معركة التنمية    الأوقاف تعلن أسماء القراء المشاركين في الختمة المرتلة بمسجد السيدة زينب    «المدارس الكاثوليكية».. وبناء الإنسان    المقاطعة فرض عين    تعرف على أعلى خمسة عشر سلعة تصديراً خلال عام 2023    محافظ المنيا يوجه بمتابعة الالتزام بمواعيد العمل الصيفية بدءاً من اليوم الجمعة    استمرار مجازر الاحتلال وعدد الضحايا يتجاوز 111 ألفا    جماهير الأهلي تزين مدرجات استاد القاهرة قبل مواجهة مازيمبي.. صور    كلوب يعلق على تراجع المستوى التهديفي ل محمد صلاح: أحاول مساعدته    بيراميدز يهزم الزمالك برباعية ويتوج بدوري الجمهورية    بالصور | سقوط أعمدة الضغط العالي بقنا بسبب الطقس السيء    التعليم في أسبوع | إنشاء 8236 مدرسة منذ 2014 حتى الآن.. الأبرز    أحمد السقا يشوق جمهوره بمقطع فيديو جديد من «السرب»| فيديو    سيد رجب: شاركت كومبارس في أكثر من عمل    السينما الفلسطينية و«المسافة صفر»    "ذكرها صراحة أكثر من 30 مرة".. المفتي يتحدث عن تشريف مصر في القرآن (فيديو)    وكيل وزارة الصحة بأسيوط يفاجئ المستشفيات متابعاً حالات المرضى    ميار شريف تضرب موعدًا مع المصنفة الرابعة عالميًا في بطولة مدريد للتنس    محافظ المنوفية: 25 فاعلية ثقافية وفنية خلال أبريل لتنمية المواهب الإبداعية    مجلس أمناء العربي للثقافة الرياضية يجتمع بالدوحة لمناقشة خطة 2025    وكيل خطة النواب : الحوار الوطني فتح الباب لتدفق الأفكار    شركة GSK تطرح لقاح "شينجريكس" للوقاية من الإصابة بالحزام الناري    رئيس «كوب 28» يدعو لتعزيز التعاون الدولي لتنفيذ اتفاق الإمارات التاريخي    «مياه دمياط»: انقطاع المياه عن بعض المناطق لمدة 8 ساعات غدًا    استمرار فعاليات البطولة العربية العسكرية للفروسية    مواعيد الصلاة في التوقيت الصيفي بالقاهرة والمحافظات.. وكيف يتم تغيير الساعة على الموبايل؟    استقالة متحدثة أمريكية اعتراضًا على حرب إسرائيل في قطاع غزة    مصرع طفل «غرقا» إثر سقوطه في مصرف ري زراعي بالفيوم (تفاصيل)    45 ألف فلسطيني يؤدون صلاة الجمعة بالمسجد الأقصى    طائرة مسيرة إسرائيلية تستهدف سيارة في البقاع الغربي شرقي لبنان    الأمم المتحدة للحق في الصحة: ما يحدث بغزة مأساة غير مسبوقة    إيران والصين تتفقان على تعاون عسكري أوثق    البيت الأبيض يواصل مساعيه للإفراج عن المحتجزين فى قطاع غزة رغم رفض حماس    يحيى الفخراني: «لولا أشرف عبدالغفور ماكنتش هكمل في الفن» (فيديو)    إقبال كثيف على انتخابات أطباء الأسنان في الشرقية (صور)    تعرف على فضل أدعية السفر في حياة المسلم    تعرف على فوائد أدعية الرزق في حياة المسلم    «أرض الفيروز» تستقبل قافلة دعوية مشتركة من «الأزهر والأوقاف والإفتاء»    مواعيد صرف منحة عيد العمال للعمالة غير المنتظمة    الإسكان: 20 ألف طلب لتقنين أراضى توسعات مدينة الشروق    بداية من الغد.. «حياة كريمة» تعلن عن أماكن تواجد القوافل الطبية في 7 محافظات جديدة    أرتيتا: لاعبان يمثلان صداع لي.. ولا يمكننا السيطرة على مانشستر سيتي    عاجل| مصدر أمني: استمرار الاتصالات مع الجانب الإسرائيلي للوصول لصيغة اتفاق هدنة في غزة    بعد حادث شبرا الخيمة.. كيف أصبح الدارك ويب السوق المفتوح لأبشع الجرائم؟    