صلبة قوية مثل عود الزان، فنانة شابة بدرجة الدكتوراة، شديدة الاعتزاز بما تركه الأجداد على هذه الأرض من تراث متناغم متصل، اختارت الطباعة لتكون موضوعها الفنى الأثير، و لتخرج من خلاله كل مخزون الحب و الانتماء، و لتقول كلمتها، صنعت مجموعات تصميمية عديدة بدأت من روحها السابحة فى الملكوت تحت عنوان : مناجاة، تمد يدها الى السماء مستندة على قواعد ثابتة راسخة من اهرامات الفراعين، و تنتهى بمجموعة : الاسلام و السلام، تلك الحالة الفريدة التى تملكتها و هى تقدم الاسلام الى العالم بطريقتها الخاصة، إننا أمام لمسات جديدة ظهرت جليا فى تصميم تسع مجموعات فنية قد تكون حاليا فى طريقها لتصبح معلقات وجداريات من النسيج المطبوع. قالوا عنها: إن موضوعاتها صوفية، سألتها: ماذا تعنى الصوفية فى الفن؟ ردت بكلمة واحدة: التأمل! وماذا بعد الدكتوراه؟ قالت: أنا مستغرقة الآن فى عمل تصميمات جديدة وأُحضّر لمعرض خاص أقدم فيه لوحاتى يقام قريبا فى قاعة راماتان بالهرم. د. رانيا علام مهتمة باستخدام الهندسة الرمزية فى تصميم المعلقات النسجية المطبوعة، فهى جانب من الجوانب الإبداعية للفن التشكيلى عامة وخاصة فى فن الجرافيك والمعلقات النسجية، وتعتمد على هندسية البناء ورمزية المضمون، وقد ظهر فن الجرافيك فى مصر فى عهد الفاطميين الذى استخدم فى البداية لطباعة المنسوجات، وهى عبارة عن اكليشيهات محفورة من الخشب بطريقة الحفر البارز، وعلى شكل مربعات أو مستطيلات خشبية صغيرة بها سطح محفور تستعمل لطباعة وحدات زخرفية لتزيين المنسوجات وكان التصميم المطبوع يشمل وحدات على شكل زهرة أو وردة أو طائر وبشكل متقن فى التنفيذ. أما عن مجموعات د. رانيا علام فهى غنية بالتفاصيل والمفردات الرمزية، ويجب أن تقف طويلا كى تتأمل و تخرج مكنون ما خلف الخطوط، ولكن د.رانيا تحب أن تشرح مجموعاتها ولا تجد غضاضة فى ذلك، بل تقول دائما إن الشرح يفيد المتلقى خاصة لو كان بعيدا عن المجال، وقد لفت نظرى جدًا مجموعتها الإسلام والسلام، وأخذت أستمع جيدا لما تقوله : فالفكرة الأساسية فى التصميم هى التعبير بمضمون رمزى يفيد أن الإسلام بتعاليمه السامية هو الذى رسخ الأسس الحقيقية للسلام، فاستلهمت الفنانة من الزخارف الكتابية العربية رمزا فنيا للتعبير عن التراث العربى الإسلامى، والتى جاءت موضوعة على هيئة شريط زخرفى أفقى مستمر لترمز بأنها بمثابة قاعدة ودعامة بنائية أساسية لكل الأشكال والمفردات الفنية للتصميم، لما فيها من ثبات واستقرار ليعبر عن المعتقد عبر «السلام». وظهرت المفردة الآدمية المجردة ترتكز بداخلها فى منطقة الصدر والرأس والساعد على زخارف كتابية عربية، لترمز بأن الإسلام يمثل كل كيان المسلم، فهو يملأ قلبه وعقله فهو بمثابة قوى من القوى الروحية القوية الكامنة بداخله، هذا بالإضافة إلى أن المفردة الآدمية جاءت متعامدة على القاعدة الأفقية وهى فى ذلك شأنها كشأن باقى العناصر والمفردات الفنية للتصميم والتى ترمز وتؤكد الرفعة والشموخ والعظمة. كما استخدمت الفنانة الأشكال الدائرية لما فيها من الاستمرارية واللانهائية، وذلك لتؤكد المضمون الرمزى للتصميم . ثم تأتى مفردة عضوية أخرى على هيئة حمامة فى الجزء العلوى لتعميق الدلالة الرمزية للتصميم، والتى تظهر تارة باللون الأبيض وتارة باللون الأزرق لترمز بأنها هادئة ومطمئنة فهى تطير محلقة حرة وبدون خوف فى ظل السلام الذى يملأ المكان المحمى بواسطة الإسلام. كما جاءت الأشكال الهندسية غير المنتظمة وما تحمله من خطوط مائلة لتؤكد معنى الاندفاع والحركة ولترشد عين المتلقى إلى مركز سيادة التصميم، وكذلك تمثل دورًا فى إثارة حيويته عن طريق الإحساس بالحركة التصاعدية والتنازلية مع إعطاء الإحساس بالتوازن والاستقرار عن طريق وضع بعض الأشكال الهندسية رأسية بجوارها وكأنها دعامة إضافية تحافظ على اتزانها. كما استخدمت الفنانة رموزا أخرى للتعبير عن التراث العربى الإسلامى المتمثلة فى المفردة النباتية المحورة المتراكبة على الوحدة الإسلامية الدائرية الشكل واللتين وضعتا بشكل رأسى لتأكيد المعنى الرمزى للنماء والشموخ، وتظهر يد ذات قبضة قوية تخرج من قرب نهاية المفردة النباتية وكأنها فرع من فروعها ممثلة رمز السلام العالمى، لتؤكد المضمون الرمزى بأن الإسلام هو الراعى الذى يروى السلام فى العالم أجمع، ثم اتخذت الفكرة التصميمية الثانية للتصميم معالجة أخرى للمضمون الهندسى الرمزى للتصميم والذى اعتمد على قوة التعبير اللونى المتمثل فى اللون الأزرق واللون الأحمر واللون الأبيض والذين لعبوا دوراً كبيراً فى الإحساس بعمق التعبير الرمزى لفكرة التصميم والذى يمثل لون السماء والماء والتى تبعث فى النفس الإحساس بالهدوء والسكينة واللون الأبيض على الاسترخاء والصفاء، وكذلك اللون الأحمر الذى يرمز للدفء. فى هذا الموضوع و بعد شرح د. رانيا علام لمجموعتها الإسلام والسلام سوف تجدون لوحات من مجموعات أخرى : هى، انطلاقة، امرأة مصرية، مناجاة، وعليكم الآن اصطياد الرموز والبحث عن دلالاتها، أو افعلوا مثلى واستمتعوا بالجمال الذى يملأ عينيك ويسرى فى الروح حتى لو لم تكن دارسا للفنون.