فى الأسبوع الماضى تحدثت عن قصة الفلاح المصرى « خونانوب» ونضاله من أجل استعادة حقه وفى هذا العدد يواصل باقى رسائله الرائعة التى ضرب بها المثل فى المعارضة الحقيقية للظلم، والكفاح من أجل استعادة الحق. عقب الرسالة الخامسة غضب حاكم الإقليم، من الفلاح بعد أن رماه بأنه مشارك فى ظلمه، رغم تعاطف الأمير معه إلا أنه قدمه إلى القاضى بتهمة سوء الأدب فى شكواه، ولأنه يعلم الظلم الواقع عليه طلب من القاضى تخفيف الحكم، فحكم عليه بالجلد، عاد الفلاح إلى أسرته مثخن بالجراح إلا أنه أوصل شكواه للملك. وفى الرسالة السادسة قال: «إن حزنى يحملنى على الفراق ويدفعنى إلى الرحيل لا تتوان فى شكايتى إنك تسير أمورك على عكس ما ينبغى» وصلت الرسالة إلى حاكم الإقليم ومنه إلى الملك، والأمير تقتله الدهشة فالملك لم يصدر قراراً فى الشكاوى، والفلاح لم يكف عن المطالبة بحقه، ولكن حديث خونانوب عن ترك البلاد كان مؤلما، وقرر أن يفعل شيئا من أجل «خونانوب» وبدأ يفكر: أخيرا لمعت فى ذهنه فكرة وهى: رئيس الشرطة، طلب الأمير منه التحقيق فى سلوك الموظف « دجحوتى نخت» وأمره بعدم القبض عليه مهما جمع من أدلة ضده وفى وقت قصير جمع رئيس الشرطة الأدلة، وبسرعة عاد إلى الأمير ليضع تحت يده جرائم الموظف الفاسد وكان ينتظر بشوق لسماع الأمر بالقبض على هذا الشرير. فى ذلك الوقت أرسل الفلاح «خونانوب» الرسالة السابعة قال فيها:«لا تكن عنيدا فليس العناد من شيمك، لا حياة لفقير ما لم تكن له فى قلب العدالة منزلة، سيضيعك إهمالك ويؤذيك جشعك وسيخلق لك نهمك أعداء». ثم تابع الفلاح رسائله حتى التاسعة قائلا « لا تكن ثقيلا فما أنت بخفيف. لا تكن بطيئا فما أنت بسريع. لا تنهر من أتاك مستجيرا. اخرج من بطئك واقض بالعدل لا تغمض عينيك مما تراه، لا تقس على من جاء يشكوا إليك. عندما يكون المتهم فقيرا و الفقير شاكيا يصبح العدو فتاكا» وهنا أمر الملك باستدعاء الفلاح وموظف البلاط ورئيس الشرطة وحاكم الإقليم، أمر الملك خونانوب أن يعرض شكواه، لملم كلماته قال «لقد وصلت شكواى إلى جلالتكم وأنا راض بعدلكم» فرد الملك: كنت أستمتع بحُسن بيانك وسحر أسلوبك وستكون شكواك نموذجاً للفصاحة والأدب، وشكر الأمير لطاعته لمولاه ومحاولة مساعده خونانوب دون عصيان أوامره، وشكر رئيس الشرطة على أمانته فى أدائه للواجب أما دجحوتى فصار عبدا «لخونانوب» وامتلك الفلاح كل الأموال والأملاك لعدله وحكمته. أمر الملك بكتابة الشكاوى التسع فى البرديات لتحفظ على مدى الأجيال. عاد «خونانوب» عزيزا مرفوع الرأس بالحق، فهل نرى معارضة مثله فى الحق، وعدلا مثل الملك فيرفع الظلم؟