التربية للطفولة المبكرة أسيوط تنظم مؤتمرها الدولي الخامس عن "الموهبة والإبداع والذكاء الأصطناعي"    مزارع يقتل آخر في أسيوط بسبب خلافات الجيرة    فعاليات وأنشطة ثقافية وفنية متنوعة بقصور الثقافة بشمال سيناء    وزير التعليم العالي يهنئ الفائزين في مُسابقة أفضل مقرر إلكتروني على منصة «Thinqi»    25 مليون جنيه.. الداخلية توجه ضربة جديدة لتجار الدولار    «مسجل خطر» أطلق النار عليهما.. نقيب المحامين ينعى شهيدا المحاماة بأسيوط (تفاصيل)    قافلة جامعة المنيا الخدمية توقع الكشف الطبي على 680 حالة بالناصرية    خير يوم طلعت عليه الشمس.. 5 آداب وأحكام شرعية عن يوم الجمعة يجب أن تعرفها    نجاح مستشفى التأمين ببني سويف في تركيب مسمار تليسكوبى لطفل مصاب بالعظام الزجاجية    سويسرا تؤيد خطة مُساعدات لأوكرانيا بقيمة 5.5 مليار دولار    موعد اجتماع البنك المركزي المقبل.. 23 مايو    تعديل طارئ في قائمة ريال مدريد لمواجهة سوسيداد    طرق بسيطة للاحتفال بيوم شم النسيم 2024.. «استمتعي مع أسرتك»    توقعات الأبراج اليوم الجمعة 26 أبريل 2024.. «الحوت» يحصل علي مكافأة وأخبار جيدة ل«الجدي»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. كمال حسن على مائدة حوار " أكتوبر " :ربيع مصر وصل ما قطعه نظام مبارك بين شطرى الوادى
نشر في أكتوبر يوم 24 - 02 - 2013

علاقة خاصة ووطيدة تلك التي جمعت بين مصر والسودان عبر التاريخ، ولطالما وصفت بأنها علاقة أزلية، فيها من الأمور المشتركة أكثر مما بين أى البلدين وأى دولة أخرى. والصلات بين البلدين ممتدة حتى قبل الفتح الإسلامى وقبل روابط العروبة، والآثار الموجوده بين مصر والسودان تدل على أنهما بلد واحد على مدار 7 آلاف سنة لم تحجبهما فيها حدود طبيعية أو عوائق جغرافية كالجبال والبحار وغيرهما، ولكن ربط بين السودان ومصر نهر النيل العظيم وكافة الحضارات التي قامت على ضفافه عبر التاريخ، فكان الانتقال يتم من الشمال إلى الجنوب والعكس دون عوائق أو عقبات، لأن الحضارة واحدة، والعلاقة أخوية وأزلية.
حول هذه الروابط الأخوية الوثيقة، وحاضر ومستقبل العلاقة بين الشقيقين وفرص التنمية من الشمال إلى الجنوب والعكس والآفاق الممكنة لتفعيلها والاستفادة منها وأمور أخرى دارت الندوة التي عقدتها مجلة “أكتوبر” للسفير كمال حسن على، سفير السودان فى مصر ومندوبها الدائم لدى جامعة الدول العربية، وقبل أن ينطلق الحوار بين ضيف أكتوبر ومضيفيه القى السفير الحالى والصحفى السابق والسياسى المخضرم والزول كمال حسن على كلمة أكد خلالهاعلى سعادته بالتواجد في دار المعارف ومجلة أكتوبر باعتبارها منارة ثقافية أثرت الفكر والمعرفة بإصداراتها على مدار أكثر من 120 عاما بالنسبة للشعب السوداني و غيره من الشعوب العربية، ولافتا إلى وجود فرص استثمارية واعدة أمام رجال الأعمال المصريين لتشييد استثمارات عملاقة بمليارات الدولارات في مجالات الزراعة والتعدين والثروة الحيوانية ومشروعات البنية التحتية كالطرق والكباري والعقارات في السودان، مشيرا إلى ضرورة إزالة كافة العوائق التي تقف في طريق انتقال السلع والأفراد مما يشجع المستثمرين ويساهم في رفع معدلات التجارة البينية لتتناسب مع العلاقات السياسية المتميزة بين البلدين.
