كارثة جديدة تشهدها قطارات الغلابة وأقصد بها حادث البدرشين، الذى راح ضحيته 18 قتيلا، و107 مصابين، أيام قليلة وسننسى جميعا ما جرى مثلما نسينا ما سبق، ويبدو أن رخص سعر المواطن المصرى فى بلده قد انعكس على كل شيء حتى على آدميته التى أصبحت لا تساوى شيئا فى سوق البشر فالأمر يشعل الفضائيات بعض الوقت ويتطلب من بعض المسئولين التواجد والرد لعدة أيام قليلة، ثم ينتهى الأمر للاشىء! متع الله الجميع بالصحة والسلامة فقراء وأغنياء، ولكن لماذا تقع الحوادث دائماً فى قطارات الغلابة المطحونين المقهورين الذين لا سند لهم غير الله ؟ لماذا يكون الضحايا دائماً بين أبناء الفقراء ؟ و لماذا لا نتعلم من جرائمنا و أخطائنا ؟ لماذا تعد السكك الحديدية فى العالم كله أكثر الوسائل أمنا وفى بلدنا تكاد المسافات تنعدم بين الحوادث المتتالية حتى أصبحت أمرا معتادا! لقد نقلت قناة «أون تى فى» من مكان الحادث على الهواء مباشرة توابع تلك المأساة والمحاولات المتواضعة جداً لإنقاذ المصابين واخراج الجثث وهى كارثة ثانية، لكنها نقلت أيضاً بغير تعمد حالة اللامبالاة التى أصبح عليها الكثيرون من المصريين سواء كانوا مسئولين أو مواطنين! أما عن المسئولين فقد بات بطئهم وبرودهم وردود أفعالهم المتبلدة أمرا معتادا، لكن الكارثة هو انتقال تلك الحالة لمواطنين تواجدوا فى مكان الحادث لم يكونوا أقل بلاده من المسئولين، فكيف اصبحوا على هذا الحال، كيف يتندرون ويتهكمون ويتسلون وهم يسيرون فوق دماء الضحايا فلا يفرقون بين خناقة فى حارة ومصيبة دامية مازالت آثارها ودماؤها تتناثر هنا وهناك أمام أعينهم؟ من البديهى أن انفصال عربة عن باقى القطار لا تحدث إلا لضعف فى الرابط بين العربتين أو بسبب السرعة، وهو ما يعنى استمرار تلك الحالة الشاذة التى باتت عليها السكك الحديدية فى مصر التى تعد واحدة من أعرق السكك الحديدية فى العالم لكنها بفضل الإهمال والتراخى ورخص سعر المواطن قد تحولت إلى واحدة من أسوأ المرافق فى العالم! لم يصبح أمامنا سوى أمرين: إما أن نبدأ فورا فى تطوير منظومة مرفق السكك الحديدة بل ومرافق أخرى كثيرة تحتاج إلى الاهتمام والبذل، وهو أمر أعتقد انه مازال بعيدا عنا، وإما أن نستودع الله فى أبناء هذا البلد الذين يذهبون إلى الدار الآخرة دون ذنب جنوه إلا فقرهم وحاجتهم واضطرارهم واضطرارنا إلى الصبر وانتظار القدر!