' أتسرقنا' كلمة باتت تتردد كثيرا علي الألسنة خلال الأونة الاخيرة وهي كلمة سهلة علي اللسان ثقيلة علي الانسان الذي يتعرض لحادث سرقة سواء في الشارع أو وسائل المواصلات والاصعب داخل منزله . والسرقة وباء أصاب المجتمع المصري نتيجة عدة عوامل أهمها الازمة الاقتصادية التي يمر بها العالم وأصبح الحصول علي الدواء صعبا للغاية خاصة في ظل تفاقم البطالة بين الشباب الذين اتجه البعض منهم من أصحاب النفوس الضعيفة الي المخدرات والسرقة, وهو ما صعب من مهمة رجال البحث في تحديد الجناة حيث ان معظمهم حاليا ليسوا من المسجلين أصحاب الملفات والبصمات الموجودة لدي الاجهزة المعنية. وهذه الجريمة الشنعاء تحتاج الي مواجهة حاسمة فالعلاج الامني وحده لايكفي ولم يصبح مجديا في ظل تحمل رجال الشرطة أعباء اضافية قد تمنعهم من أداء واجبهم علي أكمل وجه وهو ما يشعر به المواطن, وجعله يفقد بعض الشيء الاحساس بالامن والامان الذي كان ومازال حتي وقتنا هذا يميز مصر عن دول أخري كثيرة. ومن خلال السطور التالية سوف نتعرف علي أسباب أنتشار هذه الظاهرة وكيفية التصدي لها ودور الشرطة والامكانيات المتاحة وكيفية تحقيق الامان خاصة في ظل حوادث متعددة وغريبة منها علي سبيل المثال وليس الحصرالمفاجأة التي أصابت أحد المواطنين عندما فتح باب شقته حيث وجد أربعة أشخاص داخلها يلعبون القمار, ومواطن آخر لم يجد باب الشقة أصلا والثالث فقد سيارته في عز الظهر. المستشار رفعت السيد رئيس محكمة جنايات القاهرة يري أن انتشار السرقة خاصة من الشباب غير المسجلين أو الذين يرتكبون الجرائم للمرة الاولي أصبحت ظاهرة لايمكن اخفاؤها أو تجاهلها و يرجع سببها الي عدة عوامل أهمها زيادة البطالة بين الشباب الذين أنهوا دراساتهم وأغلق أمامهم باب العمل كذلك الازمة الاقتصادية التي يعاني منها المجتمع بأسره لاسيما بعد أرتفاع الاسعار بصورة مخيفة جعلت الطبقة فوق المتوسطة وما دونها لاتستطيع توفير سبل العيش أو حتي تديبر مصرفات الابناء من الشباب بالاضافة الي عامل آخر حاسم شجع علي انتشار هذه الظاهرة وهو ضعف الامن الاجتماعي الذي تقوم به الشرطة نظرا لاستغراقها بوظائف أخري يمكن أن يقوم بها غيرها مثل حراسة السكك الحديدية ووسائل النقل العامة وتخصيص إدارة مستقلة لها وهي إدارة شرطة النقل والمواصلات وكذلك إدارة شرطة الكهرباء التي تتولي حراسة المنشآت الكهربائية وشرطة الحراسات الخاصة التي تتولي حراسة البنوك والشركات وغيرها وكذك شرطة الجوازات وتصاريح العمل والملاحة النهرية وغيرها من المهام العديدة التي أثقلت جهاز الشرطة مما أدي الي تقلص الدور الامني الاجتماعي في توفير وسائل الامن في الشارع المصري كما كان الحال قديما حيث عاصر كبار السن رجال الشرطة المنتشرين في الشوارع نهارا وليلا يؤمنون المواطن وأيضا رجال الشرطة المتواجدين بكاملهم داخل أقسام الشرطة يتلقون البلاغات ويقومون باتخاذ اللازم أما الآن فمعظم ضباط الاقسام لايتواجدين بدائرة القسم لما يسند اليهم من خدمات تتعلق بتأمين مواكب أوأندية تجري فيها مباريات رياضية وغيرها من المهام التي تستغرق معظم جهد ووقت الشرطة التي لابد وأن تهتم بدورها في تأمين الامن الاجتماعي للوطن والمواطنين, وأن يرفع عن كاهلها كافة المهمات والانشطة التي يمكن أن يقوم بها وبكفاءة أكبر أجهزة مدنية متخصصة, فحراسة المنشآت مثلا يمكن أن تقوم بها شركات مدنية للامن والحراسة كما هو متبع علي نطاق ضيق حاليا فيمكن التوسع وبالتالي يتم توفير أعداد ضخمة من ضباط وجنود الشرطة يسهمون في توفير الامن والامان للمواطن في الوفت الذي يتولي فيه