رغم أن الجمعية التأسيسية لإعداد الدستور انتهت من عملها من مشروع الدستور فى صباح الجمعة 30 نوفمبر الماضى.. وأعلن رئيس الجمهورية د. مرسى طرحه على الشعب للاستفتاء عليه يوم السبت القادم 15 ديسمبر.. لكن مازالت ردود أفعال إعداد مشروع الدستور فى الجمعية التأسيسية مستمر حتى هذه اللحظات.. وعقد المنسحبون من الجمعية والذين كان بعضهم يمثل التيارات المدنية والليبرالية مؤتمرا هاجموا فيه مشروع الدستور وقالوا إنه لا يعبر عن كل طموحاتهم وأفكارهم وأحلامهم لمصر.. وأنهم لم يأخذوا- فى الجمعية- بكل ما طرحوه فى اللجان وفى الجمعية العامة للتأسيسية. ومن خلال متابعتى لأعمال الجمعية على مدى خمسة أشهر ونصف الشهر بدأت فى 12 يوليو الماضى وحتى 30 نوفمبر.. استطيع التأكيد على أن أعضاء الجمعية العامة كانوا حريصين كل الحرص على استمرار زملائهم المنسحبين فى عملهم فى إعداد الدستور حتى آخر يوم. وكان المستشار حسام الغريانى رئيس الجمعية يوجه لهم فى كل اجتماع النداء تلو الآخر بضرورة العودة إلى مشاركتهم فى إعداد مشروع الدستور الذى ينتظره الشعب منهم.. وفعلا كان بعضهم ينسحب ثم يعود للعمل معهم مثل د.جابر نصار.. واستمر بعضهم فى المشاركة حتى الجلسات قبل الأخيرة.. مثل د. أيمن نور والسيد البدوى وعبدالجليل مصطفى وعمرو موسى.. بل إن د.منار الشوربجى التى كانت عضوا أساسيا فى الجمعية شاركت فى الموافقة على المواد (2و3 و9) كما جاءت فى المشروع النهائى للدستور وكان معها د. أيمن نور والسيد البدوى والخاصة بأن الإسلام دين الدولة وأن مبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسى للتشريع والمادة (3) بأن مبادئ شرائع المصريين من المسيحيين واليهود المصدر الرئيسى للتشريعات المنظمة لشئونهم الدينية وأحوالهم الشخصية واختيار قياداتهم الروحية.. كما وافقوا على المادة الخاصة بالأزهر وتنظيم شئونه.. وتم الاتفاق على إعادة الصياغة طبقا لنص الأزهر.. وتم الاتفاق على حذف المادة (45) الخاصة بالزكاة.. ومادة مستحدثة فى باب الأحكام الختامية بأن مبادئ الشريعة الإسلامية تشمل أدلتها الكلية وقواعدها الأصولية والفقهية ومصادرها المعتبرة فى مذاهب أهل السنة والجماعة. وقد وافق أعضاء اللجنة على مادة الوقف الخيرى بعد صياغتها بشكل توافقى، وكان هذا الاجتماع أو الاتفاق فى يوم الأربعاء 3/10/2012. وتم الاتفاق على أن هناك مواد أخرى تم التوافق عليها وتعتبر جزءًا لا يتجزأ من هذا الاتفاق بما فيها مادة المرأة. انسحبوا بسبب الضغوط وكان المتحدث الرسمى باسم الجمعية محمد عبدالمنعم الصاوى يحرص من خلال المؤتمرات الصحفية التى تعقدها الجمعية على توجيه النداءات لممثلى الكنيسة بضرورة العودة للمشاركة فى أعمال الجمعية لأنهم شاركوا بشكل جيد فى أعمالها. وكان العديد من الأعضاء المنسحبين من الأحزاب المشاركة حريصين على استكمال عملهم فى الجمعية حتى الجلسات الأخيرة ولكن للأسف انسحبوا تحت ضغوط أحزابهم ومنهم د.محمد كامل ومحمد عبدالعليم دواد من حزب الوفد. وتقول أوراق الاجتماعات فى اللجان أو الجمعية العمومية إن عمرو موسى ومجموعته الذين كانوا يمثلون التيار المدنى إنهم كانوا يتقدمون بالاقتراحات إلى الجمعية حتى الجلسات قبل الأخيرة. وكان يتم تصنيف هذه المقترحات فى جداول ويتم التعليق عليها من هيئة مكتب الجمعية. وقد تم الأخذ ببعض هذه المقترحات وتعديل صياغة بعضها. انسحابات على الهواء وأذكر أنه بعد تصاعد التصريحات الخاصة بالمنسحبين وتجميد عضويتهم أن بعض هذه الانسحابات كانت تتم فى وسائل الإعلام فقط وعلى شاشات الفضائيات، ولكن لم تكن توجه للأمانة العامة للجمعية أى طلبات رسمية بالتجميد أو الانسحاب.. وعندما تم تشكيل لجنة الصياغة المصغرة أعلن عددا من الأعضاء تجميد عضويتهم..