ومن جانبنا قالت “أكتوبر” للسفير ورفاقة الدبلوماسيين الحاضرين “حبابكم عشرة” وبعدها أنطلق الحوار:
* كيف تنظر إلى العلاقة بين مصر والسودان، وخاصة بعد تغير النظام الحاكم في مصربعد ثورة يناير؟
** التاريخ يثبت وحده هذه العلاقة ووحدة الشعب فى شمال الوادى وجنوب الوادى، والجغرافيا تثبت حتمية هذه العلاقة، فنحن بلدان متجاوران بدون حدود طبيعية فاصلة بيننا، كما أن التحديات العالمية التى تواجهنا تؤكد حتمية هذه العلاقة، وكذلك المصير المشترك بيننا، لذلك نحن ننطلق من هذه المنطلقات لنعمل فى إطار توطيد وتمتين هذه العلاقة فى مساراتها المختلفة، ومن بينها مسار العلاقة الشعبية الذى لم يتأثر عبر التاريخ لأننا شعب واحد في شمال الوادى وجنوبه تربط بينه - بالإضافة للثقافة والدين والتقاليد - “الأرحام” بصورة كبيرة، لهذا أعتقد أن العلاقة بين الدولتين ممتدة ومتواصلة للغاية، وأرى كذلك أن فتح الطرق البرية سيساهم بصورة كبيرة فى دعم هذه العلاقات لأن المكونات الاجتماعية فى شمال السودان وجنوب مصر هى واحدة لكنه يوجد عائق بين المكونات الاجتماعية، فأصبح من يريد الوصول من أسوان لأهله فى حلفا أو من حلفا لأهله فى أسوان لابد أن يذهب عبر العواصم، فمن أسوان يذهب إلى القاهرة ومن القاهرة إلى الخرطوم ثم من الخرطوم إلى حلفا. وهذه التعقيدات نحن الذين وضعناها، وبدونها كان من السهل أن يتواصل الأشخاص فى ساعات قليلة، لذا أتصور أن فتح الطرق البرية سيفتح مجالاً كبيراً فى العلاقات الاجتماعية.
أما العلاقة السياسية، فهى تتأثر بالنخب الحاكمة بالشمال وبالجنوب، وعبر التاريخ هى علاقة متميزة تحدث بها بعض الخلافات هنا وهناك، وأعتقد أن من الطبيعى حدوث هذا فى العلاقة بين النخب السياسية فى البلدين، لكن ليس من الطبيعى أن هذه العلاقة لم تترجم حتى الآن بواقع إقتصادى يعبر عنها، فحجم التبادل التجارى بين السودان ومصر لم يتجاوز (700 مليون دولار)، وهذا حجم تبادل ضعيف جدًا لايرقى لمثل هذه العلاقة والآن نحن ننطلق إلى أن نترجم هذه العلاقات الشعبية والسياسية بين البلدين لعلاقات إقتصادية يستفيد من خبراتها الشعبان فى شمال الوادى وجنوب الوادى لهذا فنحن نصب كل تركيزنا لتغذية هذه العلاقة اقتصادياً لإزالة العوائق التى تقف فى سبيل هذه العلاقة.
إجراءات
* وما هى الإجراءات التي يجب اتخاذها من أجل رفع هذه العوائق بين البلدين؟
** أولاً تسيير البنية التحتية التى تسمح بذلك، وهناك مشاريع للطرق تتم الآن منها طريقان أو ثلاثة طرق من بينها الطريق الساحلى بالبحر الأحمر، وطريق شرق النيل الذى يضم (وادى حلفا أبو سمبل قسطل)، وطريق آخر يبدأ من دنقلة وممتد إلى أرجيل حتى أسوان، وهناك طريق شرق النيل الذي اكتملت معابره ونحن فى صدد افتتاحه خلال شهر مارس القادم ، كما أن طريق غرب النيل من المفترض أن ينتهى شهر مارس القادم حسب العقود الموقعة بين الشركات، ولكننا نحتاج إلى بضع شهور حتى تكتمل المبانى (أى المعبر)، وبفتح هذين الطريقين نكون استطعنا إزالة أحد أهم العوائق، لأن النقل البرى تكلفته أقل بكثير من النقل الجوى الذى يعتبر الناقل الأساسى للبضائع حتى الآن بين البلدين.
ويأتي بعد ذلك إزالة العوائق القانونية، لأن القانون لم يكن يسمح بانتقال العربات والسلع والبضائع والأفراد عبر الحدود أو اختراقها، فكانت تأتى الشاحنات المصرية لتلتقى عبر الحدود بالشاحنات السودانية لتفريغ البضائع وإعادة شحنها مما يشكل عائقا كبيرا جداً. وبعد ذلك تأتى الحيوانات السودانية كالجمال فتقف عند الحدود ويأتى الرعاة المصريون لاستلام الأبقار والجمال ويذهبون بها إلى الأسواق المصرية مثل أمبابة.
وفى الأسبوع الماضى تم توقيع بروتوكول النقل والحركة البرية بين البلدين للسماح بدخول الشاحنات وبضائعها برياً عبر الحدود لأول مرة فى تاريخ العلاقة بين الدولتين لتصبح كل مساحة مصر مفتوحة للسودانيين وكل مساحة السودان وطن للمصريين، لأن المواطنة التى نريدها هى أن تنتقل دون قيود، وبذلك نستطيع أن تحقق الوحدة بين الشعبين دون شعارات، ومن جانبنا فى السودان طبقنا هذه النقطة، والآن نحن نشعر بفوائد هذا الإجراء، فأعداد المصريين بالسودان ارتفعت، وزادت شركاتهم واستثماراتهم وإن كانت لا توجد إحصائية رسمية لكن كل هذا سيساعد على زيادة التبادل التجاري بين البلدين.