هذه المهام الشركات المتخصصة كما هو الحال في جميع أنحاء العالم إذ ان علاج مشكلة البطالة أوالازمة الاقتصادية نفسها ربما يستغرق وقتا طويلا وليس أمامنا للحد من هذه الظاهرة المؤسفة الا تفعيل دور الامن الاجتماعي من خلال جهاز الشرطة القادروالكفء مع تزويده بكافة التقنيات الحديثة التي يمكن من خلالها ضبط الشارع والحد من النشاط الاجرامي لمرتكبي الجرائم. العامل الاقتصادي السارق- والكلام للمستشار يحيي أنور محفوظ بمحكمة استئناف طنطا- هو كل من اختلس منقولا لغيره والجريمة تقوم علي عدة أركان هي كون موضوع السرقة مالا وهو كل شيء يصلح محلا لحق عيني وعلي وجه التحديد حق الملكية, وركن مادي قوامه الاختلاس وركن معنوي يتخذ صورة القصد ومن بين عناصره نية التملك والاصل أن يكون الباعث الي السرقة هو الاثراء, واذا أنتفي هذا الباعث وحل محله باعث خلاف ذلك مثل الانتقام,,,فإن قصد السرقة لاينتفي وهذا تعريف مبسط للسرقة, وهناك أنواع أخري من السرقات التي تصنف كجناية مثل السرقة بالاكراه وفي الطرق العامة أو في احدي وسائل النقل العام اذا وقعت بين شخصين أو أكثر وكان أحدهم يحمل سلاحا ظاهرا أو مخبأ, ويرجع انتشار ظاهرة السرقة الي عدة عوامل أهمها العامل الاقتصادي فهناك ضعف في دخل الفرد أمام غول الغلاء الذي طال السلع والخدمات هذا بالاضافة الي مشكلة البطالة وتفاقمها وعدم قدرة سوق العمل علي استيعاب الاعداد الكبيرة من خريجي الجامعات والمعاهد, في الوقت الذي انحسر فيه دور الدولة فيما تقدمه من خدمات في عمل الاقتصاد الحر وتحولها من تاجر ينظر بمنظار الربح والخسارة دون اتخاذ المعايير الاخري في الحسبان,وهناك تفاوت مخيف بين الطبقات وتلاشت الطبقة المتوسطة التي كانت همزة الوصل بين الطبقتين الغنية والفقيرة مع وجود نسبة لايستهان بها تقيم في عشوائيات ويعانون مشكلات جمة, وأن ما طفي علي السطح من حوادث سرقة ما هو إلا جرس أنذار ينبهنا الي أين نحن سائرون وأنه سوف تظهر سلبيات أخري كثيرة إن لم تتم معالجة هذه الآفات في مجتمعنا, والمشكلة الكبري أن المنكر صار مألوفا في مجتمعنا فقد غاب مفهوم الحلال والحرام قبل الخشية من الوقوع في طائلة القانون. العمل الأمني الدكتور سعد الزنظ أستاذ الادارة يشير الي أن المؤسسة الامنية تعمل في الوقت الراهن في ظل معطيات مجتمعية معقدة ومتشابكة ولابد من التفكير في البحث عن آليات وأدوات جديدة ومقبولة فنيا وأخلاقيا تطور بها الاداء للضباط علي كافة المستويات سواء داخل المؤسسة ذاتها أو في علاقتها بالمجتمع المدني, وأن هناك حاليا سمات عامة ظالمة لكل ضابط يتحرك بإيجابية لانجاز المهام حيث أصبح ملاحقا من جانب الاعلام السلبي تارة ومنظمات حقوق الانسان المحلية والدولية تارة أخري هذا بالاضافة الي تعليمات وزارة الداخلية التي اتسمت بالانضباط والصرامة والمتابعة,والسؤال الذي يطرح نفسه00 كيف يعمل رجل الامن في ظل مناخ ضبابي يحمل خلف ستائره محاولات الانقضاض عليه, ولابد من لفت نظر المجتمع المدني الي الانتباه إلي خطورة ما يحدث من جانب البعض الذي يحرص علي تآكل دور المؤسسة الامنية حيث أننا نسهم دون أن نشعر في كسر هيبة النظام ككل وهو موضوع تأثيره سلبي علي الجميع, ولاننكر وجود أخطاء لبعض رجال الشرطة علي المستوي الانساني والفردي ولكن هذا لايكون مبررا للاطاحة بهيبة المؤسسة الامنية فهي أخر حائط صد داخلي. الاعتداء علي الملكية والسارق في عرف القانون- والكلام علي لسان عصام شيحة المحامي والخبير في مجال حقوق الانسان- لايكتفي بالاعتداء علي ملكية غيره بل يعتدي علي الحيازة الثابتة للمجني عليه. ويرجع