حاقدة على الرئيس محمد مرسى ولا يقدمون أى شىء، وعلى ذلك فلابد من وجود نظام سياسى صحيح ومعارضة قوية تساعد الحكومة فى إدارة البلاد.. وأن تكون الأهداف وطنية للصالح العام. ويؤكد محمد سليمان أمين الإعلام بحزب الكرامة أن الحزب اتخذ قرارًا بعدم المشاركة فى الانتخابات إلا إذا تحققت الضمانات بوجود انتخابات نزيهة دون تزوير، مشيرًا إلى أن الحزب يتحرك وسط الجماهير ولا يريد إلا إصلاح الوطن، ويطالب د. مرسى بالاهتمام بالشعب الذى أتى به إلى كرسى الرئاسة. ويشير خالد صلاح عضو جبهة الإنقاذ الوطنى إلى أن الجبهة لن تشارك فى الانتخابات، إلا فى ظل وجود رقابة وعدم تزوير، لافتًا إلى أن الجبهة تتحرك وسط الجماهير، ولهم تواجد فى كافة المحافظات.. وهم يعرفون مشاكل الجماهير، ولن يسمحوا لأحد بالسيطرة على إرادة الشعب أو قمع حرياته. الوفد مع الجماهير ويؤكد جمال كحيل عضو الهيئة العليا لحزب الوفد أن الحزب لن يشارك فى الانتخابات إلا بوجود ضمانات لعدم تزويرها، مشيرًا إلى أن الحزب متصل بالمواطنين لأنه منهم ويؤيد مطالبهم ولن يصمت لمن يسعى للسيطرة على إرادة الشعب. وأوضح أن الحزب يقدم العديد من الإصلاحات السياسية والاقتصادية التى تنهض بمستوى المعيشة.. ويطالب كحيل الرئيس مرسى بالتدخل والعمل على إجابة مطالب الشعب، وعدم الانحياز لفصيل واحد حتى لا يحدث المزيد من التدهور. ويؤكد أحمد راسم النفيس رئيس حزب التحرير أن الحزب يتحرك وسط الجماهير لحثهم على عدم التخلى عن مطالب الثورة، وألا يسمحوا لأحد بسرقتها كما يريد البعض! مضيفًا أن الحزب يسعى للنهوض بالوطن وبمستوى المعيشة، مؤكدًا أن مصر ستجتاز الأزمات، لأنها مؤيدة من المولى عز وجل، ولن يقدر أحد على المساس بها بسوء. ويشير حسام خليل عضو مجلس الشورى عن حزب النور إلى أنه وزملائه لن يتركوا الجماهير أو يتخلوا عنها مشددًا على أن تحرك الحزب سيكون وسط الجماهير لتقديم الدعم والتوعية السياسية حتى تعرف الجماهير من الذى يريد مصلحتها، مؤكدًا أن الحزب لا يسعى إلى مصلحة شخصية. ويقول على عبد اللطيف عضو حزب الوسط إن الحزب سيشارك الشعب فى كل المطالب ويتحرك معه خطوة بخطوة وأنهم لن يسمحوا لأحد بتجاهل مطالب الشعب، مطالبًا الرئيس مرسى بأن يطبق الهتافات التى كان يرددها هو وأنصاره عقب فوزه بالرئاسة، ويعمل على تحويل هذه الهتافات إلى واقع ملموس، فالمواطن لا يطلب إلا العيش الكريم والمتطلبات الأساسية لأسرته. وأكد أبو العز الحريرى أحد أقطاب المعارضة أن الأثرياء يستفيدون بالدعم ويستحوذون على 80% من ثروات البلاد والحال لم يتغير حتى الآن، ومثال على ذلك أن كبار حائزى الثروة ومستهلكى الطاقة يحصلون على 70 مليار جنيه دعم وقود و15 مليار جنيه دعم خامات، كما تحصل إسرائيل وبعض الدول على 20 مليار جنيه خفضًا فى سعر الغاز، والفقراء يدفعون معظم الضريبة غير المباشرة مثل ضريبة المبيعات والرسوم والدمغة، والتى تتجاوز 180 مليار جنيه، كما يدفع الفقراء موارد الصناديق الخاصة والتى تصل إلى 100 مليار جنيه بجانب ما يدفعونه كفروق أسعار نتيجة الاحتكار بما يتجاوز 100 مليار جنيه، بينما تتكبد الخزانة العامة 50 مليار جنيه، وبهذا نجد أن الفقراء تستقطع منهم ضريبة غير مباشرة تصل إلى 180 مليار جنيه، وتمويل الصناديق الخاصة 100 مليار جنيه واحتكار فى فروق الأسعار 150 مليار جنيه، أى أنهم يدفعون 430 مليار جنيه مع أنهم أصحاب الإدخار الأصلى فى مصر والذى يتمثل فى أموال التأمينات الاجتماعية التى تصل إلى أكثر من 50 مليار جنيه سنويًا، بينما المعاشات لا تتجاوز 36 مليار جنيه.. ولهم احتياطى أموال مدخرة تزيد على 650 مليار جنيه. وتساءل الحريرى: كيف سيتحمل الفقراء كل هذا العبء بينما الطبقة الثرية التى نشأت مع نظام السادات واكتملت مع نظام مبارك تحصد كل الخيرات، مشددًا على أن ذلك يعبر عن الخلل الهائل فى المجتمع المصرى وهو أكبر معوق للتنمية لأن السوق الاقتصادى تعنى وجود جناحى «الإنتاج والاستهلاك»، وكلما تحسنت أحوال الفقراء أو الطبقة الوسطى زاد استهلاكهم وتحسن أداؤهم وصلاحيتهم فى العمل مما يؤدى إلى المزيد من الإنتاج. وأضاف النائب السابق: أن 80% من تجارة العالم تدور بين 20% من سكان العالم، بينما 9% من سكان العالم فى جنوب شرق آسيا يستحوذون على 10% من تجارة العالم .. و70% من سكان العالم لا تتجاوز تجارتهم 10% من إجمالى تجارة العالم، وهذا التقسيم الدولى فى العمل والاقتصاد هو ذاته فى مصر الآن بين جموع الشعب المصرى فى المحافظات والمدن والقرى والنجوع، وبين سكان المنتجعات والمناطق الراقية، حيث يستحوذ 20% من سكان مصر على 80% من الدخل القومى فى حين أن 80% من السكان يعيشون على 20% من الدخل القومى، وبين ال 20% من الأثرياء يوجد 1% من هذه النسبة يستحوذوا على 40% من الدخل القومى والباقون يستحوذون على 40% أخرى. وشدد الحريرى على أن الغالبية العظمى من الفقراء من الشعب المصرى هم الدافعون للضرائب وتطبق عليهم الجباية بمختلف أنواعها، حيث وصلت فى شكلها المباشر من خلال الضريبة غير المباشرة وتمويل الصناديق الخاصة إلى أكثر من 280 مليار جنيه سنويًا، بينما الأثرياء يحصلون على 70 مليار جنيه دعم وقود و15 مليار جنيه دعم خامات.. وهم الناهبون لفرق سعر السلع الاحتكارية الذى يقارب 200 مليار جنيه، أى أنهم يحصلون على 285 مليار جنيه.. ولا يدفعون أكثر من 13 مليار جنيه ضرائب.