وقد كان حجم التبادل التجارى بين مصر والسودان 630 مليون دولار منها 600 لصالح مصر و30 مليونًا لصالح السودان، فى حين أنه كان هناك قصد بألا يتم الاستيراد من السودان، والآن الإرادة السياسية في مصر أصبحت تدعم هذه الكفاية، والسودان أصبحت متفوقة فى مجال تربية الحيوانات التى تعدت المليار واللحوم السودانية أصبحت تنتشر بشكل كبير فى السوق المصرى وعدد كبير من الشركات المصرية يقوم بهذا، ومصر تستورد لحوم بحوالى 6 مليارات من الأرجنتين وفنزويلا وغيرهما ولكنها تأتى فى ظروف صعبة فهى تأتى عبر الجو وتكلفتها تكون مرتفعة ولكن عن طريق البر ستنخفض تكلفتها إلى أقل من النصف.
إرادة
* هل لعب النظام السابق دورًا فى دفع العلاقات التجارية السودانية المصرية؟
** لم تكن هناك إرادة سياسية تسير فى المسارات المحيطة بتلك العلاقات لتسمح بحدوث هذا، ولكن التبادل التجارى بدأ الآن يزيد، وهناك استثمارات مصرية بالسودان زادت بصورة كبيرة للغاية كما أن هناك استثمارات سودانية بمصر زادت أيضاً بصورة كبيرة جدًا، وقد وصل حجم الاستثمارات السودانية من واقع دراسات الجدوى للمشروعات إلى حوالى 7 مليارات دولار، ولكن الواقع الفعلي يشير إلى أن حجم الاستثمار يصل إلى حوالى 860 مليون دولار، وهناك استثمار مصرى للذهب السودانى تتجاوز قيمته المليار دولار، ونحن نساعد الاستثمار المصرى بأن يأتى بكل عماله بطريقة قانونية. وهناك مشروع كبير نعمل عليه الآن بين البلدين وهو زراعة الغذاء بالسودان بخبرات وإمكانيات مصرية، وهذا سيخلق تكاملا كبيرا جدًا فى العلاقات الاقتصادية بين البلدين.
* كيف كانت تدار العلاقات بين مصر والسودان فى عهد الرئيس السابق مبارك؟ وكيف ترى تأثير الربيع العربى على العلاقة بين الخرطوم والقاهرة؟
** النظام السياسى فى مصر مستقر، ونستطيع من خلاله أن نعمل بصورة مرئية ولكن ميزة ثورة يناير أنها أزالت الحواجز بين مصر والسودان.فبروتوكول النقل والحركة البرية جاء تتويجا لاتفاق كان قد بدأ فى عام 2002، فنحن منذ هذا الحين نتفاوض لتطبيق هذا على أرض الواقع ولم نستطع والعكس يحدث الآن، ولكن من نتفاوض معهم على مستوى اللجان بمصر هم نفس الأشخاص قبل الثورة ولكن الإرادة السياسية تغيرت بين البلدين وأصبحت هناك قناعة بين النظامين الحاكمين ففى السابق كنا نتفاوض دون الوصول إلى نتائج.
وهناك نقطة هامة أريد توضيحها، وهى عندما نقول أن العلاقة بين السودان ومصر مرتبطة برفع شعار الإسلام بين البلدين ليس صحيحاً ونحن لا نعتبر الدين مرتبطا بهذا ونحن نتعامل مع كل طوائف المجتمع المصرى ونحن نتعامل مع مصر كدولة وننظر للمصالح ولا ننظر إلى العلاقات المحدودة، والنظام السابق كانت لديه علاقاته الغربية والإقليمية التى ما زالت قائمة ولكنها غير مؤثرة لأنه أصبح هناك إرادة سياسية، فالطريق البرى وصل إلى مصر عن طريق شرق النيل منذ وقت طويل وبدأنا فى طريق غرب النيل بعد المفاوضات والمعبر والبروتوكول بدأنا فيه بعد الثورة.
* وماذا حدث منذ توقفت أنشطة التكامل بين البلدين وتحديدا ما مصير الأسطول البحرى الذى كان ينقل البضائع من أسوان؟
** كان هناك نقل برى ونهرى قبل بروتوكول التكامل الذى كان مسألة نخبوية، والأسطول البحرى يضم أربع بواخر لنقل الركاب من حلفا لأسوان والبضائع التجارية التى كانت تواجه صعوبات كبيرة فى عمليات تفريغها ورفعها، ولكن الآن الشحن من الخرطوم للإسكندرية يتم بكل سهولة لهذا أستطيع أن أقول إن هناك نقلة حقيقية بين البلدين.