سبب تفشي ظاهرة السرقات في المجتمع المصري بهذه الصورة المخيفة والمفزعة لاسباب أجتماعية تتعلق بالاسلوب الخاطيء في التربية وافتقاد القدوة وغياب دور الاسرة والمدرسة, كما أن هناك أسبابا أقتصادية وراء هذه الجريمة نتيجة لتزايد حالات الفقر والبطالة والحاجة الي المال لسد احتياجات الحياة بالاضافة الي حالات الاحباط التي تولدت لدي بعض طوائف المجتمع والتي خلقت حالة من التوتر والقلق تدفع البعض الي الحقد علي المجتمع والانتقام منه عن طريق الاعتداءعلي الاشخاص والاموال, وأن زيادة نسبة الجريمة خاصة السرقة أصبحت تمثل عبئا علي جهاز الشرطة المشغول بمهام عديدة, بالاضافة الي التعليمات الواضحة لضباط الشرطة بمراعاة حقوق الانسان في التعامل مع المتهمين والذي أفقد الضباط الكثير من مهارات التعامل مع المجرمين وأصحاب السوابق تخوفا من المساءلة في ظل النشاط الملحوظ لمنظمات المجمتع المدني المعنية بحقوق الانسان والتي أصبحت تلعب دورا هاما في الرقابة الشعبية علي ما يحدث داخل الاقسام وأماكن الاحتجاز في الوقت الذي لم تتح فيه الفرصة للضباط للتدريب علي الطرق الحديثة للوصول الي أعتراف المتهم بجرائم السرقة خاصة لافتقاد هذه الاماكن للامكانيات التي تتيح للشرطة التعامل مع المجرمين دون أستخدام العنف و في ظل زيادة نسبة الجريمة وقلة عدد المعنيين بالتحقق فيها مما أتاح الفرصة للكثر من محترفي الاجرام للافلات من العقوبة في حالة عدم الاعتراف بالجريمة مما يستلزم دعم المعنيين بالجريمة الجنائية بكافة التسهيلات لاعادة الانضباط الي الشارع المصري. ضبط الجناة سمير شحاتة المحامي ورئيس المركز العربي الاوروبي للتحكيم يتفق مع الرأي السابق حول أنتشار ظاهرة السرقة بسبب الظروف الاقتصادية مشيرا الي أن القوانين تعطي لرجل الشرطة الحق في ملاحقة الجناة وضبطهم أما الاعتراف فيحتاج الي الردع دون الايذاء وخاصة مع من هم تتجه اليهم الشبهات من المسجلين خطر فالحكمة من العقاب هي الردع أي تخويف الغير من أرتكاب الجريمة وذلك بتوقيع العقوبة علي الجاني, وأنه أذا أطلقنا يد ضابط الشرطة في حدود الهدف من العقاب علي المجرمين والمسجلين خطر فسنجد أن هناك ما يسمي بجمعيات حقوق الانسان وهي في مصر حديثة العهد بهذا العمل وهم يحاولون تقليد الغرب دون أن يكونوا مؤهلين لذلك سواء من ناحية التأهل الثقافي أو العلمي أو الانتماء الي الوطن وحماية جبهته الداخلية دون مجاملة الحكومة وفي نفس الوقت دون مصالح خاصة,فعندما تتوافر هذه الشروط في الجمعيات الاهلية سيقف لها الجميع مؤيدين وهنا نطالبهم بمراقبة الحكومة والسلطة التنفيذية في كافة أعمالها. مسجل خطر وأكثر السرقات أنتشارا حاليا- كما يقول مصدر أمني- هي سرقة حقائب السيدات وأغلبها يحتوي علي هواتف محمولة, ومن أكثر السرقات خطورة تلك المقترنة بالاكراه وأنه في جميع الحالات تتم مناقشة المجني عليه وتحديد أوصاف المشتبه فيهم الذين سبق القبض عليهم في حوادث مماثلة وبالنسبة لبعض الحوادث كالمتعلقة بالمنازل يتم رفع البصمات عن طريق الاجهزة الفنية وتحديد طريقة الدخول وكانت الامور في الماضي أكثر يسرا حيث ترتكب الجريمة بطريقة شبه متكررة يتم التعرف منها علي المتهم أما الان فالمسألة أكثر تعقيدا نتيجة افراز نوعيات أجرامية متعددة بمعني العاطل يسرق وطالب الجامعة أيضا وغيرهما من فئات المجتمع ولم يصبح الامر مقصورا علي المسجلين لدينا, وأن رجال الشرطة مطالبون في التعامل مع المجرمين والمشتبه فيهم بشيء من القوة بما يحقق الردع حتي يحصلوا علي المعلومات والاعترافات وذلك دون الافراط أو اللجوء الي التعذيب.