فجرت وفاة الطفل الروسى «مكسيم» والذى يشتبه فى أنه قُتل على يد والدته الأمريكية بالتبنى، أزمة على المستويين الشعبى والرسمى بين روسياوالولاياتالمتحدةالأمريكية بعد أن جددت الصراع الدائر منذ فترة بشأن قضية تبنى الأطفال الروس من قبل عائلات أمريكية، والذى أدى لإصدار روسيا - نهاية العام الماضى- قانونا يحظر بموجبه تبنى الأطفال الروس من قبل آباء أمريكيين. وكان الطفل «مكسيم كوزمين» الذى لا يتعدى عمره 3 سنوات وشقيقه «كيريل» يعيشان فى إحدى دور الأيتام فى روسيا بعد أن فقدت والدة الطفلين حق الأمومة لإدمانها الخمور، ثم انتقلا إلى ولاية تكساس بالولاياتالمتحدة، حيث تبنتهما عائلة أمريكية، وبعد أشهر قليلة توفى مكسيم فى أحد المستشفيات، وقالت السلطات الروسية إن الطفل قُضى على يد والدته بالتبنى التى ضربته حتى الموت وأعطته أدوية توصف لمرضى الانفصام من الكبار، وهو ما أنكرته والدته بالتبنى قائلة إنها عثرت على ابنها وهو مغمى عليه فى الشارع حيث كان يلعب مع أخيه، فاتصلت بالإسعاف على الفور، لكنه توفى بعد قليل من نقله إلى المستشفى. وعلى الرغم من استمرار التحقيق فى تلك القضية، وعدم ثبوت تهمة القتل على والدة الطفل بالتبنى، فإن ردود الفعل الروسية اتسمت بالغضب الشديد سواء من المسئولين أو وسائل الإعلام الروسية، كما صوّت مجلس الدوما الروسى بالإجماع على نص يطالب الكونجرس الأمريكى بإعادة « كيريل» شقيق «مكسيم» إلى روسيا إنقاذا لحياته، وذكر موقع «روسيا اليوم» فى تقرير له، أن مكسيم ليس الضحية الأولى على يد عائلات التبنى الأمريكية، فنحو عشرين طفلا آخرين قتلوا منذ أوائل تسعينيات القرن الماضى فى الولاياتالمتحدة، وأشار التقرير إلى أن هذا يثير أسئلة كثيرة حول ما إذا كانت الولايات تتساهل فى قضايا تتعلق بأطفال تبنتهم عائلات أمريكية من الخارج، بصورة أدت لمقتل عدد معروف حتى الآن من هؤلاء الأطفال، وسوء معاملة آخرين لا يعرف عددهم أو مدى معاناتهم. على الجانب الآخر، لم تقف الولاياتالمتحدة صامتة حيال الاتهامات الروسية، حيث حذر السفير الأمريكى لدى روسيا «مايكل ماكفول» من الآثار التى يمكن أن تنتج عما وصفه بأنه استغلال عاطفى لمأساة إنسانية، مضيفا أنه بينما يشعر بالحزن والألم لوفاة 20 طفلا روسيا خلال العقدين الماضيين تبنتهم عائلات فى أمريكا، إلا أنه فخور بأن هناك أكثر من 60 ألف طفل آخر حصلوا على فرصة الاستمتاع بآباء محبين، وعائلات جديدة وفرص غير محدودة فى أمريكا. ويرى المسئولون الأمريكيون أن القرار الروسى بفرض الحظر على تبنى الأمريكيين للأطفال الروس ما هو إلا قرار انتقامى من قانون أمريكى يعرف باسم قانون «ماجينسكى» والذى يضع مسئولين روس ضمن قائمة سوداء تضم متهمين بارتكاب انتهاكات فى مجال حقوق الإنسان، وسمى هذا القانون نسبة إلى المحامى الروسى «سيرجى ماجينسكى» الذى اشتهر بمحاربة الفساد فى روسيا، والذى أدى مقتله إلى أن أصبح رمزا لفتح ملف الفساد فى روسيا، مما أدى إلى توتر العلاقات بين البلدين أيضا. وبعيدا عن الموقفين الروسى والأمريكى، اتسمت التحليلات السياسية لتلك الأزمة بالواقعية والاتزان، فقال «تى كومار» مدير الدفاع الدولى فى منظمة العفو الدولية لموقع «روسيا اليوم» إن الولاياتالمتحدة لا تختار الأطفال الروس لإساءة معاملتهم، لكن النظام يفشل على مستوى السلطات المحلية لعدم وجود آليات مراقبة بعد تبنيهم، أما موفد قناة «يورونيوز» فى واشنطن «ستيفان جروب» فقال إن قانون منع تبنى الأطفال الروس من قبل العائلات الأمريكية صدم الكثير من الأمريكيين، مضيفا أن الرأى العام يقول إن الخاسر الأكبر فى هذا الصراع هم الأطفال الروس الذين لن يجدوا بيتا أمريكيا يحتضنهم. ويبدو أن قضية الطفل «مكسيم» لن تنتهى عند هذا الحد، حيث كشف قسطنطين دولجوف مفوض وزارة الخارجية الروسية لحقوق الإنسان أن وزير الخارجية الروسى سيرجى لافروف سيعقد هذا الأسبوع مباحثات مع نظيره الأمريكى جون كيرى، وستركز المباحثات على حادث وفاة مكسيم كوزمين.