* هل هناك أرصدة وأصول مجمدة أخرى للتكامل بين البلدين؟
** هناك مزرعة بمنطقة الدالى المزموم حجمها 165 ألف فدان زرع منها فقط عبر العهود السابقة عشرة أفدنة فقط، ولكنها كانت تكاملا نخبويا، والواقع الجديد سمح بتحريك الاقتصاد بين مصر والسودان دون الالتفات إلى أية شعارات فهى علاقة بين شعبين ونزيل العوائق ونقوم ببناء البنية التحتية لتسهيل حركة الشعبين.
تشريعات
* وهل نحتاج إلى تشريعات لتأكيد هذا على أرض الواقع؟
** أنا أعتبر أن هذا البروتوكول هو التشريع إلى جانب الحريات الأربع ونحن نحتاج من مصر تطبيقه الفترة القادمة وأن يكون هناك تكامل تشريعات لترجمة الحريات الأربع بشكل برلمانى.
* هل هناك مبادرات من الجانبين لتنفيذ هذه التشريعات وتكاملها على أرض الواقع بالعمل الأهلى؟
** فى إطار إزالة العوائق والإصلاحات بين السودان ومصر عقدنا عدة اجتماعات لتسهيل حركة التجارة والتبادل المصرفى بالبنك الأهلى المصرى بالسودان لأن هذا حركة تمويل الأموال ويسهل الأمور على كل من يريد الاستثمار من مصر بالسودان.
وفيما يتعلق بالعمل الأهلى، فقد قام قبل شهر وفد من اتحاد الفلاحين المصريين يضم حوالى 65 شخصية وقعوا اتفاقا مع اتحاد مزارعى السودان لزراعة 5 آلاف فدان، ويوم 23 من الشهر الجارى سيحضر وفد من السودان لاستكمال المشاورات والتواصل بين الإتحادين، كما أن هناك الآن بالخرطوم وفدًا من اتحاد عمال مصر يقوم بالتنسيق مع اتحاد عمال السودان، وهناك كثير من التواصل الشعبى ينم عن الإرادة السياسية المتكاملة مع الإرادة الشعبية.
* هل النخب فى كلا البلدين كانت سببًا فى أوقات كثيرة للخلافات ؟ وهل يمكن أن تكون دافعا لتكامل أكبر؟
** النخب المثقفة والسياسية يعيشون فى مشكلة التاريخ ومعطيات الواقع ويتحدثون عن قضايا التاريخ الجدلية والمواطن العادى لا يفهمها.
* هل هناك عوائق فى الزواج بين المصريين والسودانيين؟
** المشاكل التي تعترض هذه الأمور نابعة من الأعراف ونظام القبائل الموجودة بالسودان وليست متواجدة فى مصر.
معبر
* كانت القاهرة بعد الخرطوم هى المحطة الثانية للهجرة إلى الخارج ومركزا للجوء السياسى وطلباته، وقد انتشرت هذه الظاهرة قبل إعلان دولة الجنوب..فإلى أين وصل حجمها بين القاهرة والخرطوم وكيف أصبح توصيفها لديكم بالسودان؟
** اللجوء ليس المقصود به مصر ولكن القاهرة كانت عبارة عن معبر للسفر إلى أوروبا عن طريق الأمم المتحدة، فكان هناك تشجيع من جانبها من المنظمات الغربية لزيادة عدد اللاجئين من الجنوب إلى السفر إلى أستراليا وكندا و إسرائيل لهذا كان هناك عدد كبير من السودانيين الراغبين فى الهجرة يدعون أنهم من الجنوب لتسهيل الإجراءات لهم.ومصر لا تعامل السودانيين كلاجئين أصحاب البطاقة الصفراء عكس ما تعاملهم الأمم المتحدة لحمايتهم، ونحن نقوم الآن بعملية عودة طبيعية للاجئين فى مصر، وقد قمنا بعقد اتفاقية لإعادة اللاجئين بيننا وبين دول الصداقة والأمم المتحدة لمفوضية اللاجئين ولكن السودانيين فى مصر يعاملون وكأنهم يجلسون فى بلدهم، وهناك منهم فى مصر يستغل هذه السماحة المصرية ويحاولون إفساد العلاقة الطبيعية الموجودة بين السودان ومصر، ويعتبرون أنفسهم لاجئون لأخذ المعونات ويسيئون للسودان ويدعون أنه قد تم تعذيبهم في السودان، وأثناء وجودهم بالقاهرة يستغلون الإعلام المصرى للإساءة إلى السودان.
