انشقاقات كثيرة واختلافات جمة تدور داخل الوسط الثقافى الآن … ليس اقلها رفض أنس أبو يوسف تكريمه الأخير منها فالبعض يتساءل إن لم تنتفض وزارة الثقافة الآن للحريات وللدماء وللدستور فمتى تنتفض؟… والبعض الآخر يلتمس لهم الأعذار للحالة التى تمر بها مصر. بداية يقول الفنان التشكيلى عصمت داوستاشى لا أشعر بالراحة لأداء وزير الثقافة. وكنت اتمنى ان ينفذ ما اشيع حول رغبته فى الاستقالة فكان يجب ان يقدم الوزيرعلى تلك الخطوة بل انه تأخر كثيرا فى التفكير فى هذا الامر لان اداء الوزارة فى عهده هبط هبوطا ملحوظا فى وقت تحتاج فيه مصر إلى وهج ثقافى فالوزارة دورها الحقيقى هو التنوير والاستنارة إلا أن الوزارة لا تقوم بهذا الدور الذى يجب ان يظهر فى القرى و النجوع كما يجب إلقاء الضوء على معاناة الشعب المصرى و المجازر التى يتعرضون لها فالوزارة صوت و ضمير للمجتمع. بالإضافة إلى أن الوزير لم يفعل شيئاً ذا بال فى ادارة الازمة وكان الاجدى أن يتخذ موقفاً محايداً تجاه الازمة السياسية الحالية لكنه اتخذ جانباً دون اخر واكبردليل على ذلك ان وزارة الثقافة قامت بطباعة الدستور وكان الاجدى و الانفع ان تشارك الوزارة فى اعداده وصياغته و تطرحه للمناقشة المجتمعية وأن يكون لها دور تنويرى فى القرى و النجوع بالذهاب إلى البسطاء لارشادهم و توعيتهم و هو الامر الذى يحتاجه قطاع كبير من الشعب. من جهة اخرى يرى داوستاشى ان الدستور لم يشارك فيه المثقفون ولم يكن لهم اى دور وأضاف ان الدستور لكى يتم صياغته بشكل سليم لابد من اشتراك الفقهاء الدستوريين و المثقفين لانهم ضمير الامة و للاسف فقد غاب الاثنان عن اعداد و صياغة الدستور فكيف للمثقفين ان يقبلوه. و دعا داوستاشى وزير الثقافة إلى حتمية تغيير جميع القيادات بالوزارة والاستعانة بقيادات اخرى واعية بالعمل الثقافى لتمر بمصر إلى بر الامان مؤكدا على انه فى ظل انحصار الدور الثقافى نجد شريحة واحدة فى المجتمع هى التى تخاطب الناس فى حين تم تهميش المثقفين الذين يجب إلى جانب وزارة الثقافة ان يكون لهم دور ميدانى و إيجابى للنهوض بالمجتمع. ولم يختلف رأى الشاعرعبدالمنعم رمضان عن رأى داوستاشى فأطلق على وزير الثقافة الحالى الوزير العمانى لانه قضى اكبر فترات حياته العملية فى عمان ويستشهد رمضان بحضور وزير الثقافة احتفالية اسبوع الثقافة العمانية منذ اسبوعين تقريبا منشغلا بالثقافة العمانية دون وضع خطة للنهوض بالثقافة المصرية فنحن نعيش عصر الثقافة العمانية، فالوزير له ثواب عند السلطان قابوس وليس عند المثقفين المصريين فهو لم يفعل اى شىء لهم . ويتساءل ما هى إنجازات الدكتور صابر عرب الضخمة لكى يتم تعيينه وزيرا للثقافة فلم أعرف له فى يوم نشاط ثقافيا عًاما ولم يكن عضوًا فى الجماعة الثقافية المصرية ولم يتقدم يومًا بخطة أو استراتيجية أو حتى مقالة نفهم منها أنه معنى بالشأن الثقافى، أنه وزير جاء بعد ثورة وهى فترة تحتاج وزراء لا يقولون الا نعم للسلطة الأعلى فهو عين فقط لكى يقوم بما يطلبونه منه منذ توليه حتى الآن وليس وزير الثقافة فقط هو من أعتبره عمانيًا ولكن المسئولين عن المجلس الأعلى