ولكن عدد من الأعضاء الأساسيين يصل عددهم إلى أكثر من 20 عضوا منهم د. جمال جبريل ود.عاطف البنا ومحمد سعد الأزهرى ود. حسين حامد حسان لواء د.عماد حسين وماجد شبيطة أرسلوا خطابا إلى المستشار الغريانى يؤكدون فيه أنهم طالعوا ما صدر عن الزملاء فى 13 نوفمبر 1212، بتجميد عضويتهم وقد استندوا فى قراراهم إلى المطالبة بإطالة أمد الجمعية والاعتراض على تشكيل لجنة الصياغة المصغرة وإدارة الجلسات، ولما كان حق زملائهم فى تجميد عضويتهم أو أكثر أو أقل هو حق مطلق لا تنازعهم فيه، إلا أننا بمطالعة حيثيات قراراهم تبين لنا كما قال خطابهم للغريانى بالنص: أولا: أن تلك الحيثيات قد خلت تماما من أى نقد أو تعليق أو تحفظ موضوعى على أى من بنود مسودة الدستور بمواده البالغة أكثر من 230.. بما يعنى أن زملاءنا الأفاضل قد أقروا تلك المواد ولا تعليق لهم عليها وأن حيثيات قرارهم تنبثق من أمور خارج إطار عمل الدستور، وهو حق لهم أيضا إلا أنهم يجب أن يعلنوا للرأى العام حقيقة ما يقصدون. ثانيا: أن معظم إخواننا الأفاضل أصحاب القرار قد لحقوا بالجمعية مؤخرا، وذلك بعد أن قضى أغلب أعضاء الجمعية أكثر من خمسة أشهر يواصلون الليل بالنهار، ويجوبون المحافظات ويلتقون بالوفود ويديرون الحوارات والتوافقات نهوضا بمسئولياتهم الوطنية حسبما يدركون ذلك جيدا، ومن ثم فإنه لا يجوز للجمعية بأى حال من الأحوال أن تبطئ من خطواتها لتنضبط على الخطوة البطيئة للبعض وأن تؤخر فى إنجازها لننتظر من تأخر لظروف خاصة به، فالشعب لن يرحم هذه الجمعية إن فعلت ذلك، ولن تدور عجلة الاقتصاد ولن تبدأ التنمية ولن تستقر الأحوال إلا بدستور،والدستور جاهز والعودة مرة أخرى إلى النطقة صفر هو نكوص عن العمل الوطنى وتبديد لأمانة حملناها سنحاسب عليها حسابا قاسيا. وطلب الموقعون على الخطاب الاستمرار فى عمل الجمعية مع حفظ الطلب المقدم إلى المستشار الغريانى من المنسحبين لعلهم يراجعون أنفسهم فى قابل الأيام. الموقعون.. تاريخ 14 نوفمبر 2012. والغريب أن بعض من وقعوا على هذا الخطاب قد انسحبوا قبل نهاية أعمال الجمعية رغم أنهم كانوا من أشد المتحمسين فى إعداد الدستور.. بل اشتركوا للرد على المحررين البرلمانيين أثناء المؤتمرات الصحفية التى عقدتها أمانة الجمعية ومنهم د. محمد كامل. qqq عموما.. لقد كتبت بعد التهديد الدائم من بعض الأعضاء بالانسحاب من عمل التأسيسية فى ذلك الوقت أن «الانسحاب ليس هو الحل».. وطالبت الأعضاء المنسحبين أو الذين جمدوا عضويتهم الابتعاد عن هذه اللغة، لأننا جميعا فى قارب واحد وأننا نسعى لإصدار دستور مصرى للأجيال القادمة.. ولابد أن تكون لغة الحوار هى اللغة السائدة بين أعضاء الجمعية.. وقلت بالحرف الواحد: إن الاختلاف فى الرأى يثرى المناقشة ويثرى مواد الدستور. qqq كانت هذه معركة المنسحبين من الجمعية التأسيسية من البداية حتى يوم انعقاد اليوم الأخير الذى تم التصويت فيه على مواد مشروع الدستور. وقال المستشار الغريانى إن عددا من الأعضاء استنفد مرات الغياب وتجازوها ولم يعلنوا عذرا أو رغبة فى العودة وهم: بهاء الدين أو شقة ود.