ليس مجرد انقلاب على القيم والتقاليد المصرية التى كانت مضرب الأمثال على النبل ودماثه الخلق.. الظاهرة أخطر من مجرد انقلاب محدود فما نشهده حاليا يمثل أنماطا جديدة من الجريمة، وانتشار البلطجية والبلطجة والمسجلين خطر بعد فتح السجون وفتح الحدود عقب الثورة.. هذا ما يرصده خبراء علم الاجتماع والنفس والإعلام فى السطور القادمة: تقول د. سامية خضر أستاذ علم الاجتماع إن السبب فى تزايد أعداد المسجلين وعودة الكثير للجريمة مرة أخرى يرجع للانقلاب فى القيم المصرية التى تربينا عليها وخاصة بعد الثورة، إضافة إلى انتشار فرص الكسب غير المشروع بأية وسيلة وكثرة ضعاف النفوس فأصبحنا نشاهد الذى يسرق السيارات فى «عز الظهر» ولا يتوانى فى القتل لتحقيق السرقة، مشيرا إلى أنه ساعد أيضا على زيادة أعداد المسجلين ليصلوا إلى هذه الأرقام المخيفة فى الأيام الأخيرة بعد فتح السجون عقب الثورة، حيث خرج هؤلاء الخطرين ليروعوا المواطنين، وفى المقابل حدث للشرطة نكسة، ولكن هذا لا يعنى أنها تقاعست عن دورها أو أنها أصبحت غير قادرة على أداء دورها، ولكن السلبيات نتيجة للجهد الكبير الذى بذلوه فى مواجهة الخارجين وعدم التجانس الفكرى للوقوف أمام هذه الهجمات غير المسئولة، مما أدى إلى زيادة أعداد الخارجين على القانون بهذا الشكل الذى يشهده الشارع المصرى فى الأونة الأخيرة. وتضيف د. سامية أن من الأسباب التى ساعدت على زيادة معدلات الجريمة هو أن حدود مصر ومعابرها أصبحت مفتوحة مع دول الجوار وخاصة مع دولة ليبيا مما سهّل دخول أسلحة غير مألوفة أصبحت فى أيدى الخارجين على القانون ومنها صواريخ مضادة للطائرات ومدافع، كما لأول مرة نشاهد «الملثمين» الذين يرتكبون الجرائم وهم (مغطى الوجه) ثم يهربون وهذا لم تعتد عليه مصر. وترى أستاذ علم الاجتماع أن الأمر يحتاج لجهد مكثف وأكبر من جانب الشرطة فى المرحلة المقبلة لمواجهة هؤلاء الخارجين على القانون، ولابد أن نشجع (الشرطة) ونشيد بوجودها مطالبة بضرورة الاستمرار فى سياسة الإعلان عند القبض على البلطجية واللصوص فى نشرات الأخبار بالتيفزيون لكى يشعر المجتمع بأن هناك أيدى قوية فى مواجهة هؤلاء المجرمين، وبالتالى يشعر المجتمع بالأمان، إضافة إلى الإشادة فى وسائل الإعلام بكل إنسان مدنى يحاول أن يساعد الشرطة أو يساهم فى القبض على اللصوص لإحياء المثل العليا فى المجتمع ورجوع الشهامة المفقودة مرة أخرى، مؤكدة ضرورة تعظيم صفات الشجاعة والشهامة لتتعلم الأجيال وتحتذى بها. وتطالب د. سامية بالحسم مع كل من يروع الآمنين وإعدامه فورا فى حالة ارتكاب جرائم القتل وخاصة إذا كان الفاعل من المسجلين الذين لهم عدة سوابق، وكذلك إعدم تجار المخدرات لأنهم يخربون عقول الشباب والمجتمع. ومن جانبه يؤكد د. سيد صبحى أستاذ الصحة النفسية بجامعة عين شمس ومقرر شعبة الرعاية الاجتماعية بالمجالس القومية المتخصصة أن أرقاما مخيفة أظهرتها دراسة المركز القومى للبحوث الاجتماعية. وهذا يتطلب منا أن نعد البرامج الإرشادية والنفسية والتوجيهية والتأهيلية للتخفيف من خطورة هذه الكارثة، مطالبا بضرورة متابعة أنشطة هذه الأعداد من المسجلين ومواجهتها من خلال وضع برامج تقويمية لتفادى ما ينتج عنها حتى لا تؤذى الأفراد، قائلا: إذا كنا قد وصلنا لهذه الأعداد المفزعة من المسجلين والمجرمين فإنه يجب أن يكون موازيًا لها برامج توعية لوقاية المجتمع