للثقافة وهى الجهة الاهم لوزارة الثقافة لأنها صانعة الايديولوجية الثقافية . ويرى رمضان أن عرب ليس صاحب رؤية بل هوشخصية مناسبة لتولى فترة انتقالية بمعنى أنه ينفذ ما تأمره به السلطة فالسلطة لا تريد اصحاب الرؤيا ولكن تريد خدمًا وفى نفس الاطار يدخل أمر طبع الدستور واشتراكه فى احتفال تسليم مسودة الدستور فهو منفذ لهم بلا رأى فهو لم يفعل شيئاً ذا قيمة أو ذا بال فيتولى وزارة الثقافة شخصيات عاجزة عن إدارتها. وفى الحقيقة أن الامر لا يختلف فى باقى وزارات الدولة منذ عصام شرف وحتى الان فهم نسخة واحدة عاجزون عن إدارة الأمور أما د.حامد أبو أحمد الناقد والاديب ومؤسس تيار المثقفين الأحرار فيرى أن الأوضاع صعبة سواء فى أحوال البلاد أو على مستوى وزارة الثقافة وقد وجه ائتلاف المثقفين الأحرار الدعوة إلى وزير الثقافة لتقديم حلول للنهوض بالوزارة لكى تؤدى دورها على الوجه الاكمل، وتم طرح عدة قضايا مثل تغيير القيادات ومحاربة الفساد وتغيير الأنشطة بحيت تؤدى دوراً جماهيرياً ينهض بالمجتمع فكل القطاعات بالوزارة تحتاج لسياسة العمق وليس مجرد كلام وشعارات وكان رد د.صابر أنه يريد القيام بتلك الخطوات إلا أن الأوضاع السياسية التى تمر بها البلاد تمنع ذلك بالإضافة إلى عدة مشاكل أخرى على رأسها مشكلة التمويل التى تعانى منها الوزارة فى الوقت الحالى. وصرح أبو أحمد بأن وزارة الثقافة كانت تعانى من فساد كبير اثناء تولى فاروق حسنى الوزارة حتى أنه كان يتم دفع أموال لصحفيين تبدأ رواتبهم من خمسة وحتى خمسة عشر الف جنيه شهريا بصفتهم مستشارين للوزير إلا ان هذا الامر قد تم إيقافه الآن. من جهة اخرى قال إن هناك عجزاً عاماً وسعيًّا لفك مفاصل الدولة العميقة فما زال الفلول يديرون امور الدولة، وهذا ليس فى وزارة الثقافة فقط، وانما فى كل الوزارات ويرى أن الإخوان المسلمين ليس لديهم الوعى الكافى لإدارة شئون البلاد فهم أما يعتمدون على رجالهم وهم ليس لهم دراية كافية بالإدارة وتنظيم شئون الدولة أو أنهم يستعينون برجال النظام القديم و للاسف كلاهما سيىء. وفى معرض حديثه دعا ابو احمد وزير الثقافة إلى القيام بعملية « تفوير» لوزارة الثقافة وبناء وزارة ثقافة بشكل جديد و على أسس سليمة مما سيكسبه احترام وتأييد المثقفين؛ لأن جميع التجارب الديمقراطية تم تفكيك المجتمع القديم بها و تطهيرها وإذا لم يتم ذلك فإن الأمر سيظل كما هوا لذا نلاحظ انه عندما حاول الرئيس مرسى فك بعض الخلايا القديمة فى المجتمع وجد من يقف له رافضا ذلك، فالجميع يدافع عن مصالحه و تفكيك المجتمع و تطهيره أمر ليس بالسهل؛ لان الفلول نهبوا البلاد وبالتالى فهم يدافعون عن اماكنهم وكذا بالنسبة لوزارة الثقافة وعلى العكس يقول د.