جابر نصار وعبدالجليل مصطفى وعمرو موسى ووحيد عبد المجيد ومحمد أحمد عبدالقادر وعبد الله أبو العز ود. سعاد كامل وجورج مسيحة وفؤاد بدراوى وسوزى ناشد،وقد تم تصعيد 11عضوا من الاحتياطيين من 14 عضوا، وذلك فى اليوم الأخير من أعمال الجمعية وبلغ أعضاء الجمعية 86 عضوا اشتركوا فى التصويت النهائى. ومنذ أن صدرت المسودة الأخيرة للدستور.. انقسم الشعب حولها إلى فرق عديدة.. فمنهم من يرى أن مشروع الدستور يحقق بعض العزة والكرامة والحقوق الضائعة للمصريين.. وأنه يضم مواد جديدة مستحدثة بلغت 34 مادة تقريبا ونصت مادتان على مصابى الثورة والشهداء ورعاية حقوق أسرهم ومادة جديدة عن المعاقين وذوى الاحتياجات الخاصة وأنه يتضمن مواد تقلص وتكافح الفساد وأن هناك مواد تلتزم فيها الدولة بواجباتها تجاه الوطن. وقد وصف المستشار الغريانى بعض المواد أنها هدية من أعضاء الجمعية للشعب المصرى. أما الفريق الآخر فيعتبر أن هذا الدستور يؤكد على قيام دولة دينية وليست مدنية بدليل المادة الثانية والمادة 219، والتى نصت على أن مبادئ الشريعة تشمل أدلتها الكلية وقواعدها الأصولية والفقهية ومصادرها المعتبرة فى مذاهب أهل السنة والجماعة، وأن الرئيس فى هذا الدستور يتمتع بصلاحيات عديدة منها أنه يختار رئيس الوزراء ويضع السياسة العامة للدولة ودعوة الحكومة للاجتماع وأنه يمثل الدولة فى علاقاتها الخارجية ويبرم المعاهدات ويصدق عليها بعد موافقة مجلسى النواب - الشعب سابقا - والشورى وهو القائد الأعلى للقوات المسلحة وأنه يعين الموظفين المدنيين والعسكريين ويعزلهم ويعين الممثلين السياسيين للدولة ويقيلهم. واعتبر البعض أن هذه الصلاحيات واسعة جدا.. الصحافة فى مشروع الدستور أما بالنسبة للصحافة وهمومها، فقد وجد البعض أن الدستور الجديد لم ينص صراحة على مادة تمنع حبس الصحفيين فى جرائم النشر وأن المجلس الوطنى للإعلام يضم شعبة للصحافة وشعبة للإعلام رغم أن العملين تختلف طبيعة كل منهما عن الآخر، وأن المادة 215 الخاصة بهذا المجلس توجد بها عبارات مرسلة.. وفى المادة 216 تم حذف عبارة الاستثمار الوطنى التى تسمح بتنمية موارد المؤسسات الصحفية. وقد حاول نقيب الصحفيين ممدوح الولى أثناء التصويت النص على عدم جواز حبس الصحفيين بعد اتفاق مع د. محمد محسوب وزير الشئون القانونية ومع المستشار الغريانى فى صباح يوم التصويت، ولكنهما رفضا أثناء التصويت. وقال الغريانى لممدوح الولى إن الكثيرين يقولون له كلاما كثيرا ويستمع لهم، ولكن أثناء التصويت فالرأى للأعضاء، وقد رفض الأعضاء اقتراحات الولى الذى ذهب إلى الجمعية بعد قرار الجمعية العمومية لنقابة الصحفيين وباقى أعضاء مجلس النقابة بضرورة الانسحاب من الجمعية، كما فشل مندبو المجلس الأعلى للصحافة فى اجتماعهم مع أعضاء التأسيسية فى إقناع وانتزاع حقوق الصحفيين. وقال الغريانى فى فجر يوم التصويت إن الجماعة الصحفية مختلفة ومنقسمة على نفسها. وقال للولى بالحرف الواحد إنه كان يوجد عنده مشاكل فى النقابة قبل يوم التصويت وأنه يجب عليه أن يحل هذه المشاكل وعنده كل الحق فيما قال.. فالعمال والفلاحون استطاعوا انتزاع تمثيلهم فى مجلس النواب لفصل تشريعى واحد نسبة 50%.. بسبب وحدتهم، ولكن الصحفيين- للأسف الشديد- فشلوا بسبب انقسامهم بسبب أن كل فريق يريد أن يحقق أهدافه والسيطرة على نقابة الصحفيين والمجلس الأعلى للصحافة الذى سوف ينتهى دوره قريبا بعد إلغاء ملكية مجلس الشورى للصحافة القومية. كانت هذه هى بعض نقاط الاتفاق والخلاف حول مشورع الدستور الذى يجب أن يقرأه الشعب قبل الاستفتاء عليه. ويقول كل منا رأيه بنعم أو لا.. وأرحب بما أعلنه المستشار محمود مكى نائب الرئيس من خلال مبادرته أنه يمكن تعديل المواد التى ترفضها القوى الوطنية من خلال تعديل دستورى بعد انتخاب مجلس النواب الجديد حتى يمكن اتفاق كل القوى الوطنية على الدستور