والأفراد من هؤلاء لتفادى شرورهم ويتم ذلك من خلال المتابعة الواعية لهذه الدلالة الرقمية، محذرا إذا لم نتعامل بعناية وجدية مع هذه الأرقام فإن أعداد المسجلين ستكون فى ازدياد وقد تتضاعف، وإذا أردنا معالجة هذه المشكلات السلوكية فلابد من المواجهة بالإرشاد والتوعية، وكأننا نريد أن نقول «انتبهوا» لهذا الرقم المفزع من المسجلين. ويرى أستاذ علم النفس أن الأسباب وراء هذا الكم الكبير من المسجلين يرجع إلى الإهمال فى متابعة سلوك الأفراد من جانب الأجهزة المعنية مثل التعليم والإعلام والأمن والشئون الاجتماعية، مؤكدا أنه إذا تكاتفت هذه المؤسسات مع بعضها البعض بأن يقدموا المقومات الإرشادية، فإننا سوف نصل إلى نتيجة تعدل من هذا السلوك الإجرامى لأننا فى حاجة ماسة لمتابعة الاضطرابات السلوكية التى وصلت إلى حد الشغب والاصطدام فى الشارع، كما يرى أن تزايد أعداد الذين يخرجون على السائر المألوف وعن القيم الأخلاقية يحتاج لبحث يتناول الفرد وكيف يتكون منذ بدايته، متهما الانترنت والتكنولوجيا الحديثة التى دخلت البيوت بأنها عامل مساعد فيما نراه من الخروج عن المألوف وما يحتويه النت من برامج للعنف والبرامج الجنسية والإباحية، وهذه البرامج تعلم الأبناء فى الصغر العنف والخروج عن المألوف ويخزنونها فىداخلهم ويخروجها عندما يكبرون! ومن جهته يرى د. عدلى رضا أستاذ الإذاعة والتليفزيون بإعلام القاهرة أن الإعلام ليس المسئول بمفرده عن هذا الكم الكبير من المجرمين فى المجتمع، ولكن الظروف الاقتصادية والاجتماعية والتفكك الأسرى وظروف التنشئة هى المعول الأول وراءها، مؤكدا أن الأسرة دورها التربوى تراجع بشكل ملحوظ فى الفترة الأخيرة، وكذلك تراجع المواطنين الصالحين وأيضا الخطاب الدينى، ويأتى فى مقدمة هذا العوامل البطالة التى تعتبر العنصر المهم فيما نراه ونشاهده من عمليات قتل وسرقة وغيرها، فضلا عن أن الطموحات لدى المواطن المصرى ازدات فإذا لم يستطع تحقيقها فإنه يلجأ للإجرام. ويوضح أنه ربما تكون بعض المواد الدرامية فى الأفلام والمسلسلات تكون من العوامل المحركة لدوافع الإجرام لدى بعض الأشخاص ممن لديهم الميول الإجرمية.. فقد يتعلم المواطن أسلوب الجريمة من وسائل الإعلام وفى مقدمتها الدراما التى تصور المجرم على أنه شخص عبقرى، وبالتالى فإن الأمر يتطلب التقليل من مواد العنف فى الأعمال الدارمية، ويمكن للتليفزيون أن يعالج هذه السلوكيات بأن يقدم أعمالًا درامية تصور المجرم على أنه شخص أقل قيمة فى المجتمع، مؤكدا أن هذه الأعداد المخيفة من المسجلين تدعو للقلق والحيرة.. وتدعو الدولة لدراسة الأسباب ووضع الحلول المناسبة حتى لا يتحول المجتمع إلى مجتمع مشبع بالجريمة وهذا يتعارض مع طبيعة المصريين، مؤكدا أن كثرة أعداد المجرمين يمثل نقطة سوداء فى النسيج الاجتماعى المصرى. ويطالب خبير الإعلام بضرورة الاهتمام ببرامج التعليم وبمواد التربية الدينية، والعمل على أن تعود الأسرة المصرية إلى دورها التربوى للأبناء وأن تعود العلاقات الأسرية السوية ويعود لها الدفء الكامل مع أبنائها وأن تسود لغة حوار محترمة بين الآباء والأبناء والتى نفقدها هذه الأيام لعدم وجود ثقافة الحوار. ويتهم د. عدلى رضا المواقع الإباحية على الانترنت بأنها أحد الدوافع أيضا التى تحرك دوافع الجريمة لدى البعض.. ولابد من الدولة أن تتدخل لوضع قواعد للتعامل مع «النت». بهاء زيتون