* ما هو موقف اللاجئين السودانيين فى إسرائيل و كانت إسرائيل تعترف بهم فى بداية الانقسام السودانى والآن تريد إعادتهم إلى السودان مرة أخرى؟
** إسرائيل هى من شجعت فى الفترة الماضية على دخول اللاجئين إليها ولا أعتقد أن دولة كإسرائيل لا تستطيع حماية حدودها ومنع تسلل اللاجئين إليها بطريقة غير مشروعة، فإسرائيل تسعى إلى هذا لتجنيدهم واستغلالهم لخدمتها، والآن لا يستطيع شخص واحد دخول إسرائيل لأنها أصبحت لا تريد هذا، وإسرائيل لها دور كبير جدًا لما يحدث فى السودان ومصر.
* هل استطاعت اسرائيل بانقسام السودان عن طريق الجنوب، التأثير على العلاقات السودانية المصرية؟ وخاصة فيما يتعلق بقضية المياه؟
** العلاقة بين إسرائيل وحركات التمرد فى السودان وخاصة فى الجنوب بدأت عام 1954 وازدادت عقب إعلان استقلال السودان عام 1956 وكانت أول زيارة لوفد سودانى لإسرائيل وأول دعم إسرائيلى للسودان بالمال وبالتدريب وبالدعم اللوجيستى، وبحت أصواتنا من كثرة تحذيرنا من هذا التدخل الإسرائيلى المتزايد داخل السودان ولم يسمع أحد، وكانوا يعتقدون أن هذا شماعة يعلق بها السودان ويبرر بها فشله، ولهذا قال رئيس جنوب السودان “سيلفا كير” فى أول زيارة له لإسرائيل قبل الإنقسام وكذلك بعده قال: لولا دولة إسرائيل لما قامت السودان وعلى الرغم من هذا لا نستطيع أن نقول نجحت اسرائيل كليًا ولكنها نجحت جزئيًا لأن أمريكا تدعمهم دعما كاملا والدول العربية كانت تعمل ضد السودان وأول سلاح استخدم ضدنا هو سلاح ليبى قدمه الرئيس الليبى السابق “معمر القذافى” فإسرائيل حققت كل أهدافها ليصل إلى تمزيق السودان إلى خمس ولايات ولم تكتف بهذا فقط فأصبحوا يتحدثون الآن عن طرد السودانيين من أرضهم كما طرد العرب الأوروبيين من أسبانيا (الأندلس). ولكننا مازلنا نواجه هذه القوة والتى ستساعدنا فى هذا الدعم الذى يأتى إلينا من الأمة العربية والإسلامية.
* هل يمكن أن يصبح هذا البروتوكول بين مصر والسودان خطوة للم شمل السودان وجنوب السودان مرة أخرى وطرد إسرائيل من داخلها؟
** إذا تم إصلاح العلاقة بين السودان وجنوب السودان يمكن ان يستفيد الجنوب من البروتوكول لأن جنوب السودان دوله مغلقة وهناك 90% من الغذاء يأتى من شمال السودان، وأسهل طريقة لوصول الغذاء وغيره من السلع هو ما يأتى من مصر الغنية بالبضائع والسلع عن طريق البر، وحتى هذا البروتوكول تطرق إلى السماح بعبور الشاحنات المصرية ليس فقط عبر السودان ولكن عبر أراضى تخص طرفا ثالثا حتى أوروبا وأثيوبيا وأريتريا والتشاد.
ونحن لدينا تسع اتفاقيات للتعاون المشترك بيننا وبين الجنوب تم توقيعها فى أديس أبابا مؤخراً، ويمكن أن تحدث هذه الاتفاقيات نقلة كبيرة فى العلاقة بين الدولتين والذى يعاونه عليه الملف الأمنى لأنه ستنشأ منطقة منزوعة السلاح بين البلدين.
عائق
* جنوب السودان هل يمكن أن يمثل عائقا أمام نقل هذه الحركة التجارية إلى أفريقيا؟
** مازلنا نبحث للوصول إلى حلول لمثل هذه المشاكل، وحتى الآن مازالت هذه الحركة تتوقف على وصولها إلى أفريقيا مساحتها 10 كيلو من ناحية الشمال و56 من ناحية الجنوب وهناك بعض المناطق بها إشكالات مثل منطقة 14 ميل المفترض ان ينسحب منها الجنوب تماماً والمشكلة حتى الآن هى إن الجنوب يرفض إن ينسحب من هذه المناطق، وفي هذه الحالة سيصعب علينا تنفيذ اتفاقاتنا التجارية والجنوب يحتاج إلى التجارة والغذاء وتصدير البترول ولكنه لا يستطيع فعل هذا مادامت هناك مشكلة أمنية، وإصراره على استخدام السلاح وتدريب المتمردين فى منطقة الجنوب الأزرق وجنوب كردخانة ويدرب كذلك متمردى دارفور. ونحن نصر على فك الارتباط بين جماعة المتمردين بالسودان وبالجنوب ليتم ابرام اتفاقيات اقتصادية بين الدولتين لأن أسعار السلع في جنوب السودان أصبحت مرتفعة عشرات أضعاف السلع داخل السودان واى بلد آخر.
