ما بين غضب القوى السياسية ونفى الجهة المنوطة بالتشريع، أثارت مسودة مشروع قانون التظاهر والاعتصام عاصفة من الجدل، فبينما وصف عدد من الساسة وأعضاء التيار المدنى القانون الجديد بأنه عودة إلى سياسات الدولة البوليسية وانتكاسة للثورة قال المعنيون بالتشريع فى مجلس الشورى الذى يتولى المهمة مؤقتًا لحين انتخاب مجلس النواب إنه مجرد مقترح حكومى لا يرقى إلى مشروع القانون وأنه اقتراح سيتم مناقشته وطرحه للحوار المجتمعى. وهاجم عدد من الساسة مشروع القانون ووصفوه بأنه عودة صريحة للدولة البوليسية أو قانون للطوارئ بوجه جديد كما وصفه نشطاء وحقوقيون بأنه بمثابة انتكاسة للثورة وقال عنه آخرون إنه استبدادى ويضم سلطات مطلقة لوزارة الداخلية فيما تضاربت ردود الفعل داخل جماعة الإخوان المسلمين حول المشروع فقال الدكتور عصام العريان نائب رئيس حزب الحرية والعدالة إنه لا يوجد مشروع قانون للتظاهر وأكد أنه فقط مقترح حكومى لا يرقى لمشروع القانون. كما أكد الدكتور جمال حشمت عضو مجلس الشورى عن الحرية والعدالة أن المشروع هو مجرد مقترح سيجرى عليه حوار مجتمعى ومن الممكن إجراء بعض التعديلات عليه وأن الحكومة سوف تتقدم بالمشروع وهو ما لم يحدث حتى الآن. ووسط كل هذا اللغط خرج على فتح الباب رئيس الهيئة البرلمانية لحزب الحرية والعدالة بمجلس الشورى وزعيم الأغلبية بالمجلس ليؤكد أنه لا توجد مسودة لقانون التظاهر والاعتصام بالمجلس أو حتى فى لجنة حقوق الإنسان وشرح أن كل ما يحدث الآن هو «شو إعلامى» ليس للمجلس شأن به فأى قانون حتى يصبح رسميًا لابد له أن يمر بعدة مراحل تبدأ بتقديم اقتراح إلى رئيس المجلس الذى يقوم بدوره بإحالته إلى لجنة الشئون الدستورية والتشريعية كبديل عن لجنة الاقتراحات والشكاوى بمجلس الشعب لدراسة الاقتراح من حيث دستوريته فإذا أجازته اللجنة وتم القبول يتم عرض تقرير على المجلس لإحالته إلى اللجنة المختصة لدراسته من حيث الموضوع ثم تعد اللجنة تقريرا يعرض للمناقشة العامة أمام المجلس وبعد الموافقة فى هذه الحالة يتم رفع المشروع إلى رئيس الجمهورية لإصداره كقانون. ولوضع النقاط على الحروف واجهنا الدكتور عز الدين عبد الوهاب حسن وكيل لجنة حقوق الإنسان مقدم مشروع القانون للمجلس فأكد أنه مجرد اقتراح تقدم به بالفعل داخل لجنة حقوق الإنسان لكى يتم مناقشته وطرحه للحوار المجتمعى فإذا لقى قبولا من اللجنة طرحناه للنقاش وسوف نقبل الإضافة والحذف وكل رؤى الشخصيات العامة وكنا سندعو المجتمع المدنى بمؤسساته لنناقشه معًا ونخرج بقانون يحافظ على الحريات ويحمى حرية التعبير عن الرأى والتظاهر السلمى بتأييد من الجهات الأمنية لحماية المظاهرة وفكرة تحديد ساعة لبدأ المظاهرة وأخرى لنهايتها هو أمر متروك للنقاش، مشيرًا إلى أن اقتراح مشروع القانون هو مجرد تجربة للجميع، وقد لا يرى النور إذا رأت لجنة حقوق الإنسان بمجلس الشورى عدم مواءمته مع ظروف المرحلة الراهنة أو إنه سيلقى غضبًا فى الشارع السياسى. وكانت تصريحات المستشار أحمد مكى وزير العدل حاسمة فى هذه الزوبعة حيث أكد أن الحكومة لديها قانون يجرى العمل على إعداده لتنظيم التظاهر والاعتصام ودراسته فى ضوء ما يحدث فى كل دول العالم المتقدم والقوانين التى يتم العمل بها مؤكدًا أن التظاهر حق لجميع المواطنين ولكن كل حق له قيود.. فلا يجوز مع التظاهر تحطيم الممتلكات أو تعطيل المصالح أو الإفساد فى الأرض فحتى حق تربية الأبناء مشروط بعدم الإساءة إليهم أو قتلهم وندرس فى المشروع الجديد منع حصار المحاكم أو المنشآت التى تمثل رمز الدولة وهيبتها كقصر الرئاسة كما ندرس إمكانية تحديد أماكن للتظاهر بحيث يتم وضع ضوابط لتنظيم الحق ومن يريد التظاهر عليه إخطار أجهزة الأمن بالموعد والمكان لتأمينه بدون حاجة لإذنها بل لمحاولة تدخلها لحل المشكلة ولا يمكن منع التظاهر إلا بحكم قضائى.