محمود قطر الرئيس السابق للإدارة المركزية لدار الكتب المصرية هل يعقل أن يكون أداء وزير الثقافة مقتصراً على طبع الدستور فقط، و يتساءل أين دور وزارة الثقافة فى طرح الدستور للمناقشة المجتمعية ويرى أن دور الوزارة تحول من دور مهم لإنارة العقول و النهوض بالمجتمع إلى هيئة استعلامات للوزارة و يرى أن طرح فكرة تقييم أداء وزير الثقافة جاءت متأخرة فأداء وزير الثقافة ليس على المستوى المطلوب وهذا أمر واضح ودعا قطر وزير الثقافة إلى تقديم استقالته مشيرا إلى أنه كان من المفترض حدوثه منذ فترة طويلة فدور الوزارة مغيب داخل الدستور، ففى الدستور لا يوجد اى شارة إلى الثقافة و المثقفين وكان الاجدى ان يطلب الوزير المشاركة فى لجنة صياغة الدستور ولكن من الواضح انه يتم سحب اختصاصات الوزارة و دورها وتهميش وزارة مثل وزارة الثقافة لعدم القيام بدورها التنويرى تجاه المجتمع لفرض آراء و افكار معينة وهو امر خطير يساهم فى تضليل المجتمع. و كنت أرى - والكلام على لسان قطر - أنه كان يجب على الوزير ان يقوم بعمل حوار مجتمعى بين المؤيدين و المعارضين و ألا يأخذ موقفاً محايداً فيما يخص قضايا الثقافة، اما عن سبب عدم تواجد المثقفين والقيام بدور فاعل فيقول ان المثقفين متواجدون الا انهم مشغولون فى التواجد فى الاتحادية والتحرير بالاضافة إلى انهم موزعون على احزاب المعارضة. وعلى النقيض يقول د. مرعى مدكور الاديب واستاذ الصحافة بأكاديمية اخبار اليوم وعضو تيار المثقفين الاحرار ان وزير الثقافة رجل مثقف وهو يعد احد الرموز الثقافية و يرى الرأى القائل بأن دور الوزارة انحصر وان هذا امر يجب التدقيق فيه لان الثقافة او الإعداد لمشروع ثقافى و قطف ثماره لن تكون وليدة اللحظة و لكن تظهر ثمارها بعد فترة ويرى كذلك دور الوزير و انجازاته لن تكون آنية ووليدة اللحظة. و يقول اعتقد ان الوزارة سوف تقود على المدى الطويل العمل الثقافى و سوف تحتوى المثقفين و يتساءل مدكور فى ظل هذا النقد لأداء الوزير هل فكر احد المثقفين بالتقدم بمشروع ثقافى و فكرى و معين وتم رفضه 00هذا يجعلنا نطلب منهم التقدم بأفكار و أطروحات للنهوض بالثقافة اولا ثم تأتى محاسبة الوزير هى الخطوة التالية مشيرا إلى أن الوزارة لا تستطيع ان تسير فى كل الخطوط خاصة فى ظل الاوضاع التى تمر بها مصر. و يقارن مدكور موقف الوزير صابر عرب الذى استمع لآرائهم والوزير السابق شاكر عبد الحميد عندما كانت تتم اجتماعات الرابطة فى الهناجر فأمر بإغلاق الانوار على اعضاء تيار المثقفين الاحرار اثناء اجتماعهم وفى المرة الثانية تم اغراق الهناجر حتى لا يتم الاجتماع وهو يشير إلى عدم رغبة فى الاستماع او الاستعانة بالمثقفين مع العلم بأن الرابطة لم تطلب شيئاً من الوزير بل إنها تساعد فى تقديم حلول للنهوض بالثقافة و ان الرابطة لم و لن تفكر يوما فى ان تنطوى تحت عباءة الوزير ولكن التيار له افكار ثورية. واعتبرت د. فاطمة البودى مدير دار العين للنشر ان طبع وزارة الثقافة لمسودة الدستور تعد مساهمة من الوزارة لإتاحته لقطاعات اكبر من الشعب للاطلاع عليه وقراءته فهذا امر ايجابى إلا اننى اعتب على الوزير انه رغم طباعته لم يطرحه للنقاش المجتمعى والحوار فكان يجب على المجلس الأعلى للثقافة وهيئة الكتاب وهيئة قصور الثقافة طرحه للنقاش وتنظيم ندوات ومؤتمرات مما يكون له مردوده الإيجابى على كل قطاعات الشعب و فئاته وسيذكر التاريخ للوزارة هذا الدور أما حضوره للاحتفال بتسليم الدستور وهو الأمر الذى انتقده البعض فنرى انه حضر الاحتفال شأنه شأن جميع الوزراء.