استثمار
* وماذا عن الفرص الاستثمارية التى يمكن ان يجدها المصريون بالسودان والعكس؟
** السودان لديها فرص للاستثمار الزراعى بصورة كبيرة جداً والآن هناك عدد من الشركات المصرية نشأت هناك وأدرجت على جدول الاستثمار الزراعى في السودان إلى جانب فرص الاستثمار الحيوانى وهو مجال من السهل للغاية العمل فيه تحقيق استثمارات ناجحة به، هذا إلى جانب مشروعات البنية التحتية فى السودان وشركات المقاولات والسودان أصبح به حركة كبيرة لبناء الجسور والطرق والمساكن.
* والنصائح التى تقدمها لرجال الأعمال المصريين الذين يرغبون في الاستثمار بالسودان؟
** انصح كل رجل أعمال أو أى شخصية مصرية تريد الاستثمار في السودان التوجه إلى السفارة أولا وأخذ التوجيهات والنصائح والإشادات اللازمة من قبل المستشارين، وهناك مجلس رجال الأعمال السودانى المصرى بالسودان به 20 رجل أعمال سودانيا و20 آخرون من مصر، إضافة إلى هذا هناك استثمارات تتم فى مجال التعدين الذى أصبح به حركة واسعة جدًا من الاستثمار وخاصة بالذهب الذى يعتبر فى السودان ظاهرة فهناك 15 منطقة بها الذهب بصورة غير عادية والاستثمار به يتم عن طريقين الأول بالشركات والآخر بالتعدين الأهلى الذى وصلت عائداته فى الميزانية السنة الماضية إلى أكثر من 2.5 مليار دولار.وهناك شركات كثيرة من خارج السودان أيضًا ساهمت فى التعدين، ومصر تفوقت بميزاتها عن بقية الشركات الأخرى كالقطرية والأوروبية فالمصرى لديه ميزة الدخول إلى السودان دون تأشيرة ودون قيود مثله مثل أى مواطن سودانى آخر بخلاف المواطن الصينى أو غيره الذى يواجه صعوبة التأشيرات مثله مثل الأمريكى فالتأشيرة على سبيل المثال من الغالب تأتى شهرية.
* نحن نعرف ماذا نريد من السودان فماذا تريد السودان من مصر شعبيا ورسميا ؟
** نحن نريد أن نستفيد من الخبرة والتجربة المصرية وإمكانياتها الضخمة وشركاتها وتعليمها المتقدم وفرصها الاقتصادية وسوقها الكبير ومنتجات تصديرها ونحن نمتلك 30 مليون رأس ماشية، فى حين تستورد مصربحوالى 6 ملايين دولار لحوما، وأنا إذا صدرت بمليار واحد لمصر فى السنة من الثروة الحيوانية التى عندى ستكتفى به وأناسوف أستفيد وأنا أيضا فى حاجة دائما إلى عمالة مصرية مدربة ولديها الخبرة اللازمة لإحداث تقدم داخل السودان.
* كيف لمصر أن تستعيد دورها الأفريقى من خلال البوابة السودانية؟
** فى الفترة الأخيرة انكبت مصر على قضاياها ومشاكلها الداخلية، وكانت هناك محاولة لتحجيم دور مصر، فمثلاً قضية التفاوض مع جنوب السودان منذ 5 سنوات ونحن نتفاوض تحت مظلة الأمريكان. وعندما جاءت المبادرة المصرية الليبية التى كان بها حوالى 12 أو 13 بندا، ورغم تحفظناعلى بعض البنود لكننا قبلنا بها مباشرة، وحينها رفضت أمريكا والجنوب هذه المبادرة ومورست ضغوط كثيرة على السودان إلى أن قبلنا بالتفاوض لدخول مصر طرفا به تحت رعاية الجبهتين. ومنذ ذلك الحين لم يسمح لمصر بالدخول فى هذا الملف، وقد أرادوا إبعاد مصر بأى شكل لأنه فى النهاية حتى لو كانت السياسات مختلفة فإن مصالح مصر ستكون مع السودان كدولة، وطبعاً هم أرادوا أن تكون مصر بعيده عن أفريقيا وهذه شكوى عامة من كل الأفارقة بأن مصر تستعلى عليهم ونحن الآن نحتاج للتنسيق مع مصر التى لديها رصيد تاريخى كبير ورصيد مصر معرفي وودينى وحضاري، فالانفتاح على أفريقيا يساعد كثيراً السودان.
الربيع فى السودان
* هل يصل الربيع العربى السودان؟
** لا نحتاج أن توصف الحالات، فالدول التى حدث فيها هذه الثورات حدث بها تغيير لأنه كان هناك أزمة سياسية واقتصادية وصلت لحد القهر السياسى والاقتصادي والاجتماعى وطالت كرامة الإنسان جعلت هناك انتفاضة فى حركة تقدم الشعوب وغيرت من الأنظمة الموجودة، والوضع فى السودان منذ وصول الحكم العسكرى كانت الناس تخاطب خلال هذه السنوات فى جذور المشكلات والدليل يوجد عند بذور مشكلة جنوب السودان التى قدمنا فيها حلولا حتى قبل الانفصال وبعد 2005 صنعنا دستورا جديدا سمح بالتعددية السياسية وتداول السلطة وقمنا بانتخابات شارك فيها كل العالم تمت على مستوى رئاسة الجمهورية والمجالس التشريعية والمحليات وحكام الأقاليم جميعهم منتخبون وسمحنا بتسجيل الأحزاب السياسية والتى كانت بالإخطار، وعملنا قانونا للانتخابات شارك فى تنفيذه كل الأحزاب السياسية بعد ذلك تفاوضنا مع كل من يحمل السلاح لحل مشكلته، وبعد مشكلة الجنوب تفاوضنا مع الحركات التى فى دارفور وتفاوضنا مع عدد من الأحزاب السياسية وشارك فيها عدد آخر من الأحزاب والحكومة السودانية حاليًا فيها أكثر من 17 حزبا سياسيا فمثلًا حزب الاتحاد الديمقراطى كان لمدة 22 عامًا معارضًا خارج السودان وكان موجود منه فى مصر الذى كان يسمى بالتجمع الوطنى لأنه جزء من النظام وحزب الأمة فيه 6 فصائل الآن مشاركه فى الحكومة السودانية لديهم الوجود القبلى والسياسى فى السودان فطارق المهدى ابنه حاليًا مساعد لرئيس الجمهورية وجميع الأحزاب لديها الحق فى المشاركة بالسلطة دون قمع ومن بينها حزب دارفور.
* وماذا عن المؤامرة الخارجية على السودان؟
** وثيقة كمبالا هي محاولة لاستغلال الربيع العربى للتغيير فى السودان، لكن من يقرأ هذه الوثيقة يجد أنها ليست تهديدا للسودان فقط إنما تهديد للوطن العربى كله حيث تتكلم عن إطلاق السلطة المركزية فى الخرطوم وحل الجيش السودانى وتكوين جيش نظامي منهم والآن ينتجون معسكرات لتدريب السودانيين فى كمبالا ويجمعون فيها الأطفال ، فهل هذا ربيع عربى؟ لا أعتقد هذا، والشعب السودانى يعى هذا جيدًا ولن يسمح بحدوثه.
* إذا لن يكون هناك ربيع سودانى قادم أو تقسيم جديد للسودان؟
** نحن مع التغيير لكن بطريقة منظمة فنحن لدينا انتخابات قادمة فى 2015، وأعلن الرئيس أنه لن يترشح مرة أخرى، وعلى من يرغب من الأحزاب التقدم بمرشحه فليفعل على أن يكون الحكم والفيصل هو الشعب السودانى، وستكون هناك انتخابات لحكام الولايات وللبرلمان، إذن على الأحزاب أن تعمل من داخل الشعب السودانى وليس من خلال الفضائيات لأن الشعب السودانى أصبح حاليًا واعيا جدًا ويدرك مصلحته جيدًا، أما بالنسبة للتقسيم فهناك مخططات ولكننا منتبهون جيدًا لمثل ذلك.
وبالنسبة للجنوب هناك متغيرات ومعطيات غير الموجودة فى باقى المناطق، وأنا أرى أنه من الصعوبة أن تحدث حركات انفصالية فى مصر رغم أن الدول الكبرى تخطط لمثل ذلك، حتى جنوب السودان لا يملك معطيات تأسيس دولة لكن كانت هناك معطيات للانفصال من خلال المؤامرات التي تعمل على وجوده نفسيا واجتماعيا وهذا غير موجود فى دارفور أو منطقة النيل الأزرق.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.